المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الوصية للمغنين والمغنيات] - بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية - جـ ٣

[محمد الخادمي]

فهرس الكتاب

- ‌[السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ الْآفَاتِ الْقَلْبِيَّةِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْإِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرُ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي غَوَائِل الْبُخْل وَسَبَبِهِ وَآفَاتِهِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ حُبُّ الْمَالِ لِلْحَرَامِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي سَبَبِ حُبِّ الْمَالِ وَعِلَاجِهِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي الْإِسْرَاف]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الْعِلَّةُ الْخَفِيَّةُ وَالسَّبَبُ الْأَصْلِيُّ فِي ذَمِّ الْإِسْرَاف]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ لِلْإِسْرَافِ فِي أَصْنَافِ الْإِسْرَافِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ الْإِسْرَافَ هَلْ يَقَعُ فِي الصَّدَقَةِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ فِي عِلَاجِ الْإِسْرَافِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ الْعَجَلَةُ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْفَظَاظَةُ وَغِلْظَةُ الْقَلْبِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْوَقَاحَةُ قِلَّةُ الْحَيَاءِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْجَزَعُ وَالشَّكْوَى]

- ‌[الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ كُفْرَانُ النِّعْمَةِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ السُّخْطُ وَالتَّضَجُّرُ]

- ‌[الْأَرْبَعُونَ التَّعْلِيقُ ذِكْرُ قِوَامِ بِنْيَتِك عَنْ شَيْءٍ]

- ‌[الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ حُبُّ الْفَسَقَةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بُغْضُ الْعُلَمَاءِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْجُرْأَةُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْيَأْسُ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحُزْنُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا]

- ‌[السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْخَوْفُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا]

- ‌[السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْغِشُّ وَالْغُلُّ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ الْفِتْنَةُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْمُدَاهَنَةُ]

- ‌[الْخَمْسُونَ الْأُنْسُ بِالنَّاسِ وَالْوَحْشَةُ لِفِرَاقِهِمْ]

- ‌[الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ الطَّيْشِ وَالْخِفَّةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ الْعِنَادُ وَمُكَابَرَةُ الْحَقِّ وَإِنْكَارُهُ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ التَّمَرُّدُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الصَّلَفُ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ الْجَرْبَزَةُ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الْبَلَادَةُ وَالْغَبَاوَةُ وَالْحَمَاقَةُ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ الشَّرَهُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْخُمُودُ]

- ‌[السِّتُّونَ آخِرُ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّانِي فِي آفَاتِ اللِّسَانِ وَهُوَ قِسْمَانِ]

- ‌[الْقِسْم الْأَوَّلُ فِي وُجُوبِ حِفْظِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ آفَاتِ اللِّسَانِ وَفِيهِ سِتَّةُ مَبَاحِثَ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ الَّذِي الْأَصْلُ فِيهِ الْحَظْرُ وَهُوَ سِتُّونَ]

- ‌[الْأَوَّلُ كَلِمَةُ الْكُفْرِ]

- ‌[الثَّانِي مَا فِيهِ خَوْفُ الْكُفْرِ]

- ‌[الثَّالِثُ الْخَطَأُ]

- ‌[الرَّابِعُ الْكَذِبُ]

- ‌[السَّادِسُ الْغِيبَةُ]

- ‌[السَّابِعُ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ النَّمِيمَةُ]

- ‌[الثَّامِنُ السُّخْرِيَةُ وَالِاسْتِهْزَاءُ]

- ‌[التَّاسِعُ اللَّعْنُ]

- ‌[الْعَاشِرُ السَّبُّ]

- ‌[الْحَادِي عَشَرَ الْفُحْشُ]

- ‌[الثَّانِيَ عَشَرَ الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالتَّعْيِيرُ]

- ‌[الثَّالِثَ عَشَرَ النِّيَاحَةُ]

- ‌[الرَّابِعَ عَشَرَ حُكْمُ الْمِرَاء]

- ‌[الْخَامِسَ عَشَرَ الْجِدَالُ]

- ‌[السَّادِسَ عَشَرَ الْخُصُومَةُ]

- ‌[السَّابِعَ عَشَرَ الْغِنَاءُ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ]

- ‌[التَّغَنِّي بِمَعْنَى حُسْنِ الصَّوْتِ بِلَا لَحْنٍ وَلَا زِيَادَةٍ وَإِسْقَاطِ حَرْفٍ مِنْ الْقُرْآنُ]

- ‌[الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ الْمَوْضُوعَةِ الْمُحْدَثَةِ الْمُوَافِقَةِ لِعِلْمِ الْمُوسِيقَى]

- ‌[الِاسْتِغْنَاءُ بِالْقُرْآنِ عَنْ الْأَشْعَارِ وَأَحَادِيثِ النَّاسِ]

- ‌[الثَّامِنَ عَشَرَ إفْشَاءُ السِّرِّ]

- ‌[التَّاسِعَ عَشَرَ الْخَوْضُ فِي الْبَاطِلِ]

- ‌[الْعِشْرُونَ سُؤَالُ الْمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ مِمَّنْ لَا حَقَّ فِيهِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ سُؤَالُ الْعَوَامّ عَنْ كُنْهِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ السُّؤَالُ عَنْ الْمُشْكِلَاتِ الظَّاهِرَةِ فِي الْأُصُولِ الِاعْتِقَادِيَّةِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ الْخَطَأُ فِي التَّعْبِيرِ وَدَقَائِقُ الْخَطَأِ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ النِّفَاقُ الْقَوْلِيُّ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ كَلَامُ ذِي اللِّسَانَيْنِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمَعْرُوفِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ غِلْظَةُ الْكَلَامِ وَالْعُنْفُ فِيهِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ السُّؤَالُ وَالتَّفْتِيشُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ]

- ‌[الثَّلَاثُونَ افْتِتَاحُ الْجَاهِلِ الْكَلَامَ]

- ‌[الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ التَّكَلُّمُ عِنْدَ الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِغَيْرِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي حَالَ الْخُطْبَةِ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ كَلَامُ الدُّنْيَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي الْخَلَاءِ وَعِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ عِنْدَ الْجِمَاعِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الدُّعَاءُ عَلَى مُسْلِمٍ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ الدُّعَاءُ لِلْكَافِرِ وَالظَّالِمِ بِالْبَقَاءِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْأَرْبَعُونَ كَلَامُ الدُّنْيَا فِي الْمَسَاجِدِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ وَضْعُ لَقَبِ سُوءٍ لِمُسْلِمٍ]

- ‌[الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ كَثْرَةُ الْحَلِفِ وَلَوْ عَلَى الصِّدْقِ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ سُؤَالُ الْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ سُؤَالُ تَوْلِيَةِ الْأَوْقَافِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ طَلَبُ الْوِصَايَةِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ دُعَاءُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ رَدُّ عُذْرِ أَخِيهِ وَعَدَمُ قَبُولِهِ]

- ‌[الْخَمْسُونَ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ إخَافَةُ الْمُؤْمِنِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ قَطْعُ كَلَامِ الْغَيْرِ وَحَدِيثِهِ بِكَلَامِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ]

الفصل: ‌[الوصية للمغنين والمغنيات]

حَلَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَلَى كَوْنِهِ هَذَا وَعَنْ الْبَيْضَاوِيِّ هُوَ مَا يُلْهِي عَمَّا يُعْنَى كَالْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَالْأَسَاطِيرِ لَا اعْتِبَارَ فِيهَا وَالْأَضَاحِيكِ وَفُضُولِ الْكَلَامِ وَالْإِضَافَةِ بِمَعْنَى مَنْ وَهِيَ بَيَانِيَّةٌ إنْ أَرَادَ بِالْحَدِيثِ الْمُنْكَرَ وَتَبْعِيضِيَّةٌ إنْ أَرَادَ الْأَعَمَّ مِنْهُ وَعَنْ مُحْيِي السُّنَّةِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي حُرْمَةِ الْغِنَاءِ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ الْغِنَاءُ قِيلَ أَبَاحَهُ قَوْمٌ إنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي أَصَحِّ مَا نُقِلَ عَنْهُمْ عَنْ الْإِحْيَاءِ وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ الْغِنَاءَ الَّذِي لَيْسَ بِالْقَصَائِدِ الزُّهْدِيَّةِ وَنَحْوِهَا حَرَامٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَكَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ كَالشَّعْبِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَالنَّخَعِيُّ وَحَكَاهُ الثَّوْرِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ (دهق عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ) آخِرُهُ وَالذِّكْرُ يُنْبِتُ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ قِيلَ لَفْظَةُ الْغِنَاءِ هُنَا بِالْقَصْرِ بِمَعْنَى غِنَى الْمَالِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْفَقْرِ فَحِينَئِذٍ نَقُولُ لَا احْتِجَاجَ مَعَ الِاحْتِمَالِ وَالْجَوَابُ قَالَ الْمُنَاوِيُّ بَعْدَمَا ذَكَرَ وَصَوَّبَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ أَنَّهُ بِالْمَدِّ بِمَعْنَى التَّغَنِّي وَاسْتَدَلَّ عَلَى كَوْنِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى بِآخِرِهِ أَعْنِي وَالذِّكْرُ إلَخْ لِأَنَّ مُقَابَلَةَ الْغِنَاءَ بِالذِّكْرِ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ التَّغَنِّي ثُمَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى الْمَطْلُوبِ إذَا كَانَ حَدِيثًا مَوْقُوفًا وَهُوَ أَيْضًا مُحْتَمَلٌ وَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ كَوْنُهُ مَوْقُوفًا نَعَمْ فِي الْجَامِعِ عَنْ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا عَلَى كَوْنِهِ مُسْنَدًا وَأَيْضًا فِيهِ «الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ» عَلَى رِوَايَةِ جَابِرٍ مُسْنَدًا فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَذْكُرَهُمَا أَوْ وَاحِدًا مِنْهَا بَدَلَهُ أَوْ مَعَهُ لَعَلَّهُ لَمْ يَفْقَهْهُمَا ثُمَّ قَالَ الْمُنَاوِيُّ فَيَالَهَا مِنْ صَفْقَةٍ فِي غَايَةِ الْخُسْرَانِ حَيْثُ بَاعَ سَمَاعَ الْخِطَابِ مِنْ الرَّحْمَنِ بِسَمَاعِ الْمَعَازِفِ وَالْأَلْحَانِ وَالْجُلُوسِ فِي مَجَالِسِ الْفُسُوقِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَأَخَذَ جَمْعٌ بِظَاهِرِهِ فَحَرَّمُوا فِعْلَهُ وَاسْتِمَاعَهُ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَزُعِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغِنَاءِ غِنَى الْمَالِ وَرُدَّ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ إنَّمَا هِيَ بِالْمَدِّ وَغِنَى الْمَالِ مَقْصُورٌ (دُنْيَا طك عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَا رَفَعَ أَحَدٌ عَقِيرَتَهُ» أَيْ صَوْتَهُ «بِغِنَاءٍ إلَّا بَعَثَ اللَّهُ لَهُ شَيْطَانَيْنِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ يَضْرِبَانِ بِأَعْقَابِهِمَا عَلَى صَدْرِهِ» تَشْوِيقًا وَتَحْرِيضًا عَلَى مَا هُوَ فِيهِ «حَتَّى يُمْسِكَ» إلَى إمْسَاكِهِ عَنْ الْغِنَاءِ نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِالْأَشْعَارِ أَمْ بِالْقُرْآنِ أَمْ بِالذِّكْرِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ كَانَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ وَلَا زِيَادَةٍ فَلَا بَأْسَ وَحُمِلَ عَلَيْهِ زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ الْآتِي انْتَهَى (وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة اعْلَمْ أَنَّ التَّغَنِّيَ حَرَامٌ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُرْمَتِهِ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ

[الْوَصِيَّةُ لِلْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ]

(إذَا أَوْصَى بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا

ص: 211

وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَذَكَرَ) أَنْوَاعًا (مِنْهَا الْوَصِيَّةُ لِلْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ وَحُكِيَ عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ) صَاحِبِ الْهِدَايَةِ تِلْمِيذِ مُفْتِي الثَّقَلَيْنِ نَجْمِ الدِّينِ عُمَرَ النَّسَفِيِّ وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ وَمِنْ أَشْعَارِهِ

وَلَمْ أَدْخُلْ الْحَمَّامَ مِنْ أَجْلِ لَذَّةٍ

وَكَيْفَ وَنَارُ الشَّوْقِ بَيْنَ جَوَانِحِي

وَلَكِنَّنِي لَمْ يَكْفِنِي فَيْضُ عَبْرَتِي

دَخَلْتُ لِأَبْكِيَ مِنْ جَمِيعِ جَوَارِحِي

(أَنَّهُ قَالَ لِمُقْرِئِ زَمَانِنَا أَحْسَنْت عِنْدَ قِرَاءَتِهِ يَكْفُرُ انْتَهَى) لَعَلَّ إضَافَةَ مُقْرِئٍ لَيْسَ لِلِاسْتِغْرَاقِ إلَّا أَنْ يُرَادَ ادِّعَائِيًّا أَوْ ضَافِيًا بَلْ إمَّا لِلْعَهْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى زَمَانِ الْمَرْغِينَانِيِّ أَوْ لِلْجِنْسِ عَلَى أَنْ يَكُونَ وُجُودُهُ فِي ضِمْنِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ فَافْهَمْ (وَوَجْهُهُ) أَيْ وَجْهُ كَوْنِهِ كُفْرًا لَعَلَّهُ مِنْ الْمُصَنِّفِ (أَنَّ التَّغَنِّيَ لِلنَّاسِ) أَيْ لِمُجَرَّدِ تَلَهِّي النَّاسِ لَا لِأَجْلِ الْعُرْسِ وَالْأَعْيَادِ وَدَفْعِ الْوَحْشَةِ فِي نَفْسِهِ وَقِيلَ وَلِلْخَوَاصِّ الَّذِينَ يَبْلُغُونَ مَرْتَبَةَ النَّفْسِ الْمُطَمْئِنَةِ أَوْ الرَّاضِيَةِ إنْ صَحَّ فَإِنَّهَا مَحِلُّ اجْتِهَادٍ وَقَدْ جَوَّزَهُ بَعْضٌ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ (لَمَّا كَانَ حَرَامًا بِالْإِجْمَاعِ) لَعَلَّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ مَأْخُوذَةٌ مِمَّا سَبَقَ آنِفًا وَقَدْ سَمِعْت الِاخْتِلَافَ آنِفًا صَرَاحَةً وَإِشَارَةً ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَوْلَى أَبَا السُّعُودِ الْعِمَادِيَّ قَالَ فِي رِسَالَتِهِ الَّتِي أَرْسَلَهَا إلَى الْمُصَنِّفِ قَدْ طَالَعْت أَيُّهَا الْأَخُ رِسَالَتَك زَادَ اللَّهُ تَعَالَى اهْتِمَامَك بِأَمْرِ الدِّينِ وَإِحْيَاءِ السُّنَنِ وَإِنْكَارِ الْبِدَعِ فَقَدْ أَحْسَنْت فِي إنْكَارِ التَّغَنِّي وَاللَّحْنِ فِي الْأَذْكَارِ ثُمَّ قَالَ فِي حَقِّ التَّغَنِّي مَا حَاصِلُهُ عَنْ الْأَكْمَلِ أَبَاحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَعَنْ الْقُشَيْرِيِّ مِمَّنْ أَبَاحَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَهْلُ الْحِجَازِ وَعَنْ ابْنِ الْهُمَامِ وَالْعَيْنِيِّ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ كَرِهَهُ مُطْلَقًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَهُ مُطْلَقًا ثُمَّ قَالَ وَمَا وَرَدَ فِي جَوَازِ التَّغَنِّي وَاللَّحْنِ فِي الْقُرْآنِ فَوَارِدٌ فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَذْكَارِ دَلَالَةً وَأَفْرَدَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ بَابًا فِي جَوَازِ الْغِنَاءِ وَالْقُشَيْرِيُّ كَذَلِكَ فِي رِسَالَتِهِ وَصَاحِبُ الْعَوَارِفِ ذَكَرَ فِي جَوَازِهِ مَا فِيهِ مَقْنَعٌ لِلْمُصَنِّفِ وَرُوِيَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إبَاحَةُ الْغِنَاءِ ثُمَّ قَالَ فَكَيْفَ يَصِحُّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ الْغِنَاءِ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ فَيَلْزَمُ إكْفَارُ مُسْتَحِلِّهِ بَلْ مُتَمَنِّي حِلِّهِ وَبَعْضُهُمْ أَجَازَهُ فِي الشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فَبَعْضُ الْمُفْتِينَ كَابْنِ كَمَالٍ أَفْرَطَ وَأَفْتَى بِكُفْرِ الْمُسْتَحِلِّ بَلْ الْفَاعِلِ وَبَعْضُهُمْ كَالْعَلِيِّ الْجَمَالِيِّ فَرَّطَ وَأَفْتَى بِإِبَاحَةِ اللَّحْنِ وَالتَّغَنِّي فِي الْأَذْكَارِ اهـ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ دَخَلَ عَلَى أَخِيهِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ يُغَنِّي ثُمَّ قَالَ هُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ لَا بَأْسَ بِالتَّغَنِّي لِأَنَّ الْبَرَاءَ مِنْ أَزْهَدِ الصَّحَابَةِ إذَا عَرَفْت مَا قَدَّمْنَا لَك مِنْ الِاخْتِلَافَاتِ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِمْ فَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ مُشْكِلَةٌ غَايَةَ الْإِشْكَالِ وَالْحَمْلُ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمَوَاقِعِ الْخِلَافِيَّةِ عَلَى قَاعِدَةِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ يَرُدُّهُ ذِكْرُهُمْ تِلْكَ الصُّوَرِ فِي مُقَابَلَةِ هَذِهِ الصُّوَرِ عَلَى أَنَّ كَوْنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ (كَانَ) تَحْرِيمُهُ (قَطْعِيًّا) هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ جَمِيعُ الْإِجْمَاعِ قَطْعِيًّا أَوْ عُلِمَ كَوْنُهُ مِنْ الْقَطْعِيِّ وَنُقِلَ إلَيْنَا تَوَاتُرًا وَالْكُلُّ مَطْلُوبُ الْبَيَانِ بَلْ اُخْتُلِفَ فِي إكْفَارِ مُنْكِرِي الْقَطْعِيِّ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ كُفْرَهُ عِنْدَنَا (فَتَحْسِينُهُ تَحْلِيلٌ لِلْحَرَامِ) الْقَطْعِيِّ (وَكَذَا كُلُّ تَحْسِينِ الْقَبِيحِ الْقَطْعِيِّ كُفْرٌ) ظَاهِرُهُ الشُّمُولُ إلَى مَا يَكُونُ قُبْحُهُ لِذَاتِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْكُفْرَ فِيمَا يَكُونُ حَرَامًا لِعَيْنِهِ وَحُرْمَتُهُ ثَابِتَةٌ قَطْعِيَّةٌ فَتَأَمَّلْ (وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالذَّخِيرَةِ) مَا جَعَلَاهُ كُفْرًا بَلْ (سَمَّيَاهُ كَبِيرَةً هَذَا) أَيْ الْحُرْمَةُ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ (فِي التَّغَنِّي لِلنَّاسِ فِي غَيْرِ الْأَعْيَادِ وَالْعُرْسِ)

ص: 212

وَأَمَّا فِيهِمَا فَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ (وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي التَّغَنِّي الْحَرَامِ (تَغَنِّي صُوفِيَّةِ زَمَانِنَا فِي الْمَسَاجِدِ) فِي (الدَّعَوَاتِ) أَيْ الضِّيَافَاتِ أَوْ مِنْ الدُّعَاءِ (بِالْأَشْعَارِ وَالْأَذْكَارِ مَعَ اخْتِلَاطِ أَهْلِ الْهَوَى) الْفَسَقَةِ وَالْمُبْتَدِعَةِ (وَالْمُرْدِ) جَمْعُ الْأَمْرَدِ قِيلَ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا سُوءُ ظَنٍّ وَتَجَسُّسُ عَيْبٍ وَإِظْهَارُ فُحْشِ مُؤْمِنٍ وَالِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِي الضَّمِيرِ أَمْرٌ تَفَرَّدَ بِهِ تَعَالَى لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّرْعَ كَثِيرًا مَا يَدُورُ الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى قَرِينَتِهِ وَأَمَارَاتِهِ وَالظَّنُّ كَافٍ فِي غَيْرِ الْبُرْهَانِيَّةِ الْيَقِينِيَّةِ وَقَدْ قِيلَ قَدْ تَكُونُ الْقَرِينَةُ قَطْعِيَّةً وَأَيْضًا قَدْ يُصَرِّحُ أَكْثَرُهُمْ بِعَدَمِ خُلُوصِهِمْ بَلْ بِغَرَضٍ فَاسِدٍ وَلَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَانْسَدَّ أَكْثَرُ أَبْوَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ (بَلْ هَذَا أَشَدُّ مِنْ كُلِّ تَغَنٍّ لِأَنَّهُ) أَيْ هَذَا التَّغَنِّي (مَعَ اعْتِقَادِ الْعِبَادَةِ) قِيلَ هُنَا فَتَأَمَّلْ لَعَلَّ وَجْهَ لُزُومِ الْكُفْرِ حِينَئِذٍ أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَمَا يَجِبُ السُّكُوتُ بِلِسَانِك عَنْ مَسَاوِئِ أَخِيك يَجِبُ السُّكُوتُ بِقَلْبِك بِتَرْكِ سُوءِ الظَّنِّ وَفِي الْأَمَالِي احْذَرْ أَنْ تَحْمِلَ فِعْلَ أَخِيكَ عَلَى وَجْهٍ فَاسِدٍ مَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهٍ حَسَنٍ وَأَمَّا عِنْدَ التَّيَقُّنِ فَعَلَيْكَ أَنْ تَحْمِلَهُ عَلَى سَهْوٍ وَنِسْيَانٍ مَا أَمْكَنَ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» انْتَهَى وَأَنْتَ عَرَفْت جَوَابَهُ آنِفًا وَأَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ (وَأَمَّا التَّغَنِّي وَحْدَهُ) لَا لِلنَّاسِ (بِالْأَشْعَارِ لِدَفْعِ الْوَحْشَةِ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إذَا كَانَ التَّغَنِّي لِاسْتِفَادَةِ نَظْمِ الْقَوَافِي وَصَيْرُورَةِ فَصَاحَةِ اللِّسَانِ لَا بَأْسَ وَإِذَا كَانَ وَحْدَهُ يَتَغَنَّى لِدَفْعِ الْوَحْشَةِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَبِهِ أَخَذَ السَّرَخْسِيُّ وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ مَا يَكُونُ لَهْوًا وَاسْتَدَلَّ هَذَا الْقَائِلُ بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ زُهَّادِ الصَّحَابَةِ ثُمَّ كَانَ يَتَغَنَّى فِي مَرَضِهِ وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ أَنَسٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ تَلَهِّيًا وَلَكِنْ لِدَفْعِ الْوَسْوَاسِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَطْمَعُ لِلشَّهَادَةِ وَخَشِيَ أَنْ يَمُوتَ فِي مَرَضِهِ فَاسْتَوْحَشَ مِنْ ذَلِكَ وَجَعَلَ يَتَغَنَّى لِدَفْعِ الْوَحْشَةِ وَالْوَحْدَةِ عَنْ نَفْسِهِ فَعَرَفْت أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا بَأْسَ بِهِ وَعَنْ الْأَكْمَلِ لَوْ كَانَ غِنَاؤُهُ فِي نَفْسِهِ لِإِزَالَةِ وَحْشَةٍ لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ (أَوْ فِي الْأَعْيَادِ وَالْعُرْسِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ)

ص: 213