المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الثالث عشر النياحة] - بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية - جـ ٣

[محمد الخادمي]

فهرس الكتاب

- ‌[السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ الْآفَاتِ الْقَلْبِيَّةِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْإِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرُ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي غَوَائِل الْبُخْل وَسَبَبِهِ وَآفَاتِهِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ حُبُّ الْمَالِ لِلْحَرَامِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي سَبَبِ حُبِّ الْمَالِ وَعِلَاجِهِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي الْإِسْرَاف]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الْعِلَّةُ الْخَفِيَّةُ وَالسَّبَبُ الْأَصْلِيُّ فِي ذَمِّ الْإِسْرَاف]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ لِلْإِسْرَافِ فِي أَصْنَافِ الْإِسْرَافِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ الْإِسْرَافَ هَلْ يَقَعُ فِي الصَّدَقَةِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ فِي عِلَاجِ الْإِسْرَافِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ الْعَجَلَةُ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْفَظَاظَةُ وَغِلْظَةُ الْقَلْبِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْوَقَاحَةُ قِلَّةُ الْحَيَاءِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْجَزَعُ وَالشَّكْوَى]

- ‌[الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ كُفْرَانُ النِّعْمَةِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ السُّخْطُ وَالتَّضَجُّرُ]

- ‌[الْأَرْبَعُونَ التَّعْلِيقُ ذِكْرُ قِوَامِ بِنْيَتِك عَنْ شَيْءٍ]

- ‌[الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ حُبُّ الْفَسَقَةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بُغْضُ الْعُلَمَاءِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْجُرْأَةُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْيَأْسُ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحُزْنُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا]

- ‌[السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْخَوْفُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا]

- ‌[السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْغِشُّ وَالْغُلُّ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ الْفِتْنَةُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْمُدَاهَنَةُ]

- ‌[الْخَمْسُونَ الْأُنْسُ بِالنَّاسِ وَالْوَحْشَةُ لِفِرَاقِهِمْ]

- ‌[الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ الطَّيْشِ وَالْخِفَّةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ الْعِنَادُ وَمُكَابَرَةُ الْحَقِّ وَإِنْكَارُهُ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ التَّمَرُّدُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الصَّلَفُ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ الْجَرْبَزَةُ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الْبَلَادَةُ وَالْغَبَاوَةُ وَالْحَمَاقَةُ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ الشَّرَهُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْخُمُودُ]

- ‌[السِّتُّونَ آخِرُ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّانِي فِي آفَاتِ اللِّسَانِ وَهُوَ قِسْمَانِ]

- ‌[الْقِسْم الْأَوَّلُ فِي وُجُوبِ حِفْظِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ آفَاتِ اللِّسَانِ وَفِيهِ سِتَّةُ مَبَاحِثَ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ الَّذِي الْأَصْلُ فِيهِ الْحَظْرُ وَهُوَ سِتُّونَ]

- ‌[الْأَوَّلُ كَلِمَةُ الْكُفْرِ]

- ‌[الثَّانِي مَا فِيهِ خَوْفُ الْكُفْرِ]

- ‌[الثَّالِثُ الْخَطَأُ]

- ‌[الرَّابِعُ الْكَذِبُ]

- ‌[السَّادِسُ الْغِيبَةُ]

- ‌[السَّابِعُ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ النَّمِيمَةُ]

- ‌[الثَّامِنُ السُّخْرِيَةُ وَالِاسْتِهْزَاءُ]

- ‌[التَّاسِعُ اللَّعْنُ]

- ‌[الْعَاشِرُ السَّبُّ]

- ‌[الْحَادِي عَشَرَ الْفُحْشُ]

- ‌[الثَّانِيَ عَشَرَ الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالتَّعْيِيرُ]

- ‌[الثَّالِثَ عَشَرَ النِّيَاحَةُ]

- ‌[الرَّابِعَ عَشَرَ حُكْمُ الْمِرَاء]

- ‌[الْخَامِسَ عَشَرَ الْجِدَالُ]

- ‌[السَّادِسَ عَشَرَ الْخُصُومَةُ]

- ‌[السَّابِعَ عَشَرَ الْغِنَاءُ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ]

- ‌[التَّغَنِّي بِمَعْنَى حُسْنِ الصَّوْتِ بِلَا لَحْنٍ وَلَا زِيَادَةٍ وَإِسْقَاطِ حَرْفٍ مِنْ الْقُرْآنُ]

- ‌[الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ الْمَوْضُوعَةِ الْمُحْدَثَةِ الْمُوَافِقَةِ لِعِلْمِ الْمُوسِيقَى]

- ‌[الِاسْتِغْنَاءُ بِالْقُرْآنِ عَنْ الْأَشْعَارِ وَأَحَادِيثِ النَّاسِ]

- ‌[الثَّامِنَ عَشَرَ إفْشَاءُ السِّرِّ]

- ‌[التَّاسِعَ عَشَرَ الْخَوْضُ فِي الْبَاطِلِ]

- ‌[الْعِشْرُونَ سُؤَالُ الْمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ مِمَّنْ لَا حَقَّ فِيهِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ سُؤَالُ الْعَوَامّ عَنْ كُنْهِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ السُّؤَالُ عَنْ الْمُشْكِلَاتِ الظَّاهِرَةِ فِي الْأُصُولِ الِاعْتِقَادِيَّةِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ الْخَطَأُ فِي التَّعْبِيرِ وَدَقَائِقُ الْخَطَأِ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ النِّفَاقُ الْقَوْلِيُّ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ كَلَامُ ذِي اللِّسَانَيْنِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمَعْرُوفِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ غِلْظَةُ الْكَلَامِ وَالْعُنْفُ فِيهِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ السُّؤَالُ وَالتَّفْتِيشُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ]

- ‌[الثَّلَاثُونَ افْتِتَاحُ الْجَاهِلِ الْكَلَامَ]

- ‌[الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ التَّكَلُّمُ عِنْدَ الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِغَيْرِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي حَالَ الْخُطْبَةِ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ كَلَامُ الدُّنْيَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي الْخَلَاءِ وَعِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ عِنْدَ الْجِمَاعِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الدُّعَاءُ عَلَى مُسْلِمٍ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ الدُّعَاءُ لِلْكَافِرِ وَالظَّالِمِ بِالْبَقَاءِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْأَرْبَعُونَ كَلَامُ الدُّنْيَا فِي الْمَسَاجِدِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ وَضْعُ لَقَبِ سُوءٍ لِمُسْلِمٍ]

- ‌[الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ كَثْرَةُ الْحَلِفِ وَلَوْ عَلَى الصِّدْقِ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ سُؤَالُ الْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ سُؤَالُ تَوْلِيَةِ الْأَوْقَافِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ طَلَبُ الْوِصَايَةِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ دُعَاءُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ رَدُّ عُذْرِ أَخِيهِ وَعَدَمُ قَبُولِهِ]

- ‌[الْخَمْسُونَ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ إخَافَةُ الْمُؤْمِنِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ قَطْعُ كَلَامِ الْغَيْرِ وَحَدِيثِهِ بِكَلَامِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ]

الفصل: ‌[الثالث عشر النياحة]

الْقَارِيَّ تَبَعٌ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْوَضْعِ ثُمَّ قِيلَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مُنَيْعٍ وَالدَّيْلَمِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ مُعَاذٍ وَبَعْدَ أَخْذِ هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظِ لَا وَجْهَ لِذِكْرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ لَهُ مِنْ الْمَوْضُوعِ انْتَهَى لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا بَنَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ كَلَامَهُ عَلَى كَوْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ كَذَّابًا فَلَا يَخْلُو عَنْ الْوَجْهِ فِي جَعْلِهِ مِنْ الْمَوْضُوعِ نَعَمْ إنَّ لَهُ شَاهِدًا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ كَانُوا يَقُولُونَ مَنْ رَمَى أَخَاهُ بِذَنْبٍ قَدْ تَابَ مِنْهُ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَبْتَلِيَهُ اللَّهُ بِهِ

[الثَّالِثَ عَشَرَ النِّيَاحَةُ]

(الثَّالِثَ عَشَرَ النِّيَاحَةُ) عَلَى وَزْنِ دِرَايَةٍ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ بِتَعْدِيدِ شَمَائِلِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بُكَاءٍ (م عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ «قَالَ عليه الصلاة والسلام النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا» قِيلَ أَيْ زَمَنَ الِاعْتِدَادِ بِتَوْبَتِهَا وَإِلَّا فَالتَّوْبَةُ حِينَ الْمُعَايَنَةِ وَالِاحْتِضَارِ لَا أَثَرَ لَهَا لَعَلَّهُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ التُّورْبَشْتِيِّ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ قَبْلَ حُضُورِ مَوْتِهَا لِأَنَّ شَرْطَ التَّوْبَةِ عِنْدَ أَمَلِ الْبَقَاءِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الْعَمَلِ انْتَهَى أَقُولُ إنَّ ذَلِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَإِلَّا فَتَوْبَةُ الْيَأْسِ مَقْبُولَةٌ عِنْدَنَا «تُقَامُ» أَيْ تُحْشَرُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا تُقَامُ حَقِيقَةً عَلَى تِلْكَ الْحَالِ بَيْنَ أَهْلِ النَّارِ وَالْمَوْقِفِ جَزَاءً عَلَى قِيَامِهَا فِي النِّيَاحَةِ «يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ» قَمِيصٌ «مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ» قَمِيصٌ مَخْصُوصٌ بِالنِّسَاءِ «مِنْ جَرَبٍ» أَيْ يَصِيرُ جِلْدُهَا أَجْرَبَ حَتَّى يَكُونَ جِلْدُهَا كَقَمِيصٍ عَلَى أَعْضَائِهَا فَيَشْتَمِلُ عَلَى لَذْعِ الْقَطِرَانِ وَحُرْقَتِهِ وَإِسْرَاعِ النَّارِ فِي الْجِلْدِ وَاللَّوْنِ وَالْوَحْشِ وَنَتْنُ الرِّيحِ جَزَاءً وِفَاقًا فَخُصَّتْ بِذَلِكَ الدِّرْعِ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَجْرَحُ بِكَلِمَاتِهَا الْمُؤَنَّقَةِ قَلْبَ الْمُصَابِ ثُمَّ هَذَا الْوَعِيدُ هُنَا مُطْلَقٌ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مُقَيَّدٌ بِالْمَشِيئَةِ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْقَيْدِ فَائِدَةٌ كَذَا فِي الْفَيْضِ لَعَلَّ هَذَا مِمَّا اتَّفَقَ الْحَنَفِيُّ مَعَ الشَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَتِهِ فَيَصِحُّ عِنْدَنَا أَيْضًا

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ هَذِهِ النَّوَائِحَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَفَّانِ لِأَهْلِ جَهَنَّمَ صَفٌّ عَنْ يَمِينِهِمْ وَصَفٌّ عَنْ يَسَارِهِمْ يَنُحْنَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ كَذَا نُقِلَ عَنْ بَرْدِ الْأَكْبَادِ لِلسُّيُوطِيِّ (م أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَتَانِ» مِنْ الْخِصَالِ «فِي» بَعْضِ «النَّاسِ هُمَا» مُبْتَدَأٌ ثَانٍ «بِهِمْ» أَيْ فِيهِمْ «كُفْرٌ» كُفْرَانُ نِعْمَةٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ تَغْلِيظًا وَزَجْرًا أَوْ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ أَوْ الِاتِّسَاعِ أَوْ مِنْ - أَعْمَالِ الْكُفَّارِ لَا مِنْ خِصَالِ الْأَبْرَارِ «الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ» .

وَالْوُقُوعُ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ بِهِ نَحْوُ الْقَدْحِ فِي نَسَبٍ ثَبَتَ بِظَاهِرِ الشَّرْعِ وَقِيلَ بِحَمْلِ آبَائِهِ عَلَى آبَاءِ غَيْرِهِ «وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ»

ص: 204

وَلَوْ بِغَيْرِ بُكَاءٍ وَلَا شَقِّ جَيْبٍ خِلَافًا لِعِيَاضٍ وَهِيَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ بِتَعْدِيدِ شَمَائِلِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ طَعَنَ فِي نَسَبِ غَيْرِهِ فَقَدْ كَفَرَ نِعْمَةَ سَلَامَةِ نَسَبِهِ مِنْ الطَّعْنِ وَمَنْ نَاحَ فَقَدْ كَفَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِقَضَائِهِ وَهُوَ الْمُحْيِي وَالْمُمِيتُ وَفِيهِ أَنَّ هَاتَيْنِ كَبِيرَةٌ وَبِهِ صَرَّحَ الذَّهَبِيُّ كَابْنِ الْقَيِّمِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَلَاءِ عَنْ جَرِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالنِّيَاحَةُ حَرَامٌ وَالْمَعْدُودُ مِنْ الْحَرَامِ حَرَامٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ عَنْ كَبِيرٍ الْحَلَبِيِّ «إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ رَجَعَ مِنْ دَفْنِ أَنْصَارِيٍّ اسْتَقْبَلَهُ دَاعِي امْرَأَتِهِ فَجَاءَ وَجِيءَ بِالطَّعَامِ فَوَضَعَ يَدَهُ وَوَضَعَ الْقَوْمُ فَأَكَلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلُوكُ أَيْ يَمْضُغُ لُقْمَةً فِي فِيهِ» فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ وَضْعِ أَهْلِ الْمَيِّتِ الطَّعَامَ وَالدَّعْوَةِ إلَيْهِ انْتَهَى فَتَأَمَّلْ.

(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ النِّيَاحَةِ (اتِّخَاذُ الطَّعَامِ وَالضِّيَافَةِ لِلْمَيِّتِ) لِلنِّيَاحَةِ لَا لِأَهْلِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِشُغْلِهِمْ بِمَوْتِ قَرِيبِهِمْ عَنْ ذَلِكَ وَعَنْ ابْنِ الْهُمَامِ وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ الضِّيَافَةِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ يُشْرَعُ فِي السُّرُورِ لَا فِي الشُّرُورِ وَهِيَ بِدْعَةٌ مُسْتَقْبَحَةٌ (حدمج) رُوِيَ (عَنْ) أَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ (جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَتَهُمْ الطَّعَامَ مِنْ النِّيَاحَةِ) وَكَذَا نُقِلَ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُسْتَحَبُّ لِجِيرَانِ أَهْلِ الْمَيِّتِ وَالْأَقْرِبَاءِ الْأَبَاعِدِ تَهْيِئَةُ طَعَامٍ لَهُمْ لِيُشْبِعَهُمْ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» كَذَا نُقِلَ عَنْ الْجَلَاءِ.

وَفِي الْجَامِعِ «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» أَيْ عَنْ صُنْعِ الطَّعَامِ لِأَنْفُسِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِذُهُولِهِمْ عَنْ حَالِهِمْ بِحُزْنِهِمْ عَلَى مَيِّتِهِمْ وَهَذَا قَالَهُ لِنِسَائِهِ لَمَّا قُتِلَ جَعْفَرٌ وَجَاءَ الْخَبَرُ بِمَوْتِهِ فَطَحَنَتْ سَلْمَى مَوْلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعِيرًا ثُمَّ آدَمَتْهُ بِزَيْتٍ وَجَعَلَتْ عَلَيْهِ فُلْفُلًا ثُمَّ أَرْسَلُوهُ إلَيْهِمْ قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ وَيَنْبَغِي لِأَهْلِ الْمَيِّتِ التَّصَدُّقُ بِالْفَاضِلِ أَوْ إهْدَاؤُهُ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الِاجْتِمَاعُ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَتُهُمْ الطَّعَامَ وَالْمَيِّتُ عِنْدَهُمْ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ وَنَحْوٌ مِنْهُ الطَّعَامُ الَّذِي يَصْطَنِعُهُ أَهْلُ الْمَيِّتِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ لِلتَّرَحُّمِ لِلْمَيِّتِ وَلَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ الِاقْتِدَاءُ بِأَهْلِ الْكُفْرِ وَيَنْهَى كُلُّ إنْسَانٍ أَهْلَهُ عَنْ الْحُضُورِ لِمِثْلِ هَذَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ قَوْمٍ لَا خَلَاقَ لَهُمْ وَقَالَ أَحْمَدُ هُوَ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ قِيلَ لَهُ أَلَيْسَ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا» إلَخْ قَالَ لَمْ يَكُونُوا اتَّخَذُوا إنَّمَا اتَّخَذَهُ لَهُمْ فَهَذَا كُلُّهُ وَاجِبٌ فَمَنْ أَبَاحَهُ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَأَعَانَهُمْ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَإِنَّمَا يُسَنُّ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْمَوْتِ فَقَطْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَقَدْ فَصَلْنَاهُ فِي جَلَاءِ الْقُلُوبِ)

ص: 205