الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يُحَلِّفَهُ بِنَحْوِ الطَّلَاقِ فَلِلْقَاضِي ذَلِكَ لِقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ فِي زَمَانِنَا وَقَرَّرَ أَيْضًا كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ إذَا نَكَلَ لَا يَقْضِي وَإِذَا قَضَى لَا يَنْفُذُ قَالُوا إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ خَصْمُهُ احْلِفْ لِي بِالطَّلَاقِ حَتَّى أُصَدِّقُك فَهُوَ مِنْ الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا. لَكِنْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ» قِيلَ وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ كَمَا عَرَفْت أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَعِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَفْهُومُ عَنْ بَعْضٍ أَنَّهُ إنْ بِالْمَاضِي فَمَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَإِنْ بِالْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ لِلْوَثِيقَةِ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فِي زَمَانِنَا وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ أَيْضًا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نُقِلَ عَنْ الْبَحْرِ وَعَنْ الْبَعْضِ إنْ أُضِيفَ إلَى الْمَاضِي فَمَكْرُوهٌ وَإِلَى الْمُسْتَقْبَلِ لَا وَهُوَ الْأَحْسَنُ وَفِي الْخُلَاصَةِ فَجَائِزٌ إنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ وَرَأَى الْقَاضِي ذَلِكَ وَعَنْ الْقُنْيَةِ وَقَوْلُ الْجَاهِلِ بِاَللَّهِ " بخداي ويبغامبر " هَذَا حَلِفٌ وَفِيهِ خَطَرٌ عَظِيمٌ لِأَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَ اللَّهِ وَالرَّسُولِ ثُمَّ قَالَ مَا حَاصِلُهُ إنَّهُ لَيْسَ بِجَائِزٍ.
[الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ كَثْرَةُ الْحَلِفِ وَلَوْ عَلَى الصِّدْقِ]
(الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ كَثْرَةُ الْحَلِفِ وَلَوْ عَلَى الصِّدْقِ) لِاسْتِهَانَتِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْقَسَمِ وَاعْتِيَادِ لِسَانِهِ عَلَى ذَلِكَ وَلِذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ مَا حَلَفْت لَا صَادِقًا وَلَا كَاذِبًا (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً} [البقرة: 224] جُنَّةً وَمَحَلًّا {لأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224] عَنْ الْمِصْبَاحِ يُقَالُ فُلَانٌ عُرْضَةٌ لِلنَّاسِ أَيْ مُعْتَرِضٌ لَهُمْ فَلَا يَزَالُونَ يَقَعُونَ فِيهِ وَقِيلَ الْعُرْضَةُ فُعْلَةٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَالْقُبْضَةِ يُطْلَقُ لِمَا يَعْرِضُ دُونَ الشَّيْءِ وَلِلْمُعْرِضِ لِلْأَمْرِ؛ وَمَعْنَى الْآيَةِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ حَاجِزًا لِمَا حَلَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْأَيْمَانِ الْأُمُورَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا وَعَلَى الثَّانِي وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ مَعْرِضًا لِأَيْمَانِكُمْ فَتَبْذُلُوهُ بِكَثْرَةِ الْحَلِفِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَلْعَبَ بِاسْمِ رَبِّهِ فِي مَحَلِّ اللَّعِبِ وَلَا فِي مَحَلٍّ لَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّعْظِيمِ {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ} [القلم: 10] كَثِيرِ الْحَلِفِ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ {مَهِينٍ} [القلم: 10] حَقِيرِ الرَّأْيِ مِنْ الْمَهَانَةِ وَهِيَ الْحَقَارَةُ
(حب عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْحَلِفُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ» أَيْ مَآلُهُ إمَّا هَذَا أَوْ ذَاكَ أَيْ إذَا حَلَفْت حَنِثْت أَوْ فَعَلْت مَا لَا تُرِيدُ كَرَاهَةً لِلْحِنْثِ فَتَنْدَمُ أَوْ الْمُرَادُ إنْ كَانَ صَادِقًا نَدِمَ أَوْ كَاذِبًا حَنِثَ وَفِي الْفَيْضِ عَنْ الذَّهَبِيِّ ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ (طط عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه أَنَّهُ افْتَدَى يَمِينَهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ) حِينَ ادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلٌ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ كَاذِبًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَطَلَبَ يَمِينَهُ (ثُمَّ قَالَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ لَوْ حَلَفْت حَلَفْت صَادِقًا وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ افْتَدَيْت بِهِ يَمِينِي
د عَنْ أَشْعَثَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ قَالَ اشْتَرَيْت يَمِينِي مَرَّةً بِسَبْعِينَ أَلْفًا) مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ وَفِي الدُّرَرِ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَأَعْطَى شَيْئًا وَافْتَدَى يَمِينَهُ بِمَالٍ (اعْلَمْ أَنَّ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى صَادِقًا جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ وَقَدْ صَدَرَ مِنْ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَمَا قَالَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ (وَمِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ) وَالسَّلَفِ الصَّالِحِينَ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ (رضي الله عنهم) قَطْعًا لِلشُّبْهَةِ وَتَأْكِيدًا لِلْأَمْرِ فَعِنْدَ الْحَاجَةِ يَكُونُ مَنْدُوبًا حُكِيَ عَنْ النَّوَوِيِّ وَأَمَّا حَدِيثُ «مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ صَادِقًا كَمَنْ سَبَّحَ اللَّهَ تَعَالَى» فَقِيلَ قَدْ تَرْجَمَهُ السَّخَاوِيُّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ صِدْقٌ وَصَوَابٌ لِأَنَّهُ إنْ صَادِقًا فَذِكْرٌ مُوَافِقٌ وَعَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَا عَلِمْته فِي الْمَرْفُوعِ أَقُولُ كَوْنُ تَرْكِهِ مَحْمُودًا فِي الْخُصُومَاتِ وَمَا يَكُونُ فِعْلُهُ مَحْمُودًا كَمَا صَدَرَ مِنْ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام وَالصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ بَلْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ وَفِي غَيْرِهَا كَمَا تَشْهَدُ مَوَاضِعُ وُجُودِهِ تَوْفِيقًا بَيْنَهُمَا (وَلَكِنْ إكْثَارُهُ مَكْرُوهٌ) قِيلَ تَنْزِيهًا (لِمَا سَبَقَ مِنْ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ فَمَنْ أَبَى مِنْ السَّلَفِ) كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا (فَيُحْمَلُ إمَّا عَلَى الِاتِّقَاءِ مِنْ التُّهْمَةِ) أَيْ تُهْمَةِ الْحَلِفِ كَاذِبًا عِنْدَ مَنْ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِالْمُدَّعِي وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام اتَّقُوا مَوَاضِعَ التُّهَمِ وَفِي الدُّرَرِ لَوْ حَلَفَ وَقَعَ فِي الْقِيلِ وَالْقَالِ فَبَعْضٌ يُصَدِّقُ وَبَعْضٌ يُكَذِّبُ فَإِذَا افْتَدَى صَانَ عِرْضَهُ وَهُوَ حَسَنٌ قَالَ عليه الصلاة والسلام «ذُبُّوا عَنْ أَعْرَاضِكُمْ بِأَمْوَالِكُمْ»