الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِيلَ أَيْ تَنْزِيهًا وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لِأَنَّ هَذَا الْوَقْتَ وَقْتٌ شَرِيفٌ لَا يَلِيقُ لِلْمُؤْمِنِ الِاشْتِغَالُ فِيهِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ بَلْ اللَّائِقُ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِالْأَعْمَالِ الْأُخْرَوِيَّةِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ وَلِذَا قَالُوا الْكَلَامُ بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يُصَلِّي مَكْرُوهٌ إلَّا بِخَيْرٍ أَقُولُ قَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ فِي فَضْلِ الْأَعْمَالِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَحَدِيثِ «مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ بِجَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ حَجَّةٌ تَامَّةٌ وَعُمْرَةٌ تَامَّةٌ» وَحَدِيثِ «لَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ رَقَبَةً مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَلَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً» كَذَا فِي الْمَصَابِيحِ وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى مَا قَالَ الْفُقَهَاءُ إنَّ التَّصْلِيَةَ وَسَائِرَ الْأَذْكَارِ أَوْلَى مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيَّةِ وَعَنْ زَيْنِ الْعَرَبِ الذِّكْرُ يَتَنَاوَلُ نَحْوَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَدِرَاسَةِ الْعِلْمِ تَأَمَّلْ وَبَعْدَ الصَّلَاةِ قِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ وَفِي الْمَشْيِ فِي حَاجَتِهِ قِيلَ يُكْرَهُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقِيلَ إلَى ارْتِفَاعِهَا وَبَعْدَ الْعِشَاءِ أَبَاحَهُ قَوْمٌ وَحَظَرَهُ قَوْمٌ وَكَانَ عليه الصلاة والسلام يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا وَالْمُرَادُ هُوَ الْكَلَامُ الْمُبَاحُ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَنْ رِيَاضِ الصَّالِحِينَ أَمَّا الْحَدِيثُ الْمُحَرَّمُ أَوْ الْمَكْرُوهُ فَفِي هَذَا الْوَقْتِ أَشَدُّ تَحْرِيمًا وَكَرَاهَةً وَأَمَّا فِي الْخَيْرِ كَمُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَالْحَدِيثِ مَعَ الضَّيْفِ وَمَعَ طَالِبِ حَاجَةٍ فَمُسْتَحَبٌّ كَالْحَدِيثِ لِعَارِضٍ وَضَرُورَةٍ
[الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي الْخَلَاءِ وَعِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]
(الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي الْخَلَاءِ وَعِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ أَيْضًا) قِيلَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ بَعْضٍ هُوَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لَعَلَّك سَمِعْت قَوْلَ الْمُحَشِّي أَخِي جَلَبِي عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ فِي التَّفْضِيلِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكَرَاهَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا تَنْزِيهِيَّةٌ وَمَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ تَحْرِيمِيَّةٌ انْتَهَى فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَلَوْ جُعِلَ مِنْ مَبَاحِثِ الْحَظْرِ فَلَهُ وَجْهٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ تَتَأَذَّى الْحَفَظَةُ بِوَاسِطَةِ الْحُضُورِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الْكَرِيهِ لِأَجْلِ كِتَابَةِ مَا تَكَلَّمَهُ وَفِي الدُّرَرِ وَيُكْرَهُ التَّكَلُّمُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا فِي حَدِيثِ الْحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ «إذَا تَغَوَّطَ الرَّجُلَانِ فَلْيَتَوَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَلَا يَتَحَدَّثَانِ عَلَى طَوْفِهِمَا فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ» الطَّوْفُ الْغَائِطُ وَالْمَقْتُ الْبُغْضُ الشَّدِيدُ (وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ سَلَّمَ عَلَى مَنْ كَانَ فِي الْخَلَاءِ يَتَغَوَّطُ أَوْ يَبُولُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَلِّمَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرُدُّ عليه السلام بِقَلْبِهِ لَا بِلِسَانِهِ) لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ الرَّدَّ وَلَوْ بِالْقَلْبِ يُنَافِي عَدَمَ الْجَوَازِ لِأَنَّهُ تَقْرِيرٌ وَتَمْكِينٌ نَعَمْ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْمُصَلِّي إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ يُجِيبُهُ بِقَلْبِهِ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ وَذَلِكَ لِإِرَاحَةِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ الْحُضُورِ بِهِ لِأَنَّهُمْ لَا يَكْتُبُونَ الْأُمُورَ الْقَلْبِيَّةَ ثُمَّ لَا يَخْفَى مَا فِي تَقْرِيبِ هَذَا النَّقْلِ إذْ الْكَلَامُ فِي مُطْلَقِ الْكَلَامِ وَاللَّازِمُ مِنْ النَّقْلِ هُوَ الْمَخْصُوصُ فَافْهَمْ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرُدُّ أَصْلًا) وَلَوْ بِقَلْبِهِ (وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ) وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي الْإِجَابَةُ فِي الْمَكْرُوهِ وَأَنَّ السُّقُوطَ لَا يَعُودُ (وَقَالَ رحمه الله يَرُدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَاجَةِ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ فَإِنَّهُ إذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الْمَمْنُوعُ وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُ الْمَوَاضِعِ الْمَمْنُوعِ فِيهَا السَّلَامُ وَهَذِهِ مِنْهَا وَقِيلَ فِيهَا نَظْمًا
سَلَامُك مَكْرُوهٌ عَلَى مَنْ سَتُسْمِعُ
…
وَمِنْ بَعْدِ مَا أُبْدِي يُسَنُّ وَيُشْرَعُ
مُصَلٍّ وَتَالٍ وَذَاكِرٌ وَمُحَدِّثٌ
…
خَطِيبٌ وَمَنْ يُصْغِي إلَيْهِمْ وَيَسْمَعُ
مُكَرِّرُ فِقْهٍ جَالِسٌ لِقَضَائِهِ
…
وَمَنْ بَحَثُوا فِي الْعِلْمِ دَعْهُمْ لِيَنْفَعُوا
مُؤَذِّنٌ أَيْضًا وَالْمُقِيمُ مُدَرِّسٌ
…
كَذَا الْفَتَيَاتُ الْأَجْنَبِيَّاتُ أَمْنَعُ
وَلَعَّابُ شِطْرَنْجٍ وَشَبِّهْ بِحِلْفِهِ
…
وَمَنْ هُوَ مَعَ أَهْلٍ لَهُ يَتَمَتَّعُ
وَدَعْ كَافِرًا أَيْضًا وَمَكْشُوفَ عَوْرَةٍ
…
وَمَنْ هُوَ فِي حَالِ التَّغَوُّطِ أَشْنَعُ
وَدَعْ آكِلًا إلَّا إذَا كُنْت جَائِعًا
…
وَتَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ يَمْنَعُ
كَذَلِكَ أُسْتَاذٌ مُغَنٍّ مُطَيِّرٌ
…
فَهَذَا خِتَامٌ وَالزِّيَادَةُ تَنْفَعُ