المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[السادس عشر الخصومة] - بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية - جـ ٣

[محمد الخادمي]

فهرس الكتاب

- ‌[السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ الْآفَاتِ الْقَلْبِيَّةِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْإِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرُ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي غَوَائِل الْبُخْل وَسَبَبِهِ وَآفَاتِهِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ حُبُّ الْمَالِ لِلْحَرَامِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي سَبَبِ حُبِّ الْمَالِ وَعِلَاجِهِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي الْإِسْرَاف]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الْعِلَّةُ الْخَفِيَّةُ وَالسَّبَبُ الْأَصْلِيُّ فِي ذَمِّ الْإِسْرَاف]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ لِلْإِسْرَافِ فِي أَصْنَافِ الْإِسْرَافِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ الْإِسْرَافَ هَلْ يَقَعُ فِي الصَّدَقَةِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ فِي عِلَاجِ الْإِسْرَافِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ الْعَجَلَةُ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْفَظَاظَةُ وَغِلْظَةُ الْقَلْبِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْوَقَاحَةُ قِلَّةُ الْحَيَاءِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْجَزَعُ وَالشَّكْوَى]

- ‌[الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ كُفْرَانُ النِّعْمَةِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ السُّخْطُ وَالتَّضَجُّرُ]

- ‌[الْأَرْبَعُونَ التَّعْلِيقُ ذِكْرُ قِوَامِ بِنْيَتِك عَنْ شَيْءٍ]

- ‌[الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ حُبُّ الْفَسَقَةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بُغْضُ الْعُلَمَاءِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْجُرْأَةُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْيَأْسُ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحُزْنُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا]

- ‌[السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْخَوْفُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا]

- ‌[السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْغِشُّ وَالْغُلُّ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ الْفِتْنَةُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْمُدَاهَنَةُ]

- ‌[الْخَمْسُونَ الْأُنْسُ بِالنَّاسِ وَالْوَحْشَةُ لِفِرَاقِهِمْ]

- ‌[الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ الطَّيْشِ وَالْخِفَّةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ الْعِنَادُ وَمُكَابَرَةُ الْحَقِّ وَإِنْكَارُهُ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ التَّمَرُّدُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الصَّلَفُ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ الْجَرْبَزَةُ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الْبَلَادَةُ وَالْغَبَاوَةُ وَالْحَمَاقَةُ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ الشَّرَهُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْخُمُودُ]

- ‌[السِّتُّونَ آخِرُ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّانِي فِي آفَاتِ اللِّسَانِ وَهُوَ قِسْمَانِ]

- ‌[الْقِسْم الْأَوَّلُ فِي وُجُوبِ حِفْظِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ آفَاتِ اللِّسَانِ وَفِيهِ سِتَّةُ مَبَاحِثَ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ الَّذِي الْأَصْلُ فِيهِ الْحَظْرُ وَهُوَ سِتُّونَ]

- ‌[الْأَوَّلُ كَلِمَةُ الْكُفْرِ]

- ‌[الثَّانِي مَا فِيهِ خَوْفُ الْكُفْرِ]

- ‌[الثَّالِثُ الْخَطَأُ]

- ‌[الرَّابِعُ الْكَذِبُ]

- ‌[السَّادِسُ الْغِيبَةُ]

- ‌[السَّابِعُ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ النَّمِيمَةُ]

- ‌[الثَّامِنُ السُّخْرِيَةُ وَالِاسْتِهْزَاءُ]

- ‌[التَّاسِعُ اللَّعْنُ]

- ‌[الْعَاشِرُ السَّبُّ]

- ‌[الْحَادِي عَشَرَ الْفُحْشُ]

- ‌[الثَّانِيَ عَشَرَ الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالتَّعْيِيرُ]

- ‌[الثَّالِثَ عَشَرَ النِّيَاحَةُ]

- ‌[الرَّابِعَ عَشَرَ حُكْمُ الْمِرَاء]

- ‌[الْخَامِسَ عَشَرَ الْجِدَالُ]

- ‌[السَّادِسَ عَشَرَ الْخُصُومَةُ]

- ‌[السَّابِعَ عَشَرَ الْغِنَاءُ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ]

- ‌[التَّغَنِّي بِمَعْنَى حُسْنِ الصَّوْتِ بِلَا لَحْنٍ وَلَا زِيَادَةٍ وَإِسْقَاطِ حَرْفٍ مِنْ الْقُرْآنُ]

- ‌[الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ الْمَوْضُوعَةِ الْمُحْدَثَةِ الْمُوَافِقَةِ لِعِلْمِ الْمُوسِيقَى]

- ‌[الِاسْتِغْنَاءُ بِالْقُرْآنِ عَنْ الْأَشْعَارِ وَأَحَادِيثِ النَّاسِ]

- ‌[الثَّامِنَ عَشَرَ إفْشَاءُ السِّرِّ]

- ‌[التَّاسِعَ عَشَرَ الْخَوْضُ فِي الْبَاطِلِ]

- ‌[الْعِشْرُونَ سُؤَالُ الْمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ مِمَّنْ لَا حَقَّ فِيهِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ سُؤَالُ الْعَوَامّ عَنْ كُنْهِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ السُّؤَالُ عَنْ الْمُشْكِلَاتِ الظَّاهِرَةِ فِي الْأُصُولِ الِاعْتِقَادِيَّةِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ الْخَطَأُ فِي التَّعْبِيرِ وَدَقَائِقُ الْخَطَأِ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ النِّفَاقُ الْقَوْلِيُّ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ كَلَامُ ذِي اللِّسَانَيْنِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمَعْرُوفِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ غِلْظَةُ الْكَلَامِ وَالْعُنْفُ فِيهِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ السُّؤَالُ وَالتَّفْتِيشُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ]

- ‌[الثَّلَاثُونَ افْتِتَاحُ الْجَاهِلِ الْكَلَامَ]

- ‌[الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ التَّكَلُّمُ عِنْدَ الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِغَيْرِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي حَالَ الْخُطْبَةِ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ كَلَامُ الدُّنْيَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي الْخَلَاءِ وَعِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ عِنْدَ الْجِمَاعِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الدُّعَاءُ عَلَى مُسْلِمٍ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ الدُّعَاءُ لِلْكَافِرِ وَالظَّالِمِ بِالْبَقَاءِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْأَرْبَعُونَ كَلَامُ الدُّنْيَا فِي الْمَسَاجِدِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ وَضْعُ لَقَبِ سُوءٍ لِمُسْلِمٍ]

- ‌[الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ كَثْرَةُ الْحَلِفِ وَلَوْ عَلَى الصِّدْقِ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ سُؤَالُ الْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ سُؤَالُ تَوْلِيَةِ الْأَوْقَافِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ طَلَبُ الْوِصَايَةِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ دُعَاءُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ رَدُّ عُذْرِ أَخِيهِ وَعَدَمُ قَبُولِهِ]

- ‌[الْخَمْسُونَ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ إخَافَةُ الْمُؤْمِنِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ قَطْعُ كَلَامِ الْغَيْرِ وَحَدِيثِهِ بِكَلَامِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ]

الفصل: ‌[السادس عشر الخصومة]

أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لِلنَّدَبِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَمُطْلَقَ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضٌ إلَى وُجُوبِهِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ ثُمَّ الشَّرْطُ حِينَ النَّدْبِ أَنْ يَكُونَ بِالرِّفْقِ وَاللِّينِ وَعُذُوبَةِ اللِّسَانِ وَطَلَاقَةِ الْوَجْهِ وَاسْتِعْمَالِ الْقَرِينَةِ إلَى التَّفْهِيمِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّقْيِيدُ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَفِي سِرِّ الْأَسْرَارِ لِلشَّيْخِ الْعَارِفِ الْكِيلَانِيِّ قُدِّسَ سِرُّهُ مَجْمُوعُ هَذِهِ أُعْطِيَ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ تُعْطَ لِأَحَدٍ غَيْرِهِ وَأَمَّا انْفِرَادُهَا فَالْحِكْمَةُ أَيْ عِلْمُ الْحَالِ وَهُوَ لُبُّهَا أُعْطِيَ لِلْمَشَايِخِ كَمَا فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «هِمَّةُ الرِّجَالِ تَقْلَعُ الْجِبَالَ فَإِنَّ قَسَاوَةَ الْقَلْبِ الَّتِي هِيَ كَالْجِبَالِ تُقْلَعُ بِدُعَائِهِمْ وَنَظَرِهِمْ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا» وَالْمَوْعِظَةُ لِعُلَمَاءِ الظَّاهِرِ وَهُوَ الْقِشْرُ كَمَا فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الْعَالِمُ يَعِظُ بِالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَالْجَاهِلُ يَعِظُ بِالضَّرْبِ وَالْغَضَبِ» وَالْجِدَالِ وَهُوَ الْعَدْلُ وَالسِّيَاسَةُ لِلْأُمَرَاءِ وَهُوَ قِشْرُ الْقِشْرِ وَمَقَامُ الْمُتَصَوِّفَةِ هُوَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ خَلْقِ الشَّجَرِ قَالَ عليه الصلاة والسلام «عَلَيْكُمْ بِمُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ وَاسْتِمَاعِ كَلَامِ الْحُكَمَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْقَلْبَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ» وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «كَلِمَةُ الْحِكْمَةِ ضَالَّةُ الْحَكِيمِ أَخَذَهَا حَيْثُ وَجَدَهَا»

[السَّادِسَ عَشَرَ الْخُصُومَةُ]

(السَّادِسَ عَشَرَ الْخُصُومَةُ وَهِيَ لَجَاجٌ) أَيْ عِنَادٌ (فِي الْكَلَامِ لِيُسْتَوْفَى بِهِ مَالٌ أَوْ حَقٌّ مَقْصُودٌ فَإِنْ كَانَ مُبْطِلًا أَوْ)(خَاصَمَ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أَنَّهُ مُحِقٌّ أَوْ مُبْطِلٌ كَوَكِيلِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَتَوَكَّلُ فِي الْخُصُومَةِ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الْحَقَّ فِي أَيِّ جَانِبٍ فَهُوَ يُخَاصِمُ بِغَيْرِ عِلْمٍ (أَوْ)(مَزَجَ) أَيْ خَلَطَ (بِالْخُصُومَةِ) الْحَقَّةِ (كَلِمَاتٍ) وَالْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ (مُؤْذِيَةً لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِي نُصْرَةِ الْحُجَّةِ وَإِظْهَارِ الْحَقِّ) فَلَوْ لَزِمَ الْأَذَى فِيمَا فِيهَا نُصْرَةُ الْحُجَّةِ لَا يَحْرُمُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ مُجَرَّدَ إحْيَاءِ حَقِّهِ بِدُونِ قَصْدِ أَذَاهُ لَعَلَّ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَصْمُ مُعَانِدًا مُكَابِرًا مُؤْذِيًا وَإِلَّا فَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَيَنْبَغِي إمَّا تَرْكٌ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَذَى وَلَا يَتَجَاوَزْ عَلَى قَدْرِ أَذَى خَصْمِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعْزِيرِ وَالتَّعْزِيرُ يُقِيمُهُ كُلُّ أَحَدٍ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ وَأَمَّا الِاخْتِصَاصُ بِالْحَاكِمِ وَالْمُحْتَسَبِ فَفِيمَا بَعْدَ الْمَعْصِيَةِ كَمَا اسْتَوْفَى فِي الْفَتَاوَى (أَوْ كَانَتْ الْخُصُومَةُ لِقَهْرِ الْخَصْمِ وَكَسْرِهِ فَقَطْ) لَا لِأَخْذِ الْحَقِّ فَلَوْ لَهُ حَقٌّ (فَحَرَامٌ) لَكِنْ لَا يُرِيدُهُ مِنْ الْخُصُومَةِ بَلْ مُجَرَّدُ إجْرَاءِ النَّفْسَانِيَّةِ فَمُحَرَّمٌ أَيْضًا (وَإِنْ خَلَا عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ) الْأَرْبَعَةِ (وَهُوَ) أَيْ الْخَالِي عَنْهَا (نَادِرٌ فَجَائِزٌ) وَإِلَّا فَيَبْطُلُ حَقُّهُ وَالرَّجُلُ مَأْمُورٌ بِعَدَمِ إضَاعَةِ حَقِّهِ بَلْ تَرْكُهُ بِلَا نِيَّةٍ حَمِيدَةٍ إنْ لِخَصْمٍ فَمِنْ قَبِيلِ الْإِسْرَافِ وَفِي قَوْلِهِ نَادِرٌ إيمَاءٌ إلَى تَرْكِهِ الْإِطْلَاقَ إذْ النَّادِرُ مُلْحَقٌ بِالْعَدَمِ (وَلَكِنَّ تَرْكَهُ) أَيْ الِاخْتِصَامِ (أَوْلَى) لِأَنَّ مَا يَدُورُ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ رُجْحَانُ جَانِبِ الْحَظْرِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ كَثْرَةِ خِلَافِهِ (مَا وَجَدَ إلَيْهِ سَبِيلًا) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ بِطِيبِ الْخَاطِرِ وَرِضَا النَّفْسِ كَالْمُطَالَبَةِ بِحُسْنِ الْحَالِ وَتَوْسِيطِ الرِّجَالِ إلَى الْمُصَالَحَةِ فَحَسَنٌ بَلْ يَجْتَهِدُ إلَيْهِ فَمَا لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ لَا يُبَاشِرُ الْخُصُومَةَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِالْكُلِّيَّةِ فَيَخْتَصِمُ لَكِنْ يَتَدَبَّرُ وَيَتَأَنَّى فِي ضَبْطِ لِسَانِهِ وَإِمْسَاكِ كَلَامِهِ عَمَّا يَتَجَاوَزُ الْحَدَّ وَعَنْ حِلْيَةِ الْأَبْرَارِ لِلنَّوَوِيِّ إنَّمَا كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى لِأَنَّ ضَبْطَ اللِّسَانِ فِي الْخُصُومَةِ عَلَى حَدِّ الِاعْتِدَالِ مُتَعَذِّرٌ وَالْخُصُومَةُ تُوغِرُ الصُّدُورَ وَتُهَيِّجُ الْغَضَبَ وَإِذَا هَاجَ الْغَضَبُ حَصَلَ الْحِقْدُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَفْرَحَ كُلٌّ بِمُسَاءَةِ الْآخَرِ وَيَحْزَنَ بِمُسِرَّتِهِ وَيُطْلِقَ اللِّسَانَ فِي عِرْضِهِ فَمَنْ خَاصَمَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْآفَاتِ وَأَقَلُّ مَا فِيهِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ حَتَّى إنَّهُ يَكُونُ فِي صَلَاتِهِ وَخَاطِرُهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُحَاجَّةِ وَالْخُصُومَةِ فَلَا يَبْقَى حَالُهُ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ وَالْخُصُومَةُ مَبْدَأُ الشَّرِّ انْتَهَى فَيَجْتَهِدُ أَنْ لَا يَفْتَحَ بَابَ الْخُصُومَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَعِنْدَ الضَّرُورَةِ يَحْفَظُ اللِّسَانَ وَالْقَلْبَ عَنْ تَبِعَاتِهَا الْمَذْكُورَةِ وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ فَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبِ فِي الْخُصُومَةِ فَزِيَادَةُ مَأْجُورٍ لِأَنَّهُ كُلَّمَا زَادَ التَّعَبُ زَادَ الْأَجْرُ لِأَنَّ أَجْرَكُمْ عَلَى قَدْرِ تَعَبِكُمْ

ص: 209