المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الثامن عشر إفشاء السر] - بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية - جـ ٣

[محمد الخادمي]

فهرس الكتاب

- ‌[السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ الْآفَاتِ الْقَلْبِيَّةِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْإِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرُ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي غَوَائِل الْبُخْل وَسَبَبِهِ وَآفَاتِهِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ حُبُّ الْمَالِ لِلْحَرَامِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي سَبَبِ حُبِّ الْمَالِ وَعِلَاجِهِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي الْإِسْرَاف]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الْعِلَّةُ الْخَفِيَّةُ وَالسَّبَبُ الْأَصْلِيُّ فِي ذَمِّ الْإِسْرَاف]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ لِلْإِسْرَافِ فِي أَصْنَافِ الْإِسْرَافِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ الْإِسْرَافَ هَلْ يَقَعُ فِي الصَّدَقَةِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ فِي عِلَاجِ الْإِسْرَافِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ الْعَجَلَةُ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْفَظَاظَةُ وَغِلْظَةُ الْقَلْبِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْوَقَاحَةُ قِلَّةُ الْحَيَاءِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْجَزَعُ وَالشَّكْوَى]

- ‌[الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ كُفْرَانُ النِّعْمَةِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ السُّخْطُ وَالتَّضَجُّرُ]

- ‌[الْأَرْبَعُونَ التَّعْلِيقُ ذِكْرُ قِوَامِ بِنْيَتِك عَنْ شَيْءٍ]

- ‌[الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ حُبُّ الْفَسَقَةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بُغْضُ الْعُلَمَاءِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْجُرْأَةُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْيَأْسُ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحُزْنُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا]

- ‌[السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْخَوْفُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا]

- ‌[السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْغِشُّ وَالْغُلُّ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ الْفِتْنَةُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْمُدَاهَنَةُ]

- ‌[الْخَمْسُونَ الْأُنْسُ بِالنَّاسِ وَالْوَحْشَةُ لِفِرَاقِهِمْ]

- ‌[الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ الطَّيْشِ وَالْخِفَّةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ الْعِنَادُ وَمُكَابَرَةُ الْحَقِّ وَإِنْكَارُهُ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ التَّمَرُّدُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الصَّلَفُ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ الْجَرْبَزَةُ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الْبَلَادَةُ وَالْغَبَاوَةُ وَالْحَمَاقَةُ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ الشَّرَهُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْخُمُودُ]

- ‌[السِّتُّونَ آخِرُ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّانِي فِي آفَاتِ اللِّسَانِ وَهُوَ قِسْمَانِ]

- ‌[الْقِسْم الْأَوَّلُ فِي وُجُوبِ حِفْظِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ آفَاتِ اللِّسَانِ وَفِيهِ سِتَّةُ مَبَاحِثَ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ الَّذِي الْأَصْلُ فِيهِ الْحَظْرُ وَهُوَ سِتُّونَ]

- ‌[الْأَوَّلُ كَلِمَةُ الْكُفْرِ]

- ‌[الثَّانِي مَا فِيهِ خَوْفُ الْكُفْرِ]

- ‌[الثَّالِثُ الْخَطَأُ]

- ‌[الرَّابِعُ الْكَذِبُ]

- ‌[السَّادِسُ الْغِيبَةُ]

- ‌[السَّابِعُ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ النَّمِيمَةُ]

- ‌[الثَّامِنُ السُّخْرِيَةُ وَالِاسْتِهْزَاءُ]

- ‌[التَّاسِعُ اللَّعْنُ]

- ‌[الْعَاشِرُ السَّبُّ]

- ‌[الْحَادِي عَشَرَ الْفُحْشُ]

- ‌[الثَّانِيَ عَشَرَ الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالتَّعْيِيرُ]

- ‌[الثَّالِثَ عَشَرَ النِّيَاحَةُ]

- ‌[الرَّابِعَ عَشَرَ حُكْمُ الْمِرَاء]

- ‌[الْخَامِسَ عَشَرَ الْجِدَالُ]

- ‌[السَّادِسَ عَشَرَ الْخُصُومَةُ]

- ‌[السَّابِعَ عَشَرَ الْغِنَاءُ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ]

- ‌[التَّغَنِّي بِمَعْنَى حُسْنِ الصَّوْتِ بِلَا لَحْنٍ وَلَا زِيَادَةٍ وَإِسْقَاطِ حَرْفٍ مِنْ الْقُرْآنُ]

- ‌[الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ الْمَوْضُوعَةِ الْمُحْدَثَةِ الْمُوَافِقَةِ لِعِلْمِ الْمُوسِيقَى]

- ‌[الِاسْتِغْنَاءُ بِالْقُرْآنِ عَنْ الْأَشْعَارِ وَأَحَادِيثِ النَّاسِ]

- ‌[الثَّامِنَ عَشَرَ إفْشَاءُ السِّرِّ]

- ‌[التَّاسِعَ عَشَرَ الْخَوْضُ فِي الْبَاطِلِ]

- ‌[الْعِشْرُونَ سُؤَالُ الْمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ مِمَّنْ لَا حَقَّ فِيهِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ سُؤَالُ الْعَوَامّ عَنْ كُنْهِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ السُّؤَالُ عَنْ الْمُشْكِلَاتِ الظَّاهِرَةِ فِي الْأُصُولِ الِاعْتِقَادِيَّةِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ الْخَطَأُ فِي التَّعْبِيرِ وَدَقَائِقُ الْخَطَأِ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ النِّفَاقُ الْقَوْلِيُّ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ كَلَامُ ذِي اللِّسَانَيْنِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمَعْرُوفِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ غِلْظَةُ الْكَلَامِ وَالْعُنْفُ فِيهِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ السُّؤَالُ وَالتَّفْتِيشُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ]

- ‌[الثَّلَاثُونَ افْتِتَاحُ الْجَاهِلِ الْكَلَامَ]

- ‌[الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ التَّكَلُّمُ عِنْدَ الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِغَيْرِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي حَالَ الْخُطْبَةِ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ كَلَامُ الدُّنْيَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي الْخَلَاءِ وَعِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ عِنْدَ الْجِمَاعِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الدُّعَاءُ عَلَى مُسْلِمٍ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ الدُّعَاءُ لِلْكَافِرِ وَالظَّالِمِ بِالْبَقَاءِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْأَرْبَعُونَ كَلَامُ الدُّنْيَا فِي الْمَسَاجِدِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ وَضْعُ لَقَبِ سُوءٍ لِمُسْلِمٍ]

- ‌[الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ كَثْرَةُ الْحَلِفِ وَلَوْ عَلَى الصِّدْقِ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ سُؤَالُ الْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ سُؤَالُ تَوْلِيَةِ الْأَوْقَافِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ طَلَبُ الْوِصَايَةِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ دُعَاءُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ رَدُّ عُذْرِ أَخِيهِ وَعَدَمُ قَبُولِهِ]

- ‌[الْخَمْسُونَ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ إخَافَةُ الْمُؤْمِنِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ قَطْعُ كَلَامِ الْغَيْرِ وَحَدِيثِهِ بِكَلَامِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ]

الفصل: ‌[الثامن عشر إفشاء السر]

فِي شَمَائِلِ التِّرْمِذِيِّ بِتَرْجِيعِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِرَاءَةِ إنَّا فَتَحْنَا لَك قَالَ شَارِحُهُ ابْنُ حَجَرٍ الْمَرْوِيُّ عَنْ صِفَةِ تَرْجِيعِهِ مَدُّ الصَّوْتِ فِي الْقِرَاءَةِ آآ آثُمَّ قَالَ وَالْحَقُّ فِي تَغَنِّي الْقِرَاءَةِ أَنَّ طَبِيعَتَهُ بِلَا تَكَلُّفٍ فَمَحْمُودٌ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ وَمِثْلُهُ أَيْضًا فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ حَيْثُ قَالَ مَا حَاصِلُهُ إنْ سَمَحَتْ الطَّبِيعَةُ بِالْغِنَاءِ بِلَا تَعَلُّمٍ وَلَا تَكَلُّفٍ فَجَائِزٌ وَإِنْ بِاكْتِسَابٍ وَتَصَنُّعٍ فَمَكْرُوهٌ قَالَ حَفِيدُ السَّعْدِ فِي مَجْمُوعَةِ الْعُلُومِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة لِأَنَّ التَّغَنِّيَ وَاسْتِمَاعَ الْغِنَاءِ حَرَامٌ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ وَبَالَغُوا فِيهِ وَعَنْ الْمُسْتَصْفَى شَرْحِ النَّافِعِ التَّغَنِّي حَرَامٌ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ وَعَنْ الزِّيَادَاتِ مِنْ الْوَصِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ الْوَصِيَّةُ لِلْغِنَاءِ وَعَنْ الْمَرْغِينَانِيِّ مَنْ قَالَ لِمُقْرِئِ زَمَانِنَا أَحْسَنْت يَكْفُرُ وَعَنْ جَامِعِ الْمَحْبُوبِيِّ مُجَرَّدُ الْغِنَاءِ وَالِاسْتِمَاعِ إلَيْهِ مَعْصِيَةٌ وَعَنْ الشِّرْعَةِ صَوْتُ أَهْلِ الْفِسْقِ وَالْغِنَاءُ فِتْنَةٌ وَالتَّرْجِيعُ بِالْقُرْآنِ قِيلَ لَا بَأْسَ وَالْأَكْثَرُ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ التَّغَنِّي لِنَفْسِهِ جَائِزٌ وَلِغَيْرِهِ مَكْرُوهٌ إلَّا فِي نَحْوِ الْعُرْسِ وَالْوَلِيمَةِ وَقِيلَ إنْ لِلَهْوٍ مَكْرُوهٌ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ جَمِيعُ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَعَنْ النِّهَايَةِ رَخَّصَ عُمَرُ فِي غِنَاءِ الْأَعْرَابِ وَهُوَ صَوْتٌ كَالْحِدَاءِ وَعَنْ ابْنِ حَجَرٍ الْغِنَاءُ يُطْلَقُ عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ وَالتَّرَنُّمِ وَالْحِدَاءِ فَلَا يُسَمَّى فَاعِلُهُ مُغَنِّيًا وَإِنَّمَا يُسَمَّى بِذَلِكَ مَنْ يُنْشِدُ بِتَمْطِيطٍ وَتَكْثِيرٍ وَتَهَيُّجٍ وَتَشْوِيقٍ بِمَا فِيهِ تَعْرِيضٌ بِالْفَوَاحِشِ وَعَنْ الْكَرْمَانِيِّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ كَانَ الشِّعْرُ الَّذِي يُغَنَّى بِهِ فِي مَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام فِي نَحْوِ وَصْفِ الشَّجَاعَةِ وَأَمَّا بِالْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرِ فَمَحْظُورٌ وَأَجَازَتْ الصَّحَابَةُ غِنَاءَ الْعَرَبِ الَّذِي هُوَ إنْشَادُ التَّرَنُّمِ وَأَجَازُوا الْحِدَاءَ وَفَعَلُوهُ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَيْسَ مِثْلُهُ بِحَرَامٍ فَيَجُوزُ هَذَا الْغِنَاءُ لِأَهْلِ الرِّيَاضَةِ وَالْمُجَاهَدَةِ دُونَ الْعَوَامّ بَلْ لِلْعُلَمَاءِ أَهْلِ الْقُدْرَةِ وَعَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْغِنَاءَ وَسَمَاعَهُ مَكْرُوهَانِ وَلَيْسَا بِمُحَرَّمَيْنِ إلَّا مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَحَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ كَرَاهَتُهُ وَإِبَاحَتُهُ وَوَفَّقَ بِأَنَّ الْإِبَاحَةَ فِي الْأَشْعَارِ الْمُرَغِّبَةِ فِي الْآخِرَةِ وَالْكَرَاهَةَ فِي غَيْرِهَا وَعَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ الْغِنَاءِ الْمُعْتَادِ وَعَنْ الطَّبَرِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَرَاهَتُهُ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَهْوٌ مَكْرُوهٌ يُشْبِهُ الْبَاطِلَ وَمُسْتَكْثِرُهُ سَفِيهٌ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ وَمَنْ نَسَبَ جَوَازَهُ إلَى الشَّافِعِيَّةِ كَذَبَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَتِهِ وَمَنْعِهِ وَإِنَّمَا رَخَّصَ فِي ذَلِكَ مَنْ قَلَّ عِلْمُهُ وَغَلَبَهُ هَوَاهُ انْتَهَى مُلَخَّصًا قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لَوْ فِي الْغِنَاءِ وَعْظٌ وَحِكْمَةٌ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ فِي الْعُرْسِ كَمَا جَازَ ضَرْبُ الدُّفِّ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَهُ مُطْلَقًا وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الدُّرَرِ عَنْ الْكَمَالِ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَكْرَهُهُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ اللَّهْوِ وَبِهِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَبِهِ أَخَذَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَعَلَّ الْحَقَّ فِي هَذِهِ الِاخْتِلَافَاتِ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ حُرْمَتُهُ مُطْلَقًا فَانْقَطَعَ الْخِلَافُ بَلْ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ كَبِيرَةٌ مُطْلَقًا لَوْ لِنَفْسِهِ انْتَهَى لِكَثْرَةِ قَائِلِهِ وَوَثَاقَتِهِ وَقُوَّةِ أَدِلَّتِهِ وَأَنَّ الْحَظْرَ يَرْجَحُ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالْحُرْمَةَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الِاتِّفَاقِ وَأَنَّ تَأْوِيلَ أَدِلَّةِ الْجَوَازِ أَقْرَبُ مِنْ تَأْوِيلِ أَدِلَّةِ الْمَنْعِ وَأَنَّ النَّفْيَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَقَدْ سَمِعْت أَيْضًا أَنَّ أَدْنَى دَرَجَةِ الِاخْتِلَافِ إيرَاثُ الشُّبْهَةِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبْهَةِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ وَالْحَرَامُ كُلِّيٌّ مُشْكِلٌ أَقْوَاهُ التَّغَنِّي بِالْفُحْشِيَّاتِ كَالنِّسْوَانِ وَهَجْوُ الْمُسْلِمِ لَعَلَّهُ هُوَ مَحْمَلُ الْحُرْمَةِ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ وَأَمَّا الشِّعْرُ فَقَالَ فِي أَكْمَلِ الْمَشَارِقِ مِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ مُطْلَقًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ مُطْلَقًا وَالْحَقُّ إنْ اشْتَمَلَ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ أَوَالْحَثَّ عَلَى الطَّاعَةِ وَنَحْوَهُمَا فَجَائِزٌ حَسَنٌ إنْشَادُهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَمِثْلُهُ فِي مَجْمُوعَةِ الْحَفِيدِ الْأَشْعَارُ الَّتِي يُنْشِدُهَا الْمُتَزَهِّدُونَ بِتَطْرِيبٍ وَتَلْحِينٍ وَيُزْعِجُ الْقُلُوبَ إلَى ذِكْرِ الْآخِرَةِ مُبَاحَةٌ وَإِلَّا فَحَظْرٌ

[الثَّامِنَ عَشَرَ إفْشَاءُ السِّرِّ]

(الثَّامِنَ عَشَرَ إفْشَاءُ السِّرِّ) سَوَاءٌ سِرُّ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ سِيَّمَا الْوَاقِعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَمِنْ شِعَارِ الْفَسَقَةِ وَلَهُ مَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ كَالْحِقْدِ وَالْبُغْضِ وَالْعَدَاوَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَإِيقَاظِ الْفِتْنَةِ وَفِي حَدِيثِ الْمَشَارِقِ «لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ» يَعْنِي مَعَاصِيَ ذَلِكَ السَّاتِرِ مِنْ إشَاعَتِهَا فِي الْمَوْقِفِ

ص: 221

(د عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ» أَيْ لَا يُشِيعُ حَدِيثَ جَلِيسِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى مُجَالَسَةِ أَهْلِ الْأَمَانَةِ وَتَجَنُّبِ أَهْلِ الْخِيَانَةِ وَعَنْ الْعَسْكَرِيِّ يُرِيدُ أَنَّ الرَّجُلَ يَجْلِسُ إلَى الْقَوْمِ فَيَخُوضُونَ فِي حَدِيثٍ رُبَّمَا كَانَ فِيهِ مَا يَكْرَهُونَ فَيَأْمَنُونَهُ عَلَى سِرِّهِمْ فَذَلِكَ الْحَدِيثُ كَالْأَمَانَةِ عِنْدَهُ فَمَنْ أَظْهَرَهُ فَهُوَ قَتَّاتٌ وَفَسَّرَ أَيْضًا أَيْ الْمَجَالِسَ إنَّمَا تَحْسُنُ بِالْأَمَانَةِ لِحَاضِرِيهَا عَلَى مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ «إلَّا ثَلَاثَةَ» مَجَالِسَ «سَفْكُ دَمٍ حَرَامٍ» فَيُفْشِي مَا سَمِعَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِإِهْرَاقِ دَمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَلْحَقُهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالضَّرْبِ وَالْجَرْحِ «وَفَرْجٍ حَرَامٍ» أَيْ الزِّنَا «وَاقْتِطَاعُ مَالٍ» أَيْ وَمَجْلِسٌ يُقْتَطَعُ فِيهِ مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ «بِغَيْرِ حَقٍّ» شَرْعِيٍّ مُبِيحٍ فَيَظْهَرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ أَوْ التَّلَفِ وَالْإِهْدَارِ أَوْ غَمْزِ الظَّالِمِ فَلَا يَجُوزُ لِلسَّامِعِ كَتْمُهُ قَالَ فِي الْفَيْضِ قَالَ الْقَاضِي يُرِيدُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَنْبَغِي إذَا حَضَرَ مَجْلِسًا وَوَجَدَ أَهْلَهُ عَلَى مُنْكَرٍ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِهِمْ وَلَا يُشِيعُ مَا يَرَى مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ فَسَادٌ كَبِيرٌ وَإِخْفَاؤُهُ ضَرَرٌ عَظِيمٌ فَمَنْ قَالَ فِي مَجْلِسٍ أُرِيدُ قَتْلَ فُلَانٍ أَوْ الزِّنَا بِفُلَانَةَ أَوْ أَخْذَ مَالِ فُلَانٍ فَلَا يَجُوزُ كَتْمُهُ بَلْ يَجِبُ إعْلَامُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَنْ النَّوَوِيِّ السَّتْرُ عَلَى الْمُحَرَّمِ إنَّمَا يَكُونُ مَنْدُوبًا إذَا لَمْ يَشْتَهِرْ بِالْفَسَادِ وَإِلَّا فَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَى الْوَالِي إنْ لَمْ يَخَفْ لِأَنَّ السَّتْرَ حِينَئِذٍ تَقْوِيَةٌ عَلَى فِعْلِهِ (دت عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا حَدَّثَ رَجُلٌ رَجُلًا بِحَدِيثٍ» وَكَذَا الْمَرْأَةُ إمَّا بِعُمُومِ مَجَازٍ بِمَعْنَى إنْسَانٍ أَوْ بِطَرِيقِ دَلَالَةٍ أَوْ الْحُكْمُ عَلَى الْمَتْبُوعِ حُكْمٌ عَلَى التَّابِعِ أَوْ بِمُقَايَسَةٍ «ثُمَّ الْتَفَتَ» أَيْ غَابَ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا فَظَهَرَ مِنْ حَالِهِ بِالْقَرَائِنِ أَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يُطْلِعَ عَلَى حَدِيثِهِ غَيْرَ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ «فَهُوَ أَمَانَةٌ» عِنْدَ الْمُحَدَّثِ أَوْدَعَهُ إيَّاهَا فَإِنْ حَدَّثَ بِهَا غَيْرَهُ فَقَدْ خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ حَيْثُ أَدَّى الْأَمَانَةَ إلَى غَيْرِ أَهْلِهَا فَيَكُونُ مِنْ الظَّالِمِينَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ كَتْمُهَا إذْ الْتِفَاتُهُ بِمَنْزِلَةِ اسْتِكْتَامِهِ بِالنُّطْقِ قَالُوا وَهَذَا مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ لِمَا فِي هَذَا اللَّفْظِ الْوَجِيزِ مِنْ آدَابِ الْعِشْرَةِ وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ وَكَتْمِ السِّرِّ وَحِفْظِ الْوُدِّ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ النَّمِيمَةِ بَيْنَ الْإِخْوَانِ الْمُؤَدِّيَةِ لِلشَّنَآنِ مَا لَا يَخْفَى قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَإِفْشَاءُ السِّرِّ خِيَانَةٌ وَهُوَ حَرَامٌ إذَا كَانَ فِيهِ إضْرَارٌ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إظْهَارُ الرَّجُلِ سِرَّ غَيْرِهِ أَقْبَحُ مِنْ إظْهَارِ سِرِّ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الْخِيَانَةِ وَالنَّمِيمَةِ قَالَ الرَّاغِبُ السِّرُّ ضَرْبَانِ ثُمَّ قِيلَ إنَّ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عُرْوَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

(حك) الْحَاكِمُ (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا يَتَجَالَسُ الْمُتَجَالِسَانِ بِالْأَمَانَةِ» فِيمَا يَحْدُثُ وَيُرَادُ كَتْمُهُ سَوَاءٌ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً وَذَلِكَ عِنْدَ كَرَاهَةِ إفْشَائِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَيَانُهُ فَقَوْلُهُ «لَا يَحِلُّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُفْشِيَ عَلَى صَاحِبِهِ مَا يَكْرَهُ» فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَكْرَهُهُ فَلَا بَأْسَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُسَرُّ مِنْ إفْشَائِهِ فَيَحْسُنُ مُطْلَقًا

ص: 222

(م عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «إنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ» أَشَدِّهِمْ شَرًّا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَشَرُّ بِالْأَلِفِ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ شَرٌّ فِيهِ مَعْنَى التَّفْضِيلِ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يُؤَنَّثُ وَلَا يُقَالُ أَشَرُّ إلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ وَقَالَ الْقَاضِي الرِّوَايَةُ وَقَعَتْ بِالْأَلِفِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رَدَاءَتِهِ أَقُولُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ قَبِيلِ النَّقْلِ بِالْمَعْنَى فَلَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الرَّدَاءَةِ عَلَى أَنَّهُ قَالَ السُّيُوطِيّ إنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام يَتَكَلَّمُ مَعَ الْفَصِيحِ وَالْمُوَلَّدِ وَغَيْرِهِمَا فَيَتَكَلَّمُ مَعَ كُلٍّ قُدْرَةَ فَهْمِهِ فَلَا يُحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ نَعَمْ قَالَ فِي الْفَيْضِ فِي رِوَايَةٍ أَشَرُّ بِالْأَلِفِ قَالَ عِيَاضٌ تَقُولُ النُّحَاةُ لَا يَجُوزُ أَشَرُّ وَأَخْيَرُ بَلْ خَيْرٌ وَشَرٌّ وَقَدْ جَاءَتْ اللُّغَتَانِ فِي صَحِيحِ الْأَخْبَارِ وَهُوَ حُجَّةٌ لِلْجَوَازِ فَافْهَمْهُ «عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلَى امْرَأَتِهِ» سِرًّا «وَتُفْضِي إلَيْهِ» بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْجِمَاعِ «ثُمَّ يَنْشُرُ أَحَدُهُمَا سِرَّ صَاحِبِهِ» أَيْ يَتَكَلَّمُ كُلٌّ بِمَا جَرَى بَيْنَهُمَا قَوْلًا أَوْ فِعْلًا بَيْنَ النَّاسِ قَالَ النَّوَوِيُّ تَحْرِيمُ إفْشَاءِ هَذَا السِّرِّ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ وَأَمَّا إذَا تَرَتَّبَ بِأَنْ تَدَّعِيَ الْعَجْزَ عَنْ الْجِمَاعِ أَوْ إعْرَاضَهُ عَنْهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذِكْرِهِ قَالَ الْأَحْنَفُ جَنِّبُوا مَجَالِسَكُمْ ذِكْرَ النِّسَاءِ وَالطَّعَامِ فَكَفَى بِالرَّجُلِ ذَمًّا أَنْ يَكُونَ وَاصِفًا لِفَرْجِهِ وَبَطْنِهِ فَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي حُرْمَةِ إفْشَاءِ سِرِّ زَوْجِهَا كَأَنْ تَقُولَ هُوَ سَرِيعُ الْإِنْزَالِ أَوْ كَبِيرُ الْآلَةِ ثُمَّ قِيلَ الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ وَقِيلَ مُنْكَرٌ وَقِيلَ حَسَنٌ لَا صَحِيحٌ (اعْلَمْ أَنَّ)(مَا وَقَعَ أَوْ قِيلَ) مِنْ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ (فِي مَجْلِسٍ مِمَّا يُكْرَهُ إفْشَاؤُهُ إنْ لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ)(يَلْزَمُ كِتْمَانُهُ) إذَا كَانَ فِيهِ إضْرَارُ الْغَيْرِ وَيُنْدَبُ مُؤَكَّدًا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إضْرَارٌ (وَإِنْ خَالَفَ فَإِنْ كَانَ) أَيْ مَا وَقَعَ أَوْ قِيلَ (حَقَّ اللَّهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ) كَالْغِيبَةِ وَالْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ عَلَى مَا قِيلَ (كَالْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ) قَيْدٌ لِلنَّفْيِ لَا لِلْمَنْفِيِّ يَعْنِي الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ كَالْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ضَابِطَ التَّعْزِيرِ هُوَ كُلُّ مَعْصِيَةٍ لَمْ يَتَقَدَّرْ فِيهَا حَدٌّ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَا خَالَفَ الشَّرْعَ مَعْصِيَةٌ وَكُلَّ مَعْصِيَةٍ فَفِيهَا إمَّا تَعْزِيرٌ أَوْ حَدٌّ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا خَالَفَ الشَّرْعَ وَبَيْنَ عَدَمِ وَاحِدٍ مِنْ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ (فَكَذَلِكَ) يَلْزَمُ الْكِتْمَانُ لِعَدَمِ حَقِّ الْعَبْدِ فِيهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ حَتَّى يَنْزَجِرَ بِإِجْرَائِهِ لَعَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ تَعَلُّقِ مَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَالنَّصِيحَةِ لِلْغَيْرِ لِيَتَجَنَّبَ عَنْ صُحْبَةِ مِثْلِ هَذَا الرَّجُلِ وَقَدْ وَقَعَ اُذْكُرُوا الْفَاجِرَ بِمَا فِيهِ لِيَتَحَرَّزَ النَّاسُ مِنْهُ (وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ) حُكْمٌ شَرْعِيٌّ (فَلَكَ الْخِيَارُ) بَيْنَ الْكِتْمَانِ وَالْإِعْلَامِ (وَالسَّتْرُ أَفْضَلُ) إنْ لَمْ يُفِضْ إلَى الِاعْتِيَادِ وَزِيَادَةِ الْفَضَاحَاتِ وَلَعَلَّ السَّتْرَ وَاجِبٌ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ أَوْ زِيَادَةِ الْفَسَادِ (كَالزِّنَا) عِنْدَ تَحَقُّقِ أَرْبَعَةٍ مِنْ الرِّجَالِ وَإِلَّا لَزِمَ حَدُّ الْقَذْفِ وَالتَّفْصِيلُ فِي الْفِقْهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الزِّنَا لَيْسَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فَقَطْ مُطْلَقًا فَافْهَمْ (وَشُرْبِ الْخَمْرِ) عِنْدَ اثْنَيْنِ مِنْ الرِّجَالِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ» كَمَا قِيلَ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ نَوْعُ خَفَاءٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْتَجَّ بِنَحْوِ حَدِيثِ الْجَامِعِ «مَنْ سَتَرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فِي الدُّنْيَا فِي قَبِيحِ فِعْلِهِ وَقَوْلِهِ فَلَمْ يَفْضَحْهُ بِأَنْ اطَّلَعَ مِنْهُ عَلَى مَا يَشِينُهُ فِي دِينِهِ أَوْ عِرْضِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ فَلَمْ يَهْتِكْهُ بِالتَّحَدُّثِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ لِحَاكِمٍ سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَيْ لَمْ يَفْضَحْهُ بِإِظْهَارِ عُيُوبِهِ وَذُنُوبِهِ بَلْ يُسَهِّلُ حِسَابَهُ وَيَتْرُكُ عِقَابَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَيٌّ كَرِيمٌ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ مِنْ الْحَيَاءِ وَالْكَرَمِ تَخَلُّقٌ بِخُلُقِ اللَّهِ تَعَالَى وَاَللَّهُ يُحِبُّ التَّخَلُّقَ بِأَخْلَاقِهِ وَدُعِيَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى قَوْمٍ عَلَى رِيبَةٍ فَانْطَلَقَ لِيَأْخُذَهُمْ فَتَفَرَّقُوا فَلَمْ يُدْرِكْهُمْ فَأَعْتَقَ رَقَبَةً شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا يَكُونَ جَرَى عَلَى يَدَيْهِ خِزْيُ مُسْلِمٍ وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ أَيْضًا «مَنْ سَتَرَ عَلَى مُؤْمِنٍ عَوْرَةً بَدَنًا أَوْ عِرْضًا أَوْ مَالًا حِسِّيَّةً أَوْ مَعْنَوِيَّةً فَكَأَنَّمَا أَحْيَا مَيِّتًا» هَذَا وَمِثْلُهُ إنْ لَمْ يُعْرَفْ بِأَذًى وَلَمْ يَتَجَاهَرْ بِالْفَسَادِ وَإِلَّا نُدِبَ رَفْعُهُ لِلْحَاكِمِ مَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً لِأَنَّ السَّتْرَ حِينَئِذٍ يُقَوِّيهِ عَلَى فِعْلِهِ.

(تَنْبِيهٌ) إظْهَارُ السِّرِّ كَإِظْهَارِ الْعَوْرَةِ فَكَمَا يَحْرُمُ كَشْفُهَا يَحْرُمُ إفْشَاؤُهُ وَكِتْمَانُ الْأَسْرَارِ وَقَدْ تَطَابَقَ

ص: 223