الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروت كثيرًا بالإجازة من: أَبِي بَكْر الحِيّريّ، وعليّ بْن ميلة، وأبي القاسم بْن بِشْران.
أخذ عَنْهَا: أبو بَكْر الصقلي السمنطاري [1] في سنة تسع وعشرين وأربعمائة وهي شابة.
وأكثر عَنْهَا: أبو طاهر السِّلَفيّ، وقال: مات أبو بَكْر بصقلية في سنة 464 [2] قبلها بنحو ثلاثين سنة.
قلت: وقع لنا من حديثها.
-
حرف الميم
-
140-
مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبرويْه الأسكوراني [3] .
وأسكوران [4] من ضياع إصبهان.
قَالَ السِّلَفيّ: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وأنا قَالَ: أَنَا جدي منصور بْن مُحَمَّد بْن بِهْرام، أَنَا أبو الشَّيْخ، فذكر أحاديث.
141-
مُحَمَّد بْن الحُسين بْن هرمية [5] .
أبو منصور.
بغداديّ من قدماء شيوخ شُهْدَة.
يروي عَنْ: البَرْقانيّ.
وروى عَنْه: عُمَر بْن ظفر المَغَازليّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ.
142-
مُحَمَّد بن محمد بن الحسين ابن المحدِّث عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن مجاهد [6] .
[1] في الأصل: «السميطاري» ، والتصحيح من (معجم البلدان 3/ 253) وفيه: سمنطار: قيل هي قرية في جزيرة صقلّيّة. ومنها أبو بكر عتيق السمنطاري الرجل الصالح العابد.
[2]
معجم البلدان 3/ 254، المكتبة العربية الصقلّية 113، 114.
[3]
لم أجد مصدر ترجمته.
[4]
لم يذكرها ابن السمعاني، ولا ياقوت.
[5]
لم أجد مصدر ترجمته.
[6]
انظر عن (محمد بن محمد البزدوي) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 407، 543، 585
العلّامة أبو اليسر البزدوي [1] النَّسَفيّ، شيخ الحنفيّة بما وراء النهر.
قَالَ عُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ في كتاب «القند» [2] : كَانَ إمام الأئمّة عَلَى الإطلاق، والموفود إِلَيْهِ من الآفاق. ملأ الشرق والغرب بتصانيفه في الأُصُول والفُروع.
وكان قاضي قضاة سَمَرْقَنْد. وكان يدرس في الدّار الجوزجانيّة ويُمْلي فيها الحديث.
تُوُفّي ببخارى في تاسع رجب.
قَالَ السّمعانيّ: عرف بالقاضي الصدر، ولد سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. ثنا عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، وأحمد بْن نَصْر الْبُخَارِيّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السّنجيّ، وعمر بن أبي الصّابونيّ، وأبو رجاء محمد بن محمد الخِرَقيّ [3] .
143-
مُحَمَّد بْن سابق [4] .
أبو بَكْر الصقلي [5] .
روى عَنْ: كريمة المَرْوَزِيّة بغرناطة.
وكان خبيرًا بعلم الكلام.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر، وعليّ بْن أحمد المقرئ.
مات بمصر في ربيع الأوّل.
[ () ] و 2/ 187، 287، 288، 291، والأنساب 2/ 189، وسير أعلام النبلاء 19/ 49 رقم 30، والجواهر المضيّة 2/ 116 و 270، 271، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 48، 49، وتاريخ الخلفاء للسيوطي 426، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 185، والفوائد البهية للكنوي 188، وهدية العارفين 2/ 77، وكشف الظنون 1581، ومعجم المؤلفين 11/ 210.
[1]
البزدوي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الزاي وفتح الدال المهملة وفي آخرها الواو.
هذه النسبة إلى بزدة وهي قلعة حصينة على ستة فراسخ من نسف على طريق بخارا. (الأنساب 2/ 188) .
[2]
اسمه: «القند في تاريخ سمرقند» .
[3]
وقال في (الأنساب) : أملى ببخارى الكثير، ودرّس الفقه، وكان من فحول المناظرين.
والخرقي: بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى بيع الثياب والخرق. (الأنساب 5/ 91) .
[4]
انظر عن (محمد بن سابق) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 604 رقم 1325.
[5]
في الأصل: «الصيقلي» وهو غلط.
144-
المحسن [1] .
أبو نَصْر الفرقدي [2] الأصبهاني.
وُلِد سنة عشر وأربعمائة، وسمع في كِبَرِه من: هارون بْن مُحَمَّد الكاتب صاحب الطّرّاز.
حدَّثَ عَنْهُ السِّلَفيّ، وترجمه هكذا فيها.
145-
مُحَمَّد بْن أحمد بْن الحُسين بْن الدّوانيّ [3] .
أبو طاهر الدّبّاس [4] .
شيخ بغداديّ.
حدث عن: أبي القاسم بن بشران.
روى عَنْهُ: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنماطي.
ومات في شعبان.
146-
محمد بن إبراهيم بن الحسن [5] .
الزاهد أبو بكر الرازي، الفقيه الحنفي، الرجل الصّالح.
قال ولد الزكي عبد العظيم: هو الشيخ الصالح، صاحب الكرامات الظّاهرة، والدّعوات المُجابة السّائرة.
سكن الإسكندريّة، وحدّث عن: إسحاق الحبّال الحافظ.
وتوفي بالإسكندرية سنة ثلاث وتسعين.
147-
مُحَمَّد بْن محمد بن جهير [6] .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2]
الفرقدي: بفتح الفاء والقاف بينهما الراء الساكنة وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى فرقد. (الأنساب 9/ 280) .
وفي (معجم البلدان) فرقد اسم موضع ببخارى.
وفي (لب اللباب للسيوطي 195) : فرقد: جدّ.
[3]
لم أجد مصدر ترجمته.
[4]
الدّبّاس: بفتح الدال المهملة وتشديد الباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها السين المهملة. هذه الحرفة لمن يعمل الدبس أو يبيعه. (الأنساب 5/ 267) .
[5]
لم أجد مصدر ترجمته.
[6]
انظر عن (ابن جهير الوزير) في: المنتظم 9/ 118، 119 رقم 182 (17/ 59، 60 رقم
الوزير عميد الدّولة أبو منصور ابن الوزير فخر الدّولة.
وَزَرَ في أيّام والده، وخدم ثلاثة خُلفاء، ولمّا احتضر القائم بأمر اللَّه أوصى بِهِ ولد ولده المقتدي باللَّه. وولي الوزارة للمقتدي سنة اثنتين [1] وسبعين، فبقي فيها خمس سنين، وعُزِل بالوزير أَبِي شُجاع. ثمّ عاد إلى الوزارة عند عزْل أَبِي شجاع سنة أربعٍ وثمانين، فبقي في الوزارة تسعة أعوام [2] .
وكان خيِّرًا، كافيا، مدبّرًا، شجاعًا، نبيلًا، رئيسًا، تياهًا، مُعْجَبًا، فصيحًا، مفوّها، مترسلًا، يتقعّر في كلامه، وله هَيْبة وسكون، وكلماته معدودة، وفضائله كثيرة. وللشُّعراء فيه مدائح كثيرة.
وآخر أمره أنّ الخليفة حبسه في داره بعد أن صادره وزير السّلطان
[ () ] 3704) ، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 83، والمناقب المزيدية 427، وتاريخ الفارقيّ 207، 216، 219، 224- 228، وخريدة القصر وجريدة العصر لابن العماد (قسم شعراء العراق ج 1/ 87- 93، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 2/ 949، 950، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 202، وديوان صرّدر 67، والكامل في التاريخ 10/ 298، 299، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 382، 386- 394، ووفيات الأعيان 5/ 131- 134 رقم (230) ، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 213، 214، والفخري لابن طباطبا 296، 297، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 271، والعبر 3/ 337، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 175، 176 رقم 97، والوافي بالوفيات 1/ 122 في ترجمة أبيه و 1/ 272، 273 رقم 173، والبداية والنهاية 12/ 159، والنجوم الزاهرة 5/ 165، 166، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 9، والأعلام 7/ 246.
[1]
في الأصل: «لرر» ، والمثبت عن: سير أعلام النبلاء 19/ 175.
[2]
قال الشيخ «شعيب الأرنئوط» في تحقيقه لكتاب (سير أعلام النبلاء 19/ 176 بالحاشية رقم 1) ما نصّه: «وقد نظم فيه الشاعر أبو منصور المعروف بصرّدرّ القصيدة المشهورة وأولها:
قد رجع الحق إلى نصابه
…
وأنت من دون الورى أولى به
ما كنت إلّا السيف سلّته يد
…
ثم أعادته إلى قرابه»
ثم أورد منها ثلاثة أبيات أخرى.
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : هذا خطأ، فأبو منصور المعروف بصرّدر أنشد قصيدته المذكورة في أبي نصر محمد بن جهير الملقّب فخر الدولة مؤيّد الدين الموصلي عند ما عاد إلى الوزارة في شهر صفر سنة إحدى وستين وأربعمائة، أي في والد صاحب الترجمة، وليس فيه هو. (انظر: وفيات الأعيان 5/ 129، 130) .
ومن ناحية أخرى فهو يذكر بين مصادر صاحب الترجمة كتاب «الوافي بالوفيات» 1/ 122، 123، وأقول: إن المذكور في الصفحتين المذكورتين هو فخر الدولة والد صاحب الترجمة.
أما ترجمته هو فهي مفردة في الجزء نفسه برقم (153) ص 272، 273، فليصحّح.
بركياروق، وأخذ من خمسة وعشرين ألف دينار في رمضان.
ثم أخرج من دار الخلافة، ميتا في سادس عشر شوال، وحمل إلى بيته، وغسل ودفن بتربة له، فقيل: إنه أهلك في حمام أغلق عليه.
وقيل: بل أهلك بأمراض وأوجاع مع شدة الخوف والفرق.
وكان قد اشتهر بالوفاء والعفة، وجودة الرأي، ووفور الهيبة، وكمال الرئاسة. لم يكن يعاب بأكثر من التكبر الزائد. فمن الذي كان يفرح بأن ينظر إِلَيْهِ نظرة أو يكلّمه كلمة.
قَالَ مرّة لولد الشَّيْخ أَبِي نَصْر بْن الصّبّاغ: «اشتغِلْ وتأدَّب، وإلّا كنت صبّاغًا، بغير أب» [1] .
فلمّا خرج من عنده هنَّأه من حضر بأن الوزير خاطبه بهذا.
ولمّا تغيّر المستظهر عَلَيْهِ بسعْي صاحب الدّيوان هبة اللَّه بْن المطَّلِب، وناظر الخزانة الحَسَن بْن عَبْد الواحد بْن الحصين، وصاحب ديوان الإنشاء ابن الموصلايا إلى المستظهر- وكانوا قد خافوا منه- فخرج المرسوم بحِفْظ باب العامة لأجله، فأمر زوجته بالخروج إلى الحِلّة، وهيّأ لنفسه صُنْدُوقًا يدخل فيه، ويكون من جملة صناديق زوجته، فلمّا قعد فيه أسرع الخروج منه وقال: لا يتحدّث النّاس عنّي بمثل هذا.
وكان خواصّ الخليفة أيضًا قد ملّوه وسئموه، فأُخِذ وحُبِس.
قَالَ ابن الحُصَيْن المذكور: وجدتُ عميد الدّولة قد استحال في محبسه،
[1] خريدة القصر ج 1/ 92، 93 في فصل عن عميد الدولة ذكره الهمذاني في تاريخه، فقال:
«انتشر عنه الوقار والهيبة والعفّة وجودة الرأي، وخدم ثلاثة من الخلفاء، ووزر لاثنين منهم.
وكان عليه رسوم كثيرة وصلات جمّة مع استزادة الناس له. وكان نظام الملك يصفه دائما بالأوصاف العظيمة، ويشاهده بعين الكافي الشهم، ويأخذ رأيه في أهمّ الأمور، ويقدّمه على الكفاة والصدور. ولم يكن يعاب بأشدّ من الكبر الزائد، وأنّ كلماته كانت محفوظة مع ضنّه بها. ومن كلّمه بكلمة قامت عنده مقام بلوغ الأمل» ، ثم ذكر قوله لابن الصبّاغ، وفيه:«اشتغل وادأب» ، وكذا في: الوافي بالوفيات 1/ 272، والمنتظم 17/ 60 والمثبت يتفق مع (وفيات الأعيان 5/ 132) .
واشتدّ إشفاقه، جعل يخاطبني ويقول: يا روحي ويا قُرّة عيني، وأنشد لي في عَرْض حديثه. ثمّ قَالَ: نازلت الحصون وشهدت الوقائع والحروب فاستهنت بحظّنا، وقد قنطت من النّجاة، ولا أعرفها إلّا منك. وأريد المُقام في مُقامٍ آمر فيه بسفارتك، فقد غرقت بالمصيبة.
فوعدته بأنّني أستعطف الخليفة، وخرجت، وجلست [أكتب][1] ما أُرَقّق بِهِ قلب الخليفة عَلَيْهِ. فدخل عليَّ أبو نَصْر بْن الموصلايا، فجذب الورقة منّي، وقال: لَئن خرج، فما يبعد هلاكنا بتوصُّلِه، لأنّه يعلم أنّ القبض عَلَيْهِ كَانَ من جانبك.
فترك ابن الحُصَيْن الكتابة.
وقال ابن الحُصَيْن: آخر ما سُمع منه التَّشهُّدُ والرجوع إلى اللَّه.
وكان المستظهر باللَّه قد أقطع عميد الدّولة إقطاعًا بثلاثين ألف دينار، فعمَّره، فقال الّذين تكلّموا فيه للخليفة: إنّه قد أخرب نواحيك وعمَّر نواحيه، وأنّه وأنّه.. فقنص عَلَيْهِ.
وكان مولده في أوّل سنة خمسٍ وثلاثين. وقدِم بغدادَ مَعَ أَبِيهِ وله عشرون سنة، فسمع الحديث في الكهولة من: أَبِي نَصْر النَّرْسيّ، وعاصم بْن الحَسَن، وأبي إِسْحَاق الشِّيرازيّ، وأبي القاسم البُسْريّ.
سمع منه: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن عمر البخاريّ المعروف بِكَاك، وقاضي القُضاة أبو القاسم عليّ بْن الحُسين الزَّيْنَبيّ، وغيرهم.
وقد شكى إِلَيْهِ الحرّاس بأمر أرزاقهم، فكتب عَلَى رقعتهم: من باع حطبًا [2] بقُوت يومه فسَبيله أنّ يُوَفَّى، وهؤلاء قوم ضُعفاء.
وقال قاضي القُضاة أبو الحَسَن عليّ بْن الدّامغانيّ: كنّا بحضرة عميد الدّولة، فسقط من السَّقْف حيَّة عظيمة، واضطّربت بين يديه، فبعدنا، واستحالت ألوانُنا، سواه، فإنه جلس موضعه حتّى قتلها الفرّاشون.
[1] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[2]
في الأصل: «باع حطب» .
ومن شِعر عميد الدولة.
إلى مَتَى أنت في حِلٍّ وتَرْحال
…
تبغي العُلَى والمعالي مَهْرُها غَالي؟ [1]
يا طالبَ المجدِ، دونَ المجدِ مَلْحَمةٌ [2]
…
في طَيِّها خَطَرٌ بالنّفسِ والمالِ
وللّيالي صُرُوفٌ قلّ ما انْجَذَبَتْ
…
إلى مُرادها في سعي ولا مال [3]
[1] في الخريدة: «غال» ، والمثبت يتفق مع (الفخري) .
[2]
في الأصل: «ملجمة» .
[3]
في الخريدة ورد هذا الشطر هكذا:
والأبيات في: خريدة القصر 1/ 91، والفخري 297.
وقال ابن العماد: كان ذا شهامة وصرامة، وحصافة وفصاحة، وحماسة وسماحة. له من الوقار والهيبة ما لم يعرف في غير الطود الأشمّ، والبحر الخضمّ. ورد مع فخر الدولة أبيه بغداد في أيام القائم بأمر الله سنة أربع وخمسين، وولي أبوه الوزارة، وكان بميّافارقين يخدم بني مروان، ثم كاتب أمير المؤمنين وبذل بذولا، وأخرج إليه نقيب النقباء طراد الزينبي، فقرّر معه ما أراد تقريره. ثم خرج معه كأنه مودّع له، وتمّ إلى بغداد، وتولّى وزارة القائم، وبقي فيها إلى آخر عهد القائم، ومعه ولداه أبو منصور، وأبو القاسم زعيم الرؤساء. فلقّب هذا عميد الدولة. وكان ينوب عن والده. فلما عزل أبوه في أيام المقتدي بعد ما وزر له سنين سنة إحدى وسبعين، خرج عميد الدولة إلى نظام الملك واسترضاه، وعاد إلى بغداد وتولّى الوزارة مكان أبيه.
وخرج أبوه عن السلطان ملك شاه لفتح ديار بكر ومحاربة ابن مروان في ميافارقين، وكان فتحها على يده. وبقي في وزارة المقتدي إلى أن عزل، وتولّى الوزير أبو شجاع، ثم وزر للمقتدي باللَّه بعد عزل أبي شجاع ثانيا، ووزر بعد وفاته للمستظهر باللَّه، وعزل مرة وأعيد إلى الوزارة، وعزل في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وعاش بعد ذلك.
وله مقطّعات حسنة، فمنها له، وأورده السمعاني في الذيل:
يقول صديق باللسان مخاتر
…
كما قيل في الأمثال عنقاء مغرب
فأمّا إذا ما رمت شخصا معيّنا
…
من الناس موجودا، فذلك متعب
(الخريدة ج 1/ 870- 91) و «مخاتر: مخادع» .
وقال ابن طباطبا:
كان القائم والمقتدي يرسلانه في رسائل إلى السلاطين فتنجح على يده. وكان فاضلا حصيفا، فاستحلاه نظام الملك وزير السلطان، وكان يعجب منه ويقول: وددت أني ولدت مثله. ثم زوّجه ابنته. واستوزره المقتدي وفوّض الأمور إليه. ثم عزله فشفع له نظام الملك فأعيد إلى الوزارة. فقال ابن الهبّارية الشاعر يهجو عميد الدولة:
لولا صفيّة ما استوزرت ثانية
…
فاشكر حرّا صرت مولانا الوزير به
صفيّة بنت نظام الملك الوزير التي تزوّجها عميد الدولة.
ثم وقع بين عميد الدولة وبين سلاطين العجم وقعة فطلبوا من الخليفة، ثم أخرج ميتا فدفن،
_________
[ () ] وكان يقول الشعر. (الفخري) .
وفي (وفيات الأعيان 5/ 132) :
وكان نظام الملك الوزير قد زوّجه زبيدة ابنته، وكان قد عزل عن الوزارة ثم أعيد إليها بسبب المصاهرة، وفي ذلك يقول الشريف أبو يعلى ابن الهبّارية:
قل للوزير ولا تفزعك هيبته
…
وإن تعاظم واستولى لمنصبه
لولا ابنة الشيخ ما استوزرت ثانية
…
فاشكر حرّا صرت مولانا الوزير به
ووجدت بخط أسامة بن منقذ: أن السابق بن أبي مهزول الشاعر المعرّي قال: دخلت العراق واجتمعت بابن الهبّارية، فقال لي في بعض الأيام: امض بنا لنخدم الوزير ابن جهير، وكان قد عزل ثم استوزر، قال السابق: فدخلت معه حتى وقفنا بين يدي الوزير، فدفع إليه رقعة صغيرة، فلما قرأها تغير وجهه ورأيت فيه الشرّ، وخرجنا من مجلسه فقلت: ما كان في الرقعة؟
فقال: خير، الساعة تضرب رقبتي ورقبتك. فأشفقت وقلقت، وقلت: أنا رجل غريب صحبتك هذه الأيام، وسعيت في هلاكي، فقال: كان ما كان. فقصدنا باب الدار لنخرج فردّنا البوّاب، فقال: أمرت بمنعكما، فقال السابق: أنا رجل غريب من أهل الشام ما يعرفني الوزير، وإنما القصد هذا، فقال البوّاب: لا تطوّل، فما إلى خروجك من سبيل، فأيقنت بالهلاك، فلما خفّ الناس من الدار خرج إليه غلام معه قرطاس فيه خمسون دينارا وقال: قد شكرنا فاشكر، فانصرفنا، ودفع لي عشرة دنانير منها، فقلت: ما كان في الرقعة؟ فأنشدني البيتين المذكورين، فآليت أن لا أصحبه بعدها.
ولعميد الدولة شعر ذكره في «الخريدة» ولكنه غير مرضيّ. وذكره ابن السمعاني في كتاب «الذيل» ، ومدحه خلق كثير من شعراء عصره، وفيه يقول صرّدر المذكور قصيدته العينية المشهورة التي أولها:
قد بان عذرك والخليط مودّع
…
وحوى النفوس مع الهوادج يرفع
لك حيثما سمت الركائب لفتة
…
أترى البدور بكل واد تطلع
في الظاعنين من الحمى ظبي له
…
الأحشاء ومرعى والمآقي مكرع
ممنوع أطراف الجمال رقيبه
…
حذرا عليه من اليون البرقع
عهد الحبائل صائدات شبهه
…
فارتاع، فهو لكل حبل يقطع
لم يدر حامي سربه أنّي إذا
…
حرم الكلام له لساني الأصبع
وإذا الطيوف إلى المضاجع أرسلت
…
بتحية منه، فعينيّ تسمع
وعزل عميد الدولة المذكور عن الوزارة وحبس وقيّد في شهر رمضان المعظم سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، وتوفي في شوال من السنة.
وإليه كتب أبو الكرم ابن العلّاف الشاعر قوله:
ولولا مدائحنا لم تبن
…
فعال المسيء من المحسن
فهبك احتجبت عن الناظرين
…
فهلّا احتجبت عن الألسن
وتوفيت زوجته بنت نظام الملك المذكور في شعبان سنة سبعين وأربعمائة، وكان تزوّجها في سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتوفي سنة ثلاث وتسعين في حصن مقابل لتلّ بها.
148-
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد [1] .
أبو طَالِب بْن الصّبّاغ الأَزَجيّ [2] ، أخو الْإِمَام أبو نصر مصنّف «الشّامل» .
[ () ] وجهير: بفتح الجيم وكسر الهاء وسكون الياء المثنّاة من تحتها وبعدها راء. وقال السمعاني:
بضم الجيم، وهو غلط. يقال: رجل جهير بيّن الجهارة، أي ذو منظر، ويقال أيضا: جهير الصوت بمعنى جهوريّ الصوت. والله تعالى أعلم بالصواب. (وفيات الأعيان 5/ 132- 134) .
وقال الصفدي:
وله ترسّل حسن، وتواقيع وجيزة، وله شعر أيضا، وكانت له رياسة وسياسة، وهو من الوزراء الممدّحين.
قال العماد الكاتب: مدحه عشرة آلاف شاعر، ويقال إنه مدح بمائة ألف بيت شعر، ومن شعرائه مسعود بن العلاء المعروف بابن الخبّاز. ومن مدحه فيه من جملة قصيدة:
مجرّب الرأي يقظان البصيرة هجّام
…
العزيمة قوّام البراهين
يريك في الدّست أطرافا وهيبته
…
من الصعيد إلى أقطار جيحون
للحمد سوق لديه غير كاسدة
…
وللمدايح أجر غير ممنون
وآخر أمره آل إلى أن حبسه الخليفة المستظهر في داره واستصفى أمواله وأموال من يلوذ به من العمّال والنوّاب، وأخرج ميتا في شوال سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وحمل إلى داره فغسّل فيها ودفن بالتربة الّتي استجدّها في قراح ابن رزين، ومنع أصحاب الديون التي عليه من دفنه في التربة وقالوا: هذه ملكه ولم يصحّ وقفها، ثم عجزوا عن إبطال ذلك.
وقيل إن المستظهر أدخل عميد الدولة ابن جهير حمّاما وسمّر عليه الباب إلى أن مات فيه، وأخرج للشهود ليشهدوا أنه ليس فيه أثر قتل، ليقال إنه مات حتف أنفه، ودخل في جملة الشهود أخوه الكافي، فصاح: يا أخي يا با منصور، قتلوك. وجعل يردّدها دفعات، فقيل: إن خمسمائة خادم خلعوا مداساتهم وخفافهم وصفعوه بها، فوقع ميّتا، ولم يسمع بمن مات هذه الميتة.
(الوافي بالوفيات 1/ 272، 273) .
وقال ابن الجوزي:
كان حسن التدبير، كافيا في مهمّات الخطوب، كثير الحلم، لم يعرف أنه عجل على أحد بمكروه، وقرأ الأحاديث على المشايخ، وكان كثير الصدقات، يجيز العلماء، ويثابر على صلاتهم. ولما احتضر القائم أوصى المقتدي بابن جهير، وخصّه بالذكر الجميل، فقال: يا بنيّ، قد استوزرت ابن المسلمة، وابن دارست، وغيرهما، فما رأيت مثل ابن جهير.
(المنتظم) .
وقال ابن الأثير إن عميد الدولة حين عزل أخذ من ماله خمسة وعشرون ألف دينار، وقبض عليه وعلى إخوته.. وكان عاملا، كريما، حليما، إلا أنه كان عظيم الكبر، يكاد يعدّ كلامه عدّا، وكان إذا كلّم إنسانا كلمات يسير هنّئ ذلك الرجل بكلامه.
[1]
لم أجد مصدر ترجمته.
[2]
في الأصل: «الأرجي» بالراء المهملة. وهو كما أثبتناه بالزاي المعجمة المفتوحة. نسبة إلى
سمع: أبا القاسم بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ.
149-
مُحَمَّد بْن مأمون بْن عليّ [1] .
أبو بَكْر الأَبِيوَرْديّ المتولّي [2] .
سمع بنَيْسابور: أبا بَكْر الحِيّريّ.
روى عَنْهُ: زاهر الشّحّاميّ، وابنه، وخيّاط الصّوف، وغيرهم.
وقيل: سنة أربع [3] .
150-
مُحَمَّد بْن المسلَّم بْن الحَسَن بْن هلال [4] .
أبو طاهر الْأَزْدِيّ الدّمشقيّ المعدّل.
سمع من: جَدّه لأمّه أَبِي [5] القاسم بْن أَبِي العلاء المصِّيصيّ، وغيره.
ومات كَهْلًا [6] .
روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الحُسين الدّارانيّ.
151-
المختار بْن مَعْبَد [7] .
أبو غالب الكاتب.
سمع: الجوهريّ، ومُحَمَّد بْن أحمد النَّرْسيّ، وطائفة.
روى عَنْهُ: أبو البركات، والسّقطيّ.
[ () ] باب الأزج، وهي محلّة كبيرة ببغداد.
[1]
انظر عن (محمد بن مأمون) في: المنتخب من السياق 66 رقم 136، وستعاد ترجمته في المتوفين سنة 494 هـ.
[2]
أي متولّي مدرسة البيهقي، كما في (المنتخب) برقم (196) .
[3]
قال عبد الغافر: مستور، من أبناء أهل الورع، سمع من أصحاب الأصمّ.
غسّلته امرأته ودفن ليلا بشاهنبر مخافة الظَّلَمة والأعوان، وكان في زمان الغلاء والتشويش.
[4]
انظر عن (محمد بن المسلم) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 226 رقم 262 وفيه:
«بلال» بدل «هلال» .
[5]
في الأصل: «أبو» وهو غلط.
[6]
حدّث سنة 491 عن أبي القاسم علي بن محمد بن يحيى السلمي. وولد سنة 448 هـ.
[7]
وردت ترجمته في الأصل بعد ترجمة «عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن أَبِي منصور الطبسي» التي تقدّمت برقم (125) ، فأخّرتها إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.