الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
591-
فضل اللَّه بْن المعمَّر بْن أَبِي شكر [1] .
أبو سعيد الأصبهانيّ، الجوهريّ. نزيل بغداد.
كَانَ يسكن المُعِيديَّة.
سَمِعَ: رزق اللَّه التّميميّ، والقاسم الثّقفيّ الرئيس.
وكان يعمل في ديوان الخاتون.
قَالَ ابن السّمعانيّ: كتبت عَنْهُ.
وتُوُفّي في شوّال.
روى عَنْهُ: عبد الرحيم.
-
حرف الميم
-
592-
محمد بْن إسماعيل بْن سعيد بْن عليّ [2] .
أبو منصور اليَعْقُوبيّ، البُوسَنْجيّ، الواعظ، الصُّوفيّ.
سكن هَرَاة، ووعظ بها. وكان لَهُ أتباع من الصُّوفيَّة يُنفق عليهم من الفُتُوح.
قَالَ ابن السّمعانيّ: غير أنّ النّاس يُسِيئون الثّناء عَلَيْهِ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وعبد الرحمن بْن محمد بْن عفيف كلار.
وتُوُفّي بقرية نابر [3] في سلْخ رجب.
قلت: روى عَنْهُ: هُوَ [4] ، وابنه عبد الرحيم.
593-
محمد بْن الحَسَن بْن محمد [5] .
أبو عبد الله البَلَديّ، البَنْجَدِيهيّ [6] ، الصُّوفيّ.
سَمِعَ: أبا سعيد البغويّ، الدّبّاس.
[1] لم أجده.
[2]
انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: التحبير 2/ 91، 92 رقم 698، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 204.
[3]
في التحبير: «نابر من نواحي ماراباذ» .
[4]
وقال: سمعت منه جزءا واحدا، من حديث علي بن الجعد.
[5]
انظر عن (محمد بن الحسن) في: التحبير 2/ 109، 110 رقم 722.
[6]
تفدّم التعريف بهذه النسبة. وانظر: معجم البلدان 1/ 498.
ومات في عَشْر الثّمانين.
أخذ عَنْهُ: السّمعانيّ أبو سعد [1] .
594-
محمد بْن عبد الباقي بْن محمد بْن فِرْطاس [2] .
أبو سعد البغداديّ، البيِّع، المقرئ.
قرأ القراءات، وطلب الحديث، وسمع بنفسه من: ابن بَيَان، وابن نَبْهان، وأُبَيّ النَّرْسِيّ، وأبي سعد بْن الطُّيُوريّ، وطائفة.
ولم يزل يسمع إلى آخر شيء.
روى عَنْهُ: ابن الأخضر، وغيره.
وما في رجب سنة خمسين، وله ستٌّ وستّون سنة، رحمه الله.
595-
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد [3] .
أَبُو عَبْد اللَّه النَّحْويّ، الحليّ، ويُعرف بابن حُمَيْدَة.
نحْويّ، بارع، حاذق بالفَنّ، بصير باللّغة، شاعر. لَهُ «شرح أبيات الْجُمَل» ، وكتاب «شرح اللُّمَع» ، وكتاب في التّصريف، وكتاب «شرح المقامات» ، إلى غير ذَلكَ.
قرأ عَلَى أَبِي محمد بْن الخشّاب.
وتُوُفّي شابّا فيما أظنّ.
596-
محمد بْن عليّ بْن الحسن [4] .
أبو المظفَّر بن الشّهرزوريّ، الفرضيّ.
[1] وقال: شيخ صالح، متميّز، راغب في الخير وأهله.. كتبت عنه بمرو، وكان ولادته قبل سنة ثمانين وأربعمائة بسنين.
[2]
لم أجده.
[3]
انظر عن (محمد بن علي الحلّي) في: معجم الأدباء 18/ 252، 253، والوافي بالوفيات 4/ 153، 154، وبغية الوعاة 1/ 33، 34، وكشف الظنون 604، 931، 1388، 1435، 1563، 1788، وهدية العارفين 2/ 92، وروضات الجنات 188، ومعجم المؤلفين 10/ 303.
[4]
انظر عن (محمد بن علي بن الحسن) في: المنتظم 10/ 163 رقم 253 (18/ 104 رقم 4202) .
من شيوخ بغداد، وُلِد سنة تسعٍ وسبعين وأربعمائة.
سَمِعَ: ابن طلْحة النِّعَاليّ، وأبا الفضل بْن خَيْرُون، وغيرهما.
قَالَ ابن السّمعانيّ: شيخ، ديِّن، خيِّر، ثقة، لَهُ معرفة تامَّة بالفرائض، والحساب، انفرد بذلك في وقته.
وكان يسكن درب نُصَيْر، وله دُكّان بالرَّيْحَانيّين يبيع فيها العِطْر، ويعلّم النّاسَ الفَرَائض والحساب. وخرج إلى المَوْصِل لِدَيْنٍ رَكِبَهُ، وبقي بها مدَّة، وخرج إلى أَذَرْبَيْجان، ومات بها.
كتبتُ عَنْهُ.
وتُوُفّي بمدينة خِلاط في رجب.
قلت: روى عَنْهُ: يوسف بْن كامل، والقاضي يوسف بْن إسماعيل اللّمغانيّ.
597-
مُحَمَّد بْن عَلِيِّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السلام [1] .
أبو الفَتْح بْن أَبِي الحَسَن البغداديّ، الكاتب.
من بيت رئاسة ورواية. وولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وسمّعه أَبُوهُ من: رزق التّميميّ، وأبي الفضل بْن خَيْرُون، وأبي عبد الله الحُمَيْديّ، وابن طلْحة النِّعَاليّ، وطِراد، ونصر بْن البَطِر.
وخرَّج لَهُ أَبُوهُ مشيخة. وحدَّث.
تُوُفّي في سلْخ صفر.
قلت: روى عَنْهُ: عُمَر بْن طَبَرَزْد، وابن الأخضر، وجماعة آخرهم حفيده الفتح بْن عبد الله بْن عبد السّلام.
وَأَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوهيّ، عَن الفتح، عَنْهُ بالجزء الأوّل من حديث سعدان بْن نصر، وكان صَدُوقًا.
598-
محمد بْن ناصر بْن مُحَمَّد بْن علي بْن عُمَر [2] .
[1] انظر عن (محمد بن علي بن هبة الله) في: الإعلام بوفيات الأعلام 226، والعبر 4/ 140، وسير أعلام النبلاء 20/ 271، مذكور دون ترجمة) ، وشذرات الذهب 4/ 155.
[2]
انظر عن (محمد بن ناصر) في: الأنساب 7/ 209، والمنتظم 10/ 162، 163 رقم 252
الحافظ، أبو الفضل السُّلاميّ.
تُوُفّي أَبُوهُ شابا، ومحمد صغير، فكفله [1] جدُّه لأنّه أبو حكيم الخَبْرِيّ [2] ، وسمّعه شيئا يسيرا، وحفّظه القرآن.
وكان مولده ليلة نصف شعبان سنة سبْعٍ وستّين وأربعمائة.
سَمِعَ: أبا القاسم بْن البُسْريّ، وأبا طاهر محمد بْن أحمد بْن أَبِي المظفَّر، وعاصم بْن الحسين، ومالكا البانياسيّ، وأبا الغنائم بْن أَبِي عثمان، ورزق اللَّه التّميميّ، وطِراد بْن محمد الزَّيْنَبيّ، وأبا عبد الله بْن طَلْحَةَ، وابن البَطِر، وخلقًا مِن أصحاب أَبِي عليّ بْن شاذان ومن بعدهم، وخلْقًا من أصحاب ابن غَيْلان، والجوهريّ.
وعُنِي بطلب الحديث أتمّ عناية، لكنّه لم يرحل.
وتفقّه عَلَى مذهب الشّافعيّ، وقرأ الأدب واللّغة عَلَى أَبِي زكريّا التّبْرِيزيّ.
ولازم أبا الحسين بْن الطُّيُوريّ فأكثر عَنْهُ، ثمّ خالَطَ الحنابلة ومالَ إليهم.
وانتقل إلى مذهب أحمد لمنامٍ رآه.
قَالَ تلميذه أبو الفَرَج بْن الجوزيّ [3] : كَانَ حافظا، ضابطا، ثقة، متفنّنا [4] ،
[ () ](18/ 103، 104 رقم 4201) ، ومناقب الإمام أحمد 530، 531، واللباب 2/ 161، ووفيات الأعيان 4/ 293، 294، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 225، 226، والمعين في طبقات المحدّثين 164 رقم 1771، والإعلام بوفيات الأعلام 226، ودول الإسلام 2/ 67، وتذكرة الحفاظ 4/ 1292، وسير أعلام النبلاء 20/ 265- 271 رقم 180، والعبر 4/ 140، وتذكرة الحفاظ 4/ 1289- 1293، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 38- 40 رقم 30، والبداية والنهاية 12/ 233، ومرآة الجنان 3/ 296 و 297 (وقد ذكر مرتين) ، وعيون التواريخ 12/ 488، 489، والذيل على طبقات الحنابلة 1/ 225- 229 رقم 113، والنجوم الزاهرة 5/ 320، وتاريخ الخلفاء 442، وكشف الظنون 163، وشذرات الذهب 4/ 155، 156، وهدية العارفين 2/ 92، وإيضاح المكنون 2/ 560، والرسالة المستطرفة 160، والأعلام 7/ 343، ومعجم المؤلفين 12/ 72.
[1]
في الأصل: «فكلفه» ، وهو غلط.
[2]
الخبري: بفتح الخاء المعجمة وسكون الباء الموحّدة وفي آخرها الراء المهملة، هذه النسبة إلى خبر، وهي قرية بنواحي شيراز من فارس. (الأنساب) وهو: عبد الله بن إبراهيم الخبري الشافعيّ الإمام الفرضيّ. توفي سنة 476 هـ. وقيل في غيرها. وقد تقدّم. «وأقول» : ضبطه محقّقا (سير أعلام النبلاء 20/ 265) بضم الخاء. وهو غلط.
[3]
في المنتظم 10/ 163 (18/ 103) .
[4]
في المنتظم: «متقنا» .
من أهل السُّنَّة، لا مَغْمَزَ فيه. وهو الَّذِي تولّى تسميعي الحديث. فسمعت بقراءته «المُسْنَد» للإمام أحمد، وغيره من الكُتُب الكبار والأجزاء.
وكان يُثَبّت لي ما أسمع، وعنه أخذت عِلْم الحديث. وكان كثير الذِّكر، سريع البكاء.
ذكره ابن السّمعانيّ في «المُذَيَّل» فقال: كَانَ يحبّ أن يقع في النّاس [1] .
قَالَ ابن الْجَوْزيّ [2] : وهذا قبيحٌ من أَبِي سعد، فإنّ صاحب الحديث ما يزال يجرّح ويعدّل. فإذا قال قائل: إن هذا وقوع في الناس دلّ عَلَى أنّه لَيْسَ بمحدِّث، ولا يعرف الجرح من الغيبة. و «مذيّل» ابن السّمعانيّ ما سمّاه إلّا ابن ناصر، ولا دلّه عَلَى أحوال الشّيوخ أحدٌ مثل ابن ناصر، وقد احتجّ بكلامه في أكثر التّراجم، فكيف عوَّل عَلَيْهِ في الْجَرْح والتّعديل، ثمّ طعن فيه؟ ولكنّ هذا منسوبٌ إلى تعصُّبُ ابن السّمعانيّ عَلَى أصحاب أحمد. ومن طالَعَ كتابه رَأَى تعصُّبه البارد وسوء قَصْده. ولا جَرَم لم يُمتّع بما سمِع، ولا بلغ رُتْبة الرواية [3] .
انتهى كلام ابن الجوزيّ.
قلت: يا أبا الفَرَج، لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتأتيَ مثلَه. فإنّه عليك في هذا الفصل مؤاخذات عديدة، منها أنّ أبا سعد لم يقُلْ شيئا في تجريحه وتعديله، وإنّما قَال: إنّه يتكلّم في أعراض النّاس. ومن جرّح وعدّل لم يسمّ في عرف أهل الحديث أنّه يتكلَّم في أعراض النّاس، بل قَالَ ما يجب عَلَيْهِ، والرجل فقد قَالَ في ابن ناصر عبارتك بعينك الّتي سَرَقْتَها منه وصَبَغْتَه بها. بل وعامَّة ما في كتابك «المنتظم» من سنة نيّف وستّين وأربعمائة إلى وقتنا هذا مِن التّراجم، إنّما أَخَذْتَهُ من «ذيل» الرجل، ثمّ أنت تتَفَاجَمُ عَلَيْهِ وتتفاحج.
ومَن نظر في كلام ابن ناصر في الجرح والتعديل أيضا عرف عترسته
[1] المنتظم.
[2]
في المنتظم.
[3]
وزاد ابن الجوزي: «بل أخذ من قبل أن يبلغ إلى مراده، ونعوذ باللَّه من سوء القصد والتعصب» .
وتعسُّفَه في بعض الأوقات.
ثمّ تَقُولُ: فإذا قال قائل إن هذا وقوع في الناس دلّ عَلَى أنّه لَيْسَ بمحدِّث، ولا يعرف الجرح من الغَيْبة، فالرجل قَالَ قوله، وما تعرّض لا إلى جرحٍ ولا غَيْبة حتّى تُلْزِمَه شيئا [1] ما قاله. وقد علِم الصالِحُون بالحديث أنّه أعلم منك بالحديث، والطُّرق، والرجال، والتّاريخ، وما أنت وهو بسواء. وأين من أضنى عُمره في الرحلة والفنّ خاصَّة وسمع من أربعة آلاف شيخ، ودخل الشّام، والحجاز، والعراق، والجبال، وخُراسان، وما وراء النّهر، وسمع في أكثر من مائة مدينة، وصنَّف التّصانيف الكثيرة، إلى من لم يسمع إلّا ببغداد، ولا روى إلّا عَنْ بضعةٍ وثمانين نفْسًا؟! فأنت لا ينبغي أن يُطْلَق عليك اسمُ الحِفْظ باعتبار اصطلاحنا، بل باعتبار أنّك ذو قوَّةٍ حافِظَة، وعلْمٍ واسع، وفنون كثيرة، واطّلاعٍ عظيم. فغفر اللَّه لنا ولك.
ثمّ تنسبه إلى التّعصُب عَلَى الحنابلة، وإلى سوء القَصْد، وهذا- والله- ما ظَهَر لي من أَبِي سعد، بل، والله، عقيدتُهُ في السُّنَّة أحسن من عقيدتك، فإنّك يوما أشْعَرِيّ، ويوما، حنبليّ، وتصانيفك تُنْبئ بذلك. فما رأينا الحنابلة راضين بعقيدتك، ولا الشّافعية، وقد رأيناك أخرجت عدَّة أحاديث في الموضوعات، ثمّ في مواضع أخر تحتجّ بها وتحسّنها. فخلنا مساكتة [2] .
قَالَ أبو سعد، وذكر ابن ناصر: كَانَ يسكن درب الشّاكريَّة، حافظ، ديِّن، ثقة، متقِن، ثَبْت، لُغَوِيّ، عارف بالمُتُون والأسانيد، كثير الصّلاة والتّلاوة، غير أنّه يحبّ أن يقع في النّاس. كَانَ يطالع هذا الكتاب، ويُخشى عَلَيْهِ ما يقع لَهُ من مَثَالبهم، والله يغفر لَهُ. وهو صحيح القراءة والنَّقْل. وأوّل سماعه من أَبِي الصَّقْر، وذلك في سنة ثلاثٍ وسبعين.
وقال أبو عبد الله بْن النّجّار: كانت لابن ناصر إجازات قديمة من جماعةٍ، كأبي الحسين بْن النَّقُّور، وابن هَزَارمَرْد الصَّرِيفِينيّ، والأمير ابن ماكولا الحافظ، وغيرهم. أخذها لَهُ ابن ماكولا في رحلته إلى البلاد.
[1] في الأصل: «شيء» .
[2]
انظر ما قاله المؤلّف الذهبي- رحمه الله في: سير أعلام النبلاء 20/ 268.
قلت: وقرأت بخطّ الحافظ الضّياء: أجاز لأبي الفضل بْن ناصر: أبو نصر ابن ماكولا، وأبو القاسم عليّ بْن عبد الرحمن بْن عُلَيَّك في سنة ثمان وستّين وأربعمائة، ومحمد بْن عُبَيْد اللَّه الصّرّام، وأبو صالح أحمد بْن عبد الملك المؤذّن، وفاطمة بِنْت أَبِي عليّ الدّقّاق، والفضل بْن عبد الله بْن المُحِبّ، وعبد الحميد بْن عبد الرحمن البَحِيريّ، وأحمد بْن عليّ بْن خَلَف الشّيرازيّ.
قلت: ولعلّه تفرّد بالإجازة عَنْ بعض هَؤُلّاءِ.
وقال ابن النّجّار: كَانَ ثقة، ثَبْتًا، حَسَن الطّريقة، متديّنا، فقيرا، متعفّفا، نظيفا، نَزِهًا. وَقَفَ كُتُبَه، وخَلَّف ثيابه وثلاثة دنانير. وكانت ثيابه. [خِلَقًا مغسولة][1] . ولم يُعْقِب. وسمعت مشايخنا ابن الْجَوْزيّ، وابن سُكَيْنَة، وابن الأخضر يُكْثِرون الثّناء عَلَيْهِ، ويصِفُونَه بالحِفْظ، والإتقان، والدّيانة، والمحافظة عَلَى السُّنَن، والنوافل.
وسمعت جماعة من شيوخي يذكرون أنّ ابن ناصر، وأبا منصور ابن الجواليقيّ كانا [2] يقرءان الأدب على أبي زكريّا التّبريزيّ، ويسمعان الحديث، فكان النّاس يقولون: تخرَّج ابن ناصر لُغَوِيَّ بغداد، وابنُ الْجَوَاليقيّ مُحَدِّثَها، فانعكس الأمر.
قلت: قد كَانَ ابن ناصر مُبَرزًا في اللّغة أيضا.
وقال ابن النّجّار: قرأت بخطّ ابن ناصر، وأخبرنيه يحيى بْن الحسين عَنْهُ سماعا من لفظه قَالَ: بقيت سِنين لا أدخل مسجد الشّيخ أَبِي منصور، يعني الخيّاط المقرئ، واشتغلت بالأدب عَلَى أَبِي زكريّا التّبْرِيزيّ، فجئت في بعض الأيّام لأقرأ عَلَى أَبِي منصور الحديث، فقال: يا بُنيّ، تركت قراءة القرآن، واشتغلت بغيره، عُدْ إلينا لتقرأ عليَّ، ويكون لك إسْناد، ففعلت وعُدْت إلى المسجد، وذلك في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وكنت أقرأ عَلَيْهِ، وأسمع منه الحديث. وكنت أقول في أكثر وقتي: اللَّهمّ بَيِّن لي أيَّ المذاهب خير. وكنت مِرارًا قد مضيت لأقرأ عَلَى القَيْروانيّ المتكلّم كتاب «التّمهيد» للباقِلّانيّ، وكأنّ
[1] في الأصل بياض. وما أضفته بالاستناد إلى: الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 226.
[2]
في الأصل: «كان» .
إنسانا [1] يردّني عَنْ ذَلكَ، حتّى كَانَ في بعض اللّيالي رأيتُ في المنام كأنّي قد دخلت إلى المسجد عند شيخنا أَبِي منصور، وهو قاعد في زاويته، وبجَنْبِه رجلٌ عَلَيْهِ ثيابُ بياضٍ، ورداء عَلَى عِمامته يشبه الثّياب الرّيفيَّة، دُرّيُّ اللّون، وعليه نورٌ وبَهاء، فسلّمت، وجلست بين أيديهما، ووقع في نفسي لَهُ هيبةٌ، وأنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جلست التفتَ إليَّ الرجل، فقال لي: عليك بمذهب هذا الشّيخ، عليك بمذهب هذا الشّيخ، عليك بمذهب هذا الشّيخ.
فانتبهت مرعوبا، وجسمي يرجف ويرعد، فقصصت ذَلكَ عَلَى والدتي، وبكّرت إلى الشّيخ لأقرأ عَلَيْهِ، فحكَيْتُ لَهُ ذَلكَ، وقصصت عَلَيْهِ الرؤيا، فقال لي: يا ولدي، ما مذهب الشّافعيّ الّذي هُوَ مذهبك إلّا حَسَن، ولا أقول لك.
اتْرُكْ مذهبك، ولكن لا تعتقد اعتقاد الأشْعريّ.
فقلت: ما أريد أن أكون نصفين، فإنا أُشْهِدُك وأُشْهِد الجماعةَ أنّني منذ اليوم عَلَى مذهب أحمد بْن حنبل في الأُصُول والفُروع.
فقال لي: وفَّقك اللَّه.
ثمّ أخذت من ذَلكَ الوقت في سماع كُتُب أحمد بْن حنبل ومسائله، والتَّفَقُّه عَلَى مذهبه، وسماع مُسْنَدِه. وذلك في شهر رمضان من سنة ثلاثٍ وتسعين وأربعمائة.
قَالَ: وسمعتُ شيخنا عبد الوهّاب بْن سُكَيْنَة غير مرّة بقول: قلت لشيخنا ابن ناصر: أريد أن أقرأ عليك «شرح ديوان المتنبّي» لأبي زكريّا، وكان يرويه عَنْهُ، فقال: إنّك دائما تقرأ عليَّ الحديث مَجّانًا. وهذا شِعْر، ونحن نحتاج إلى دفْع شيءٍ من الأجر عَلَيْهِ، لأنّه لَيْسَ من الأمور الدّينيَّة. فذكرت ذَلكَ لأبي، فأعطاني خمسة دنانير، فدفعتها إِلَيْهِ، وقرأت عَلَيْهِ الكتاب.
قلت: روى عنه: ابن عساكر [2] ، وابن السمعاني، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وقال: سَمِعَ معنا كثيرا، وهو شافعيّ المذهب، أشْعَرِيّ المعتَقَد، ثمّ انتقل إلى مذهب أحمد في الأُصول والفُروع، ومات عليه. وكان هو وأبو منصور الجواليقيّ
[1] في الأصل: «وكأن إنسان» .
[2]
في مشيخته، ورقة 217 أ.
رفيقين يقرءان اللّغة عَلَى أَبِي زكريّا التّبْريزيّ اللُّغَويّ. وكان ابن ناصر لَهُ مَيْلٌ إلى الحديث، وله جودة حفظٍ وإتقان، وحُسْن معرفة، وكلاهما ثقة، ثَبْت إمام.
وروى عَنْهُ أبو موسى المَدِينيّ، وقال فيه: الأديب أبو الفضل بْن ناصر الحافظ، مقدَّم أصحاب الحديث في وقته ببغداد.
وروى عَنْهُ: عبد الرّزّاق الْجِيليّ، وأبو محمد بْن الأخضر، وعبد الواحد بْن سلطان، ويحيى بْن الربيع الفقيه، ومحمد بْن عبد اللَّه البنّاء، ويحيى بْن مظفَّر السّلاميّ، وعُبَيْد اللَّه بْن أحمد المنصوريّ، وعبد اللَّه بْن المبارك بْن سُكَيْنَة، وعبد الرحيم بْن المبارك ابن القابلة، ومحمود بْن أَيْدِكِين البوّاب، ومحمد بْن عليّ بْن البلّ الواعظ، ومحمد بْن معالي بْن غُنَيْمة الفقيه، ومحمد بْن أَبِي المعالي بْن موهوب ابن البنّاء الصُّوفيّ، وعبد اللَّه بْن الحَسَن الوزّان، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وعبد الرحمن بْن عبد الغنيّ بْن الغسّال، وعبد الرحمن بْن سعد اللَّه الطّحّان، وإسماعيل بْن مظفّر بن الأقفاحي، وعبد الرحمن بْن عُمَر بْن الغزّال، وداود بْن مُلاعِب، وعبد العزيز بْن أحمد ابن النّاقد، وموسى بْن عبد القادر الْجِيليّ، وأبو الفتح أحمد بْن عليّ الغُزْنَوِيّ، ومِسْمار بْن عُمَر بْن العُوَيْس، وعبد الرحمن بْن المبارك بن المُشْتَريّ، وعمر بْن أَبِي السّعادات بْن صرما، وثابت بْن مُشَرف، وأحمد بْن ظَفَر بْن هُبَيْرة، وأبو جعفر محمد بْن عبد الله بْن مكرَّم، وأحمد بْن يوسف بْن صرما، وعبد السّلام بْن يوسف العبريي، وأبو منصور محمد بْن عبد الله بْن عُفَيْجَة.
وآخر من روى عَنْهُ: أبو محمد الحَسَن بْن الأمير السّيّد العلويّ، وبقي إلى سنة ثلاثين وستّمائة.
وآخر من روى عَنْهُ بالإجازة في الدّنيا ابن المُقَيّر.
تُوُفّي ابن ناصر ليلة ثامن عشر شعبان.
قَالَ ابن الجوزيّ [1] : وحدَّثني أبو بَكْر بْن الحُصريّ الفقيه قَالَ: رَأَيْت ابن ناصر في المنام، فقلت لَهُ: يا سيّدي، ما فعل اللَّه بك؟
قَالَ: غُفِر لي، وقال لي: قد غفرت لعشرة من أصحاب الحديث في
[1] في المنتظم 10/ 163 (18/ 104) .
زمانك، لأنّك رئيسُهم وسيّدُهُم.
قرأتُ بخطّ الحافظ أَبِي بَكْر بْن مُسْدِي المجاور في «مُعْجَمه» قَالَ: قرأتُ عَلَى ابن المُقَيّر، عَن ابن ناصر قَالَ: كتب إليَّ عبد الواحد بْن أحمد المَلِيحيّ قَالَ: أَنَا ابن أَبِي شُرَيْح، فذكر حديثا.
قلت: عندي «الْجَعْديّات» نسخة قديمة مكتوبة عَن ابن أَبِي شُرَيْح وكلّها سماع غير واحد، عَن المَلِيحيّ، منه، ولكنّ هذا من تخبيطات ابن مُسْدِي، لأنّ المَلِيحيّ، مات في سنة ثلاثٍ وستّين قبل مولد ابن ناصر بأزيد من أربع سنين.
599-
محمد بْن نصر بْن منصور بْن عليّ بْن محمد [1] .
أبو بَكْر [2] العامريّ، الصُّوفي، المَدِينيّ، الخطيب الدِّهقان، خطيب سَمَرْقَنْد.
قَالَ أبو سعد: كَانَ إماما، زاهدا، تفقّه عَلَى: أَبِي الحسين عليّ بْن محمد البَزْدَوِيّ [3]، وسمع: أبا عليّ الحسن بْن عبد الملك النَّسَفيّ القاضي، والسّيّد أبا المعالي محمد بْن محمد بْن زيد العَلَويّ، والملك العالم أبا الفتح نصر بْن إبراهيم الخاقان.
وعُمّر دهرا.
وذكر عُمَر بْن محمد النَّسَفيّ الحافظ أنّه وُلِد سنة أربعٍ وخمسين وأربعمائة.
روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: تُوُفّي في الرابع والعشرين من شعبان.
وقال في «التّحبير» [4] : يقال جاوز المائة، وسمعتُ منه «دلائل النُّبُوَّة» للمستغفريّ. أَنَا أبو عليّ النَّسَفيّ، عَنْهُ، وسمع، وكتب الإملاء في سنة أربعٍ وستّين وأربعمائة.
[1] انظر عن (محمد بن نصر) في: التحبير 2/ 245، 246 رقم 900، والأنساب 11/ 208، 209، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 109 أ، والجواهر المضيّة 2/ 136، 137.
[2]
في الأنساب: «أبو المعالي» .
[3]
في الأنساب: «البرجدي» : وعاد فذكر «البزدوي» .
[4]
ج 2/ 245، 246.
600-
المبارك بْن الحسن بْن أحمد بْن عليّ بْن فتحان بْن منصور [1] .
الإمام، أبو الكَرَم بْن الشَّهْرُزُورِيّ، البغداديّ، المقرئ. شيخ القرّاء، ومصنِّف «المصباح الزّاهر في العَشْرة البواهر» في القراءات.
قَالَ أبو سعد: شيخ صالح، ديِّن، خيِّر، قيّم بكتاب اللَّه تعالى، عارف باختلاف الرّوايات والقراءات، حَسَن السّيرة، جيّد الأَخْذ عَلَى الطّلّاب. لَهُ روايات عالية.
سَمِعَ الحديث من: أَبِي القاسم إسماعيل بْن مَسْعَدَة، ورزق اللَّه التّميميّ، وأبي الفضل بن خيرون، ويراد الزَّيْنَبيّ، وجماعة كبيرة.
وله إجازة من: أَبِي الحسين بْن المهتدي باللَّه، وأبي الغنائم عبد الصّمد ابن المأمون، وأبي الحسين بن النَّقُّور، وأبي محمد الصَّرِيفِينيّ.
كتبتُ عَنْهُ، وذكر أنّ مولده في ربيع الآخر سنة اثنتين وستّين وأربعمائة.
قلت: وقرأ بالرّوايات عَلَى: عبد السّيّد بْن عَتّاب، والزّاهد أَبِي عليّ الحَسَن بْن محمد بْن الفضل الكِرمانيّ صاحب الحسين بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه الرّهاويّ، والشّريف عبد القاهر بْن عبد السّلام العبّاسيّ، ورزق اللَّه التّميميّ، ويحيى بْن أحمد السِّيبيّ، ومحمد بْن أَبِي بَكْر القَيْروانيّ، وأحمد بْن المبارك الأكْفانيّ، وأبي البَرَكات محمد بْن عبد الله الوكيل، ووالده الحسن.
قرأ عَلَيْهِ خلْق، منهم: عُمَر بْن أحمد بن بكرون النّهروانيّ، ومحمد بن
[1] انظر عن (المبارك بن الحسن) في: الأنساب 7/ 720، وخريدة القصر (قسم شعراء العراق) ج 3 ق 2/ 53، والمنتظم 10/ 164 (18/ 104 رقم 4203) ، ومعجم البلدان 3/ 342، ومعجم الأدباء 6/ 227، 228، وتلخيص مجمع الآداب 5/ 315، والإعلام بوفيات الأعلام 226، والمعين في طبقات المحدّثين 164 رقم 1772، وتذكرة الحفاظ 4/ 1292، ودول الإسلام 2/ 67، والعبر 4/ 141، وسير أعلام النبلاء 20/ 289- 291 رقم 196، ومعرفة القراء الكبار 1/ 506- 508 رقم 457، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 222، 223، ومرآة الجنان 2/ 296، وغاية النهاية 2/ 38- 40 رقم 2652، والنشر في القراءات العشر 1/ 0، وعقد الجمان (مخطوط) 16/ 261، والنجوم الزاهرة 5/ 322، وتاريخ الخلفاء 442، وكشف الظنون 822، وشذرات الذهب 4/ 157، وهدية العارفين 2/ 2، وديوان الإسلام 4/ 61، 62 رقم 1743، والأعلام 5/ 269، ومعجم المؤلفين 8/ 171.
محمد بْن هارون الحلّي ابن الكمال، وصالح بن علي الصرصري، وأبو يعلى حمزة بْن القُبِّيطيّ، وأبو الفضل عبد الواحد بْن سُلْطان، ويحيى بْن الحسين الأُوَانيّ الضّرير، وأحمد بْن الحسين بْن أَبِي البقاء العاقُوليّ، وزاهر بْن رستم إمام المقام بمكَّة، وعبد العزيز بن أحمد بن النّاقذ المقرئ، ومُشَرّف بْن عليّ الخالص الضّرير، وعليّ بْن أحمد بْن سعيد الواسطيّ، الدّبّاس، وأبو العبّاس محمد بْن عبد الله الرّشِيديّ الضّرير.
وروى عَنْهُ الحديث: محمد بْن أَبِي المعالي الصُّوفيّ ابن البنّاء، وأسعد بْن عليّ، وعليّ بْن صُعْلُوك، والفَتْح بْن عبد السّلام، وآخرون.
ولم يخلِّف بعده في عُلُوّ سَنَده في القراءات مثلَه، فإنّه قَالَ: قرأت لقالون عَلَى رزق الله التّميميّ، وقرأ على الحمّاميّ في سنة أربع عشرة وأربعمائة.
وقرأتُ لوَرش عَلَى أَبِي سعد أحمد بْن المبارك قَالَ: قرأت بها إلى سورة «سَبَأ» عَلَى الحمّاميّ. وقرأتُ للدُّوريّ، عَلَى رزق اللَّه، ويحيى بن أحمد بن السِّيبيّ، وأبي الفتح عليّ، وأبي نصر أحمد بن عليّ الهاشميّ، وأخبروني أنّهم قرءوا عَلَى الحمّاميّ. وقرأتُ بها عَلَى ابن عَتّاب، والوكيل، وثابت بْن بُنْدار، وابن الجرّاح قَالُوا: قرأنا عَلَى أَبِي محمد الحسن بْن الصَّقْر الكاتب، وقرأ هُوَ والحمّاميّ عَلَى زيد بْن أَبِي بلال، بسَنَدْه.
تُوُفّي أبو الكَرَم في الثّاني والعشرين من ذي الحجَّة، ودُفِن إلى جانب الحافظ أَبِي بَكْر الخطيب.
601-
مُجَلِّي بْن جميع بن نجا [1] .
[1] انظر عن (مجلّي بن جميع) في: معجم البلدان 2/ 194، واللباب 1/ 318، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 95، ووفيات الأعيان 4/ 154 رقم 156، وسير أعلام النبلاء 20/ 291 (مذكور دون ترجمة) ، ومرآة الجنان 3/ 302، 303، وفيه «محلى» وهو تحريف، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 30- 303، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 488، 489، والوافي بالوفيات (مخطوط) 11/ 113، 114، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 328، 329، رقم 295، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) ورقة 124 ب، واتعاظ الحنفا 3/ 127، 223، 228، وحسن المحاضرة 1/ 228، وكشف الظنون 30، 359، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 206، 207، وشذرات الذهب 4/ 162، وإيضاح المكنون 2/ 557، وهدية العارفين 1/ 313، والفهرس التمهيدي 448، وديوان الإسلام (انظر فهرس الأعلام) 4/ 467 رقم