الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثاني
ما يؤل إلى الإخلال بشرط من الشروط المشترطة في صحة البيع
كشرط ما يؤدي إلى جهل، غرر في العقد، أو في الثمن، أو في المثمون أو إلى الوقوع (1) في ربا الفضل، أو في ربا النساء كشرط مشورة شخص بعيد، أو شرط الخيار إلى مدة مجهولة، أو إلى مدة زائدة عما قرره الشرع في السلعة المبيعة، أو شرط تأجيل الثمن إلى أجل مجهول أو شرط زيادة شيء مجهول في الثمن أو في المثمون. فهذا النوع يوجب فسخ البيع على كل حال فاتت السلعة أو لم تفت، ولا خيار لأحد المتبايعين في امضائه فإن كانت السلعة المبيعة قائمة ردت بعينها وإن فاتت ردت قيمتها بالغة ما بلغت، ويستثنى من هذا النوع مسألة، وهي البيع بشرط أن يسلف المشتري البائع، أو بالعكس فإنه لا يجوز لأنه يؤدي إلى الجهل بالثمن، فإن وقع ذلك فالمشهور أنه يفسخ مادام مشترط السلف متمسكاً به فإن أسقط مشترط السلف شرطه صح البيع، وسواء أخذ مشترط السلف سلفه وغاب عليه أم لا على المشهور. وقال سحنون إنما يصح إسقاط الشرط إذا لم يأخذ مشترط السلف ما اشترطه من السلف [ويغيب عليه (2)]، وأما إن أخذه وغاب عليه فلابد من فسخ ذلك ورد السلعة (3) لأنه قد تم ما أراده من السلف، وهذا إذا كانت السلعة قائمة بيد
المشتري، فأما إن فاتت فلا يفيد الإسقاط لأن القيمة قد وجبت عليه حينئذ فلابد من فسخه، فغن كان السلف من البائع فله الأقل من الثمن أو القيمة يوم القبض، ويرد عليه السلف هذا مذهب المدونة وهو المشهور، وقاله المازري، وظاهر اطلاق ابن الحاجب وغيره أنه لا فرق بين أن يكون الإسقاط قبل فوات السلعة أو بعد فواتها.
فرع
قال في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: سمعت
(1) عبارة - م - إلى الرجوع وهو تصحيف.
(2)
ساقطة من الأصل.
(3)
في - م - السلف وهو تصحيف.
مالكاً يقول لا أحب البيع على أنه إذا وجد ثمناً قضاه، وإن هلك ولا شيء عنده فلا شيء عليه. قال ابن القاسم: فإن وقع هذا الشرط وفات لزم المشتري قيمتها يوم قبضها. قال محمد بن رشد: هذا الشرط من الشروط التي يفسد بها البيع لأنه غرر فالحكم فيه الفسخ مع قيام السلعة شاء أو أبيا، ويصح في فواتها بالقيمة بالغة ما بلغت، وهو ظاهر قول ابن القاسم وتفسير لقول مالك إذ قد يقول كثيراً فيما يجب فيه الفسخ لا أحب هذا، أو أكرهه وشبهه من الألفاظ فيكتفى بذلك من قوله. أ. هـ
ونقله في النوادر وزاد فيه قال ابن القاسم: هذا حرام، ويرد فإن فات فعليه قيمتها يوم قبضها (1). أ. هـ
وهو صريح (2) فيما قاله ابن رشد فقوله هو ظاهر قول ابن القاسم يقتضي أنه لم يقف عليه صريحاً من قوله، وقول ابن رشد فيصح في فواتها بالقيمة [فيه (3)] مسامحة وصوابه ويفسخ في فواتها بالقيمة لأن ذلك حكم البيع الفاسد، ولا يقال فيه صح بالقيمة لأنه لو صح مضى بالثمن. والله أعلم.
تنبيه (4)
قال ابن عرفة بعد أن ذكر ما تقدم قلت: الأظهر حمل قول مالك على الكراهة خلاف قول ابن القاسم، لأن حقيقة هذا الشرط هو مقتضى الحكم في عدم الطلب في الدنيا لقوله تعالى (فنضرة إلى ميسرة) [البقرة: 280] فإذا مات عديماً فلا ميسرة، وأما في الآخرة فهو خلاف مقتضى الحكم على ما قاله عز الدين بن
(1) أنظر النوادر والزيادات جـ 3 ورقة 68 ظهر. مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 5731.
(2)
في - م - صحيح وهو تصحيف.
(3)
ساقطة من - م -.
(4)
في - م - فرع.
عبد السلام (1)
أنه يؤخذ من حسنات المدين (2) بقدر الدين
وهذا عندي غرر يسير لأن أحكام المبيعات إنما هي مبنية على المقصود منها، وقصد (3) الناس بها إنما هي في الأمور الدنيوية (4). أ. هـ مختصراً
قلت (5): ما قاله ابن عرفة غير ظاهر لأن الحكم بإنظار المعسر إنما هو بعد الوقوع والنزول، وأما الدخول على ذلك ابتداء فهو غير جائز لأنه من بيع الغرر، وهذا فتأمله.
وقال الشيخ خليل في التوضيح في باب الصداق لما تكلم على تأجيله إلى
(1) هو الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي مولداً المصري داراً ووفاة الملقب بسلطان العماء، والملقب له هو الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد كان رحمه الله شيخ الإسلام علماً وعملاً وورعاً وزهداً لآمر بالمعروف ناهياً عن النكر في زمانه، المطلع على حقائق الشريعة العارف بمقاصدها. تفقه على الشيخ فخر الدين ابنعساكر وقرأ الأصول على الشيخ سيف الدين الآمد وغيره، وسمع الحديث من الحافظ أبي محمد القاسم بن الحافظ الكبير أبي القاسم ابن عساكر وشيخ الشيوخ عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبي سعيد البغدادي وغيرهم روى عنه تلامذته شيخ الإسلام ابن دقيق العيد والإمام علاء الدين أبو الحسن الباجي، والحافظ أبو محمد الدمياطي وغيرهم. درس بدمشق أيام مقامه بها ثم ارتحل إلى القاهرة ومن تصانيف الشيخ عز الدين بن عبد السلام القواعد الكبرى، وكتاب مجاز القرآن وهو مطبوع في الأستانة بإسم الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز، وهذان الكتابان شاهدان بإمامته وعظيم منزلته في علوم الشريعة واختصر القواعد الكبرى في قواعد صغرى، وله كتاب شجرة المعارف حسن جداً، وكتاب الدلائل المتعلقة بالملائكة والنبين عليهم السلام، والخلق أجمعين بديع جداً والتفسير مجلد مختصر، ومختصر صحيح مسلم والأيمان ف أدلة الأحكام والفتاوى المصرية والفتاوى الموصلية، وكتاب الفرق بين الأيمان والإسلام وخلاف ذلك من الآثار الجميلة الجليلة العظيمة طبع بعضها وبعضها الآخر يحن إلى البعث والنشور .. ولد بدمشق سنة ثمان وسبعين وخمسمائة هجرية، وتوفي سنة ستين وستمائة هجرية بالقاهرة ودفن بالقرافة الكبرى. أنظر ترجمته في طبقات الشافعية للأسنوي جـ 2 ص 197 وما بعدها، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي جـ 8 ص 209 وما بعدها، ومرآة الجنان جـ 4 ص 153، 154.
(2)
في - م - المديان.
(3)
في - م - مقصود.
(4)
أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 154 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147.
(5)
في - م - فرع.