الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعد الحمد لله والتصلية على النبي صلى الله عليه وسلم أشار الإمام الحطاب إلى ختم. هذا التأليف القيم المفيد في بابه الفريد في نسجه عرضاً وتحليلاً وتوثيقاً فقال "وقد تم الكلام فيما حررته في مسائل الالتزام وانتجز الغرض الذي قصدت فيه من بيان الأنواع والأقسام فجاء بحمد الله كتاباً مفيداً في بابه عظيم النفع لمن أمعن النظر فيه من طلابه، جمعت فيه فوائد عديدة، وتحقيقات مفيدة ..... إلخ.
ثم حمد الله على إتمامه على هذا الوضع، والتوصيف، وبذلك فأتي إلى الختم رحم الله مؤلفه رحمة واسعة، وجزاه عن العلم، وأهله خير جزاء يجازي به العاملون المخلصون وبالله التوفيق.
المبحث الرابع
مدى حاجة الكتاب للتحقيق
إن الاهتمام بتحقيق نوادر المخطوطات لتكون بجانب ما تم تحقيقه بالفصل من كتاب التراث الإسلامي نواة لمكتبة تجمع تراث السلف. لهو عمل عظيم حقاً تفتخر به المكتبة الإسلامية لا سيما كتابات الإمام الحطاب ومصنفاته الشهيرة بحيث لا ينكر منصف بحال من الأحوال دورها في إثراء المكتبة الإسلامية، وأنها قامت وتقوم بدور فعال وملحوظ في خدمة طلاب العلم المعرفة، من ذلك كتابه الذي بين أيدينا الآن "تحرير الكلام" والذي أبرز بالفعل نوعاً خصاصاً من الابتكار، وطريقه غير الطرق السلوكية في التأليف الفقهي فهو جدير بأن ينال حظاً من حيث التحقيق، والدراسة ثم من بعد النشر كي يشق طريقه إلى ذوي الاختصاص من المنخرطين في سلك القضاء، والمهتمين به خصوصاً وأنه بحث دقيق مهم يحتاج إليه أهل القضاء والفتوى من رجال الفقه المالكي، ومما يدل على أهمية الكتاب منذ عصر المؤلف إلى يومنا هذا كثرة نسخ الكتاب وانتشارها شرقاً وغرباً واختلاف تواريخ النسخ حتى أن الشيخ عليش أدرج هذا البحث في فتاويه المشهورة (1) عندما سئل عن مسألة
(1) أنظر فتح العلي المالك جـ 1 ص 217 وما بعدها الطبعة الأخيرة 1958 مطبعة الحلبي.
تتعلق بالالتزامات فأجاب بما حواه هذا الكتاب من المقدمة إلى الخاتمة ولكي يظهر هذا التأليف جلياً في أتم صورة وأحسنها، وحتى نتعرف على مدى عناية السلف بعلم الفقه لا في عصر النهضة العلمية بل في العصور التي لا تبعد عنا كثيراً، وهي من عصور التقهقر العلمي لا في ربوعنا خاصة (1) بل في ربوع العالم الإسلامي قاطبة.
وكذلك نتعرف عن كتب أن هذه العناية لم تكن مقصورة على الجمع والاغارة على الغير كما هو موجود عند بعض العلماء.
لكن الأمر هنا على العكس من ذلك تماماً بل هي عناية فيها إبراز للشخصية بمالا ينكر لأنه في وضعه هذا المؤلف الرائع أتى بطريقة لم يتبع فيها أحداً، ويصح أن ننعتها بأنها طريقة خاصة به لأنها ذات خصائص غير موجودة ولا متوفرة في غيرها يمكن لي أن صح التعبير أن نسميها طريقة لتقريب المسالك الفقهية أي الطريقة التقريبية للفقه على الباحث من جهة، والمتخصص من جهة أخرى حتى لا يتيه في صحراء كأنها لا نهاية لها لكثرة تشعب المسائل، وصعوبة استخراجها من الأمهات، لذا كان من المفيد جداً العمل على نشر هذا الكتاب بعد إعطائه حقه بحثاً وتحقيقاً حتى يتضح لذوي البصائر محاولة هذا الفقيه الفريدة من نوعها، وما أبدأه له تفكيره المتطور المتحرر المتفتح في استخراج مسائل الالتزام من كتب الأمهات، وما أكثرها عداً، وضم الشوارد لبعضها وما أكثرها متناثرة هنا وهناك حتى تكون سهلة لمتناولها ينهل منهما متى شاء وحيث شاء لا تصده مشقة، ولا يحول بينه وبين ما يريد تشتت مسائل مبعثرة، وبذلك ينتفع الدارسون ويجد الباحثون من طلبة العلم ورواد المعرفة بغيتهم في يسر وسهولة. والله ولي التوفيق.
(1) كان القرن العاشر الهجري بالنسبة لليبيا عصر ظلمات سياسياً وعلمها لإستيلاء الأسبان على البلاد سنة 916 هـ وللتقهقر العام فالصورة قاتمة مهزوزة دون شك.