الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جعل لرجل جعلاً على أن يرقى إلى موضع (1) من الجبل سماه أنه لا يجوز ولا يجوز الجعل إلا فيما ينتفع به الجاعل يريد أنه من أكل أموال الناس بالباطل (2). (3) أهـ كلام ابن غازي.
تنبيه
وقع في كلام القاضي عياض، وكلام ابن يونس المتقدمين، وفي كلام غيرهما أن تكون فيه منفعة للجاعل، والظاهر أن قولهم للجاعل خرج مخرج الغالب فإنه (4) لا مفهوم له بل القصد أن يكون في ذلك الفعل منفعة سواء كانت للجاعل أو لغيره ألا ترى [أنه](5) لو قال شخص لآخر إن جئت بعبد فلان الآبق فلك كذا لكان جعلاً صحيحاً وإلتزاماً لازماً. وفي الحقيقة [أنه (6)] لابد في ذلك من منفعة للجاعل أما عاجلاً أو آجلاً أو عاجلاً وآجلاً، ولذلك لم يمثلوا للفعل الذي لا منفعة فيه للجاعل إلا بنحو قولهم أصعد هذا الجبل وهذا ظاهر. والله تعالى أعلم.
النوع الخامس
الإلتزام المعلق الذي فيه منفعة للملتزم
بكسر الزاي وهو على أربعة أوجه:
(1) في م لموضع.
(2)
أنظر حاشية ابن غازي ورقة 266 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 15118 وكذلك جـ 3 من تكميل التقييد ورقة 212 وجه وظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 15159.
(3)
اقتباس من سورة النساء الآية 29/ 176 قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما.
(4)
في م وأنه.
(5)
ساقطة من الأصل.
(6)
ساقطة من الأصل.
(1)
الوجه الأول: أن يكون الفعل المعلق عليه إعطاء الملتزم له للملتزم أو لغيره شيئاً وتمليكه إياه نحو أن أعطيتني عبدك، أو دارك أو فرسك فقد إلتزمت لك بكذا أو فلك على كذا أو فلك عندي كذا الشيء يسميه، أو فقد أسقطت عنك الدين الذي لي عليك، أو إن أعطيت ذلك لفلان أو إن أسقطت الدين الذي لك على فلان فلك عبدي الفلاني
أو داري ونحو ذلك فهذا من باب هبة التواب وقد صرحوا بأنه إذا سمى فيها الثواب أنها جائزة ولم يحك في ذلك خلافاً، وأنها حينئذ بيع من البيوع فيشترط في كل من الملتزم به والملتزمعليه ما يشترط في الثمن والمثمون من انتفاء الجهل والغرر إلا ما يجوز في هبة الثواب مما سيأتي ذكره في التنبيه الرابع، ويشترط فيها أيضاً كون كل منهما طاهراً منتفعاً به مقدوراً على تسليمه فلا يجوز أن يكون أحدهما آبقاً ولا بعيراً شارداً أو جنيناً ولا ثمرة لم يبد صلاحها، ولا يجوز أن يكون طعامين كقوله إن أعطيتني أردباً من القمر فلك عندي قنطاران من السمن إلا أن يكون ذلك في مجلس واحد والطعامان حاضران. ولا يجوز أن يكونا دينين (1) كقوله إن إلتزمت [لي (2)] بثوب صفته كذا وكذا فلك في ذمتي عشرة دنانير، أو إن أسقطت عني الدين الذي لك علي فلك في ذمتي كذا وكذان ولا يجوز أن يؤجل أحدهما بأجل مجهول، ويشترط في صحة ذلك أن يكون كل من الملتزم والملتزم له مميزاً، ويشترط في لزوم ذلك أن يكون طائعاً رشيداً.
تنبيهات
(1)
الأول لا فرق بين أن يقول إن أعطيتني أو إن ملكتني أو إن وهبتني أو إن تصدقت علي مما يقضي تمليك الرقبة حتى لفظ الصدقة فإن الصدقة وإن كانت لا يقضى فيها بالثواب إذا اشترط (3) فيها الثواب لزم كما صرح به في كتاب الهبات (4) من المدونة وصرح به ابن رشد
في أول رسم من
(1) عبارة م ربوين.
(2)
ساقطة من م.
(3)
في م شرط.
(4)
أنظر المدونة جـ 15 ص 79 وما بعدها.
سماع يحيى من كتاب الصدقات والهبات في المرأة تضع عن زوجها مهرها على أن يهب لها منزله، أو يتصدق عليها أن ذلك لازم.
(2)
الثاني: إذا قال الملتزم بكسر الزاي إن أعطيتني عبدك فلاناً فلك عندي كذا وكذا فقال له الآخر قد أعطيتك ذلك، أو قد فعلت أو نحو ذلك مما يدل على العطاء فإن أجابه الآخر بما يدل على قبول ذلك فقد لزم كل واحد منهما ما إلتزمه بالقول الصادر منه وإن لم يحصل قبض قال ابن الحاجب: وليس له الرجوع في الثواب يعد تعيينه وإن لم يقبض. أهـ.
وإن قال الأول لا ارض وإنما أردت اختبارك هل ترض أم لا؟ فإن كان ذلك في مجلس واحد فالظاهر أنه يحلف بالله ما اراد إلا اختباره ولم يرد إيجاب الإلتزام فإن حلف وإلا لزمه، كما قال في كتاب الغرر من المدونة فيمن أوقف سلعته للسوم فقال له رجل بكم؟ فقال بعشرة فقال قد وجبت فقال لا أرض أنه يحلف ما ساوم على إيجاب البيع ويبرأ، فإن لم يحلف لزمه (1) البيع. أهـ.
وكما قال ابن أبي زمنين (2) فيما إذا قال البائع أنا أبيعك هذه السلعة بكذا فقال المشتري اشتريتها بذلك، فقال البائع لا أرضى، أو قال المشتري أنا أشتري سلعتك بكذا فقال البائع قد بعتك، فقال المشتري لا أرضى أنه
يحلف
(1) أنظر المدونة جـ 10 ص 54.
(2)
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين المري القرطبي الفقيه الحافظ إمام المحدثينن وقدوة العلماء الراسخين، كان من أجل أهل زمانه قدراً في العلم والرواية، تفقه بأبي إبراهيم بن مرة، وأحمد بن مطرف، وإبان بن سعيد وغيرهم. وعنه يحيى بن محمد المقاصي المعروف بالقليعي، والقاضي يوسف وأبو عبد الله بن الحصاد وجماعة له مؤلفات منها تفسير القرآن الكريم، والمغرب في اختصار المدونة وشرح مشكلها ليس في مختصراتها مثله بإتفاق، والمنتخب في الأحكام الذي ظهرت بركته وطار شرقاً وغرباً ذكره، وكتاب المهذب واختصار شرح ابن المزين للموطأ وكتاب أصول الدقائق وكتاب أصول السنة، ومنتخب الدعوة، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وتوفي رحمه الله سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 101 والديباج جـ 2 ص 232.
ولا يلزمه البيع، وإن انقضى المجلس ثم جاء الملتزم له إلى الملتزم وقال قد رضيت فالظاهر أنه لا يلزم الملتزم ما إلتزمه، وأنه لا يمين عليه إلا أن يكون [أتى](1) في إلتزامه بلفظ يقتضي اللزوم، ولو انقضى المجلس كقوله متى اعطيتني هذا فلك كذا وكذا، أو أي وقت، أو نحو ذلك، ولم أقف في جميع هذا على نص فليتأمل والله أعلم.
(3)
الثالث: إذا قلنا إن ذلك لازم بالقول فللملتزم له الامتناع من التسليم حتى يسلم له الملتزم ما إلتزمه كالبيع، ولا ينبغي أن يدخل في ذلك الإختلاف الذي في هبة الثواب لأنه حيث صرح بالعوض صار حكمه حكم البيعن على ان مذهب المدونة أن للواهب المنع من قبض الهبة حتى يقبض الثواب خلافاً لابن المواز.
(4)
الرابع: إذا قال إن أعطيتني عبدك، أو سلعتك فلك علي أن أرضيك فذلك جائز لأنه يجوز في هبة الثواب اشتراط الثواب دون تعينه كقوله أهبك هذا على أن تثيبني، فإن أعطاه مارض به فلا إشكال، وإن قال لا أرض بهذا فالظاهر أنه ينظر في ذلك الشيء الذي أعطاه، فإن كان دون قيمة سلعته فلا يلزمه قبوله، وإن كان قدر قيمة سلعته أو اكثر مما يقول الناس أن فيه إرضاء له فيلزمه قبوله، وقد تقدم في فصل العدة شيء من هذا فراجعه، وتأمله والله سبحانه وتعالى أعلم.
(5)
الخامس: إذا قال له إن بعتني سلعتك بكذا فلك عندي كذا وكذا، أو فقد إلتزمت لك بكذا وكذا فالشيء الملتزم به داخل في جملة
الثمن، فيشترط فيه ما يشترط في الثمن، وكذلك إن قال إن اشتريت مني سلعة بكذا فلك عندي كذا وكذا فالشيء الملتزم به داخل في جملة البيع، فيشترط فيه شروطه، وهذا [هو](2) الظاهر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(2)
الوجه الثاني: أن يكون الفعل المعلق عليه إعطاء الملتزم له
(1) ساقطة من الأصل.
(2)
ساقطة من الأصل ومن م.
للملتزم، أو لغيره منفعة شيء من عبد أو دار، أو دابة، أو غير ذلك نحو إن أسكنتني دارك سنة، أو سنتين مسماة، أو اسكنت فلاناً فيها سنة، أو سنين مسماة فلك كذا وكذا، أو إن أخذتني عبدك، أو إن أعطيتني ثوبك ألبسه مدة معينة، أو إن حملتني على دابتك إلى موضع كذا فلك كذا وكذا، فهذا من باب الإجازة فيشترط فيه شروط الإجازة، وهي أن تكون المدة معلومة، والمنفعة معلومة، والشيء الملتزم به مما يصح أن يكون أجرة، فلا يجوز أسكني دارك مدة حياتي، أو حياتك، أو حياة زيد، أو إلى أن يقدم فلان، وقدومه غير معلوم ولك عندي كذا وكذا، أو إن أسكنتني دارك فلك عبدي الآبق، أو بعيري الشارد ونحو ذلك، ولا يجوز أن يقول أسكنتك داري على أن أسكن دارك، ولا أسكنتك داري بعشرة دنانير في كل سنة على أن أسكن دارك بعشرة دنانير، أو بخمسة في كل سنة حتى يبين مدة السنين.
(3)
الثالث: أن يكون الفعل المعلق عليه عملاً يعمله الملتزم له للملتزم، أو لغيره نحو إن جئتني بعبدي الآبق، أو بعيري الشارد، أو أن حضرت لي بئراً في أرض، أو إن جئت (1) بعبد فلان، أو بعيره فلك كذا وكذا فهذا من باب الجعل، فيشترط (2) فيه أن لا تحصل فيه منفعة
للملتزم بكسر الزاي، أو لمن اشترط العمل له إلا بتمام العمل، وأن لا يضرب في ذلك أجل، وأن يكون الشيء الملتزم به معلوماً ما يجوز كونه جعلاً، وغير ذلك من شروط (3) الجعل.
(4)
الوجه الرابع: أن يكون الفعل المعلق عليه أن يترك الملتزم له حقاً من حقوقه لأجل ما إلتزمه له الملتزم، نحوقول الشخص للحاضنة إن أسقطت حقك من الحضانة، فلك كذا وكذا، وكمسألة إعطاء الزوجة زوجها شيئاً على ألا يتزوج عليها، وهذا يشبه أن يكون من باب الجعل كما تقدم.
ولنذكر فروعاً من كل وجه من هذه الوجوه الأربعة.
(1) في م إن جئتني.
(2)
في م يشترط.
(3)
عبارة م من شروطه.