الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرع
الشروط في الهبة
على أربعة أقسام:
الأول: ما تفسد به الهبة كشرط أن لا تحاز (1) عن الواهب.
الثاني: ما يخير الواهب في اسقاطه فتصح الهبة، أو التمسك به فتبطل.
الثالث: ما لا يفسدها، ولا يلزم الوفاء به.
والرابع: ما لا يفسدها، ويلزم الوفاء به، وأختلف فيمن وهب لرجل هبة، أو تصدق [على رجل بصدقة] (2) على أنه لا يبيع ولا يهب على خمسة أقوال ذكرها ابن رشد في رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات:
الأول أن الهبة والصدقة لا تجوز إلا أن يشاء الواهب، أو المتصدق أن يبطل الشرط، وتمضي الصدقة والهبة فإن مات الواهب أو المتصدق، أو الموهوب [له](3) أو المتصدق عليه بطلت الصدقة أو الهبة، وهو ظاهر قول مالك في هذه الرواية، ومثله قول ابن القاسم في [الرجل](4) الذي يتصدق على الرجل بالشيء على أنه إن باعه فهو أحق به يريد بثمن، أو بغير ثمن قال ليست هذه الصدقة بشيء، ومثله قول ابن القاسم في الذي يتصدق بعبد على أنهيخدمه يومين في كل جمعة أنها ليست بصدقة فإن مات المتصدق فالهبة على هذا القول على الرد ما لم يجيزها ويمضيها بترك الشرط.
القول الثاني: أن الواهب مخير [بين](5) أن يسترد هبته، أو يترك الشروط وورثته بعده ما لم ينقض أمره بموت الموهوب فيكون ميراثاً عنه، فالهبة
والصدقة
(1) في - م - يحاز.
(2)
ساقطة من الأصل.
(3)
ساقطة من - م.
(4)
ساقطة من الأصل.
(5)
ساقطة من الأصل.
على هذا القول على الإجازة ما لم يردها الواهب أو ورثته بعده قبل فواتها بإنقضاء أمد الشرط وهو موت الموهوب له الذي حجر عليه الهبة والبيع طول حياته، وهو قول أصبغ بعد (1) هذا من سماعه.
والقول الثالث: أن الشرط باطل والهبة جائزة وهذا القول يأتي على ما في المدونة في الذي حبس الدار على ولده واشترط أن ما احتاجت إليه من مرمتها عليهم أن الدار تكون حبساً، ولا يلزمهم ما شرط عليهم وتكون مرمتها من غلتها (2). وقد قال ابن المواز: إنما ذلك إذا حيز الحبس وفات بموت المحبس، وأما قبل ذلك فيرد إلا أن يسقط الذي حبسها شرطه، وتأويله بعيد في اللفظ غير صحيح في المعنى لأنه إذا جعل للمحبس حقاً في شرطه وجب أن ينزل ورثته منزلته فيه.
القول الرابع: أن الشرط عامل والهبة ماضية فتكون الصدقة بيد المتصدق عليه بمنزلة الحبس لا يبيع ولا يهب حتى يموت، فإن مات ورث عنه على سبيل الميراث، وهو قول عيسى بن دينار (3) في هذه الرواية، وقول
مطرف في الواضحة، وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب لأن الرجل له أن يفعل في ماله ما شاء إن شاء بتله للموهوب أبداً، أو المتصدق عليه من الآن، وإن شاء أعطاه المنافع طول حياته، وجعل المرجع بعد موته له يقضي منه دينه ويرثه عنه ورثته لما له في ذلك من الغرض أن يستديم الإنتفاع بما وهبه، ويرى أثر هبته عليه.
(1) عبارة - م - بعدها.
(2)
أنظر المدونة جـ 15 ص 104، 105.
(3)
هو أبو محمد عيسى بن دينار بن وهب القرطبي الفقيه العابد الفاضل النظار القاضي العادل المجاب الدعوة انتشر علم مالك بالأندلس به وبيحيى بن يحيى، لم يسمع من مالك، وسمع ابن القاسم واقتصر عليه فإعتلت في الفقه منزلته، وله عشرون كتاباً في سماعه عنه. له تأليف في الفقه يسمى كتاب الهدية كتب به إلى بعض الأمراء قال ابن عتاب وكتاب الجدار من كتاب الهدية، وكتب إلى ابن القاسم في رجوعه عما رجع عنه من كتاب أسد بن الفرات فيما بلغه، وسأله أعلامه بذلك فكتب إليه ابن القاسم (أعرضه على عقلك فما رأيته حسناً فأمضيه، وما أنكرته فدعه) وهذا يدل على ثقة ابن القاسم بفقهه أخذ عنه ابنه إبان وغيره مات ببلدة طليطلة سنة اثنتي عشرة ومائتين أنظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 64 وما بهدها، وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 64، وترتيب المدارك جـ 4 ص 105 وما بعدها.
القول الخامس قول سحنون يكون ذلك حبساً على الموهوب له، أو المتصدق عليه بما شرط بأن (1) لا يبيع ولا يهب فإذا مات المتصدق عليه على هذا القول رجع ذلك مرجع الأحباس على الخلاف فيه، وقول سحنون (2) هذا معارض لقوله في نوازله في الذي يتصدق على رجل بعبد على ألا يبيعه ولا يهبه سنة، وهذه الأقوال كلها تدخل في مسألة سماع سحنون في الذي يتصدق على الرجل بالشيء على أنه أحق به أن باعه بثمن، أو بغير ثمن إلا قول سحنون هذا. أ. هـ
قلت: يعني [أن](3) القول بأن ذلك الشيء يكون حبساً، وهو ظاهر وكذلك مسألة نوازل سحنون أعني من وهب لرجل عبداً، أو تصدق به عليه على ألا يبيعه ولا يهبه سنة ثم هو له بعد السنة يصنع به ما شاء يجري فيها الأقوال الأربعة، ولا يجري فيها قول سحنون أنه حبس، ومثل ذلك مسألة رسم الكراء والأقضية من سماع أصبغ فيمن تصدق على رجل بعبد واشترط [عليه] (4) أن يخدمه يومين في كل جمعة قال ابن القاسم فيها ليست بصدقة. قال ابن رشد: إنما رأى أن الشرط يفسد الصدقة لأنه لما شرط من خدمته يومين [من](5) كل جمعة فقد حجر عليه التصرف في صدقته
ألا يبيع بالسفر بها أو الوطء لها إن مانت أمة، والتفويت فصار كمن تصدق بصدقة وشرط على المتصدق عليه ألا يبيع ولا يهب ألا ترى أن الحبس لما كان لا يباع ولا يوهب جاز فيه هذا الشرط على ما في سماع أبي زيد، وأجاز ابن كنانة هذا الشرط في الحبس والصدقة، وقال أنه لا يفسد الصدقة بل يشدها، والمعنى عندي فيما ذهب إليه أنه رآه شريكاً معه في رقبة العبد بما استثنى لنفسه من خدمته، ولذلك أجازه في الصدقة والحبس
(1) في - م - من أن.
(2)
عبارة - م - وقول هذا ما نصه لقوله.
(3)
ساقطة من الأصل.
(4)
ساقطة من - م -.
(5)
ساقطة من - م -.
فأشار إلي أنها كالمسألة الأولى يجري فيها الأقوال الأربعة. قلت: وأظهر الأقوال [الأربعة](1) الجاري على مذهب المدونة صحة الهبة والصدقة وبطلان الشرط لأنه شرط مخالف لمقتضى العقد لما فيه من التحجير، ألا ترى أنه لا يجوز له وطء الأمة فالظاهر بطلان الشرط، وقال في كتاب الهبة من المدونة: ومن وهب لرجل هبة على ألا يبيع ولا يهب لم يجز إلا أن يكون سفيهاً أو صغيراً فيشترط [ذلك](2) عليه [في ولاية](3) فيجوز وإن شرط ذلك عليه بعد زوال الولاية لم يجز كان [ذلك](4) ولد الواهب أو أجنبياً (5). أ. هـ
فتكلم على الحكم ابتداء، ولم يبين الحكم بعد الوقوع، وقال أبو الحسن الصغير: أنظر بماذا (6) يفسر الكتاب والأقرب أن يكون مثل ما في العتبية أنه يخير الواهب فإن بتلها وإلا نقضت (7). أ. هـ
والقول الذي اختاره ابن رشد اختاره اللخمي أيضاً، ووجهه بما وجهه [به](8) ابن رشد، ولا شك أن له وجهاً من النظر ظاهراً، لكن
الأظهر عندي بطلان الشرط وصحة العقد كما تقدم. والله تعالى أعلم.
تنبيه
قال المشذالي قوله في المدونة في المسألة السابقة إلا أن يكون سفيهاً أو صغيراً قال أبو عمران: أنظر ما معناه والسفيه والصغير لا يجوز بيعها ولا هبتهما بشرط أم لا. قال أبو عمران لعله أراد ألا يباع عليه إذا احتاج إلى النفقة لأن لوليه بيع عروضه للنفقة فشرط ألا يباع ويباع غيرها إن وجد قال
(1) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(2)
ساقطة من - م -.
(3)
ساقطة من الأصل.
(4)
ساقطة من - م -.
(5)
أنظر المدونة جـ 15 ص 131.
(6)
في - م - بما.
(7)
أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة 185 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099.
(8)
ساقطة من - م -.