الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فحمله محمل العدة لما لم يقل في مالي ولا ذكر أنها هبة ولا صدقة ولا عطية فلذلك قال [أنه](1) لا يقض بها إذ ليست على سبب [هو](2) من فعل الموعود، والأظهر من هذا اللفظ التبتيل، وأن يحمل على أنه أراد بذلك في مالي مائة دينار عطية فيحكم لها عليه بها ما لم يذهب، أو يمت، أو يفلس كما قال غير ابن القاسم في كتاب الشركة في الذي يقول لك ما أربح في هذه السلعة وإنما العدة أن يقول الرجل أنا أفعل، وأما إذا قال قد فعلت فهي عطية، وقوله لك كذا وكذا أشبه بقوله قد فعلت منه بأنا أفعل. وبالله التوفيق أهـ.
وقوله ما لم يذهب لعله يريد مالم يذهب ماله، وعلم منه أنه لو فهم من كلامه أنه أراد أن ولدت غلاماً فلك مائة دينار في مالي أو صرح بذلك لزمه بلا كلام، وأن حكمه حكم الإلتزام المطلق في القضاء به ما لم يفلس [الملتزم](3) أو يمت. والله تعالى أعلم.
النوع الثاني
الإلتزام المعلق على الفعل الواجب على الملتزم له
بفتح الزاي: كقوله إن جئتني بعبدي الآبق، أو بعيري الشارد، أو بمتاعي الضائع فلك عندي كذا وكذان وكان العبد أو البعير أو المتاع عنده أو يعلم مكانه فإن ذلك غير لازم للملتزم ولا يحكم به عليه، ورد ذلك واجب عليه، وكذلك الإعلام بموضعه، ولا يجوز له أن يأخذ على ذلك شيئاً لأن ذلك
من باب الجعل، وقد قالوا أن من شروط الجعل ألا (4) يكون الفعل مما يلزم المجعول له عمله أما ما كان واجباً على الكفاية فيلزم الإلتزام المعلق عليه كقوله إن غسلت هذا [الميت](5) فلك كذا وكذا، والله تعالى أعلم.
(1) ساقطة من الأصل.
(2)
ساقطة من م.
(3)
ساقطة من الأصل.
(4)
في م أن لا.
(5)
ساقطة من الأصل.
قال (1) في أول رسم من سماع عيسى من كتاب الحج: قال ابن القاسم في رجل قالت له امرأته، وكانت صرورة أئذن لي أن أحج، وأنا أعطيك مهري الذي عليك فقبلها وتركها تحج قال: يلزمه المهر لأنه كان يلزمه أن يأذن لها أن تحج وقد بلغني ذلك عن ربيعة (2) قال محمد ابن رشد: قال ابن القاسم في رواية بن جعفر (3)
الدمياطي [عنه](4)
وذلك إذا لم تعلم أنه كان يلزمه أن يأذن لها، وأما إذا علمت فذلك لازم لها لأنها أعطته مالها طيبة بذلك نفسها وقوله هذا مفسر لهذه الرواية لأنها إذا علمت أنه يلزمه الإذن لها فإنما أعطته مالها على أن يأذن لها بطيب نفس راضياً بذلك غير معاقب لها على ذلك، وقد قال في الحج الثالث من المدونة أنها إذا أحرمت بغير إذن زوجها وهي صرورة (5) فحللها زوجها من حجتها ثم أذن لها فحجت أجزأها ذلك عن حجة الفريضة، وعن التي حللها منها زوجها فدل ذلك على أنه لا يلزمه أن يأذن لها، إذ لو لزمه ذلك لما كان له ان يحللها إلا أن معنى ذلك عندهم إذا أحرمت دون الميقات،
(1) في م وقال.
(2)
هو أبو عثمان ربيعة بن عبد الرحمن فروخ مولى المنكدر المدني المعروف بربيعة لرأي مفتي المدينة الإمام الجليل الثقة أدرك جماعة من الصحابة وأخذ عنهم منهم أنس رضي الله عنه وعنه أئمة منهم مالك. قال مالك: ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة الرأي توفي رحمه الله سنة ست وثلاثين ومائة. أنظر ترجمته في شجرة النور جـ 1 ص 46.
(3)
هو أبو زيد عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي الفقيه العلامة المحقق روى عن مالك وتفقه بكبار أصحابه كابن وهب وابن القاسم وأشهب له مؤلفات معروفة باسمه تسمى الدمياطية. روى عن يحيى ابن عمر والوليد بن معاوية توفي رحمه الله سنة ست وعشرين ومائتين.
أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ ص 59 والديباج جـ 1 ص 471/ 472.
(4)
ما بين القوسين ساقط من م.
(5)
المعروف في الكلام رجل صرور وصرورة لم تحج قط وأصله من الصر الخبس والمنع.
والصرورة في شعر النابغة الذي لم يأت النساء كأنه أصر على تركهن وفي الحديث لا صرورة في الإلسلام. وفسر أبو عبيد قوله عليه السلام أي بأنه التبتل وترك النكاح فجعله اسماً للحديث يقول ليس ينبغي لأحد أن يقول لا أتزوج يقول ليس هذا من أخلاق المسلمين وهذا فعل الرهبان، وهو معروف في كلام العرب ومنه قول النابغة:
لو أنها عرضت لأشمط راهب عبد الاله صرورة متع
أنظر تاج العروس جـ 3 ص 331.
أو قبل أشهر الحج فعلى هذا لو أعطته مهرها على أن يأذن لها بالخروج إلى الحج قبل أشهر الحج أي قبل وقت خروج الحجاج من ذلك البلد للزمها ذلك، ولم يكن لها أن ترجعه فيه إذ لا يلزمه الإذن بالخروج في ذلك الوقت (1). (2) أهـ
تنبيه
فعلى ما قاله ابن رشد: إذا كان الملتزم يعلم أن ذلك الفعل يجب على الملتزم له ثم علق الإلتزام عليه فإنه يلزمه، ويحمل على أنه أراد أن يرغبه في الإتيان بذلك الفعل كقوله إن صليت الظهر اليوم فلك عندي كذا وكذا. والله تعالى أعلم.
وقال في الذخيرة من وجد آبقاً أو ضالاً بغير عمل فلا يجعل له وكذلك من عرف مكانه فدل عليه لأن ذلك واجب عليه، [وقال أيضاً من طلب من يعلم موضعه فلا شيء له لأن ذلك واجب عليه (3)] وقال في اللباب (4) في شروط الجعل الأول أن يكون مما لا يلزم المجعول له عمله، فإن كان مما يلزمه عمله لم يجز له أخذ الجعل عليه مثل أن يجد آبقاً من غير عمل لأن رده واجب عليه.
وكذلك مالا يجوز له فعله لا يجوز له أخذ الجعل عليه كالجعل على فعل الحرام سواء كان فعلاً أو قولاً كما إذا قال له إن اشتريت هذا الإناء من الخمر فلك كذا، أو إن سبيت فلاناً فلك كذا. أهـ
وقال ابن سلمون من رد آبقاً أو ضالة من غير عمل فلا جعل له على رده ولا على دلالته لوجوب ذلك عليه. (5) أهـ
(1) أنظر المدونة جـ 2 ص 258.
(2)
أنظر البيان والتحصيل جـ 1 ورقة 240 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10610.
(3)
هذه الجملة ساقطة من الأصل.
(4)
هذا الكتاب اسمه لب اللباب للفقيه الإمام أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن راشد القفصي المالكي المتوفى سنة (736 هـ) وهو مطبوع بالمطبعة التونسية سنة 1346 هـ.
(5)
أنظر العقد المنظم لابن سلمون على هامش تبصرة ابن فرحون جـ 2 ص 8.
وقال في كتاب الجعل والإجازة من النوادر (1): وإنما يجوز الجعل على طلب عبد يجهل مكانه فأما من وجد آبقاً أو ضالاً أو ثياباً فلا يجوز له أخذ الجعل على رده ولا على أن يدله (2) على مكانه بل ذلك واجب عليه، فأما من وجد ذلك بعد أن جعل ربه فيه جعلاً فله الجعل علم بما جعل فيه أو لم يعلم تكلف طلب هذه الأشياء أو لم يتكلفها، وإن وجده قبل أن يجعل فيه ربه شيئاً فأنظر فإن كان ممن يطلب الآباق فقد عرف بذلك فله جعل مثله، وإن لم يكن ممن نصب نفسه لذلك فليس له إلا نفقته، وكذلك بدل أو لم يبذل ربه فيه جعلا وكذلك قال ابن الماجشون وأصبغ وكله قول مالك، وقال ابن الماجشون إذا كان ليس من شأنه طلب الآباق فلا جعل له ولا نفقة قولاً مجملاً. أهـ
قلت: ما ذكره أولاً من أنه إذا جعل ربه فيه جعلاً فمن جاء به استحقه علم بالجعل أو لم يعلم تكلفه أو لم يتكلفه هو قول ابن الماجشون وأصبغ وغيرهما، وحكاه ابن حبيب عن مالك كما ذكر، وعليه اقتصر ابن الحاجب، وصدر به صاحب (3) الشامل. قال في التوضيح وقال ابن القاسم في العتبية (4) من سمعه فله الجعل سواء كان شأنه أولاً،
وإن جاء به من لم يسمعه لم يكن له شيء إلا أن يكون شأنه أي فيكون له جعل مثله قال في البيان (5) بعد أن ذكر
(1) عنوان الكتاب النوادر والزيادات على المدونة جمع فيه مؤلفه ابن أبي زيد القيرواني جميع ما في كتب الأمهات من المسائل والخلاف.
(2)
في م بدل.
(3)
أنظر الشامل ورقة 140 ظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 13762.
(4)
جمعها العتبي وهو محمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبي جمعها من سماعه من الإمام سحنون وأصبغ وابن حبيب وقد رواها عنه أبو عبد الله محمد بن لبابة وتسمى أيضاً المستخرجة، كانت عمدة الفتوى في الأندلس ومن أجلها هجرة الواضحة. توفي رحمه الله سنة (254 هـ). أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 7 والديباج جـ 2 ص 176.
(5)
المراد به البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل لابن رشد الجد المتوفى سنة 520 هـ.