الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الثاني بعد المائة: إضاءة أصابع حمزة بن عمرو الأسلمي]
وأما إضاءة أصابع حمزة بن عمرو الأسلمي، وهو بطريق مكة حتى جمع ما سقط من متاع رحل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وما تفرق من إبل أصحابه في الليلة التي مكر المنافقون برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فخرج البيهقي من حديث سفيان بن حمزة عن كثير ابن زيد، عن محمد بن حمزة الأسلمي، عن أبيه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فتفرقنا في ليلة ظلماء دحمسة [ (1) ] ، فأضاءت أصابعي حتى جمعوا عليها ظهرهم وما هلك منهم، وإن أصابعي [ (2) ] لتنير [ (3) ] .
وفي رواية قال: نفرت دوابنا في سفر ونحن مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء دحمسة، فأضاءت إصبعي حتى جمعوا عليها ظهورهم، وإن إصبعي لتنير [ (3) ] وخرجه أبو نعيم أيضا [ (4) ] .
وقال الواقدي في مغازيه- وقد ذكر غزوة تبوك وعود النبي صلى الله عليه وسلم قافلا منها-:
قالوا: لما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق مكر به أناس من المنافقين، وأتمروا أن يطرحوه في عقبة في الطريق، فلما بلغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تلك العقبة أرادوا أن يسلكوها معه، فأخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خبرهم، فقال للناس: اسلكوا بطن الوادي فإنه أسهل وأوسع، فسلك الناس بطن الوادي، وسلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم العقبة، وأمر عمار بن ياسر أن يأخذ بزمام الناقة يقودها، وأمر حذيفة بن اليمان أن يسوق من خلفه.
فبينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسري بالعقبة، إذ سمع حسّ القوم قد غشّوه، فغضب وأمر حذيفة أن يردّهم، فرجع حذيفة إليهم- وقد رأوا غضب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فجعل يضرب وجوه رواحلهم بمحجن في يده، وظن القوم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أطلع على مكرهم، فانحطوا من العقبة مسرعين حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فساق به.
[ (1) ] دحمسة: شديدة الظلام.
[ (2) ] في (خ) : «أصابعهم» .
[ (3) ](دلائل البيهقي) : 6/ 79.
[ (4) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 563، حديث رقم (507) ، وأخرجه البخاري في التاريخ.
فلما خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من العقبة نزل الناس فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا حذيفة، هل عرفت أحدا من الركب الذين رددتهم؟ قال: يا رسول اللَّه، عرفت راحلة فلان وفلان،
وكان القوم متلثمين [فلم][ (1) ] أبصرهم من أجل ظلمة الليل، وكانوا قد أنفروا بالنبيّ صلى الله عليه وسلم فسقط بعض متاع رحله، فكان حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه يقول: فنوّر لي في أصابعي الخمس فأضاءت، حتى كنا نجمع ما سقط: السوط والحبل وأشباههما، حتى ما بقي من المتاع شيء إلا جمعناه، وكان لحق بالنبيّ صلى الله عليه وسلم في العقبة [ (2) ] . واللَّه أعلم.
[ (1) ] زيادة للسياق من (مغازي الواقدي) .
[ (2) ](مغازي الواقدي) : 3/ 1042- 1043.