الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سادس وثلاثون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في طعام أبي بكر]
وأما ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في الطعام الّذي كان في دار أبي بكر رضي الله عنه،
فخرج البخاري في باب علامات النبوة في الإسلام، وخرج مسلم في كتاب الأشربة [ (1) ]، من حديث المعتمر بن سليمان قال أبي: حدثنا أبو عثمان أنه حدثه عن عبد الرحمن بن أبي بكر أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء، وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس، بسادس، أو كما قال، وأن أبا بكر رضي الله عنه جاء بثلاثة، وانطلق نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم بعشرة، وأبو بكر بثلاثة، قال: فهو أنا وأبي وأمي، فلا أدري هل قال وامرأتي وخادم بين بيتنا وبيت أبي بكر. قال: وإن أبا بكر رضي الله عنه تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لبث حتى صلى العشاء ثم رجع فلبث حتى تعشى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء اللَّه.
قالت له امرأته: ما حبسك عن أضيافك؟ - أو قالت: ضيفك- قال: وما عشيّتيهم؟ قالت: أبوا حتى تجيء، قد عرضوا عليهم فغلبوهم، قال: فذهبت أنا فاختبأت فقال: يا غنثر، فجدّع وسبّ وقال له: كلوا لا هنيئا، فقال: واللَّه لا أطعمه أبدا، قال وأيم اللَّه ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها، قال:
[يعني حتى شبعوا][ (2) ] ، فصارت أكثر مما كانت قبل ذلك، فنظر إليها أبو بكر رضي الله عنه فإذا هي كما هي أو أكثر، قال لامرأته: يا أخت بني فراس ما هذا؟
قالت: لا وقرة عيني لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات، فأكل منها أبو بكر رضي الله عنه وقال: إنما كان ذلك من الشيطان- يعني يمينه- ثم أكل منها لقمة، ثم حملها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأصبحت عنده، قال: وكان بيننا وبينهم عهد فمضى الأجل ففرقنا اثنا عشر رجلا مع كل رجل منهم أناس اللَّه أعلم كم مع كل
[ (1) ] في (خ) : «الأطعمة» ، وما أثبتناه من المرجع السابق.
[ (2) ] زيادة للسياق من (البخاري) .
رجل، غير أنه بعث معهم، قال فأكلوا منها أجمعون أو كما قال [ (1) ] .
وخرجه البخاري في كتاب الصلاة في باب السمر مع الأهل والضيف، وقال فيه: من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، وإن أربع فخامس أو سادس، وأن أبا بكر رضي الله عنه جاء بثلاثة، وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة، قال: فهو أنا وأبي وأمي، فلا أدري هل قال: وامرأتي وخادم. الحديث، وقال فيه [ثم حملها] إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت عنده، وكان بيننا وبين قوم عقد] [ (2) ] .
[ (1) ](فتح الباري) : 6/ 728- 729، كتاب المناقب، باب (25) علامات النبوة في الإسلام، حديث رقم (87) ، ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف، حديث رقم (6140) .
[ (2) ](فتح الباري) : 2/ 95- 96، كتاب مواقيت الصلاة، باب (41) السمر مع الضيف والأهل، حديث رقم (602) ، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق مه، (مسلم بشرح النووي) : 13/ 261، كتاب الأشربة، باب (32)، إكرام الضيف وفضل إيثاره حديث رقم (2057) قوله:
«غنثر» : هو ذباب أزرق، شبهه به لتحقيره. قوله:«فجدع وسب» : أي دعا عليه بالجدع، وهو قطع الأذن، أو الأنف، أو الشفة. قوله:«يا أخت بني فراس» خاطب أبو بكر بذلك امرأته أم رومان، وبنو فراس- بكسر الفاء وتخفيف الراء وآخره مهملة- ابن غنم بن مالك بن كنانة، وقال النووي: يا من هي من بني فراس، أو المعنى: يا أخت القوم المنتسبين إلى بني فراس.
وفي هذا الحديث من الفوائد:
* التجاء الفقراء إلى المساجد عند الاحتياج إلى المواساة، إذا لم يكن في ذلك إلحاح، ولا إلحاف، ولا تشويش على المصلين.
* وفيه استحباب مواساتهم عند اجتماع هذه الشروط.
* وفيه جواز الغيبة عن الأهل، والولد، والضيف، إذا أعدت لهم الكفاية.
* وفيه تصرف المرأة فيما تقدم للضيف، والإطعام بغير إذن خاص من الرجل.
* وفيه جواز سب الوالد للولد على وجه التأديب، والتمرين على أعمال الخير وتعاطيه.
* وفيه جواز الحلف على ترك المباح.
* وفيه توكيد الرجل الصادق لخبره بالقسم، وجواز الحنث بعد عقد اليمين.
* وفيه التبرك بطعام الأولياء والصلحاء.
* وفيه عرض الطعام الّذي تظهر فيه البركة على الكبار وقبولهم ذلك.