الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثالث عشر: إلانة الصّخر له صلى الله عليه وسلم]
وأما إلانة الصخر له،
فخرج البخاري في غزوة الخندق، عن عبد الواحد ابن أيمن عن أبيه قال: أتيت جابرا فقال: إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كيدة شديدة، فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كيدة عرضت في الخندق، فقال: أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعلول، فضرب في الكدية فعاد كثيبا أهيل أو أهيم [ (1) ] . الحديث.
وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: وكان في الخندق أحاديث في تصديق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتحقيق نبوته، وعاين ذلك المسلمون منه، وكان مما بلغني: أن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما كان يحدث أنه اشتد عليهم في بعض الخندق كدية [ (2) ] فشكوها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فدعا بإناء من ماء فتفل فيه، ثم دعا بما شاء اللَّه أن يدعو به، ثم نضح ذلك الماء على تلك الكدية [ (2) ]، فقال من حضرها:
فو الّذي بعثه بالحق نبيا لا نهالت حتى عادت كالكثيب ما ترد فأسا ولا مسحاة [ (3) ] .
وللبيهقي من حديث يونس بن بكير، عن عبد الواحد بن أيمن المخزومي قال:
حدثني أيمن المخزومي قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه يقول: كنا يوم الخندق نحفر الخندق فعرضت فيه كدانة- وهي الجبل- فقلنا: يا رسول اللَّه! إن كدانة قد عرضت فيه، فقال: رشّوا عليها، ثم قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأتاها وبطنه معصوب بحجر من الجوع، فأخذ المعول أو المسحاة فسمّى ثلاثا ثم ضرب، فعادت كثيبا
[ (1) ](فتح الباري) : 7/ 502، حديث رقم (4101) ، باب (30) غزوة الخندق.
[ (2) ] الكدية: الأرض الصلبة، والجمع: كدي، وهذا الجمع سمّي به موضع بأسفل مكة، وفي (خ) :
«كداية» .
[ (3) ](سيرة ابن هشام) : 4/ 174 باب ظهور الكدية والتغلب عليها.
أهيل.
الحديث [ (1) ] .
وله من حديث يونس عن ابن إسحاق قال: حدّثت عن سلمان قال: ضربت في ناحية من الخندق، فعطف عليّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو قريب مني، فلما رآني أضرب ورأي شدة المكان عليّ نزل وأخذ المعول من يدي، فضرب به ضربة فلمعت تحت المعول برقة، ثم ضرب ضربة أخرى فلمعت تحته برقة أخرى، ثم ضرب به الثالثة فلمعت تحته برقة أخرى، فقلت: يا رسول اللَّه! بأبي وأمي، ما هذا الّذي رأيت يلمع تحت المعول وأنت تضرب به؟ فقال: هل رأيت ذلك يا سلمان؟ قلت: نعم، فقال:
أما الأولى فإنّ اللَّه عز وجل فتح عليّ [بها][ (2) ] اليمن، وأما الثانية فإنّ اللَّه عز وجل فتح عليّ بها الشام والمغرب، وأما الثالثة فإن اللَّه فتح عليّ بها المشرق [ (3) ] .
قال ابن إسحاق: حدثني من لا أتهم، عن أبي هريرة أنه كان يقول: في زمن عمر وزمن عثمان وما بعده: افتتحوا ما بدا لكم، فو الّذي نفس أبي هريرة بيده، ما افتتحتم من مدينة ولا تفتتحونها إلى يوم القيامة إلا اللَّه عز وجل قد أعطى محمدا صلى الله عليه وسلم مفاتحها. قال البيهقي: وهذا الّذي ذكره محمد بن إسحاق بن يسار من قصة سلمان قد ذكرنا معناه منقولا عن معاذ بن أبي الأسود، عن عروة، ومغازي موسى ابن عقبة [ (4) ] . قال جامعه رحمه الله: وسيأتي لهذا الحديث طرق إن شاء اللَّه.
وقال أبو نعيم الأصفهاني رحمه الله: لما دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الغار مال برأسه إلى الجبل ليخفي شخصه عنهم، فلين اللَّه الجبل حتى أدخل فيه رأسه، واستروح إلى الجبل من حجر أطم فلان له حتى أثّر فيه بذراعيه وساعده، وذلك مشهور يقصده [الحجاج] يزورونه. وعادت صخرة بيت المقدس كهيئة العجين، فربط دابته، والناس يلتمسون ذلك الموضع إلى اليوم.
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 3/ 418، ورواه ابن هشام في (السيرة) .
[ (2) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .
[ (3) ](دلائل البيهقي) : 3/ 418، ورواه ابن هشام في (السيرة) .
[ (4) ](دلائل البيهقي) : 3/ 417- 418، وابن هشام في (السيرة) .
وقال محمد بن حزم- وقد ذكر خروج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الغار-: فلما فقدته قريش اتبعته بقائف معروف [فقفا] الأثر حتى وقف عند الغار، فقال:
هنا انقطع الأثر، فنظروا فإذا العنكبوت قد نسج على فم الغار من وقته، فأيقنوا أن لا أحد فيه فرجعوا، وفتح اللَّه تعالى في الوقت في جانب الغار بابا واسعا خرجا منه في صخرة صلبة صماء، لا تؤثر فيها المعاول، فأما لها اللَّه عز وجل إلى اليوم ظاهرة، لا يشك من رآها أنها لو ردّت لسدت المكان، ولا يختلف أحد أن ذلك الباب لو كان هنالك حينئذ لرأته قريش جهارا.