المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ثامن وثلاثون: أكل سبعين رجلا من قليل أقراص خبز شعير] - إمتاع الأسماع - جـ ٥

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الخامس]

- ‌فصل جامع في معجزات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على سبيل التفصيل

- ‌أولا: إبطال الكهانة

- ‌ثانيا: انشقاق القمر]

- ‌[ثالثا: رد الشمس بعد غروبها]

- ‌[رابعا: انقياد الشجر]

- ‌[خامسا: انقلاب العود والقضيب سيفا جيدا]

- ‌[سادسا: حنين الجذع]

- ‌[سابعا: تسليم الأحجار والأشجار عليه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامنا: تحرك الجبل لأجله وسكونه بأمره]

- ‌[تاسعا: رقم اسمه صلى الله عليه وسلم على صفحات المخلوقات]

- ‌[عاشرا: تظليل الغمام له]

- ‌[حادي عشر: رميه صلى الله عليه وسلم وجوه المشركين كفا من تراب فملأ أعينهم]

- ‌[ثاني عشر: إشارته صلى الله عليه وسلم إلى الأصنام وسقوطها]

- ‌[ثالث عشر: إلانة الصّخر له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابع عشر: تسبيح الحصا في كفه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس عشر: تأمين أسكفّة [ (1) ] الباب وحوائط البيت على دعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس عشر: نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سابع عشر: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في تكثير الماء القليل]

- ‌[ثامن عشر: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في مزادتي [ (1) ] المرأة]

- ‌[تاسع عشر: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في الماء بالحديبية]

- ‌[عشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في العين التي بتبوك]

- ‌[حادي وعشرون: نزول المطر بطريق تبوك عند دعائه صلى الله عليه وسلم، وإخباره بموضع ناقته لما ضلت، وبما قال أحد المنافقين]

- ‌[ثاني وعشرون: استقاؤه صلى الله عليه وسلم وقد قحط المطر، فسقاهم اللَّه تعالى ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وعشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في ركي قليل الماء حتى صارت نهرا يجري]

- ‌[رابع وعشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في البئر بقباء]

- ‌[خامس وعشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في بئر قليلة الماء، بعث إليها بحصيات ألقيت فيها فغزر ماؤها]

- ‌[سادس وعشرون: إفاقة جابر بن عبد اللَّه]

- ‌[سابع وعشرون: نشاط البعير الّذي قد أعيا ببركة وضوئه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وعشرون: عذوبة الماء بريقه المبارك]

- ‌[تاسع وعشرون: حبس الدمع بما نضحه صلى الله عليه وسلم في وجه امرأة]

- ‌[ثلاثون: ذهاب الحزن وسرور النفس ببركة ما غمس فيه يده الكريمة صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حادي وثلاثون: عذوبة الماء ببركته عليه السلام]

- ‌[ثاني وثلاثون: زيادة بقية أزواد القوم ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وثلاثون: تكثير طعام صنعه جابر بن عبد اللَّه بالخندق]

- ‌[رابع وثلاثون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في الأكل من القصعة]

- ‌[خامس وثلاثون: أكل مائة وثمانون رجلا من صاع طعام]

- ‌[سادس وثلاثون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في طعام أبي بكر]

- ‌[سابع وثلاثون: رزق اللَّه تعالى أهل بيت من الأنصار ذوي حاجة ببركته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وثلاثون: أكل سبعين رجلا من قليل أقراص خبز شعير]

- ‌[تاسع وثلاثون: أكل أصحاب الصفة من كسر يسيرة حتى شبعوا]

- ‌[أربعون: أكل بضع وسبعين رجلا من حيس فيه قدر مدّ تمر]

- ‌[حادي وأربعون: أكل أربعين رجلا من صاع طعام ورجل شاة حتى شبعوا ولم ينتقص منه شيء]

- ‌[ثاني وأربعون: أخذ أربعمائة رجل ما أحبوا من تمر قليل ولم ينقض]

- ‌[ثالث وأربعون: أكل مائة وثمانين رجلا من الأنصار حتى صدروا من طعام صنعه أبو أيوب الأنصاري]

- ‌[رابع وأربعون: أكل نفر حتى شبعوا من طعام يسير صنعه صهيب]

- ‌[خامس وأربعون: أكل طائفة في بيت عائشة من حيس يسير وشربهم لبنا حتى شبعوا ورووا]

- ‌[سادس وأربعون: غرسه لسلمان الفارسيّ نخلا أطعم من سنته]

- ‌[سابع وأربعون: ظهور البركة في تمرات يسيرة بمزود [ (1) ] أبي هريرة]

- ‌[ثامن وأربعون: امتلاء النّحي [ (1) ] الّذي أهريق ما فيه]

- ‌[تاسع وأربعون: البركة التي ظهرت في الشعير الّذي خلّفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في بيت عائشة رضي الله عنها]

- ‌[خمسون: البركة التي حلت في شطر وسق شعير دفعه النبي صلى الله عليه وسلم لرجل استطعمه]

- ‌[حادي وخمسون: أكل نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعياله من شعير دفعه له النبي صلى الله عليه وسلم نصف سنة لم ينقص لما كاله]

- ‌[ثاني وخمسون: شبع أعرابي بشيء من كسرة قد يبست]

- ‌[ثالث وخمسون: أمره قوما كانوا لا يشبعون بأن اجتمعوا]

- ‌[رابع وخمسون: ظهور البركة في شعير أم شريك]

- ‌[خامس وخمسون: إشباع أبي أمامة تكرمة له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس وخمسون: إغاثة اللَّه له صلى الله عليه وسلم عند ما نزل به ضيف]

- ‌[سابع وخمسون: ظهور البركة في التمر الّذي خلفه عبد اللَّه بن عمرو بن حرام]

- ‌[ثامن وخمسون: سماع الصحابة تسبيح الطعام وهم يأكلونه]

- ‌[تاسع وخمسون: مسحه ضرع شاة أم معبد فدرّت باللبن]

- ‌[ستون: حلبة صلى الله عليه وسلم عناقا [ (1) ] لا لبن فيها مع عبد يرعى غنما]

- ‌[حادي وستون: حلبة صلى الله عليه وسلم اللبن من شاة لم ينز عليها الفحل]

- ‌[ثاني وستون: ظهور الآية في اللبن للمقداد رضي الله عنه]

- ‌[ثالث وستون: سرعة سير الإبل بعد جهدها بدعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابع وستون: شرب أهل الصفة من قدح لبن حتى رووا]

- ‌[خامس وستون: وجود عنز في مكان لم تعهد فيه]

- ‌[سادس وستون: ظهور البركة في السمن الّذي كان لأم سليم [ (1) ]]

- ‌[سابع وستون: امتلاء عكّة أم مالك الأنصارية سمنا]

- ‌[ثامن وستون: امتلاء عكّة أم أوس البهزية]

- ‌[تاسع وستون: أكل أهل الخندق من حفنة تمر]

- ‌[سبعون: شهادة الذئب له صلى الله عليه وسلم بالرسالة]

- ‌[حادي وسبعون: مجيء الذئب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثاني وسبعون: كلام الظبية لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وسبعون: شهادة الضّبّ برسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابع وسبعون: سجود الغنم له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس وسبعون: سكون الوحش إجلالا له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس وسبعون: سجود البعير وشكواه للمصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سابع وسبعون: مخاطبة الناقة له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وسبعون: ازدلاف البدن إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم ليبدأ بنحرهنّ]

- ‌[تاسع وسبعون: مخاطبة الحمار له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثمانون: نسج العنكبوت على الغار]

- ‌[حادي وثمانون: وقوف الحمام بفم الغار، وقيام شجرة على باب الغار]

- ‌[ثانى وثمانون: وقوف الحية له وسلامها عليه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وثمانون: شكوى الحمّرة حالها للمصطفى صلى الله عليه وسلم لما فجعت بفرخيها]

- ‌[رابع وثمانون: تسخير الأسد لسفينة (أحد الموالي) كرامة للمصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس وثمانون: احتمال سفينة ما ثقل من متاع القوم ببركته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس وثمانون: إحياء شاة جابر بعد ما طبخت وأكلت]

- ‌[سابع وثمانون: تسخير الطائر له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وثمانون: كثرة غنم هند [بنت عتبة] [ (1) ] بدعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[تاسع وثمانون: إحياء الحمار الّذي نفق]

- ‌[تسعون: إحياء اللَّه ولد المهاجرة بعد موته، وإجابة دعاء العلاء بن الحضرميّ [ (1) ]]

- ‌[حادي وتسعون: شهادة الميّت للمصطفى صلى الله عليه وسلم بالرسالة]

- ‌[ثانى وتسعون: شهادة الرضيع والأبكم برسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وتسعون: وجود رائحة الطيب حيث سلك]

- ‌[رابع وتسعون: ابتلاع الأرض ما يخرج منه إذا ذهب لحاجته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس وتسعون: رؤيته صلى الله عليه وسلم من خلفه كما يرى من أمامه]

- ‌[سادس وتسعون: إضاءة طرف سوط الطفيل بن عمرو الدوسيّ]

- ‌[سابع وتسعون: إضاءة عصا أسيد بن حضير [ (1) ] وعباد بن بشر [ (2) ]]

- ‌[ثامن وتسعون: إضاءة العصا للنّبيّ صلى الله عليه وسلم ومن معه]

- ‌[تاسع وتسعون: إضاءة عصا أبي عبس الأنصاري]

- ‌[تمام المائة: إضاءة العرجون الّذي أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم لقتادة]

- ‌[الأول بعد المائة: البرقة التي أضاءت للحسنين رضي الله عنهما]

- ‌[الثاني بعد المائة: إضاءة أصابع حمزة بن عمرو الأسلمي]

- ‌[الثالث بعد المائة: رؤية أنس بن مالك النور بأيدي قوم في الدعاء]

- ‌[الرابع بعد المائة: تسليم الملائكة على عمران بن حصين تكرمة للرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الخامس بعد المائة: نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن]

- ‌[السادس بعد المائة: انقلاب بضعة لحم فهرا [ (1) ]]

- ‌فصل في ذكر أبناء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌[فصل في ذكر بنات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[زينب بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رقية بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أم كلثوم بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فاطمة الزهراء بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في ذكر أبناء بنات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الحسين بن علي رضي الله عنهما]

- ‌[فصل في ذكر بنات بنات النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أم كلثوم بنت علي]

- ‌[زينب بنت عليّ]

- ‌فصل في ذكر آل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌[ثامن وثلاثون: أكل سبعين رجلا من قليل أقراص خبز شعير]

[ثامن وثلاثون: أكل سبعين رجلا من قليل أقراص خبز شعير]

وأما أكل سبعين أو ثمانين رجلا في بيت أبي طلحة الأنصاري من قليل أقراص خبز شعير قد فتّ وأدم بيسير من أدام حتى شبعوا، وبقيت كما هي ببركة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم،

فخرج البخاري ومسلم من حديث مالك، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: قال أبو طلحة لأم سليم رضي الله عنها، لقد سمعت صوت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ قالت: نعم، فأخرجت أقراصا من شعير، ثم أخذت خمارا لها فلفّت الخبز ببعضه ثم دسّته تحت ثوبي، وردّتني [ (1) ] ببعضه، ثم أرسلتني إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: فذهبت به فوجدت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد ومعه الناس، فقمت عليهم فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أرسلك أبو طلحة؟ فقلت: نعم، فقال: بطعام؟.

وقال البخاري: قالت: بطعام؟ - فقلت: نعم، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لمن معه:

قوموا، قال: فانطلق وانطلقت بين يديه حتى جئت أبا طلحة فأخبرته، فقال أبو طلحة: يا أم سليم، قد جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالناس وليس عندنا ما نطعمهم، فقالت:

اللَّه ورسوله أعلم، قال: فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

فأقبل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم معه، حتى دخلا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هلمّي ما عندك يا أم سليم فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ففتّ وعصرت عليه أم سليم عكّة لها فأدمته، ثم قال فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما شاء اللَّه أن يقول، ثم قال:

ائذن لعشرة فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم أذن لعشرة حتى أكل القوم كلهم وشبعوا، والقوم سبعون رجلا أو ثمانون. وقال البخاري: والقوم ثمانون رجلا [ (2) ] .

[ (1) ] ردّتني: أي جعلت بعضه رداء على رأسي.

[ (2) ](فتح الباري) : 6/ 727، كتاب المناقب، باب (25) علامات النبوة في الإسلام، حديث رقم (3578) ، 9/ 658، كتاب الأطعمة، باب (6) من أكل حتى شبع، حديث رقم (5381) ، باب (48) من أدخل الضيفان عشرة عشرة، والجلوس على الطعام عشرة عشرة، 11/ 698- 699، كتاب الأيمان والنذور، باب (22) إذا حلف أن لا يأتدم فأكل تمرا بخبز، وما يكون منه الأدم، حديث رقم (6688)، (مسلم بشرح النووي) : 13/ 266، كتاب

ص: 165

وخرجه البخاري أيضا في المناقب، في باب علامات النبوة في الإسلام، بهذا الإسناد وقال فيه: ثم دسّته تحت يدي ولاثتنى ببعضه، وقال: قال بطعام؟ قلت:

نعم، وفي آخره: والقوم سبعون أو ثمانون رجلا [ (1) ] .

وخرجه في كتاب الأيمان والنذور، في باب إذا حلف أن لا يأدم فأكل تمرا بخبز، وما يكون منه الأدم بنحو ذلك وقال: والقوم سبعون أو ثمانون رجلا [ (1) ] .

وخرجه أبو عيسى الترمذي من حديث معن قال: عرضت على مالك بن أنس عن إسحاق إلى آخره، وقال: والقوم سبعون رجلا. وقال: هذا حديث حسن صحيح [ (2) ] . وخرجه البخاري في الصلاة، في باب من دعي لطعام في المسجد، من حديث مالك، وقال فيه: وجدت النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه ناس فقمت،

[ () ] الأشربة، باب (20) جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه ذلك، ويتحقق تحققا تاما، واستحباب الاجتماع على الطعام، حديث (2040)، (تحفة الأحوذي) : 10/ 73، أبواب المناقب، باب (30) بدون ترجمة، حديث رقم (3873)، (شرح الزرقاني على الموطأ) :

4/ 375، كتاب الجامع، باب (646) جامع ما جاء في الطعام والشراب، حديث رقم (1789)، (دلائل البيهقي) : 6/ 88، باب ما جاء في دعوة أبي طلحة الأنصاري- رضي الله عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وما ظهر في طعامه ببركة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من آثار النبوة.

قوله: «سمعت صوت النبي صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف فيه الجوع» ، كأنه لم يسمع في صوته لما تكلم إذ ذاك الفخامة المألوفة منه، فحمل ذلك على الجوع بقرينة الحال التي كانوا فيها.

وفيه ردّ على دعوى ابن حبان أنه لم يكن يجوع، واحتج بحديث:«أبيت يطعمني ربي ويسقيني» ، وتعقب بالحمل على تعدد الحال: فكان يجوع أحيانا ليتأسى به أصحابه، ولا سيما من لا يجد مددا وأدركه ألم الجوع صبر فضوعف له.

قال الطبراني: غير أن الشبع وإن كان مباحا فإن له حدا ينتهي إليه، وما زاد على ذلك فهو سرف، والمطلق منه ما أعان الآكل على طاعة ربه، ولم يشغله ثقله عن أداء ما وجب عليه.

وفيه دليل على جواز الشبع، وما جاء من النهي عنه محمول على الشبع الّذي يثقل المعدة، ويثبط صاحبه عن القيام للعبادة، ويفضي إلى البطر والأشر، والنوم والكسل، وقد تنتهي كراهته إلى التحريم بحسب ما يترتب عليه من المفسدة.

وذكر الكرماني تبعا لابن المنير أن الشبع المذكور محمول على شبعهم المعتاد منهم، وهو أن الثلث للطعام، والثلث للشراب، والثلث للنفس، ويحتاج في دعوى أن تلك عبادتهم إلى نقل خاص.

(فتح الباري) : 9/ 659- 660 مختصرا.

[ (1) ] انظر هامش رقم (2) في الصفحة السابقة.

[ (2) ] انظر التعليق السابق، وأخرجه أيضا أبو نعيم في (دلائل النبوة) : 2/ 415، الفصل الثاني والعشرون في ربوّ الطعام بحضرته وفي سفره لإمساسه بيده صلى الله عليه وسلم ووضعها عليه، حديث رقم (322) .

ص: 166

فقال لي: أرسلك أبو طلحة؟ فقلت: نعم، فقال: لطعام؟ قلت: نعم، قال لمن معه: قوموا، فانطلق وانطلقت بين أيديهم [ (1) ] .

وخرج مسلم من حديث ابن نمير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن سعيد قال: حدثني أنس بن مالك قال: بعثني أبو طلحة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [لأدعوه][ (2) ] ، وقد جعل طعاما، قال: فأقبلت ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مع الناس، فنظر إليّ فاستحييت، فقلت: أجب أبا طلحة، فقال للناس: قوموا، فقال أبو طلحة: يا رسول اللَّه! إنما صنعت لك شيئا.

فمسّها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ودعا فيها بالبركة ثم قال: أدخل [نفرا][ (2) ] من أصحابي عشرة وقال: كلوا، وأخرج لهم شيئا من بين أصابعه، فأكلوا حتى شبعوا فخرجوا، فقال: أدخل عشرة، فأكلوا حتى شبعوا [ (3) ] ، فما زال يدخل عشرة ويخرج عشرة حتى لم يبق منهم أحد إلا دخل فأكل حتى شبع، ثم هيأها فإذا هي مثلها حين أكلوا منها [ (4) ] .

وخرجه أيضا من حديث سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثنا أبي قال: حدثني سعيد بن سعيد قال: سمعت أنس بن مالك قال: بعثني أبو طلحة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. وساق الحديث بنحو حديث ابن نمير، غير أنه قال في آخره: ثم أخذ ما بقي فجمعه، ثم دعا فيه بالبركة، قال: فعاد كما كان، ثم قال: دونكم هذا [ (5) ] .

وأخرجه أيضا من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى ويحيى بن عمارة، وعبد اللَّه بن أبي عبد اللَّه بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، وفي حديث بعضهم: ثم

[ (1) ](فتح الباري) : 1/ 681، كتاب الصلاة، باب (43) من دعا لطعام في المسجد ومن أجاب منه، حديث رقم (422) .

[ (2) ] زيادة للسياقة من (صحيح مسلم) .

[ (3) ] في (خ) : «خرجوا» وما أثبتناه من (صحيح مسلم) .

[ (4) ](مسلم بشرح النووي) : 13/ 229- 230، كتاب الأشربة، باب (20) جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه، حديث رقم (143) من أحاديث الباب.

[ (5) ](المرجع السابق) : 231 الحديث الّذي بعده من أحاديث الباب.

ص: 167

أكل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأكل أهل البيت، وأفضلوا ما بلّغ [ (1) ] جيرانهم [ (2) ] .

وخرج من حديث حجاج بن الشاعر، عن موسى بن محمد المؤدب قال:

حدثنا حرب بن ميمون، عن النضر بن أنس، عن أنس قال: قالت أم سليم: اذهب إلى نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم إن رأيت أن تغدى عندنا فافعل، فقال: ومن عندي؟

فقلت: نعم، قال: فجئت فدخلت على أم سليم وأنا مدهش لمن أقبل مع نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت أم سليم: ما صنعت يا أنس؟ فدخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على أثر ذلك، فذكرت له الّذي أرسلتني إليك، وهذا غداؤك، قال: هل عندك سمن؟ قالت:

نعم، قد كان عندي منه عكة، وفيها شيء من سمن.

قال: فأتها، قال: فجئته بها، ففتح رباطها فقال: بسم اللَّه، اللَّهمّ أعظم فيه البركة، فقال: أقلبيها، فأقلبتها، فعصرها نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يسمي، فأخذت [منها][ (3) ] ، قدر، فأكل منها بضع وثمانون رجلا وفضل منها، فدفعها إلى أم سليم فقال: كلي وأطعمي جيرانك [ (4) ] .

[ (1) ] كذا في (خ)، وفي (صحيح مسلم) :«ما أبلغوا جيرانهم» .

[ (2) ](المرجع السابق) : 233.

[ (3) ] هذه الكلمة مطموسة في (خ) ، ولعل الصواب يناسب السياق.

[ (4) ](المرجع السابق) : 234- 235 مختصرا جدا عن (خ) ،

قوله صلى الله عليه وسلم: «أرسلك أبو طلحة فقلت:

نعم» ،

وقوله صلى الله عليه وسلم: «الطعام فقلت: نعم» ،

هذان علمان من أعلام النبوة، وذهابه صلى الله عليه وسلم بهم علم ثالث، وتكثير الطعام علم رابع.

* وفيه ما تقدم من حديث أبي هريرة وحديث جابر من ابتلاء الأنبياء صلوات اللَّه عليهم وسلامه، والاختبار بالجوع وغيره من المشاق ليصيروا، فيعظم أجرهم ومنازلهم، * وفيه ما كانوا عليه من كتمان ما بهم. * وفيه ما كانت الصحابة- رضي اللَّه تعالى عنهم- عليه من الاعتناء بأحوال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. * وفيه استحباب بعث الهدية وإن كانت قليلة بالنسبة إلى مرتبة المبعوث إليه، لأنها وإن قلت فهي خير من العدم. * وفيه جلوس العالم لأصحابه يفيدهم ويؤدبهم، واستحباب ذلك في المساجد.

* وفيه انطلاق صاحب الطعام بين يدي الضيفان، وخروجه ليتلقاهم. * وفيه منقبة لأم سليم رضي اللَّه تعالى عنها، ودلالة على عظيم فقهها، ورجحان عقلها، لقولها: اللَّه ورسوله أعلم، ومعناه أنه قد عرف الطعام، فهو أعلم بالمصلحة، فلو لم يعلمها في مجيء الجمع العظيم لم يفعلها فلا تحزن من ذلك. * وفيه استحباب فتّ الطعام واختيار الثريد على الغمس باللقم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «فإنّ اللَّه سيجعل فيه البركة»

* فيه علم ظاهر من أعلام النبوة،

وقوله صلى الله عليه وسلم: «ثم أكل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأكل أهل البيت»

* فيه أنه يستحب لصاحب الطعام وأهله أن يكون أكلهم بعد فراغ الضيفان، واللَّه تعالى أعلم. (مسلم بشرح النووي) : 13/ 232- 234 مختصرا.

ص: 168

قال المؤلف- رحمه الله هذا الحديث من الأحاديث التي اشتهرت عند أهل العلم، فرواه عن أنس بن مالك سوى من ذكرنا: يعقوب بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، ومحمد بن كعب، وعمرو بن يحيى بن عمارة المازني عن أبيه، وبكر بن عبد اللَّه، وثابت البناني، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومحمد بن سيرين، والجعد أبو عثمان، وسنان أبو ربيعة، كلهم عن أنس، يزيد بعضهم وينقص.

ص: 169