المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[رابعا: انقياد الشجر] - إمتاع الأسماع - جـ ٥

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الخامس]

- ‌فصل جامع في معجزات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على سبيل التفصيل

- ‌أولا: إبطال الكهانة

- ‌ثانيا: انشقاق القمر]

- ‌[ثالثا: رد الشمس بعد غروبها]

- ‌[رابعا: انقياد الشجر]

- ‌[خامسا: انقلاب العود والقضيب سيفا جيدا]

- ‌[سادسا: حنين الجذع]

- ‌[سابعا: تسليم الأحجار والأشجار عليه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامنا: تحرك الجبل لأجله وسكونه بأمره]

- ‌[تاسعا: رقم اسمه صلى الله عليه وسلم على صفحات المخلوقات]

- ‌[عاشرا: تظليل الغمام له]

- ‌[حادي عشر: رميه صلى الله عليه وسلم وجوه المشركين كفا من تراب فملأ أعينهم]

- ‌[ثاني عشر: إشارته صلى الله عليه وسلم إلى الأصنام وسقوطها]

- ‌[ثالث عشر: إلانة الصّخر له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابع عشر: تسبيح الحصا في كفه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس عشر: تأمين أسكفّة [ (1) ] الباب وحوائط البيت على دعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس عشر: نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سابع عشر: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في تكثير الماء القليل]

- ‌[ثامن عشر: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في مزادتي [ (1) ] المرأة]

- ‌[تاسع عشر: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في الماء بالحديبية]

- ‌[عشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في العين التي بتبوك]

- ‌[حادي وعشرون: نزول المطر بطريق تبوك عند دعائه صلى الله عليه وسلم، وإخباره بموضع ناقته لما ضلت، وبما قال أحد المنافقين]

- ‌[ثاني وعشرون: استقاؤه صلى الله عليه وسلم وقد قحط المطر، فسقاهم اللَّه تعالى ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وعشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في ركي قليل الماء حتى صارت نهرا يجري]

- ‌[رابع وعشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في البئر بقباء]

- ‌[خامس وعشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في بئر قليلة الماء، بعث إليها بحصيات ألقيت فيها فغزر ماؤها]

- ‌[سادس وعشرون: إفاقة جابر بن عبد اللَّه]

- ‌[سابع وعشرون: نشاط البعير الّذي قد أعيا ببركة وضوئه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وعشرون: عذوبة الماء بريقه المبارك]

- ‌[تاسع وعشرون: حبس الدمع بما نضحه صلى الله عليه وسلم في وجه امرأة]

- ‌[ثلاثون: ذهاب الحزن وسرور النفس ببركة ما غمس فيه يده الكريمة صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حادي وثلاثون: عذوبة الماء ببركته عليه السلام]

- ‌[ثاني وثلاثون: زيادة بقية أزواد القوم ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وثلاثون: تكثير طعام صنعه جابر بن عبد اللَّه بالخندق]

- ‌[رابع وثلاثون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في الأكل من القصعة]

- ‌[خامس وثلاثون: أكل مائة وثمانون رجلا من صاع طعام]

- ‌[سادس وثلاثون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في طعام أبي بكر]

- ‌[سابع وثلاثون: رزق اللَّه تعالى أهل بيت من الأنصار ذوي حاجة ببركته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وثلاثون: أكل سبعين رجلا من قليل أقراص خبز شعير]

- ‌[تاسع وثلاثون: أكل أصحاب الصفة من كسر يسيرة حتى شبعوا]

- ‌[أربعون: أكل بضع وسبعين رجلا من حيس فيه قدر مدّ تمر]

- ‌[حادي وأربعون: أكل أربعين رجلا من صاع طعام ورجل شاة حتى شبعوا ولم ينتقص منه شيء]

- ‌[ثاني وأربعون: أخذ أربعمائة رجل ما أحبوا من تمر قليل ولم ينقض]

- ‌[ثالث وأربعون: أكل مائة وثمانين رجلا من الأنصار حتى صدروا من طعام صنعه أبو أيوب الأنصاري]

- ‌[رابع وأربعون: أكل نفر حتى شبعوا من طعام يسير صنعه صهيب]

- ‌[خامس وأربعون: أكل طائفة في بيت عائشة من حيس يسير وشربهم لبنا حتى شبعوا ورووا]

- ‌[سادس وأربعون: غرسه لسلمان الفارسيّ نخلا أطعم من سنته]

- ‌[سابع وأربعون: ظهور البركة في تمرات يسيرة بمزود [ (1) ] أبي هريرة]

- ‌[ثامن وأربعون: امتلاء النّحي [ (1) ] الّذي أهريق ما فيه]

- ‌[تاسع وأربعون: البركة التي ظهرت في الشعير الّذي خلّفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في بيت عائشة رضي الله عنها]

- ‌[خمسون: البركة التي حلت في شطر وسق شعير دفعه النبي صلى الله عليه وسلم لرجل استطعمه]

- ‌[حادي وخمسون: أكل نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعياله من شعير دفعه له النبي صلى الله عليه وسلم نصف سنة لم ينقص لما كاله]

- ‌[ثاني وخمسون: شبع أعرابي بشيء من كسرة قد يبست]

- ‌[ثالث وخمسون: أمره قوما كانوا لا يشبعون بأن اجتمعوا]

- ‌[رابع وخمسون: ظهور البركة في شعير أم شريك]

- ‌[خامس وخمسون: إشباع أبي أمامة تكرمة له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس وخمسون: إغاثة اللَّه له صلى الله عليه وسلم عند ما نزل به ضيف]

- ‌[سابع وخمسون: ظهور البركة في التمر الّذي خلفه عبد اللَّه بن عمرو بن حرام]

- ‌[ثامن وخمسون: سماع الصحابة تسبيح الطعام وهم يأكلونه]

- ‌[تاسع وخمسون: مسحه ضرع شاة أم معبد فدرّت باللبن]

- ‌[ستون: حلبة صلى الله عليه وسلم عناقا [ (1) ] لا لبن فيها مع عبد يرعى غنما]

- ‌[حادي وستون: حلبة صلى الله عليه وسلم اللبن من شاة لم ينز عليها الفحل]

- ‌[ثاني وستون: ظهور الآية في اللبن للمقداد رضي الله عنه]

- ‌[ثالث وستون: سرعة سير الإبل بعد جهدها بدعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابع وستون: شرب أهل الصفة من قدح لبن حتى رووا]

- ‌[خامس وستون: وجود عنز في مكان لم تعهد فيه]

- ‌[سادس وستون: ظهور البركة في السمن الّذي كان لأم سليم [ (1) ]]

- ‌[سابع وستون: امتلاء عكّة أم مالك الأنصارية سمنا]

- ‌[ثامن وستون: امتلاء عكّة أم أوس البهزية]

- ‌[تاسع وستون: أكل أهل الخندق من حفنة تمر]

- ‌[سبعون: شهادة الذئب له صلى الله عليه وسلم بالرسالة]

- ‌[حادي وسبعون: مجيء الذئب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثاني وسبعون: كلام الظبية لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وسبعون: شهادة الضّبّ برسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابع وسبعون: سجود الغنم له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس وسبعون: سكون الوحش إجلالا له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس وسبعون: سجود البعير وشكواه للمصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سابع وسبعون: مخاطبة الناقة له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وسبعون: ازدلاف البدن إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم ليبدأ بنحرهنّ]

- ‌[تاسع وسبعون: مخاطبة الحمار له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثمانون: نسج العنكبوت على الغار]

- ‌[حادي وثمانون: وقوف الحمام بفم الغار، وقيام شجرة على باب الغار]

- ‌[ثانى وثمانون: وقوف الحية له وسلامها عليه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وثمانون: شكوى الحمّرة حالها للمصطفى صلى الله عليه وسلم لما فجعت بفرخيها]

- ‌[رابع وثمانون: تسخير الأسد لسفينة (أحد الموالي) كرامة للمصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس وثمانون: احتمال سفينة ما ثقل من متاع القوم ببركته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس وثمانون: إحياء شاة جابر بعد ما طبخت وأكلت]

- ‌[سابع وثمانون: تسخير الطائر له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وثمانون: كثرة غنم هند [بنت عتبة] [ (1) ] بدعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[تاسع وثمانون: إحياء الحمار الّذي نفق]

- ‌[تسعون: إحياء اللَّه ولد المهاجرة بعد موته، وإجابة دعاء العلاء بن الحضرميّ [ (1) ]]

- ‌[حادي وتسعون: شهادة الميّت للمصطفى صلى الله عليه وسلم بالرسالة]

- ‌[ثانى وتسعون: شهادة الرضيع والأبكم برسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وتسعون: وجود رائحة الطيب حيث سلك]

- ‌[رابع وتسعون: ابتلاع الأرض ما يخرج منه إذا ذهب لحاجته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس وتسعون: رؤيته صلى الله عليه وسلم من خلفه كما يرى من أمامه]

- ‌[سادس وتسعون: إضاءة طرف سوط الطفيل بن عمرو الدوسيّ]

- ‌[سابع وتسعون: إضاءة عصا أسيد بن حضير [ (1) ] وعباد بن بشر [ (2) ]]

- ‌[ثامن وتسعون: إضاءة العصا للنّبيّ صلى الله عليه وسلم ومن معه]

- ‌[تاسع وتسعون: إضاءة عصا أبي عبس الأنصاري]

- ‌[تمام المائة: إضاءة العرجون الّذي أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم لقتادة]

- ‌[الأول بعد المائة: البرقة التي أضاءت للحسنين رضي الله عنهما]

- ‌[الثاني بعد المائة: إضاءة أصابع حمزة بن عمرو الأسلمي]

- ‌[الثالث بعد المائة: رؤية أنس بن مالك النور بأيدي قوم في الدعاء]

- ‌[الرابع بعد المائة: تسليم الملائكة على عمران بن حصين تكرمة للرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الخامس بعد المائة: نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن]

- ‌[السادس بعد المائة: انقلاب بضعة لحم فهرا [ (1) ]]

- ‌فصل في ذكر أبناء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌[فصل في ذكر بنات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[زينب بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رقية بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أم كلثوم بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فاطمة الزهراء بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في ذكر أبناء بنات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الحسين بن علي رضي الله عنهما]

- ‌[فصل في ذكر بنات بنات النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أم كلثوم بنت علي]

- ‌[زينب بنت عليّ]

- ‌فصل في ذكر آل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌[رابعا: انقياد الشجر]

[رابعا: انقياد الشجر]

وأما انقياد الشجر،

فخرج مسلم من حديث حاتم بن إسماعيل، عن يعقوب ابن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا، فذكر الحديث [ (1) ] إلى أن قال: عن جابر بن عبد اللَّه، وسرنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح، فذهب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، فاتبعته بأداوة من ماء، فنظر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان [ (2) ] بشاطئ الوادي، فانطلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما [ (3) ]، فأخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادي عليّ بإذن اللَّه، فانقادت معه [كالبعير المخشوش الّذي يصانع قائدة، حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادي عليّ بإذن اللَّه فانقادت معه كذلك][ (4) ] حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما، لأم بينهما- يعني جمعهما- فقال: التئما عليّ بإذن اللَّه فالتأمتا، قال جابر: فخرجت أحضر مخافة أن يحسّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقربي فيبتعد، فجلست أحدث نفسي، فحانت مني لفته، فإذا أنا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقبلا

[ (1) ] قال ابن الأثير الجزريّ: هذا حديث عبادة بن الوليد عن أبي اليسر وجابر: قد مرّ أوله في كتاب «الدّين والقرض» من حرف الدال، وبعضه في كتاب «فضيلة المسجد» ، وبعضه في كتاب «السّب واللعن» ، وبعضه في كتاب «الصلاة» ، لأن كل واحد من أحاديثه حديث منفرد مستقل بنفسه، وقد جاءت في بعض الصحاح متفرقة، قد ذكرناها كذلك، وسردها مسلم حديثا واحدا، وأوردها الحميدي في مسند أبي اليسر، وكان معظم معاني الحديث يتضمن ذكر المعجزات، فأوردناه بطوله في هذا الباب لئلا يخلو الكتاب من ذكر الحديث مسرودا على حالته وإن كان قد جاء مفرقا في أبوابه.

(جامع الأصول) : 11/ 384.

[ (2) ] في (خ) : «وإذا بشجرتين» ، وما أثبتناه من رواية مسلم.

[ (3) ] كذا في (خ)، وفي رواية مسلم:«إلى إحداهما» ، وكلاهما صحيح.

[ (4) ] ما بين الحاضرتين سقط في (خ) ، وأثبتناه من رواية مسلم.

ص: 34

وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق، فرأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقف وقفة فقال برأسه هكذا- وأشار أبو إسماعيل برأسه يمينا وشمالا- ثم أقبل، فلما انتهى إليّ قال: يا جابر، هل رأيت مقامي؟ قلت: نعم يا رسول اللَّه، قال فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا فأقبل بهما، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك، قال جابر: فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته فانذلق لي، فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا، ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري، ثم لحقت فقلت: قد فعلت يا رسول اللَّه نعم ذاك، قال: إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتي أن يرفّه عنهما ما دام الغصنان رطبين [ (1) ] .

وذكر الحديث.

وخرج البيهقي وغيره من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان بالحجون وهو كئيب [حزين][ (2) ] لما آذاه المشركون، فقال: اللَّهمّ أرني اليوم آية لا أبالي من كذبني بعدها، قال: فأمر فنادى شجرة من قبل عقبه أهل المدينة، فأقبلت تخد الأرض حتى انتهت إليه [فسلمت عليه][ (3) ]، قال: ثم أمرها فرجعت إلى موضعها، فقال: ما أبالي من كذبني بعد هذا من قومي [ (4) ] .

وفي رواية: فنادى شجرة من جانب الوادي فأقبلت تخد الأرض خدا حتى وقفت بين يديه [ (5) ] .

[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 18/ 351- 352، كتاب الزهد والرقاق، باب (18) حديث جابر الطويل، وقصة أبي اليسر، (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) : 1/ 196- 197، (دلائل أبي نعيم) : 2/ 392، حديث رقم (296) .

[ (2) ] في (خ) : «كان على الحجون كثيبا، وما أثبتناه من رواية أبي نعيم في (دلائل النبوة) .

[ (3) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.

[ (4) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 389- 390، حديث رقم (290)، (الخصائص الكبرى) :

1/ 302، والحجون: موضع بأعلى مكة، (دلائل البيهقي) : 6/ 13.

[ (5) ](الشفا بتعريف حقوق المصطفى) : 1/ 198.

ص: 35

ومن حديث أبي معاوية عن الأعمش، عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال: جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج من مكة قد خضبه أهل مكة بالدماء- فقال: مالك؟ قال: خضبني هؤلاء بالدماء، وفعلوا وفعلوا، قال: تريد أن أريك آية؟ قال: نعم، قال: ادع تلك الشجرة، فدعاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجاءت تخط الأرض حتى قامت بين يديه، قال: مرها فلترجع، قال: فارجعي إلى مكانك فرجعت إلى مكانها، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: حسبي [ (1) ] .

ومن حديث يونس بن بكير عن المبارك بن فضالة عن الحسن قال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى شعاب مكة- وقد دخله من الغم ما شاء اللَّه من تكذيب قومه إياه- فقال: رب أرني ما أطمئن إليه ويذهب عني هذا الغم، فأوحى اللَّه إليه:

أدع أي أغصان هذه الشجرة شئت، فدعى غصنا فانتزع من مكانه، ثم خدّ في الأرض حتى جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ارجع إلى مكانك، فرجع الغصن فخدّ في الأرض حتى استوى كما كان، فحمد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وطابت نفسه ورجع، وقد كان قال المشركون: أتضلل [ (2) ] آباءك وأجدادك يا محمد؟

فأنزل اللَّه عز وجل: أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ، إلى قوله.

وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [ (3) ] .

قال البيهقي: وهذا المرسل لما تقدم من الموصول شاهد، وقد سخر اللَّه تعالى الشجرة لنبينا صلى الله عليه وسلم حتى جعلها آية لنبوته لمن طلب منه آية، وشهدت له الشجرة بالنّبوّة في بعض الرواية.

فذكر من طريق محمد بن فضيل عن أبي حبان عن عطاء، عن ابن عمر رضي الله عنه قال: كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر، فأقبل أعرابي فلما دنا منه

[ (1) ](دلائل البيهقي) : 2/ 154، باب مبتدإ البعث والتنزيل، وما ظهر عند ذلك من تسليم الحجر والشجر، وتصديق ورقة ابن نوفل إياه، (سنن الدارميّ) : 1/ 12- 13، باب كيف كان أول شأن النبي صلى الله عليه وسلم، (المواهب اللدنية) : 2/ 539، (مسند أحمد) : 3/ 555- 556، حديث رقم (11702) .

[ (2) ] كذا في (خ)، وفي (دلائل البيهقي) :«أفضّلت» .

[ (3) ] الزمر: 164، والحديث أخرجه البيهقي في (دلائل النبوة) : 6/ 14.

ص: 36

قال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أين تريد؟ قال: إلى أهلي، قال: هل لك إلى خير؟ قال:

ما هو؟ قال: تشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، قال: هل من شاهد على ما تقول؟ قال: هذه الشجرة، فدعاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهي على شاطئ الوادي، فأقبلت تخدّ الأرض خدّا، فقامت بين يديه، فاستشهدها ثلاثا، فشهدت له كما قال ثم رجعت إلى منبتها، ورجع الأعرابي إلى قومه فقال: إن يتبعوني آتيك بهم، وإلا رجعت إليك فكنت معك [ (1) ] .

وخرجه أبو محمد عبد اللَّه بن عبد الرحمن الدارميّ، عن محمد بن طريف قال:

حدثنا محمد بن فضيل بنحو ما أخرجه البيهقي.

وخرج البيهقي من حديث شريك عن سماك عن أبي ظبيان، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بم أعرف أنك رسول اللَّه؟

قال أرأيت لو دعوت هذه العذق من هذه النخلة، فجعل العذق ينزل من النخلة حتى سقط في الأرض، ثم جعل ينقر حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال له: ارجع، فرجع حتى عاد إلى مكانه، فقال: أشهد أنك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وآمن [ (2) ] .

[و] رواه البخاري في (التاريخ) عن محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال:

أخبرني شريك فذكره.

وخرج البيهقي من حديث أبي معاوية عن الأعمش، عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم رجل من بني عامر فقال: إني من أطب الناس، فإن كان بك جنون داويتك! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتحب أن أريك آية؟ قال: نعم، قال:

فادع ذاك العذق، فدعاه، فجاء ينقر على ذنبه حتى قام بين يديه، ثم قال: ارجع، فرجع، فقال: يا بني عامر! ما رأيت أسحر من هذا [ (3) ] .

وله من حديث الأعمش، عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: جاء رجل من

[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 14- 15.

[ (2) ](دلائل البيهقي) : 6/ 15، (المستدرك) : 2/ 620 وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، حديث رقم (4237/ 247) .

[ (3) ](دلائل البيهقي) : 6/ 15- 16.

ص: 37

بني عامر إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن عندي طبا وعلما فما تشتكي؟ هل يريبك من نفسك شيء؟ إلى من تدعو؟ قال: أدعو إلى اللَّه عز وجل والإسلام، قال: إنك لتقول قولا، فهل لك من آية؟ قال: نعم إن شئت أريتك آية- وبين يديه شجرة- فقال لغصن منها: تعال يا غصن، فانقطع الغصن من الشجرة ثم أقبل ينقر حتى قام بين يديه، فقال: ارجع إلى مكانك فرجع، قال العامري: يا آل عامر بن صعصعة، لا [ألومك][ (1) ] على شيء قلته أبدا [ (2) ] .

ومن طريق الأعمش عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا الّذي يقول أصحابك؟ قال: - وحول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعذاق- قال: فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هل لك أن أريك آية؟ قال:

فدعا عذاقا منها فأقبل يخد الأرض ويسجد، ويرفع رأسه حتى وقف بين يديه، ثم أمره فرجع، قال: فخرج العامري وهو يقول: يا آل عامر بن صعصعة! واللَّه لا أكذبه بشيء يقوله أبدا [ (3) ] .

قال البيهقي: كذا قال سالم بن أبي الجعد، وذكر في هذه الرواية تصديق الرجل إياه، كما هو في رواية سماك، ويحتمل أنه توهمه سحرا ثم علم أنه ليس بساحر، فآمن وصدّق، وروى في ذلك عن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم [ (4) ] .

وخرج البيهقي من حديث يونس بن بكير، عن إسماعيل بن عبد الملك، عن أبي الزبير، عن جابر قال: خرجت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد البراز تباعد حتى لا يراه [أحد][ (1) ] فنزلنا منزلا بفلاة من الأرض ليس فيها علم ولا شجر، فقال لي: يا جابر خذ الإداوة وانطلق بنا، فملأت الإداوة ماء فمشينا حتى لا نكاد نرى.

فإذا شجرتان بينهما أذرع، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا جابر، انطلق فقل لهذه الشجرة: يقول لك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ألحقي بصاحبتك حتى أجلس خلفكما،

[ (1) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .

[ (2) ](دلائل البيهقي) : 6/ 16.

[ (3) ](دلائل البيهقي) : 6/ 17.

[ (4) ] المرجع السابق.

ص: 38

ففعلت، فرجعت حتى لحقت بصاحبتها، فجلس خلفهما حتى قضى حاجته.

ثم رجعنا [ (1) ] [فركبنا رواحلنا فسرنا كأنما علينا الطير يظلّنا، فإذا نحن بامرأة قد عرضت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ومعها صبي تحمله، فقالت يا رسول اللَّه! إن ابني هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرات لا يدعه، فوقف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتناوله، فجعله بينه وبين مقدمة الرحل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اخسأ عدوّ اللَّه! أنا رسول اللَّه، قال: فأعاد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاث مرات، ثم ناولها إياه، فلما رجعنا فكنا بذلك الماء، عرضت لنا المرأة معها كبشان تقودهما والصبي تحمله، فقالت:

يا رسول اللَّه، اقبل مني هديتي، فو الّذي بعثك بالحق إن عاد إليه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: خذوا أحدهما وردوا الآخر] [ (2) ] وخرجه أبو محمد عبد اللَّه بن عبد الرحمن الدارميّ [ (3) ] .

وخرج البيهقي من حديث زمعة بن صالح [عن زياد][ (4) ] ، عن أبي الزبير، أنه سمع يونس بن خبّاب الكوفي يحدث أنه سمع أبا عبيدة يحدث عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في سفر إلى مكة، فذهب إلى الغائط فكان يبعد حتى لا يراه أحد، قال: فلم يجد شيئا يتوارى به، فبصر بشجرتين، فذكر قصة الشجرتين وقصة الجمل بنحو من حديث جابر، وحديث جابر أصح، قال البيهقي: وهذه الرواية ينفرد به زمعة بن صالح عن زياد، أظنه ابن سعد عن أبي الزبير [ (5) ] .

وله من حديث يونس بن بكير، عن الأعمش عن المنهال بن عمرو، عن يعلي ابن مرة عن أبيه قال: سافرت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سفرا، فرأيت أشياء عجبا، نزلنا منزلا فقال: انطلق إلى هاتين الأشاءتين فقل: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول لكما

[ (1) ] في (خ) : «ثم رجعنا» ، وما أثبتناه من (دلائل البيهقي) .

[ (2) ] ما بين الحاصرتين تكملة الحديث من المرجع السابق.

[ (3) ](سنن الدارميّ) : 1/ 10- 11، وقال فيه: ثم رجعتا إلى مكانهما فركبنا رواحلنا فسرنا

إلخ الحديث.

[ (4) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .

[ (5) ](دلائل البيهقي) : 6/ 20.

ص: 39

أن تجتمعا، فانطلقت فقلت لهما ذلك، وانتزعت كل واحدة منهما من أصلها، فنزلت كل واحدة إلى صاحبتها فالتقتا جميعا، فقضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حاجته من ورائها ثم قال: انطلق فقل لهما: فلتعد كل واحدة إلى مكانها، فأتيتهما فقلت لهما ذلك، فنزلت كل واحدة حتى عادت إلى مكانها.

وأتته امرأة فقالت: إن ابني هذا به لمم منذ سبع سنين يأخذه في كل يوم مرتين، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أدنيه، فأدنته منه، فتفل في فيه وقال: اخرج عدوّ اللَّه، أنا رسول اللَّه، ثم قال لها: إذا رجعنا فأعلمينا ما صنع، فلما رجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استقبلته [ (1) ] ومعها كبشان وأقط وسمن فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: خذ هذا الكبش فأخذ منه ما أراد، فقالت: والّذي أكرمك، ما رأينا به شيئا منذ فارقتنا.

ثم أتاه بعير فقام بين يديه فرأى عينيه تدمعان، فبعث إلى أصحابه فقال:

ما لبعيركم هذا يشكوكم؟ فقالوا: كنا نعمل عليه فلما كبر وذهب عمله تواعدنا لننحره غدا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فلا تنحروه واجعلوه في الإبل يكون فيها [ (2) ] .

وخرج من حديث وكيع عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن [يعلي] ابن مرة عن أبيه قال: رأيت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشياء: فذكر الحديث بمعنى رواية يونس، إلا أنه زاد: خذ أحد الكبشين ورد الآخر، وخذ السمن والأقط.

مرة بن يعلي هو مرة بن أبي مرة الثقفي، وقيل: فيه عن يعلي نفسه أنه قال:

رأيت

فذكر من طريق وكيع عن الأعمش عن المنهال بن عمرو، عن يعلي بن مرة قال: رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم عجبا: خرجت معه في سفر فنزلنا منزلا، فأتته امرأة بصبي لها به لمم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اخرج عدو اللَّه أنا رسول اللَّه، قال:

[فبرأ][ (3) ] ، فلما رجعنا جاءت أم الغلام بكبشين وشيء من أقط وسمن، فقال

[ (1) ] في المرجع السابق: «فاستقبله ومعه» ، وما أثبتناه من (خ) .

[ (2) ](دلائل البيهقي) : 6/ 20- 21.

[ (3) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.

ص: 40

النبي صلى الله عليه وسلم: يا يعلي، خذ أحد الكبشين ورد عليها الآخر، وخذ السمن والأقط، قال: ففعلت [ (1) ] .

هذا أصح، والأول وهم. قاله البخاري، يعني روايته عن أبيه وهم، إنما هو عن يعلي نفسه، وهم في وكيع مرة، ورواه على الصحة مرة. قال البيهقي:

وقد وافقه فيما زعم البخاري أنه وهم يونس بن بكير، فيحتمل أن يكون الوهم من الأعمش واللَّه أعلم.

وخرج من حديث شريك عن عمر بن عبد اللَّه بن يعلي بن مرة عن أبيه، عن جده قال: رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشياء ما رآها أحد قبلي: كنت معه في طريق مكة

الحديث. قال: ورواه عطاء بن السائب عن عبد اللَّه بن حفص، عن يعلي بن مرة الثقفي قال: ثلاثة أشياء رأيتها من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بينا نحن نسير معه

، فذكر قصة البعير وقال: ثم سرنا حتى نزلنا منزلا، فنام النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت شجرة تشق الأرض حتى غشيته ثم رجعت إلى مكانها، فلما استيقظ ذكرت له فقال: هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم على رسول اللَّه فأذن لها [ (2) ] ، ثم ذكر قصة المرأة.

وخرج الإمام أحمد هذا الحديث من طريق عبد الرزّاق قال: أخبرنا معمر عن عطاء.. فذكره [ (1) ] . قال البيهقي: الرواية الأولى عن يعلي بن مرة في أمر الشجرتين أصح لموافقتها رواية جابر بن عبد اللَّه الأنصاري، إلا أن يكون أمر الشجرة في هذه.

الرواية حكاية عن واقعة أخرى [ (3) ] .

وخرج من حديث معاوية بن يحيى الصدفي قال: أخبرني الزهري عن خارجة ابن زيد، قال: قال أسامة بن زيد: خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الحجة التي حجها، حتى إذا كنا ببطن الروحاء

، فذكر قصة المرأة بزيادة ثم قال: يا أسيم،

[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 21- 22، (مسند أحمد) : 5/ 182 حديث رقم (17113) .

[ (2) ](دلائل البيهقي) : 6/ 23- 24، (المواهب اللدنية) : 2/ 540- 541، (دلائل أبي نعيم) :

2/ 391، حديث رقم (293)، (مسند أحمد) : 5/ 183، حديث رقم (17115) .

[ (3) ](دلائل البيهقي) : 6/ 24.

ص: 41

انظر هل ترى من خمر لمخرج رسول اللَّه؟ فقلت: يا رسول اللَّه، قد دحس الناس الوادي فما فيه موضع، فقال: انظر هل ترى من نخل أو حجارة؟ فقلت:

يا رسول اللَّه قد رأيت نخلات متفرقات ورجما من حجارة، قال: انطلق إلى النخلات فقل لهن: إن رسول اللَّه يأمر كن أن تدانين لمخرج رسول اللَّه، وقل للحجارة مثل ذلك، قال: فأتيتهن فقلت ذاك لهن، فو الّذي بعثه [ (1) ] بالحق نبيا، لقد جعلت انظر الى النخلات يخددن الأرض خدا حتى اجتمعن، وانظر إلى الحجارة يتقافزن حتى صرن رجما خلف النخلات، فأتيته فقلت ذاك له، قال:

خذ الإداوة وانطلق، فلما قضى حاجته وانصرف قال: يا أسيم، عد إلى النخلات والحجارة فقل لهن: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمركن أن ترجعن إلى مواضعكن [ (2) ] .

وخرج أبو نعيم من حديث حيان بن علي، عن صالح بن حيّان عن ابن بريدة عن أبيه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه! قد أسلمت فأرني شيئا أزدد به يقينا، قال: ما الّذي تريد؟ قال: ادع تلك الشجرة فلتأتك، قال:

اذهب فادعها، فأتاها الأعرابي فقال: أجيبي رسول اللَّه قال فمالت على جانب من جوانبها فقطعت عروقها، ثم مالت على الجانب الآخر فقطعت عروقها، ثم أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: السلام عليك يا رسول اللَّه، فقال الأعرابي: حسبي حسبي، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ارجعي فرجعت فجلست على عروقها [وفروعها][ (3) ] .

[ (1) ] في المرجع السابق: «بعثك» .

[ (2) ](دلائل البيهقي) : 6/ 25- 26، (دلائل أبي نعيم) : 2/ 393- 394، حديث رقم (298)، (المطالب العالية) : 4/ 8- 10، حديث رقم (3830)، (الخصائص الكبرى) :

2/ 302.

[ (3) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 390، حديث رقم (291) ، وصالح بن حيان ضعيف، وما بين الحاصرتين زيادة من المرجع السابق، وزاد بعدها:

فقال الأعرابي: ائذن لي يا رسول اللَّه أن أقبل رأسك ورجليك، ففعل، ثم قال: ائذن لي أن أسجد لك، قال: لا يسجد أحد لأحد، ولو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها،

(المستدرك) : 4/ 190، حديث رقم (7326/ 87)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في (التلخيص) : بل واه، وفي إسناده صالح بن حيان: متروك.

ص: 42

وروى يحيى بن أبي عمرو [السيباني][ (1) ] قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن مسعر عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد اللَّه قال: قال لي مسروق:

أخبرني أبوك أن شجرة أنذرت النبي صلى الله عليه وسلم بالجن [ (2) ] .

[ (1) ] تصويب للنسب من (تهذيب التهذيب) : 11/ 228، ترجمة رقم (425) .

[ (2) ](الشفا بتعريف حقوق المصطفى) : 1/ 197.

لكن قال ابن أبي حاتم في (علل الحديث) : 2/ 392- 393 حديث رقم (2687) :

سمعت أبي رضي الله عنه ذكر حديثا رواه ابن فضيل عن أبي حيان، عن عطاء عن ابن عمر قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأقبل أعرابي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك إلى خير من الذهاب؟

قال: نعم، قال: تشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأني رسول اللَّه، قال الأعرابي فمن يشهد لك؟ قال هذه الشجرة

الحديث، قال أبي: وقد حدثنا على الطنافسىّ وعبد المؤمن بن علي، عن ابن فضيل هكذا، وأنا أنكر هذا، لأن أبا حيان لم يسمع من عطاء، ولم يرو عنه، وليس هذا الحديث من حديث عطاء، قلت: من تراه؟ قال: لحديث أبي جناد أشبه.

* وللَّه درّ الإمام الأبوصيريّ حيث قال:

جاءت لدعوته الأشجار ساجدة

تمشي إليه على ساق بلا قدم

فكأنما سطرت سطرا لما كتبت

فروعها من بديع الخط في اللقم

واللقم: بفتح اللام والقاف: أوسط الطريق. فشبّه أثار مشي الشجر لما جاءت إليه صلى الله عليه وسلم بكتابة كانت أوقعها على نسبة معلومة، في أسطر منظومة. وإذا كانت الأشجار تبادر لامتثال أمره صلى الله عليه وسلم حتى تخر ساجدة بين يديه، فنحن أولى بالمبادرة لامتثال ما دعا إليه، زاده اللَّه شرفا لديه. وتأمل قول الأعرابي:«ائذن لي أن أسجد لك» لما رأى من سجود الشجرة، فرأى أنه أحرى بذلك حتى أعلمه صلى الله عليه وسلم أن ذلك لا يكون إلا للَّه، فحق على كل مؤمن أن يلازم السجود للرب المعبود، ويقوم على ساق العبوديّة، وإن لم يكن له قدم كما قامت الشجرة. (بردة المديح للإمام الأبوصيري) ، (حاشية الباجوري على متن البردة)، المواهب اللدنية) : 2/ 541- 542.

ص: 43