الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[رابع وستون: شرب أهل الصفة من قدح لبن حتى رووا]
[وأما شرب أهل الصفة من قدح لبن حتى رووا، فخرج البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد اللَّه إسحاق بن محمد بن يوسف السوسيّ قراءة عليه من أصله، حدثنا أبو جعفر: محمد بن محمد بن عبد اللَّه البغدادي، أنبأنا عل بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا عمرو بن ذر، حدثنا مجاهد أن أبا هريرة كان يقول:][ (1) ] .
[واللَّه الّذي لا إله إلا هو، إن كنت لاعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشدّ الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم الّذي يخرجون فيه، فمرّ بي أبو بكر، فسألته عن آية من كتاب اللَّه، ما سألته إلا ليستتبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي عمر، فسألته عن آية من كتاب اللَّه، ما سألته إلا ليستتبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني، وعرف ما في نفسي، وما في وجهي.
ثم قال: يا أبا هر! قلت: لبيك يا رسول اللَّه، قال: ألحق، ومضى فاتبعته، فدخل واستأذنت، فأذن لي، فدخلت، فوجد لبنا في قدح، فقال: من أين هذا اللبن؟ قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة.
قال: أبا هر! قلت: لبيك يا رسول اللَّه، قال: ألحق بأهل الصفة فادعهم لي، قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون إلى أهل ولا مال، إذا أتته صدقة يبعث بها إليهم، ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتتهم هدية أرسل إليهم، فأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك. قلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة، كنت أرجو أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، وإني لرسول، فإذا جاءوا أمرني أن أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة اللَّه وطاعة رسوله بد، فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا حتى استأذنوا فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم
[ (1) ] ما بين الحاصرتين مطموس في (خ) ، واستدركناه من كتب السيرة.
من البيت، فقال: يا أبا هر! قلت: لبيك يا رسول اللَّه، قال: خذ فأعطهم، فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل، فيشرب حتى يروى، ثم يردّ عليّ القدح، فأعطيه للآخر فيشرب حتى يروى، ثم يردّ عليّ القدح، حتى انتهيت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقد روى القوم كلهم.
فأخذ القدح فوضعه على يده، ونظر إليّ وتبسّم وقال: يا أبا هر! قلت:
لبيك يا رسول اللَّه، قال: بقيت أنا وأنت، قلت: صدقت يا رسول اللَّه! قال:
اقعد فاشرب، فقعدت وشربت فقال: اشرب، فشربت، فقال: اشرب، فشربت، فما زال يقول اشرب، فأشرب، حتى قلت: لا والّذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا، قال: فأرني فأعطيته القدح فحمد اللَّه وسمّى، وشرب الفضلة] [ (1) ] .
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 101- 102، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أهل الصفة على لبن يسير، وما ظهر في ذلك من آثار النبوة، وأخرجه البخاري في صحيحه عن أبي نعيم، في (81) كتاب الرقاق، (17) باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتخليهم عن الدنيا، حديث رقم (6452) .