الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في ذكر بنات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]
اعلم أن إجماع من يعتد به انعقد على أنه كان لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أربع بنات كلهن من خديجة، وهنّ زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة عليهنّ السلام.
[ () ] عن ابنه إبراهيم، قال: لا أدري رحمة اللَّه على إبراهيم لو عاش لكان صدّيقا نبيا. ورواه ابن مندة والبيهقي عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه ابن عساكر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن عساكر أيضا بسنده وقال: فيه من ليس بالقوي عن عليّ بن أبي طالب: لما توفي إبراهيم أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمه مارية، فجاءته، وغسّلته، وكفّنته، وخرج به، وخرج الناس معه، فدفنه، وأدخل يده في قبره فقال: أما واللَّه إنه لنبي ابن نبي، وبكى المسلمون حوله حتى ارتفع الصوت، ثم قال: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يغضب الرب، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون.
وروى أبو داود أنه مات وعمره ثمانية عشر شهرا، فلم يصل عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
صححه ابن خزيمة.
قال الزركشي: اعتلّ من سلم ترك الصلاة عليه بعلل: منها أنه استغنى بفضيلة أبيه عن الصلاة، كما استغنى الشهيد بفضل الشهادة. ومنها أنه لا يصلي نبي على نبي، وقد جاء لو عاش لكان نبيا.
ولا بعد في إثبات النبوة له مع صغره، لأنه كعيسى القائل يوم ولد: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا، وكيحيى الّذي قال تعالى فيه: وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا، قال المفسرون: نبّئ وعمره ثلاث سنين، واحتمال نزول جبريل بوحي لعيسى وليحيى يجري في إبراهيم، ويرشحه أنه صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء وعمره ثمانية أشهر، ثم قال بعد أن نقل عن السبكي كلاما: وبه يعلم تحقيق نبوة سيدنا إبراهيم في حال صغره، انتهى فأعرفه.
وقال في (المقاصد الحسنة) : الطرق الثلاثة:
أحدها: ما
أخرجه ابن ماجة وغيره عن ابن عباس أنه قال: لما مات إبراهيم ابن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى عليه وقال: إن له مرضعا في الجنة، ولو عاش لكان صديقا، ولو عاش لاعتقت أخواله من القبط، وما استرق قبطي.
وفي سنده إبراهيم بن عثمان الواسطي ضعيف، ومن طريقه أخرجه ابن مندة في (المعرفة)، وقال: غريب.
ثانيها: ما رواه إسماعيل السدّيّ عن أنس قال: كان إبراهيم قد ملأ المهد، ولو بقي لكان نبيا، ولكن لم يكن ليبقى فإن نبيكم آخر الأنبياء.
ثالثها: رواه البخاري عن إسماعيل بن أبي خالد قال: قلت لعبد اللَّه بن أبي أوفى أنه قال: رأيت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم مات صغيرا، ولو قضي أن يكون بعد محمد نبي عاش إبراهيم ولكن لا نبي بعده.
وأخرجه أحمد عن ابن أبي أوفى أنه كان يقول: لو كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم نبي ما مات ابنه. قال:
وعزاه شيخنا للبخاريّ من حديث البراء فيه.
وروى أحمد والترمذي وغيرهما، عن عقبة بن عامر رفعه: لو كان بعدي نبي لكان عمر. وورد عن جماعة آخرين.
فزينب بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كانت أكبر بناته، ولدت سنة ثلاثين من مولده، ولا خلاف أنها أسن بناته، إلا ما لا يصح ولا يلتفت إليه، وإنما الخلاف بين القاسم وزينب أيهما ولد أولا، فقالت طائفة من أهل العلم بالنسب: أول ولد ولد لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم القاسم ثم زينب، وقال ابن الكلبي: زينب ثم القاسم.
[ () ] وقال القاري ويشير إلى قوله تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ: فإنه يومئ إلى أنه لا يعيش له ولد يصل إلى مبلغ الرجال، فإن ولده من صلبه يقتضي أن يكون لبّ قلبه، كما يقال: الولد سرّ أبيه، ولو عاش وبلغ أربعين سنة وصار نبيا، لزم أن يكون نبيا خاتم النبيين. ثم يقرب من هذا الحديث ما
رواه أحمد والحاكم عن عقبة مرفوعا: لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب.
قلت: ومع هذا لو عاش إبراهيم وصار نبيا لكان من أتباعه، وكذا لو صار عمر نبيا لكان من أتباعه، كعيسى والخضر وإلياس، فلا يناقض قوله تعالى: وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ، إذ المعنى أنه لا يأتي نبي بعده ينسخ ملته، ولم يكن من ملته،
وبقوله صلى الله عليه وسلم: لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي.
وقال النجم: وأورده السيوطي في (الجامع الصغير) بلفظ: لو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا، وقال: أخرجه البارودي عن أنس، وابن عساكر عن جابر، وعن ابن عباس، وعن ابن أبي أوفى.
(كشف الخفا ومزيل الالتباس) : 2/ 156، حديث رقم (2101)، (الفوائد المجموعة) :
398، ذكر إبراهيم رضي الله عنه، حديث رقم (135)، (ضعيف سنن ابن ماجة للألباني) وقال:
هذه الروايات وإن كانت موقوفة فلها حكم الرفع، إذ هي من الأمور الغيبية التي لا مجال للرأي فيها، فإذا عرفت هذا يتبين لك ضلال القاديانية في احتجاجهم بهذه الجملة «لو عاش إبراهيم لكان نبيا» ، على دعواهم الباطلة في استمرار النبوة بعده صلى الله عليه وسلم، لأنها لا تصح هكذا عنه صلى الله عليه وسلم، وإن ذهبوا إلى تقويتها بالآثار التي ذكرنا، كما صنعنا نحن، فهي تلقمهم حجرا، وتعكس دليلهم عليهم، إذ أنها تصرح أن وفاة إبراهيم عليه السلام صغيرا كان بسبب أنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم، ولربما جادلوا في ذلك- كما هو دأبهم- وحاولوا أن يوهنوا من الاستدلال بهذه الآثار، وأن يرفعوا عنها حكم الرفع، ولكن لم ولن يستطيعوا الانفكاك مما ألزمناهم به من ضعف دليلهم هذا ولو من الوجه الأول، وهو أنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم مرفوعا صراحة (المرجع السابق) : 115- 116، (27) باب ما جاء في الصلاة على ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وذكر وفاته، حديث رقم (332) ، وحديث رقم (333)، (الأسرار المرفوعة) :
290، حديث رقم (379)، (المقاصد الحسنة) : 547- 548، حديث رقم (893) .