الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حادي عشر: رميه صلى الله عليه وسلم وجوه المشركين كفا من تراب فملأ أعينهم]
وأما رميه صلى الله عليه وسلم وجوه المشركين كفا من تراب فملأ أعينهم،
قال موسى بن عقبة في غزوة حنين: ولما غشي رسول اللَّه [صلى الله عليه وسلم] القتال قام في الركابين وهو على البغلة ويقولون: نزل فرفع يديه إلى اللَّه يدعوه يقول: اللَّهمّ إني أنشدك ما وعدتني، اللَّهمّ لا ينبغي لهم أن يظهروا علينا، ونادى على أصحابه فذمّرهم [ (1) ] : يا أصحاب البيعة يوم الحديبيّة، يا أصحاب سورة البقرة، يا أنصار اللَّه وأنصار رسوله، يا بني الخزرج.
وقبض قبضة من الحصى فحصب بها وجوه المشركين ونواصيهم كلها وقال:
شاهت الوجوه، فأقبل إليه أصحابه سراعا يبتدرونه، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الآن حمي الوطيس، فهزم اللَّه أعداءه في كل ناحية حصبهم فيها رسول اللَّه، وأتبعهم المسلمون يقتلونهم، وغنمهم اللَّه نساءهم [وذراريهم][ (2) ] وشاءهم وإبلهم [ (3) ] .
وخرج مسلم والنسائي من حديث ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب. قال: حدثني كثير بن عباس بن عبد المطلب قال: قال عباس رضي اللَّه
[ (1) ] ذمّرهم: حثهم على القتال، قال عنترة.
لما رأيت القوم أقبل جميعهم* يتذامرون كررت غير مذمّم
[ (2) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .
[ (3) ](دلائل البيهقي) : 5/ 131- 132 وقال: هذا لفظ حديث موسى بن عقبة، وليس في رواية عروة: قيامه في الركابين، ولا قوله: يا أنصار اللَّه، وقال في الحصباء: فرمى من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، لا يرمي ناحية إلا انهزموا، وانهزم المشركون، وعطف أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين هزمهم اللَّه، واتبعهم المسلمون
…
فذكره. قال محققه: رواية موسى بن عقبة ذكرها ابن عبد البر باختصار شديد في (الدرر) : 226.
عنه: شهدت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث ابن عبد المطلب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، فلما التقى المسلمون والكفار، ولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار.
وقال عباس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول اللَّه أكفها إرادة أن لا يسرع، وأبو سفيان أخذ بركاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أي عباس! ناد أصحاب الشجرة، فقال عباس- وكان رجلا صيتا-: فقلت بأعلى صوتي:
أين أصحاب السمرة؟ قال: فو اللَّه لكان عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك يا لبيك، قال: فاقتتلوا [هم][ (1) ] والكفار، والداعين [ (2) ] في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار.. ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج [فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج، يا بني الحارث بن الخزرج][ (3) ] فنظر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم وقال:
هذا حين حمي والوطيس.
قال: ثم أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال: انهزموا ورب محمد،
قال: فذهبت انظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، قال: فو اللَّه ما هو إلا أن رماهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحصياته [ (4) ] فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا [ (5) ] . زاد النسائي بعد هذا: حتى يعني هزمهم اللَّه. لفظهما فيه متقارب. ذكره النسائي في الجهاد وترجم عليه: رمي الحصا في وجوه الكفار [ (6) ] .
[ (1) ] زيادة في (خ) .
[ (2) ] كذا في (خ)، وفي رواية (مسلم) :«والدعوة» .
[ (3) ] زيادة للسياق من (صحيح مسلم) .
[ (4) ] في (خ) : «بحصيات» .
[ (5) ](مسلم بشرح النوي) : 12/ 355- 359، كتاب الجهاد والسير، باب (28) غزوة حنين، حديث رقم (1775) : وقوله: «على بغلة بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجزامي» ، قال القاضي:
واختلفوا في إسلامه، فقال الطبري: أسلم وعمّر طويلا، وقال غيرهم لم يسلم وقد أطال النووي في (شرح مسلم) الكلام في قبول هدية الكافر، فليراجع هناك.
[ (6) ] لم أجده في (سنن النسائي) ولعله في (الكبرى) .
وخرج مسلم من حديث عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري بهذا الإسناد نحوه غير أنه قال: فروة بن نعامة الجذامي، وقال: انهزموا ورب الكعبة، انهزموا ورب الكعبة، وزاد في الحديث: حتى هزمهم اللَّه، قال: وكأني انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم على بغلته [ (1) ] .
وذكره أيضا من حديث سفيان بن عيينة عن الزهري قال: أخبرني كثير بن العباس عن أبيه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين.. وساق الحديث، غير أن حديث يونس وحديث معمر أكبر منه وأتم [ (2) ] .
وله من حديث عكرمة بن عماد قال: حدثني إياس بن سلمة قال: حدثني أبي قال: غزونا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حنينا، فلما واجهنا العدو تقدّمت فأعلو ثنية، فاستقبلني رجل من العدو فأرميته بسهم، فتوارى عني فما دريت ما صنع، ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى، فالتقوا مع [ (3) ] أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فولى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأرجع منهزما وعليّ بردتان متزرا بإحداهما، مرتديا بالأخرى، فاستطلق إزاري فجمعتهما جميعا، ومررت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منهزما وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقد رأى ابن الأكوع فزعا، فلما غشوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب الأرض، ثم استقبل به وجوههم فقال: شاهت الوجوه، فما خلق اللَّه منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا من [ (4) ] تلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم اللَّه، وقسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين [ (5) ] .
وخرج البيهقي من حديث حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن عبد اللَّه ابن يسار- ويكنى أبا همام- عن أبي عبد الرحمن الفهري قال: كنا مع رسول
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 12/ 359، حديث رقم (17) .
[ (2) ] المرجع السابق، ص 360.
[ (3) ] كذا في (خ)، وفي رواية (مسلم) :«فالتقوا هم وصحابة النبي صلى الله عليه وسلم» ، «فولى صحابة» .
[ (4) ] كذا في (خ) ، وفي (مسلم)«بتلك» .
[ (5) ](مسلم بشرح النووي) : 12/ 364، حديث رقم (1777) .
صلّى اللَّه عليه وسلم في حنين، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظلال الشجر، فلما زالت الشمس لبست لأمتي وركبت فرسي، فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو في فسطاطه فقلت: السلام عليك يا رسول اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته، قد حان الرواح يا رسول اللَّه، قال: أجل، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا بلال، فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طير فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك، قال: أسرج لي فرسي فأتاه برفّتين من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر.
قال: فركب فرسه ثم سرنا يومنا، فلقينا العدو وتشامّت الخيلان، فقاتلناهم فولى المسلمون مدبرين، كما قال اللَّه عز وجل، قال: فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:
يا عباد اللَّه! أنا عبد اللَّه ورسوله، يا أيها الناس! إني أنا عبد اللَّه ورسوله، واقتحم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن فرسه.
وحدّث من كان أقرب إليه مني أنه أخذ حفنة من تراب فحثى بها في وجوه القوم وقال: شاهت الوجوه، قال يعلي [ (1) ] بن عطاء: فأخبرنا أبناؤهم عن آبائهم [ (2) ] أنهم قالوا: ما بقي منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه من التراب، وسمعنا صلصلة من السماء كمرّ الحديد على الطست الحديد، فهزمهم اللَّه عز وجل [ (3) ] .
ولأحمد، من حديث عفان بن مسلم قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الحارث بن حصين، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال ابن مسعود: كنت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فولى عنه الناس وبقيت معه في ثمانين رجلا من المهاجرين والأنصار فنكصنا على أقدامنا نحوا من ثمانين قدما، ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل اللَّه عليهم السكينة، قال: ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على بغلته يمضي قدما، فحادت بغلته فمال عن السرج فقلت: ارتفع رفعك اللَّه، فقال: ناولني كفا من تراب، فناولته، فضرب به وجوههم فامتلأت أعينهم ترابا، ثم قال: أين المهاجرون
[ (1) ] في (خ) : «يحيى» .
[ (2) ] في (خ) : «عن نسائهم» .
[ (3) ](دلائل البيهقي) : 5/ 141، باب رمي النبي صلى الله عليه وسلم وجوه الكفار والرعب الّذي ألقي في قلوبهم، ونزول الملائكة، وما ظهر في كل واحد من هذه الأنواع من آثار النبوة، (مسند أحمد) : 6/ 387، حديث رقم (21961) .
والأنصار؟ قلت: هم هنا [ (1) ]، قال: اهتف بهم، فهتفت بهم، فجاءوا وسيوفهم بأيمانهم كأنهم الشهب، وولى المشركون أدبارهم [ (2) ] .
وله من حديث أبي قلابة قال: حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن الطائفي قال: أخبرني عبد اللَّه بن عياض بن الحارث الأنصاري عن أبيه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أتى هوازن في اثنى عشر ألفا. فقتل من أهل الطائف يوم حنين مثل من قتل يوم بدر، قال: فأخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كفّا من حصباء فرمى بها وجوهنا فانهزمنا. قال البيهقي: رواه البخاري في التاريخ عن أبي عاصم ولم ينسب عياضا [ (3) ] .
وله من حديث البصري عن رجل من قومه شهد ذاك يوم حنين، وعمرو ابن سفيان الثقفي قالا: انهزم المسلمون يوم حنين ولم يبق مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا عباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث، قال: فقبض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبضة من الحصباء فرمى بها في وجوههم، قال: فانهزمنا فما خيّل إلينا إلا أن كل حجر أو شجر فارس يطلبنا، قال الثقفي: فأعجرت على فرسي حتى دخلت الطائف [ (4) ] .
وله من حديث السائب بن يسار عن يزيد بن عامر الشوائي أنه قال: عند انكشافه انكشف المسلمون يوم حنين فتبعهم الكفار، أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبضة من الأرض ثم أقبل على المشركين فرمى بها وجوههم وقال: حم لا ينصرون، فانهزم القوم وما رميناهم بسهم ولا طعناهم برمح، وفي رواية: فما خلق اللَّه منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا.
وخرج الحاكم من حديث يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن عائشة بنت سعد عن أبيها سعد بن أبي وقاص قال: لما جال
[ (1) ] كذا في (خ)، وفي (المسند) :«هم أولاء» .
[ (2) ](مسند أحمد) : 2/ 36، حديث رقم (4324) .
[ (3) ](دلائل البيهقي) : 5/ 142.
[ (4) ](دلائل البيهقي) : 5/ 143.
الناس عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تلك الجولة يوم أحد، تنحيت فقلت: أذود عن نفسي فإما أن أستشهد وإما أن أنجو حتى ألقى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبينا أنا كذلك إذا برجل مخمر الوجه لا أدري [ (1) ] من هو، فأقبل المشركون حتى قلت قد ركبوه، ملأ يده من الحصباء ثم رمى به في وجوههم فتنكبوا على أعقابهم القهقرى حتى يأتوا الجبل، ففعل ذلك مرارا ولا أدري من هو، وبيني وبينه المقداد بن الأسود، فبينا أنا أريد أن أسأل المقداد عنه إذ قال المقداد: يا سعد! هذا رسول اللَّه يدعوك، فقلت:
وأين هو؟ [فأشار المقداد][ (2) ] إليه، فقمت وكأني لم يصبني شيء من أذى، فقال: أين كنت اليوم يا سعد؟ فقلت: حيث رأيت يا رسول اللَّه، فأجلسني أمامه فجعلت أرمي وأقول: اللَّهمّ سهمك فارم به عدوك، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: اللَّهمّ استجب لسعد، اللَّهمّ سدد رميته، [إيها سعد][ (2) ] فداك أبي وأمي، فما من سهم أرمي به إلا قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اللَّهمّ سدد رميته وأجب دعوته إيها سعد، حتى فرغت من كنانتي، نثر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما في كنانته، فنبلني سهما نضيا، قال: وهو الّذي قد ريش، وكان أشد من غيره.
قال الزهري:
إن السهام التي رمى بها سعد يومئذ كانت ألف سهم [ (3) ] . قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم [ولم يخرجاه][ (2) ] .
وللبزار من حديث يونس بن أرقم، حدثنا الأعمش عن سماك بن حرب، عن ابن عباس أن عليا ناول النبي صلى الله عليه وسلم التراب فرمى به في وجوه المشركين يوم حنين.
[ (1) ] كذا في (خ)، وفي (المستدرك) :«فحمر وجهه ما أدري» .
[ (2) ] زيادة للسياق من (المستدرك) .
[ (3) ](المستدرك) : 3/ 28- 29، حديث رقم (4314/ 18) من كتاب المغازي والسرايا.