الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[رابع وخمسون: ظهور البركة في شعير أم شريك]
وأما ظهور البركة في شعير أم شريك وعكتها، وريها من عند اللَّه ببركة الرسول صلى الله عليه وسلم، فخرج البيهقي من حديث يونس بن بكير، عن عبد الأعلى، عن أبي المساور القرشي، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كانت امرأة من دوس يقال لها: أم شريك، أسلمت في رمضان، فأقبلت تطلب من يصحبها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلقيت رجلا من اليهود فقال: ما لك يا أم شريك؟
قالت: أطلب رجلا يصحبني إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: فتعالي فأنا أصحبك، قالت: فانتظرني حتى أملأ سقائي ماء، قال: معي ماء، لا تريدين ماء.
قال: فانطلقت معهم فساروا يومهم حتى أمسوا، فنزل اليهودي ووضع سفرته فتعشّى وقال: يا أم شريك، تعالي إلى العشاء، فقالت: اسقني من الماء فإنّي [عطشى][ (1) ] ، ولا أستطيع أن آكل حتى أشرب، فقال: لا أسقيك حتى تهودي، فقالت: لا جزاك اللَّه عني خيرا، غررتني [ (2) ] ومنعتني أن أحمل ماء، فقال: لا واللَّه لا أسقيك منه قطرة حتى تهودين، فقالت: لا واللَّه لا أتهود أبدا بعد أن هداني اللَّه إلى الإسلام، وأقبلت إلى بعيرها فعقلته، ووضعت رأسها على ركبته فنامت، قالت: فما أيقظني إلا [برد][ (3) ] دلو قد وقع على جبيني.
فرفعت رأسي فنظرت إلى ماء أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، فشربت حتى رويت، ثم نضحت على سقائي حتى ابتل، ثم ملأته، ثم رفع بين يدي وأنا انظر حتى توارى مني في السماء، فلما أصبحت جاء اليهودي فقال: يا أم شريك، قلت: واللَّه قد سقاني اللَّه، فقال: من أين؟ أنزل عليك من السماء؟ قلت: نعم، واللَّه لقد أنزل اللَّه عز وجل عليّ من السماء، ثم رفع بين يدي حتى توارى عني في السماء.
ثم أقبلت حتى دخلت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقصت عليه القصة، فخطب إليها نفسها، فقالت: يا رسول اللَّه، لست أرضى نفسي لك، ولكن بضعي لك،
[ (1) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.
[ (2) ] كذا في (خ)، وفي المرجع السابق:«غربتني» .
[ (3) ] في (خ) : «تردد» .
فزوجني من شئت، فزوجها زيدا، وأمر لها بثلاثين صاعا وقال: كلوا ولا تكيلوا، وكان معها عكة سمن هدية لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت لجارية لها: بلغي هذه العكة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قولي: أم شريك تقرئك السلام، وقولي: هذه عكة سمن هديتها لك، فانطلقت بها فأخذوها ففرغوها، وقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علقوها ولا توكوها [ (1) ] ، فعلقوها في مكانها.
فدخلت أم شريك فنظرت إليها مملوءة سمنا، فقالت: يا فلانة! أليس أمرتك أن تنطلقي بهذه العكة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: قد واللَّه انطلقت بها كما قلت، ثم أقبلت بها أصوبها ما يقطر منها شيء، ولكنه قال: علقوها ولا توكوها، فعلقتها في مكانها، وقد أوكتها أم شريك حين رأتها مملوءة، فأكلوا منها حتى فنيت، ثم كالوا الشعير، فوجدوه ثلاثين صاعا لم ينقص منه شيء [ (2) ] . [قلت: وقد روى ذلك من وجه آخر، ولحديثه في العكة شاهد صحيح عن جابر بن عبد اللَّه في أم مالك.] [ (3) ] .
[ (1) ] كذا في (خ)، وفي المرجع السابق:«ولا يأكلوها» ، ورواية (خ) أقرب وأنسب للسياق.
[ (2) ](دلائل البيهقي) : 6/ 123، باب فيما ظهر من الكرامات على أم شريك في هجرتها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وما ظهر من دلالات النبوة في العكة التي أهدتها له.
[ (3) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.