الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حادي وثمانون: وقوف الحمام بفم الغار، وقيام شجرة على باب الغار]
وأما وقوف الحمام بفم الغار، وقيام شجرة على باب الغار، فخرج الأئمة:
أبو نعيم والبيهقي وغيرهما من حديث مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا عون بن عمر القيسي قال: سمعت أبا مصعب المكيّ يقول: أدركت أنس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم، فسمعتهم يحدثون أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الغار، أمر اللَّه سبحانه وتعالى شجرة فنبتت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم فسترته، وأمر اللَّه سبحانه العنكبوت فنسجت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم فسترته، وأمر اللَّه حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار.
وأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل، بعصيّهم وهراواتهم وسيوفهم، حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم قدر أربعين ذراعا، فعجل بعضهم لينظر في الغار، فرأى حمامتين بفم الغار، فعرفت أنه ليس فيه أحد، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ما قال، فعلم أن اللَّه عز وجل درأهم عنه بهما، فدعا لهما النبي صلى الله عليه وسلم وسمّت عليهنّ وفرض جزاءهن، وانحدرن إلى الحرم، وأفرخ ذلك الزوج كل شيء في الحرم [ (1) ] .
يشعر قوله: وأفرخ ذلك الزوج كل شيء في الحرم، أن حمام الحرم كله من هذا الزوج، وفيه نظر، فإنه روى في قصة نوح عليه السلام: أنه بعث الحمامة من السفينة لتأتيه بخبر الأرض، فوقعت بوادي الحرة، فإذا الماء قد نضب من موضع الكعبة، وكانت طينتها حمراء فأخضبت رجليها ثم جاءته، فمسح عنقها [وطوقها]
[ (1) ](عيون الأثر) : 1/ 182، حديث الغار، (طبقات ابن سعد) : 1/ 228- 229، ذكر خروج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبى بكر رضي الله عنه إلى المدينة، عن مسلم بن إبراهيم بسنده وفيه زيادة قصة العنكبوت، (دلائل أبي نعيم) : 2/ 325، باب ومما ظهر من الآيات في مخرجه إلى المدينة، وفي طريقه صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (229)، (دلائل البيهقي) : 2/ 481- 482، وقال ابن كثير في (السيرة) : 1/ 240: رواه ابن عساكر عن طريق يحى بن محمد بن صاعد، عن عمرو بن على، عن عمرو بن عون، فذكره ثم قال: هذا حديث غريب جدا من هذا الوجه.
ووهب لها الحمرة في رجليها وأسكنها الحرم، ودعا لها بالبركة. وفي شعر الحارث ابن فنحاص الّذي أوله:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
…
أنيس ولم يسمر بمكة سامر
ويبكى لبيت ليس يؤذى حمامه
…
تظل به أمنا وفيه العصافر
ففي هذا أن الحمام كانت في الحرم من عهد جرهم.
وقال ابن عائذ: أخبرنى الوليد قال: أخبرنى طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبى رباح قال: خرجت عليهم من البحر فوجا فوجا، قال: فسألت طلحة:
أي طير هو؟ قال: سمعت أشياخنا يقولون: حمام الحرم بقية منه، يعنى بقية من الطير الأبابيل التي أرسلها اللَّه على أصحاب الفيل.
وخرج أبو نعيم من حديث الحكم بن عيينة، عن مقسم عن [ابن عباس] رضي الله عنه قال: لما خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الليل فلحق بغار ثور، قال:
وتبعه أبو بكر رضي الله عنه، فلما سمع رسول اللَّه حسّه خلفه، خاف أن يكون الطلب، فلما رأى أبو بكر رضي الله عنه تنحنح، فلما سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عرفه، فقام له حتى تبعه، فأتيا الغار فأصبحت قريش في طلبه، فبعثوا إلى رجل قافة من بني مدلج فتبع الأثر حتى انتهى إلى الغار وعلى بابه شجرة، فبال في أصلها القائف ثم قال: ما جاز صاحبكم الّذي تطلبون هذا المكان.
قال: فعند ذلك حزن أبو بكر رضي الله عنه، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا،
قال: فمكث هو وأبو بكر في الغار يختلف إليهما بالطعام عامر بن فهيرة، وعليّ رضي الله عنه يجهزهم [ (1) ] .
ومن طريق الواقدي قال: فحدثني موسى بن محمد عن أبيه قال: لما دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الغار، دعا شجرة كانت أمام الغار، فقال: ائتيني، فأقبلت حتى وقفت على باب الغار، فقامت على باب الغار وهم يطوفون بالجبل، فأقبل بعضهم فبال [مستقبل باب] الغار، فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما نراه يرانا، فقال
[ (1) ] لم أجده عند أبي نعيم.
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لو رآنا ما استقبلنا بفرجه [ (1) ] ، [سيعيننا اللَّه عليهم] .
قال: فكان الّذي بال عقبة بن أبى معيط، قال: فلم يلق أحد من الجزع بخروج رسول اللَّه ما لقي الخبيث أبو جهل، وبعث مناديا ينادى أسفل مكة وأعلاها:
من جاء بمحمد فله مائة بعير أو دل عليه، أو جاء بابن أبى قحافة أو دلّ عليه فله مائة بعير.
[ (1) ](فتح الباري) : 7/ 14، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناتب المهاجرين وفضلهم منهم.
أبو بكر عبد اللَّه بن أبى قحافة التيمي رضي اللَّه تعالى عنه، حديث رقم (3652) تعليقا، نقلا عن (السير للواقدي) : وما بين الحاصرتين زيادة من (خ)، (المطالب العالية) : 4/ 206، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حديث رقم (4292)، وقال فيه:«لم يستقبلنا بعورته» وعزاه الأبي يعلى، (كنز العمال) : 16/ 661، كتاب الهجرتين من قسم الأفعال حديث رقم (46280) وأشار إلى ضعفه.