الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سادس وسبعون: سجود البعير وشكواه للمصطفى صلى الله عليه وسلم]
وأما سجود البعير وشكواه ما به للمصطفى صلى الله عليه وسلم،
فخرج أحمد من حديث عفان، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان في نفر من المهاجرين والأنصار، فجاء بعير فسجد له، فقال أصحابه: يا رسول اللَّه! تسجد لك البهائم والشجر، فنحن أحق أن نسجد لك، فقال: اعبدوا ربكم وأكرموا أخاكم، ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولو أمرها أن تنتقل من جبل أصفر إلى جبل أسود، ومن جبل أسود إلى جبل أبيض كان ينبغي لها أن تفعله [ (1) ] .
وعن ابن ماجة بعضه بغير هذا السياق [ (2) ] . وخرج مسلم في المناقب من حديث مهدي بن ميمون قال: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن أبي يعقوب، عن الحسن ابن سعد- مولى الحسن بن علي- عن عبد اللَّه بن جعفر رضي الله عنهما قال:
أردفني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه، فاسرّ إليّ حديثا لا أحدّث به أحدا من الناس، هكذا ذكره مسلم في المناقب، وذكره في الطهارة [ (3) ] .
[ (1) ](مسند أحمد) : 7/ 111- 112، حديث رقم (23950)، وسنده في (المسند) : حدثنا عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد وعفان، قالا: حدثنا حماد قال عفان: أنبأنا المعنى عن علي بن زيد، عن سعيد. عن عائشة.
[ (2) ] لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد
…
قال في (الزوائد) : في إسناده علي بن زيد وهو ضعيف، لكن للحديث طرق أخر. وله شاهدان من حديث طلق بن علي، رواه الترمذي والنسائي، ومن حديث أم سلمة، رواه الترمذي وابن ماجة وفي ابن ماجة:«لكان نولها أن تفعل» أي حقها والّذي ينبغي لها.
والحديث في (صحيح ابن ماجة) : 1/ 311، كتاب النكاح، باب (4) حق الزوج على المرأة، حديث رقم (1502- 1852)، قال الألباني: ضعيف، لكن الشطر الأول منه صحيح. (ضعيف سنن ابن ماجة) : 143، كتاب النكاح، باب (4) حق الزوج على المرأة، حديث رقم (406- 1852) .
[ (3) ](مسلم بشرح النووي) : 4/ 274- 275، كتاب (3) الحيض، باب (20) ما يستتر به لقضاء الحاجة، حديث رقم (79) ، 15/ 206- 207، كتاب (44) فضائل الصحابة باب (11) فضائل عبد اللَّه بن جعفر رضي الله عنهما، حديث رقم (68)، وتمامه: وكان أحبّ ما استتر به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل، قال ابن أسماء في حديثه: يعني حائط نخل.
وخرجه أبو داود وزاد فيه: وكان أحب ما استتر به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حايش نخل، بعد هذا قال: فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه، قال: فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم ومسح سراته إلى سنامه وذفراه فسكن، فقال: من ربّ هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول اللَّه، قال: أفلا تتقي اللَّه في هذه البهيمة التي ملكك اللَّه إياها؟ فإنه قد شكى إليّ أنك تجيعه وتدئبه.
ذكره أبو داود في باب: ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم [ (1) ] .
وخرج أبو بكر بن أبي شيبة، من حديث أبي نمير قال: حدثنا الأجلح عن [الدربال] بن حرمة، عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: أقبلنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من سفر، حتى إذا دفعنا إلى حائط من حيطان بني النجار، إذا جمل قطم- يعني هائجا- لا يدخل الحائط أحد عليه.
قال: فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتى الحائط فدعى البعير فجاء واضعا مشفره في الأرض حتى برك بين يديه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هاتوا خطاما فخطمه، ودفعه إلى أصحابه، ثم التفت إلى الناس، وقال: إنه ليس بين السماء والأرض إلا يعلم أني رسول اللَّه غير عاصي الجن والإنس.
وخرجه الإمام أحمد من حديث مصعب بن سلام قال: حدثنا الأجلح.. فذكره.
وخرجه أحمد بن عمرو بن أحمد بن عبد الخالق البزار قال: حدثنا محمد بن المستنير الكندي، أخبرنا الوليد بن القثم، أخبرنا الأجلح عن أبي الزبير، عن جابر [ (2) ] .
قال أبو نعيم: ورواه شريك [بن عبد اللَّه][ (3) ] بن أبي نمر عن جابر قال: خرجنا في غزوة ذات الرقاع ثم أقبلنا حتى إذا كنا بمهبط من الحرة أقبل جمل يرقل [ (4) ] حتى برك بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومد جرانه [ (5) ] .. فذكره [ (6) ] .
[ (1) ](سنن أبي داود) : 3/ 50، كتاب (9) الجهاد، باب (47) ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم، حديث رقم (2549) .
[ (2) ](مسند أحمد) : 1/ 335، حديث رقم (1748) .
[ (3) ] زيادة للنسب من أبي نعيم.
[ (4) ] في (دلائل أبي نعيم) : «يرقد، وارقدّ بتشديد الدال: أسرع، وأما رواية (خ) ، كما في مجمع الزوائد: «يرقل» أي يعدو.
[ (5) ] الجران من البعير: مقدم العنق.
[ (6) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 381، حديث رقم (280) ، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط، مطولا والبزار مختصرا.
وخرجه أبو نعيم من حديث أبي بكر بن عياش عن الأجلح عن الذّيال بن حرملة. عن ابن عباس رضي الله عنه قال: جاء قوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن بعيرا لنا قطن في حائط لنا قد غلبنا، فجاء إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تعالى، فجاء مطأطئا رأسه حتى خطمه النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاه أصحابه، فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول اللَّه! كأنه علم أنك نبي، فقال ما بين لابتيها أحد إلا يعلم أني نبي، إلا كفرة الجن والإنس [ (1) ] . قال: كذا في كتاب (الذيال) عن ابن عباس، والحديث مشهور بالذيال عن جابر [ (2) ] .
وخرج من حديث أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد اللَّه بن موسى، أخبرنا [ (3) ] إسماعيل بن عبد الملك، عن أبي الزبير عن جابر قال: خرجت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر، ثم سرنا ورسول اللَّه بيننا كأنما على رءوسنا الطير تظلنا، فإذا جمل نادّ [ (4) ]، حتى إذا كان بين السماطين [ (5) ] خرّ ساجدا فجلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عليه ثم قال [على الناس] [ (6) ] : من صاحب هذا الجمل؟ فإذا فتية من الأنصار فقالوا: هو لنا يا رسول اللَّه، قال: فما شأنه؟ قالوا: أسنينا [ (7) ] عليه منذ عشرين سنة فكانت به شحيمة [ (8) ] ، فأردنا أن ننحره فيقسم [ (9) ] بين غلماننا فانفلت عنا، قال: تبيعونيه؟ قالوا: لا، بل هو لك يا رسول اللَّه، قال: أما لا، فأحسنوا
[ (1) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 380- 381، حديث رقم (279)، (مسند أحمد) : 4/ 248، حديث رقم (13923) ، لكن بسياقة أخرى قريبة، وهي رواية جابر بن عبد اللَّه، (البداية والنهاية) : 6/ 150، برواية ابن عباس وقال: هذا من هذا الوجه عن ابن عباس غريب جدا، والأشبه رواية الإمام أحمد عن جابر، إلا أن يكون الأجلح قد رواه عن الذيال عن جابر، (دلائل البيهقي) : 6/ 30، باب ذكر البعير الّذي سجد للنّبيّ صلى الله عليه وسلم، وأطاع أهله بعد ما امتنع عليهم ببركته، وذكر رواية ابن عباس.
[ (2) ] انظر تعليق رقم (1) . وقطن: أقام.
[ (3) ] في (دلائل أبي نعيم) : «حدثنا» .
[ (4) ] ندّ البعير: نفر وذهب شاردا.
[ (5) ] السماط: الصف.
[ (6) ] زيادة للسياق من (أبي نعيم) .
[ (7) ](في أبي نعيم) : «أسنيناه» ، أي هو عندنا نستقي عليه منذ عشرين سنة.
[ (8) ] الشحيمة: السمنة.
[ (9) ] في (أبي نعيم) : «فنقسمه» .
إليه حتى يأتيه أجله [ (1) ] .
ومن حديث الحسن بن بشر، حدثنا أبي عن إسماعيل بن عبد الملك، عن أبي الزبير عن جابر قال: خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سرية، ورسول اللَّه فينا وكأنما على رءوسنا الطير، فأقبلنا حتى إذا ساوينا المدينة فإذا بعير مقبل فجاء يضرب بنفسه الأرض بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [أيكم صاحب] هذا البعير؟ فقام فتية من الأنصار فقالوا: نحن يا رسول اللَّه، قال: إن بعيركم هذا يشكوكم، يزعم أنكم استعملتموه شابا حتى إذا كبر أردتم نحره.
فقالوا: يا رسول اللَّه! إن فيه شحيمة فأردنا أن نقسمها [بين رعائنا]، قال:
فتبيعونيه؟ قالوا: لا، بل هو لك يا رسول اللَّه، فقلنا: هذا البعير يا رسول اللَّه سجد لك، فنحن أحق أن نسجد لك، فقال: لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو أمرت بذلك لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها [ (2) ] .
وخرج من حديث يحيى بن بكير قال: حدثني الليث بن سعد، عن [ابن] [ (3) ] الهاد عن ثعلبة بن أبي مالك [ (4) ] قال: اشترى إنسان من بني سلمة جملا
[ (1) ]
(دلائل أبي نعيم) : 2/ 381- 382، حديث رقم (281)، (دلائل البيهقي) : 6/ 18، باب ذكر المعجزات الثلاث التي شهدهن جابر بن عبد اللَّه الأنصاري وغيره في الشجرتين، والصبي، والجمل، وما كان في كل واحدة منهن من آثار النبوة، وزاد فيه: قالوا: يا رسول اللَّه نحن أحق أن نسجد لك من البهائم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لبشر أن يسجد لبشر ولو كان ذلك كان النساء لأزواجهن،
ابن كثير في (البداية والنهاية) : 6/ 155- 156، وقال في آخره: وهذا إسناد جيد، ورجاله ثقات، (سنن أبي داود) : 1/ 14، كتاب الطهارة باب (1) التخلي عند قضاء الحاجة، حديث رقم (2) ، ذكره مختصرا جدا، ولم يذكر فيه قصة سجود الجمل، (سنن ابن ماجة) : 1/ 121، كتاب الطهارة وسننها، باب (22) التباعد للبزار في الفضاء، حديث رقم (335) ، ذكره مختصرا جدا، ولم ينكر فيه قصة سجود الجمل، أما مطولا، فقد ذكره الهيثمي في (مجمع الزوائد) : 9/ 7- 8، لكن باختلاف يسير، عن جابر، وقال: في الصحيح بعضه، ورواه الطبراني والبزار مختصرا.
[ (2) ] لم أجده بهذه السياقة، ولكن أحاديث الباب تشهد له.
[ (3) ] زيادة للسياق من (أبي نعيم) .
[ (4) ] ثعلبة بن مالك: تابعيّ ثقة، حديثه مرسل، ذكره ابن حبان في الثقات، وترجمته في (تهذيب التهذيب) : 2/ 22- 23، ترجمة رقم (39)، (الإصابة) : 1/ 407، ترجمة رقم (953) .
ينضح عليه، فأدخله في مربد [ (1) ] فجرد كيما يحمل عليه، فلم يقدر أحد أن يدخل عليه إلا يخبطه، فجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: افتحوا عنه، فقالوا:
إنا نخشى عليك يا رسول اللَّه [منه][ (2) ]، فقال: افتحوا عنه، ففتحوا، فلما رآه الجمل خرّ ساجدا فسبح [ (3) ] القوم وقالوا: يا رسول اللَّه! نحن كنا أحق بالسجود من هذه البهيمة، قال: لو ينبغي لشيء من الخلق أن يسجد لشيء دون اللَّه، لا نبغى [ (4) ] للمرأة أن تسجد لزوجها [ (5) ] .
وخرج من طريق [ابن] أبي شيبة، وأحمد بن حنبل قالا: حدثنا عبد اللَّه ابن نمير، حدثنا عثمان بن حكيم قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن يعلي ابن مرة قال: رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا ما رآهن أحد قبلي ولا يراها أحد بعدي، قال: كنت معه ذات يوم حتى جاء جمل فضرب بجرانه بين يديه ثم ذرفت عيناه فقال: انظر [] لمن هذا الجمل إن له لشأنا، قال: فخرجت فالتمست صاحبه فوجدته لرجل من الأنصار، فدعوته إليه فقال: ما شأن جملك هذا؟ قال: وما شأنه؟ قال: لا أدري ما شأنه؟ قال: عملنا عليه ونضحنا حتى عجز عن السقاية، فأتمرنا البارحة أن ننحره ونقسم لحمه، قال: فلا تفعل، هبه لي أو بعنيه، قال:
بل هو لك يا رسول اللَّه، فوسمه سمة الصدقة، ثم بعث به [ (6) ] .
ومن حديث أحمد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن عطاء بن السائب، عن عبد اللَّه بن حفص، عن يعلي بن مرة الثقفي قال: ثلاثة أشياء رأيتهن من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بينا نحن نسير معه إذ مررنا ببعير يسن [ (7) ] عليه، فلما رآه البعير جرجر [ (8) ] ووضع جرانه، فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أين صاحب هذا البعير؟ فجاء، فقال: بعنيه، فقال: لا بل أهبه، فقال: لا، بل بعنيه، قال: لا بل أهبه لك،
[ (1) ] المربد: مكان جلوس الإبل.
[ (2) ] زيادة في (خ) .
[ (3) ] في (خ) : «فضج» .
[ (4) ] في (أبي نعيم) : «ينبغي» وما أثبتناه من (خ) .
[ (5) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 382، حديث رقم (282)، ونقله عنه السيوطي في (الخصائص) : 2/ 257.
[ (6) ](مسند أحمد) : 5/ 170- 171، حديث رقم (17097)، وابن كثير في (البداية والنهاية) :
6/ 153- 154، وما بين الحاصرتين بياض بالأصل (خ) .
[ (7) ] يسنى: يستقى عليه.
[ (8) ] جرجر: ردّد صوته في حنجرته.
وإنه لأهل بيت ما لهم معيشة غيره، قال: أما [إذ][ (1) ] ذكرت هذا من أمره، فإنه شكا كثرة العمل وقلّة العلف، فأحسنوا إليه [ (2) ] .
وخرجه من حديث حجاج بن منهال وهدبة بن خالد قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء عن يعلي قال: رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا لم يره أحد إلا من كان معي: كنا في سفر حتى إذا كنا بمكان كذا وكذا، جاء بعير فجرجر، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هل تدرون ما يقول؟ قلنا: وما قال؟ قال: شكا أهله، فبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال: أتبيعونيه؟ قالوا: نهبه لك، ثم قال: أتبيعونيه؟ قالوا:
بل نهبه لك- مرتين أو ثلاثا- قلنا: ما لنا غيره، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فافعلوا به معروفا- أو قال: خيرا.
وخرجه من حديث شريك، عن عمر بن عبد اللَّه بن يعلي بن مرة، عن أبيه عن جده قال: رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشياء ما رآها أحد قبلي: كنت معه في طريق مكة: فمر عليه بعير ماد جرانه، فقال: عليّ بصاحب هذا، فجيء به فقال: هذا يقول: نتجت عندهم فاستعملوني، حتى إذا كبرت عندهم أرادوا أن ينحروني، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما من شيء إلا يعلم أني رسول اللَّه، إلا كفرة أو فسقة الجن والإنس [ (3) ] .
[ (1) ] زيادة للسياق من أبي نعيم.
[ (2) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 382- 383، حديث رقم (283) ، وأخرجه الإمام أحمد والبيهقي وابن كثير بالرواية التامة، وذكروا فيها الأشياء الثلاثة (مسند أحمد) : 5/ 183، حديث رقم (17115) ، ورجاله رجال الصحيح، (دلائل البيهقي) : 6/ 22- 24 باب ذكر المعجزات الثلاث التي شهدهن جابر بن عبد اللَّه الأنصاري وغيره في الشجرتين، والصبي، والجمل، وما كان في كل واحدة منهن من آثار النبوة، وذلك بروايتين ثم قال: الرواية الأولى عن يعلي بن مرة في أمر الشجرتين أصح، لموافقتها رواية جابر بن عبد اللَّه الأنصاري، إلا أن يكون أمر الشجرة في هذه الرواية حكاية عن واقعة أخرى، (البداية والنهاية) : 6/ 152، رواية يعلي بن مرة الثقفي من طريق أخرى عنه.
[ (3) ] ذكره البيهقي مطولا في (دلائل النبوة) : 6/ 22- 23، ونقله عنه ابن كثير في (البداية والنهاية) :
6/ 154، (سنن الدارميّ) : 1/ 11، (المستدرك) : 2/ 674- 675، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه الصياغة، وقال الذهبي في (التلخيص) : صحيح، أبو نعيم في (دلائل النبوة) : 2/ 380- 381، حديث رقم (279) لكن بسياقة أخرى.
وخرجه من حديث الأعمش، عن المنهال بن عمرو قال: حدثني ابن يعلي عن مرة عن أبيه. ومن حديث وكيع قال: حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن يعلي بن مرة. وقال وكيع: مرة عن أبيه. ومن حديث يحيى بن سليم عن عبد اللَّه بن عثمان بن خيثم، عن يونس بن حراب، عن يعلي بن مرة، فذكره وقال:
رواه الثوري والعرزميّ [عن أبي الزبير] نحوه [ (1) ] .
وحدث مطلب بن زيادة قال: حدثنا عمر بن عبيد اللَّه بن يعلي بن مرة حكاية، كذا عن يعلي بن [مرة قال] : خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما فجاء بعير يرغو حتى سجد له، فقال المسلمون: نحن أحق أن نسجد للنّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير اللَّه لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، أتدرون ما يقول هذا؟ زعم أنه خدم مواليه أربعين سنة، حتى إذا كبر أنقصوا من علفه وزادوا في عمله، حتى إذا كان لهم عرس أخذوا الشّفار لينحروه، فأرسل إلى مواليه فقصّ عليهم، فقالوا:
صدق يا رسول اللَّه، قال إني أحب أن تدعوه لي فتركوه [ (2) ] .
وخرجه من حديث علياء بن أحمر، عن علي عن عبد اللَّه بن بريدة، أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول اللَّه، إن لنا جملا [شارد] في الدار وليس أحد منا يستطيع أن يقربه أو يدير أنفه، فقام معه النبي صلى الله عليه وسلم وقمنا معه، فأتى ذلك الباب ففتحه، فلما رآه الجمل جاء إليه فسجد له، ووضع جرانه فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسه فمسحه، ثم دعا بالخطام فخطمه، ثم دفعه إلى أصحابه، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: قد عرفك يا رسول اللَّه أنك نبي، واللَّه إنك رسول اللَّه، فقال:
إنه ليس من شيء إلا يعرف أني رسول اللَّه غير كفرة الجن والإنس [ (3) ] .
[ (1) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 383، حديث رقم (284)، والسيوطي في (الخصائص) : 2/ 258، وفيه عمر بن عبد اللَّه بن يعلي بن مرة، ضعّفه أحمد، ويحيى، والنسائي، وقال الدّارقطنيّ: متروك.
[ (2) ] انظر هامش رقم (3) في الصفحة السابقة.
[ (3) ] نحوه باختلاف ألفاظ في (سنن الدارميّ) : 1/ 11، في روايته عن الأجلح عن الذيال بن حرملة:
«إلا عاصي الجن والإنس» . وما بين الحاصرتين زيادة للسياق من كتب السيرة، ونحوه باختلاف يسير في (دلائل أبي نعيم) : 2/ 380- 381 حديث رقم (279) وقد سبق الإشارة إليه.
ومن حديث معلّى [ (1) ] بن منصور قال: حدثني شبيب بن شبيبة قال: حدثني بشر بن عاصم، عن غيلان بن سلمة الثقفي قال: خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فرأينا عجبا، من ذلك: أنا مضينا فنزلنا منزلا فجاء رجل فقال:
يا نبي اللَّه! إنه كان لي حائط فيه عيشي وعيش عيالي، ولي فيه ناضحان فاغتلما عليّ [ (2) ] ، فمنعاني أنفسهما وحائطي وما فيه، فلا يقدر أحد أن يدنو منهما، فنهض نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم بأصحابه حتى أتى الحائط، فقال لصاحبه: افتح، فقال: يا نبي اللَّه! أمرهما أعظم من ذلك، قال افتح، فلما حرك الباب أقبلا لهما جلبة كحفيف الريح، فلما انفرج الباب، ونظرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بركا ثم سجدا.
فأخذ نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم برءوسهما، ثم دفعهما إلى صاحبهما، فقال:
[استعملهما][ (3) ] وأحسن علفهما، فقال القوم: يا نبي اللَّه! تسجد لك البهائم؟
فبلاء اللَّه عندنا بك أحسن حين هدانا من الضلالة، واستنقذنا بك من الهلكة [ (4) ]، أفلا تأذن [لنا] [ (3) ] في السجود لك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن السجود ليس إلا للحي الّذي لا يموت، ولو كنت آمرا أحدا من هذه الأمة بالسجود لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها [ (5) ] .
ومن حديث النضر بن شميل، حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دخل حائطا من حوائط الأنصار، فإذا
[ (1) ] في (خ) : «يعلي» ، وصوبناه من هامش أبي نعيم و (الإصابة) وغيرهما.
[ (2) ] اغتلما عليّ: تمردا عليّ.
[ (3) ] زيادة للسياق من أبي نعيم.
[ (4) ] كذا في (خ) وفي أبي نعيم: «من المهالك» .
[ (5) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 383- 384، حديث رقم (285) ، وأخرجه الطبراني، وفيه شبيب ابن شيبة بن عبد اللَّه بن عمرو بن الأهتم، واسمه سنان بن شمر بن سنان بن خالد بن منقر التميمي المنقري الأهتمي، أبو معمر البصري الخطيب. قال الدوري عن ابن معين: ليس بثقة، وقال أبو زرعة أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال أبو داود: ليس بشيء، وقال النسائي والدار الدّارقطنيّ والبرقاني: ضعيف.
وقال صالح بن محمد البغدادي: صالح الحديث، وقال الساجي: صدوق يتّهم، وقال ابن المبارك:
خذوا عنه فإنه أشرف من أن يكذب
…
، له ترجمة في (تهذيب التهذيب) : 4/ 270، ترجمة رقم (535)، (الكامل في ضعفاء الرجال) : 4/ 31- 32، ترجمة رقم (12/ 892)، (تاريخ بغداد) : 9/ 274، ترجمة رقم (4836) .
فيه جملان يصرمان ويواعدان، فاقترب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منهما فوضعا جرانيهما بالأرض، فقال من معه: نسجد له؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما ينبغي لأحد [أن] يسجد لأحد، ولو كان أحد ينبغي أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، لما عظّم اللَّه تعالى عليها من حقه [ (1) ] .
ومن حديث خلف بن خليفة، عن حفص بن أخي أنس- وهو حفص بن عمر بن عبد اللَّه بن أبي طلحة- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان أهل بيت من الأنصار، وإنه كان لهم جمل يسنون عليه، وإن الجمل استصعب عليهم ومنعهم ظهره، فجاءت الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول اللَّه! إنه كان لنا جمل نسنى عليه، وإنه قد استصعب علينا، ومنعنا ظهره، وقد يبس النخل والزرع، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا.
فقاموا معه، فجاء إلى الحائط، والجمل قائم في ناحية، فجاء يمشي نحوه، فقالوا: يا رسول اللَّه! إنه صار مثل الكلب [الكلب][ (2) ] ، وإنا نخاف عليك صولته، فقال صلى الله عليه وسلم: ليس عليّ منه بأس، فجاء الجمل يمشي حتى خرّ ساجدا بين يديه صلى الله عليه وسلم، فقال أصحابه: هذه بهيمة لا تعقل، ونحن نعقل، فنحن أحق أن نسجد لك، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنه لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقّه عليها [ (3) ] ، [والّذي نفسي بيده، لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد، ثم استقبلته فلحسته، ما أدت حقّه][ (4) ] .
وخرجه من حديث سلام بن أبي الصهباء، عن أبي الضلال قال: حدثني أنس ابن مالك أن رجلا من الأنصار كان له بعير قد شرد عليه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
[ (1) ] ذكره ابن كثير بسياقة أخرى وسند آخر عن ابن عباس في (البداية والنهاية) : 6/ 150، وقال في آخره: هذا إسناد غريب ومتن غريب.
[ (2) ] زيادة للسياق من (المسند) ، (البداية والنهاية) .
[ (3) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 385، حديث رقم (287)، (مسند أحمد) : 3/ 633، حديث رقم (12203)، (البداية والنهاية) : 6/ 149، باب ما يتعلق بالحيوانات من دلائل النبوّة: قصة البعير النادّ وسجوده له صلى الله عليه وسلم، وشكواه إليه.
[ (4) ] زيادة للسياق من (المسند)، (دلائل البيهقي) : 6/ 29 بسياقة أخرى وسند آخر.
يا رسول اللَّه، إن لي بعيرا قد شرد عليّ وهو في أقصى أرضي، وأنا لا أستطيع أن أدنو منه خشية أن يتناولني، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: انطلقوا بنا إليه.
فلما مشى الأنصاريّ هنيهة، استرجع ثم قال: ما صنعت يا رسول اللَّه؟ أخاف عليك البعير. قال: فبينما هم يمشون إذ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كلا يا فلان، إن لو قد رآني رأيت منه، فلما دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الأرض ودخلوا، مشى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذ نظر البعير إليه، فأقبل يحمحم، فألقى بجرانه حتى برك عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وجعلت عيناه تسيلان، فقال صلى الله عليه وسلم، يا فلان! بعيرك يشكوك فأحسن إليه، فجاء بحبل فألقاه في رايته ثم قال: ها دونك أحسن إليه [ (1) ] .
وخرجه من حديث مكي، حدثنا فائد أبو الورقاء عن عبد اللَّه بن أبي أوفى قال: بينما نحن قعود مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إذ أتاه آت فقال: يا رسول اللَّه! ناضح [آل فلان][ (2) ] قد أتى عليهم، فنهض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونهضنا معه فقلنا: يا رسول اللَّه! لا تقربه فإنا نخافه عليك، فدنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من البعير، فلما رآه البعير سجد له، ثم إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وضع يده على رأس البعير فقال: هات الشفار، فجيء بالشفار فوضعه في رأسه.
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ادعوا [إليّ صاحب البعير][ (2) ] فدعي، فقال له أصحابه: يا رسول اللَّه! بهيمة من البهائم تسجد لتعظيم حقك؟ فنحن أحق أن نسجد لك، قال: لا، لو كنت آمرا أحدا من أمتي أن يسجد بعضهم لبعض، لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن [ (3) ] .
ومن حديث العرمري وسفيان الثوري- كلاهما عن أبي الزبير عن جابر- قال: كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نسير، إذا أقبل بعير فسجد لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم
[ (1) ] لم أجده بهذه السياقة، وله شواهد من أحاديث الباب.
[ (2) ] زيادة يقتضيها السياق من (دلائل أبي نعيم) .
[ (3) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 384، حديث رقم (286) ، وعنه نقله السيوطي في (الخصائص) 2/ 255، (دلائل البيهقي) : 6/ 29، وفيه فائد أبو الورقاء: قال البخاري: منكر الحديث، وتركه أحمد، وقال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه.
ذلك جرانه بالأرض وأرخى عينيه وبكى وجرجر، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما يقول هذا البعير؟ قلنا: اللَّه ورسوله أعلم، قال يزعم أنه كان لبني سلمة بكرا صغيرا يحتطبون عليه وينتضحون عليه، فلما كبرت سنه ورقّ عظمه، أرادوا أن ينحروه على عروس لهم.
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ابغوني بعض بني سلمة، فإذا رجل منهم قد أقبل، فقال: لمن هذا البعير؟ فقال الرجل: لي يا رسول اللَّه، قال: ومتى كان لك؟
قال: كان لي بكرا صغيرا، قال: فما كنت تعمل عليه؟ قال: كنا نحتطب وننتضح عليه، قال: فما أردتم به؟ قال: أردنا أن ننحره على عروس لنا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بعنيه، فقال: لا، بل هو لك يا رسول اللَّه، فردّد عليه: بعنيه، فقال:
هو لك يا رسول اللَّه، قال: فإنّي قد قبلته على أن تعمل عليه ما كنت تعمل عليه أولا فيما خلا، قال: نعم.
فأخذ برأسه وولى، فقلنا: يا رسول اللَّه! هذه بهيمة تسجد لك، فنحن أحق بالسجود، فقال: لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو كان ينبغي لأحد أن يسجد لأحد من دون اللَّه لسجدت المرأة لزوجها لما له عليها من الفضل [ (1) ] .
وخرج البيهقي من حديث عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة قال: سمعت شيخا من قيس يحدث عن أبيه أنه قال: جاءنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعندنا بكرة صعبة لا يقدر عليها، قال: فدنا منها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فمسح ضرعها، فحفل فاحتلب فشرب [ (2) ] .
ومن حديث يونس بن بكير، عن إسماعيل بن عبد الملك، عن أبي [الزبير] [ (3) ] عن جابر قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان رسول اللَّه
[ (1) ] ذكره أبو نعيم مختصرا عن يعلي بن مرة، وفيه عمر بن عبد اللَّه بن يعلي بن مرة: ضعفه أحمد ويحيى والنسائي، وقال الدار الدّارقطنيّ: متروك، (دلائل أبي نعيم) : 2/ 383، حديث رقم (284) .
[ (2) ](دلائل البيهقي) : 6/ 29، باب ذكر البعير الّذي سجد للنّبيّ صلى الله عليه وسلم وأطاع أهله بعد ما امتنع عليهم ببركته، ونقله السيوطي عنه في (الخصائص) : 2/ 57.
[ (3) ] زيادة يقتضيها السياق من البيهقي.
صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا أراد البراز تباعد حتى لا يراه أحد، فنزلنا منزلا بفلاة من الأرض ليس فيها علم ولا شجر، فقال لي: يا جابر، خذ الإداوة وانطلق بنا، فملأت الإداوة ماء [فانطلقنا][ (1) ] فمشينا حتى لا نكاد نرى، فإذا شجرتان بينهما أذرع، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، يا جابر، انطلق فقل لهذه الشجرة: يقول لك رسول اللَّه: ألحقي بصاحبتك حتى أجلس خلفكما، [ففعلت فرجعت][ (1) ] حتى لحقت بصاحبتها، فجلس خلفهما حتى قضى حاجته.
ثم رجعنا فركبنا رواحلنا، فسرنا كأنما علينا الطير تظلنا، فإذا نحن بامرأة قد عرضت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، معها صبي تحمله فقالت: يا رسول اللَّه! إنّ ابني هذا يأخذه الشيطان ثلاث مرات كل يوم لا يدعه، فوقف [رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم][ (1) ] فتناوله فجعله بينه وبين مقدمة الرّحل، فقال [رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم] [ (1) ] : اخسأ عدوّ اللَّه، أنا رسول اللَّه، وأعاد ذلك ثلاث مرات ثم ناولها إياه.
فلما رجعنا فكنا بذلك الماء، عرضت لنا المرأة معها كبشان تقودهما، والصبي تحمله، فقالت: يا رسول اللَّه! [اقبل من هديتي][ (1) ] ، فو الّذي بعثك بالحق إن عاد إليه بعد، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: خذوا أحدهما منها وردّوا الآخر.
ثم سرنا، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، بيننا، فجاء جمل نادّ، فلما كان بين السماطين خرّ ساجدا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أيها الناس، من صاحب هذا الجمل؟ فقال فتية من الأنصار: هو لنا يا رسول اللَّه، قال: فما شأنه؟ قالوا: سنونا عليه منذ عشرين سنة، فلما كبرت سنّه وكانت عليه شحيمة [و][ (2) ] أردنا نحره لنقسمه بين غلمتنا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تبيعونيه؟ فقالوا: يا رسول اللَّه، هو لك، قال: فأحسنوا إليه حتى يأتيه أجله- قالوا: يا رسول اللَّه: نحن أحق أن نسجد لك من البهائم، فقال: لا ينبغي لأحد [ (3) ] أن يسجد لأحد [ (3) ] ، ولو كان ذلك لكان النساء لأزواجهن [ (4) ] .
[ (1) ] زيادة يقتضيها السياق من البيهقي.
[ (2) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .
[ (3) ] في المرجع السابق: «لبشر» .
[ (4) ](دلائل البيهقي) : 6/ 18- 19، باب ذكر المعجزات الثلاث التي شهدن جابر بن عبد اللَّه الأنصاري وغيره، في الشجرتين، والصبي، والجمل، وما كان في كل واحد منهن من آثار النبوة، وأخرجه ابن كثير في (البداية والنهاية) : 6/ 155- 156، وقال في آخره: وهذا إسناد جيد
وخرج من حديث زمعة بن صالح، عن زياد عن أبي الزبير، أنه سمع يونس ابن خبّاب الكوفي يحدث: أنه سمع أبا عبيدة يحدث عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان في سفر إلى مكة، فذهب إلى الغائط- وكان يبعد حتى لا يراه أحد- قال: فلم يجد شيئا يتوارى به، فبصر بشجرتين
…
،
فذكر قصة الشجرتين وقصة الجمل بنحو من حديث جابر.
قال البيهقي: وحديث جابر أصحّ، وهذه الرواية ينفرد بها زمعة بن صالح عن زياد، أظنه ابن سعد عن أبي الزبير [ (1) ] .
[ () ] رجاله ثقات. وبهذا الإسناد أخرجه أبو داود في أول كتاب الطهارة مختصرا، وابن ماجة في كتاب الطهارة باب (22) التباعد للبراز في الفضاء، حديث رقم (335) مختصرا أيضا.
أما مطولا، فقد ذكره الهيثمي في (مجمع الزوائد) : 9/ 7- 8، باختلاف يسير عن جابر، وقال: في الصحيح بعضه، ورواه الطبراني والبزّار باختصار كثير.
والخبر يبدو أن به نقصا في آخره في قصة سجود الجمل له صلى الله عليه وسلم،
ذكرها الهيثمي عن أنس بن مالك قال: وعن ابن عباس قال: جاء قوم إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول اللَّه، إن لنا بعيرا فطم في حائط، فجاء إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تعال، فجاء مطأطأ رأسه حتى خطمه وأعطاه أصحابه، فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول اللَّه! كأنه علم أنك نبي، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما بين لابتيها أحد إلا يعلم أني نبي، إلا كفرة الجن والإنس. رواه الطبراني، وو رجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف، (دلائل البيهقي) : 6/ 19 «هامش» .
وعن ابن عباس، أن رجلا من الأنصار كان له فحلان فاغتلما، فأدخلهما حائطا، فسدّ عليهما الباب، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يدعو له والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد مع نفر من الأنصار، فقال: يا نبي اللَّه، إني جئت في حاجة، وإن فحلين لي اغتلما، وإني أدخلتهما، حائطا وسددت عليهما الباب، فأحب أن تدعو لي أن يسخرهما اللَّه لي، فقال لأصحابه: قوموا معنا، فذهب حتى أتى الباب فقال:
افتح، فأشفق الرجل على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: افتح، ففتح الباب، فإذا أحد الفحلين قريب من الباب، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم سجد له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ائتني بشيء أشدّ برأسه وأمكنك منه، فجاء بخطام فشدّ رأسه وأمكنه منه، ثم مشى إلى أقصى الحائط إلى الفحل الآخر، فلما رآه وقع له ساجدا، فقال للرجل: ائتني بشيء أشدّ رأسه، فشدّ رأسه وأمكنه منه، ثم قال: اذهب فإنّهما لا يعصيانك، فلما رأى أصحاب النبي ذلك قالوا: هذان فحلان لا يعقلان سجدا لك! أفلا نسجد لك؟ قال: لا آمر أحدا أن يسجد لأحد، ولو أمرت أحدا يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه الطبراني، وفيه أبو عزّة الدباغ، وثّقه ابن حبان، واسمه الحكم بن طهمان، وبقية رجاله ثقات.
(المرجع السابق) : 6/ 20.
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 20، وذكره الهيثمي في (مجمع الزوائد)، وقال: رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار بنحوه، إلا أنه قال: في غزوة حنين وزاد فيه: ثم أصاب الناس عطش شديد
وخرج من حديث يونس بن بكير عن الأعمش عن المنهال بن عمرو، عن يعلي بن مرة عن أبيه قال: سافرت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سفرا فرأينا منه أشياء عجبا:
نزلنا منزلا فقال: انطلق إلى هاتين الأشاءتين فقل: إن رسول اللَّه يقول لكما:
أن تجتمعا، فانطلقت فقلت لهما ذلك، فانتزعت كل واحدة منهما من أصلها، فنزلت كل واحدة إلى صاحبتها فالتفتا جميعا، فقضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حاجته من ورائهما ثم قال: انطلق فقل لهما: [فلتعد] كل واحدة إلى مكانها، فأتيتهما فقلت لهما ذلك، فنزلت كل واحدة حتى عادت إلى مكانها.
وأتته امرأة فقالت: إن ابني هذا به لمم منذ سبع سنين، يأخذه في كل يوم مرتين، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أدنيه، فأدنته منه، فتفل في فيه وقال: أخرج عدوّ اللَّه، أنا رسول اللَّه، ثم قال لها صلى الله عليه وسلم: إذا رجعنا فأعلمينا ما صنع.
فلما رجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استقبلته ومعه كبشان وأقط وسمن، فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: خذ هذا الكبش، فأخذ منه ما أراد، فقالت: والّذي أكرمك ما رأيناه به شيئا منذ فارقتنا. ثم أتاه بعير فقام بين يديه فرأى عينيه تدمعان، فبعث إلى أصحابه فقال: ما لبعيركم، هذا يشكوكم؟ فقالوا: كنا نعمل عليه فلما كبر وذهب عمله تواعدنا لننحره غدا، فقال: لا تنحروه واجعلوه في الإبل يكون فيها [ (1) ] .
وخرجه من حديث وكيع عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن يعلي بن مرة عن أبيه قال: رأيت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشياء
…
، فذكر الحديث،
[ () ] فقال لي: يا عبد اللَّه، التمس لي ماء، فأتيته بفضل ماء وجدته في إداوة، فأخذه فصبه في ركوة، ثم وضع يده فيها وسمّى، فجعل الماء يتحادر من بين أصابعه، فشرب الناس وتوضّئوا ما شاءوا. ورواه البزار بنحوه، وفي إسناد الأوسط زمعة بن صالح، وقد وثّق على ضعفه، وبقية رجاله حديثهم حسن وأسانيد الطريقين ضعيفة.
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 20- 21، ذكره الهيثمي في (مجمع الزوائد) : 9/ 6، وقال: رواه أحمد بإسنادين، والطبراني بنحوه، وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح، (مسند أحمد) : 6/ 182- 183، حديث رقم (17113) ، (17114) ، (17115) ، (17117) ، بسياقات مختلفة، كلها من حديث يعلي بن مرة الثقفي.
يعنى رواية يونس، إلا أنه زاد: خذ أحد الكبشين ورد الآخر، وخذ السمن والأقط [ (1) ] .
قال البيهقي: مرة أبو يعلى هو مرة بن أبى مرة الثقفي، وقيل فيه عن يعلى نفسه أنه قال: رأيت
…
، فذكر من طريق وكيع عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن يعلى بن مرة قال: رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم عجبا: خرجت معه في سفر، فنزلنا منزلا فأتته امرأة بصبي لها به لمم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أخرج عدوّ اللَّه، أنا رسول اللَّه، قال: فبرأ، فلما رجعنا جاءت أم الغلام بكبشين وشيء من أقط وسمن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا يعلى، خذ أحد الكبشين ورد عليها الآخر، وخذ السمن والأقط، قال: ففعلت [ (2) ] .
قال البيهقي: هذا الأصح، والأول وهم. قاله البخاري: يعنى روايته عن أبيه وهمّ، إنما هو عن يعلى نفسه، وهم فيه وكيع مرّة، ورواه على الصحة مرّة.
قال البيهقي: وقد وافقه فيما زعم البخاري أنه وهم يونس بن بكير، فيحتمل أن يكون الوهم عن الأعمش. واللَّه أعلم [ (2) ] .
وذكر البيهقي من طرق ثم قال: ولما روينا من حديث يعلى بن مرة في أمر البعير الّذي شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حاله بإسناد صحيح، وكأنه غير البعير الّذي أرادوا نحره، واللَّه أعلم [ (3) ] .
[ (1) ](المرجع السابق) : 6/ 22، (مجمع الزوائد) : 9/ 5- 6، والحاكم في (المستدرك) : 2/ 674- 675، حديث رقم (4232/ 242) .
[ (2) ](المرجع السابق) : 6/ 22.
[ (3) ](المرجع السابق) 6/ 26.
قال الحافظ ابن كثير: وقد اعتنى الحافظ أبو نعيم بحديث البعير في كتابه (دلائل النبوة)، وطرقه من وجوه كثيرة. (البداية والنهاية) : 6/ 155.
وقال الحافظ أبو نعيم في (دلائل النبوة) : فيما تضمنت هذه الأخبار من الآيات والدلائل الواضحة، من سجودهن، وشكايتهن، وما في معناه، ليس يخلو من أحد أمرين:
إما أن يكون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعطى علما بنغم هذه البهائم وشكايتهن، كما أعطى سليمان عليه السلام علما بمنطق الطير، فذلك له آية كما كان نظيرها لسليمان عليه السلام، أو أنه علم ذلك بالوحي، وأي ذلك كان فيه أعجوبة، وآية ومعجزة.
فإن اعترض بعض الطاعنين فزعم أن فيه قسما ثالثا، وهو أنه استدلّ بالحال على سوء إمساكهم، قيل:
هذا محتمل، لكن الاستدلال لا يعلم به أن صاحب البهيمة رجل من بنى فلان، وأنه استعملها كذا سنة، وأنه يريد لينحرها للعرس، فإن ذلك لا يصل إليه بالاستدلال بالحال، فهذا قسم باطل. (دلائل أبي نعيم) :
2/ 386.