الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثاني وسبعون: كلام الظبية لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]
وأما كلام الظبية لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فخرج أبو نعيم من حديث زكريا بن خلاد قال: أخبرنا حبان بن أغلب بن تميم السعدي قال: حدثني أبي عن هشام بن حبان، عن الحسين عن ضبة بن المحصن، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في صحراء، إذا هاتف يهتف به: يا رسول اللَّه! فاتبعت الصوت فهجمت عليّ ظبية مشدودة في وثاق، وإذا أعرابي منجدل في شملة نائم في الشمس، فقالت الظبية لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن هذا الأعرابي صادني قبيل، ولي خشفان في هذا الجبل، فإن رأيت أن تطلقني حتى أرضعهما ثم أعود إلى وثاقي! قال: وتفعلين؟ قالت:
عذبني اللَّه عذاب العشّار إن لم أفعل.
فأطلقها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فمضت وأرضعت الحشفين، قال: فبينما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوثقها إذ انتبه الأعرابي فقال: يأبى أنت وأمي، إني أصبتها قبيلا فلك فيها حاجة؟ قلت: نعم، قال: هي لك، وأطلقها فخرجت تعدو في الصحراء فرحا وهي تضرب برجلها الأرض وهي تقول: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأنك رسول اللَّه. قال أبو نعيم: رواه آدم بن أبي إياس، عن نوح بن الهيثم- ختنه- قال:
حدثني ختني الصدوق نوح بن الهيثم، عن حبان بن أغلب، عن أبيه، ولم يجاوز به هشاما [ (1) ] .
وخرج أبو نعيم والبيهقي من حديث أبي حفص عمرو بن على الفلاس قال:
أخبرنا [ (2) ] يعلى بن إبراهيم الغزال، أخبرنا [ (2) ] الهيثم بن حماد، عن أبي كثير، عن زيد ابن أرقم رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض سكك المدينة،
[ (1) ](البداية والنهاية) : 6/ 163، باب حديث الغزالة. والعشّار: هو صاحب المكس، الّذي يقف في مداخل المدن، فلا يدع أحدا من التجار ونحوهم يدخلها، إلا أخذ منه شيئا ليس له به حق.
[ (2) ](في دلائل أبي نعيم) : «حدثنا» .
فمررنا بخباء أعرابي فإذا ظبية مشدودة إلى الخباء فقالت: يا رسول اللَّه! إن هذا الأعرابي صادني ولي خشفان [ (1) ] في البرية، وقد انعقد هذا اللبن في أخلافي [ (2) ] ، فلا هو يذبحني فأستريح ولا يدعني فأرجع إلى خشفيّ [ (1) ] في البرية، فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن تركتك ترجعين؟ قالت: نعم، وإلا عذبني اللَّه بعذاب العشّار.
فأطلقها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلم يلبث أن جاءت تلمّظ [ (3) ] ، فشدها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الخباء، فأقبل الأعرابي ومعه قربة، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أتبيعنيها؟
قال: هي لك يا رسول اللَّه، فأطلقها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال زيد بن أرقم: فأنا واللَّه رأيتها تسبح في الأرض وهي تقول: [أشهد أن][ (4) ] لا إله إلا اللَّه [وأن][ (4) ] محمدا رسول اللَّه [ (5) ] .
ولأبي نعيم من حديث محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا إبراهيم بن محمد [محمود][ (1) ] بن ميمون، أخبرنا [ (6) ] عبد الكريم بن هلال الجعفي، عن صالح المري، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
[ (1) ] الخشف: ولد الظبي أول ما يولد.
[ (2) ] أخلاف: مفردها خلف بكسر الخاء، وهو حلمة الثدي.
[ (3) ] لمّظ: أخرج لسانه بعد الأكل أو الشرب فمسح به شفتيه.
[ (4) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) ، وفي (البيهقي) بدون هذه الزيادة.
[ (5) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 273، فصل في ذكر الظبي والضب، حديث رقم 273، (دلائل البيهقي) : 6/ 34- 35، باب ما جاء في كلام الظبية التي فجعت بخشفها، وشهادتها لنبينا صلى الله عليه وسلم بالرسالة، (البداية والنهاية) : 6/ 163- 165، باب حديث الغزالة، وقد نقله عن أبي نعيم والبيهقي، وذكر له طرق أخرى، والسيوطي في (الخصائص) عن أنس بن مالك، وعن أم سلمة، وغيرهما. وقال الذهبي: يعلى بن إبراهيم الغزال: لا أعرفه، له خبر باطل، عن شيخ واه، أخبرنا تسعة عشر، أخبرنا ابن عبد الدائم، أخبرنا يحيى حضورا، أخبرنا الحداد، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا أبو على الصواف من أصله، أخبر بسر بن موسى، حدثنا عمر بن على الفلاس، حدثنا يعلى بن إبراهيم، حدثنا الهيثم بن حماد عن أبي كثير، عن زيد بن أرقم، قال: كنت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فمرّ بخباء، فإذا ظبية مشدودة
…
الحديث. (ميزان الاعتدال) : 4/ 456، ترجمة يعلى بن إبراهيم الغزال رقم (9844) وقد أخرجه أيضا القاضي عياض في (الشفا) من حديث أم سلمة، (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) : 1/ 207.
قال ابن كثير: وفي بعضه نكارة واللَّه أعلم. (البداية والنهاية) : 6/ 164.
[ (6) ] في (دلائل أبي نعيم) : «حدثنا» .
على قوم قد اصطادوا ظبية، فشدوها على عمود فسطاط، فقالت: يا رسول اللَّه! إني أخذت ولي خشفان، فاستأذن لي أرضعهما وأعود، فقال: أين صاحب هذه؟
قال القوم: نحن يا رسول اللَّه، فقال صلى الله عليه وسلم: خلوا عنها حتى [تأتي][ (1) ] خشفيها ترضعهما وترجع إليكم، قالوا: ومن لنا بذلك [يا رسول اللَّه][ (1) ] ؟ قال: أنا، فأطلقوها، فذهبت فأرضعت ثم رجعت إليهم فأوثقوها، فمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
أين صاحب هذه؟ قالوا: هو ذا يا رسول اللَّه، قال تبيعونها؟ قالوا: يا رسول اللَّه هي لك، قال خلوا عنها، فأطلقوها فذهبت [ (2) ] .
وللبيهقي من حديث أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاريّ قال: حدثنا على ابن قادم، حدثنا أبو العلاء خالد بن طهمان، عن عطية، عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: مرّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بظبية مربوطة إلى خباء، فقالت يا رسول اللَّه! حلّني حتى أذهب فأرضع خشفيّ، ثم أرجع فتربطني، فقال رسول
[ (1) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .
[ (2) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 376، فصل في ذكر الضب والظبي، حديث رقم 274.
وصالح المري هو: صالح بن بشير بن وادع بن أبي الأقعس، أبو بشر البصري القاصّ، المعروف بالمري- بضم الميم وتشديد الراء- قال عباس عن ابن معين: ليس به بأس. وقال المفضل الغلابي وغيره عن ابن معين: ضعيف. وقال محمد بن إسحاق الصغاني وغيره عن ابن معين: ليس بشيء.
وقال جعفر الطيالسي، عن يحيى: كان قاصّا، وكان كل حديث يحدث به عن ثابت باطلا.
وقال عبد اللَّه بن علي المديني: ضعفه أبي جدا. وقال محمد بن عثمان بن أبي ثابت، عن علي: ليس بشيء، ضعيف، ضعيف. وقال عمرو بن علي: ضعيف الحديث، يحدث بأحاديث مناكير عن قوم ثقات، وكان رجلا صالحا، وكان يتهم في الحديث. وقال الجوزجاني: كان قاصا واهي الحديث.
وقال البخاري منكر الحديث.
وقال أبو إسحاق الحربي: إذا أرسل فبالحرىّ أن يصيب، وإذا أسند فاحذروه. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم. وقال عفان: كنا عند ابن علية، فذكر المريّ فقال: رجل ليس بثقة، فقال له آخر: مه! اغتبت الرجل، فقال ابن علية: اسكتوا، فإنما هذا دين.
وقال الدار الدّارقطنيّ: ضعيف. له ترجمة في: (الضعفاء والمتروكين) : 2/ 46، ترجمة رقم (1653)، (المغني في الضعفاء) : 1/ 302، ترجمة رقم (2817)، (الضعفاء الكبير) : 2/ 199، ترجمة رقم (723)، (الكامل في ضعفاء الرجال) : 4/ 60، ترجمة رقم (5/ 912)، (المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين) : 1/ 371- 372، (التاريخ الكبير للبخاريّ) :
4/ 273 ترجمة (2782)، (الجرح والتعديل) : 4/ 395- 396، ترجمة رقم (1730)، (تهذيب التهذيب) : 4/ 334- 335، ترجمة رقم (651) .
اللَّه صلى الله عليه وسلم: صيد قوم وربيطة قوم، قال: فأخذ عليها فحلفت له، فحلها.
فما مكثت إلا قليلا حتى جاءت وقد نفضت ما في ضرعها، فربطها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم أتى خباء أصحابها فاستوهبها منهم فوهبوها له، فحلها، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لو علمت البهائم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سمينا أبدا [ (1) ] .
[وروى من وجه آخر ضعيف][ (2) ] .
وروى ابن شاهين من حديث يحيى بن حبيب بن عديّ قال: حدثنا حماد بن زيد عن منصور بن طاووس عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: مرّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم في بعض شأنه، فإذا هو بظبية في رحال قوم، فنادته: يا رسول اللَّه! فوقف وقال: ما شأنك؟ قالت: يا رسول اللَّه إن لي خشفين وهما جياع فأطلقني لأنطلق فأرويهما وأرجع فتشدني، فقال: رحال قوم وربيطة قوم، وأراد أن يولى فنادته ثانيا: يا رسول اللَّه! لي خشفان وهما جياع فحلني أنطلق فأرويهما وارجع إليك فتشدني ثانيا، فقال: أتفعلين؟ قالت: نعم وإلا يعذبني اللَّه عذاب العشار.
فحلها وجلس مكانه، فما لبثت أن رجعت وضرعها فارغ من اللبن، فرق لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاستوهبها من الرجل فوهبها له، فأطلقها [ (3) ] .
[ (1) ] في (خ) : «ما أكلتم سمينها أبدا» ، وما أثبتناه من (دلائل البيهقي) .
[ (2) ] ما بين الحاصرتين من (المرجع السابق)، والحديث أخرجه البيهقي في (دلائل النبوة) : 6/ 34، ونقله عنه ابن كثير في (البداية والنهاية) : 6/ 164، والسيوطي في (الخصائص الكبرى) : 2/ 61 عن البيهقي أيضا.
[ (3) ] لم أجده فيما بين يدي من كتب السيرة بهذه الألفاظ أو السياقة.
قال على القاري في (المصنوع في معرفة الحديث الموضوع) : حديث تسليم الغزالة: اشتهر على الألسنة، وفي المدائح النبويّة. قال ابن كثير: وليس له أصل، ومن نسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد كذب، وقال في هامشه: وقال ابن حجر في (فتح الباري) : وأما تسليم الغزالة فلم نجد له إسنادا، لا من وجه قوي، ولا من وجه ضعيف.
وقال السخاوي في (المقاصد الحسنة) بعد نقله كلام الحافظ ابن كثير، وإقراره له: ولكن قد ورد الكلام- يعني: ورد تكليم الغزالة لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا تسليمها- في الجملة في عدة أحاديث يتقوى بعضها ببعض أوردها شيخنا- الحافظ بن حجر- في المجلس الحادي والستين من (تخريج أحاديث المختصر) ، ويعني (مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه) .
وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي في سفره قانصا قد صاد ظبية، فقال: ما اسمك؟
قال: عبد هبل، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الأعرابي: أنت الّذي جئت بالسّحر؟
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن آمنت جيداؤك هذه أتؤمن؟ قال: نعم، وإلا فلا.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بيده المباركة عليها وقال: أيتها الجيداء الغيداء! من أنا؟
قالت: أنت رسول اللَّه وأنا ظبية ذات غيداء، أفزعني هذا الأعرابي فقصدت عسكرك عائذة بك، فأدركني فمره يطلقني أحدث بخشفيّ عهدا، وله عليّ أن أرجع إليه، فقال الأعرابي: أتكلمك ظبية وأعاندك؟ فأسلّم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
هبّ يستحكم إيمانك فيما شيئا، ومضت الظبية فلاذ بها خشفان، وأخبرتهما بما كان، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم [وقال] : لولا أن أحرم ما أحل اللَّه لحرمت قنص ظباء هذا الموضع [ (1) ] .
[ () ] قال محقق (الموضوعات الصغرى) : هي أحاديث ضعيفة واهية، لا يصح الاعتماد عليها في إثبات ما هو خرق للعادة، وإذا كانت لتعدد طرقها لا يحكم الحديثيّ عليها بالوضع، فإن إثبات مضمونها لا يقبل ولا يثبت إلا بالحديث الصحيح الرجيح، ولدى النظر في أسانيدها، يتبين أنها لا تخلو من مطاعن شديدة مردية، فلا تغفل. وبالنظر في متونها يتبدى تعارض شديد فيما بينها، وفي الجمع بينها تعسّف ظاهر، كما أشار إليه العلامة الزرقاني في (شرح المواهب اللدنية) .
ويبعد أن يكون الحافظ ابن كثير أراد بكلامه المذكور أن هذا المعنى- تسليم الغزالة أو تكليمها- لا أصل له. كما فهمه المؤلف عليّ القاري رحمه اللَّه تعالى في شرحه على (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) للقاضي عياض: 1/ 639، واللَّه تعالى أعلم. (المصنوع في معرفة الحديث الموضوع) :
80، حديث تسليم الغزالة رقم (91) .
[ (1) ] انظر الهامش السابق ص (241) .