المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حادي وتسعون: شهادة الميت للمصطفى صلى الله عليه وسلم بالرسالة] - إمتاع الأسماع - جـ ٥

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الخامس]

- ‌فصل جامع في معجزات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على سبيل التفصيل

- ‌أولا: إبطال الكهانة

- ‌ثانيا: انشقاق القمر]

- ‌[ثالثا: رد الشمس بعد غروبها]

- ‌[رابعا: انقياد الشجر]

- ‌[خامسا: انقلاب العود والقضيب سيفا جيدا]

- ‌[سادسا: حنين الجذع]

- ‌[سابعا: تسليم الأحجار والأشجار عليه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامنا: تحرك الجبل لأجله وسكونه بأمره]

- ‌[تاسعا: رقم اسمه صلى الله عليه وسلم على صفحات المخلوقات]

- ‌[عاشرا: تظليل الغمام له]

- ‌[حادي عشر: رميه صلى الله عليه وسلم وجوه المشركين كفا من تراب فملأ أعينهم]

- ‌[ثاني عشر: إشارته صلى الله عليه وسلم إلى الأصنام وسقوطها]

- ‌[ثالث عشر: إلانة الصّخر له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابع عشر: تسبيح الحصا في كفه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس عشر: تأمين أسكفّة [ (1) ] الباب وحوائط البيت على دعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس عشر: نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سابع عشر: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في تكثير الماء القليل]

- ‌[ثامن عشر: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في مزادتي [ (1) ] المرأة]

- ‌[تاسع عشر: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في الماء بالحديبية]

- ‌[عشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في العين التي بتبوك]

- ‌[حادي وعشرون: نزول المطر بطريق تبوك عند دعائه صلى الله عليه وسلم، وإخباره بموضع ناقته لما ضلت، وبما قال أحد المنافقين]

- ‌[ثاني وعشرون: استقاؤه صلى الله عليه وسلم وقد قحط المطر، فسقاهم اللَّه تعالى ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وعشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في ركي قليل الماء حتى صارت نهرا يجري]

- ‌[رابع وعشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في البئر بقباء]

- ‌[خامس وعشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في بئر قليلة الماء، بعث إليها بحصيات ألقيت فيها فغزر ماؤها]

- ‌[سادس وعشرون: إفاقة جابر بن عبد اللَّه]

- ‌[سابع وعشرون: نشاط البعير الّذي قد أعيا ببركة وضوئه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وعشرون: عذوبة الماء بريقه المبارك]

- ‌[تاسع وعشرون: حبس الدمع بما نضحه صلى الله عليه وسلم في وجه امرأة]

- ‌[ثلاثون: ذهاب الحزن وسرور النفس ببركة ما غمس فيه يده الكريمة صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حادي وثلاثون: عذوبة الماء ببركته عليه السلام]

- ‌[ثاني وثلاثون: زيادة بقية أزواد القوم ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وثلاثون: تكثير طعام صنعه جابر بن عبد اللَّه بالخندق]

- ‌[رابع وثلاثون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في الأكل من القصعة]

- ‌[خامس وثلاثون: أكل مائة وثمانون رجلا من صاع طعام]

- ‌[سادس وثلاثون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في طعام أبي بكر]

- ‌[سابع وثلاثون: رزق اللَّه تعالى أهل بيت من الأنصار ذوي حاجة ببركته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وثلاثون: أكل سبعين رجلا من قليل أقراص خبز شعير]

- ‌[تاسع وثلاثون: أكل أصحاب الصفة من كسر يسيرة حتى شبعوا]

- ‌[أربعون: أكل بضع وسبعين رجلا من حيس فيه قدر مدّ تمر]

- ‌[حادي وأربعون: أكل أربعين رجلا من صاع طعام ورجل شاة حتى شبعوا ولم ينتقص منه شيء]

- ‌[ثاني وأربعون: أخذ أربعمائة رجل ما أحبوا من تمر قليل ولم ينقض]

- ‌[ثالث وأربعون: أكل مائة وثمانين رجلا من الأنصار حتى صدروا من طعام صنعه أبو أيوب الأنصاري]

- ‌[رابع وأربعون: أكل نفر حتى شبعوا من طعام يسير صنعه صهيب]

- ‌[خامس وأربعون: أكل طائفة في بيت عائشة من حيس يسير وشربهم لبنا حتى شبعوا ورووا]

- ‌[سادس وأربعون: غرسه لسلمان الفارسيّ نخلا أطعم من سنته]

- ‌[سابع وأربعون: ظهور البركة في تمرات يسيرة بمزود [ (1) ] أبي هريرة]

- ‌[ثامن وأربعون: امتلاء النّحي [ (1) ] الّذي أهريق ما فيه]

- ‌[تاسع وأربعون: البركة التي ظهرت في الشعير الّذي خلّفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في بيت عائشة رضي الله عنها]

- ‌[خمسون: البركة التي حلت في شطر وسق شعير دفعه النبي صلى الله عليه وسلم لرجل استطعمه]

- ‌[حادي وخمسون: أكل نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعياله من شعير دفعه له النبي صلى الله عليه وسلم نصف سنة لم ينقص لما كاله]

- ‌[ثاني وخمسون: شبع أعرابي بشيء من كسرة قد يبست]

- ‌[ثالث وخمسون: أمره قوما كانوا لا يشبعون بأن اجتمعوا]

- ‌[رابع وخمسون: ظهور البركة في شعير أم شريك]

- ‌[خامس وخمسون: إشباع أبي أمامة تكرمة له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس وخمسون: إغاثة اللَّه له صلى الله عليه وسلم عند ما نزل به ضيف]

- ‌[سابع وخمسون: ظهور البركة في التمر الّذي خلفه عبد اللَّه بن عمرو بن حرام]

- ‌[ثامن وخمسون: سماع الصحابة تسبيح الطعام وهم يأكلونه]

- ‌[تاسع وخمسون: مسحه ضرع شاة أم معبد فدرّت باللبن]

- ‌[ستون: حلبة صلى الله عليه وسلم عناقا [ (1) ] لا لبن فيها مع عبد يرعى غنما]

- ‌[حادي وستون: حلبة صلى الله عليه وسلم اللبن من شاة لم ينز عليها الفحل]

- ‌[ثاني وستون: ظهور الآية في اللبن للمقداد رضي الله عنه]

- ‌[ثالث وستون: سرعة سير الإبل بعد جهدها بدعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابع وستون: شرب أهل الصفة من قدح لبن حتى رووا]

- ‌[خامس وستون: وجود عنز في مكان لم تعهد فيه]

- ‌[سادس وستون: ظهور البركة في السمن الّذي كان لأم سليم [ (1) ]]

- ‌[سابع وستون: امتلاء عكّة أم مالك الأنصارية سمنا]

- ‌[ثامن وستون: امتلاء عكّة أم أوس البهزية]

- ‌[تاسع وستون: أكل أهل الخندق من حفنة تمر]

- ‌[سبعون: شهادة الذئب له صلى الله عليه وسلم بالرسالة]

- ‌[حادي وسبعون: مجيء الذئب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثاني وسبعون: كلام الظبية لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وسبعون: شهادة الضّبّ برسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابع وسبعون: سجود الغنم له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس وسبعون: سكون الوحش إجلالا له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس وسبعون: سجود البعير وشكواه للمصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سابع وسبعون: مخاطبة الناقة له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وسبعون: ازدلاف البدن إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم ليبدأ بنحرهنّ]

- ‌[تاسع وسبعون: مخاطبة الحمار له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثمانون: نسج العنكبوت على الغار]

- ‌[حادي وثمانون: وقوف الحمام بفم الغار، وقيام شجرة على باب الغار]

- ‌[ثانى وثمانون: وقوف الحية له وسلامها عليه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وثمانون: شكوى الحمّرة حالها للمصطفى صلى الله عليه وسلم لما فجعت بفرخيها]

- ‌[رابع وثمانون: تسخير الأسد لسفينة (أحد الموالي) كرامة للمصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس وثمانون: احتمال سفينة ما ثقل من متاع القوم ببركته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس وثمانون: إحياء شاة جابر بعد ما طبخت وأكلت]

- ‌[سابع وثمانون: تسخير الطائر له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وثمانون: كثرة غنم هند [بنت عتبة] [ (1) ] بدعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[تاسع وثمانون: إحياء الحمار الّذي نفق]

- ‌[تسعون: إحياء اللَّه ولد المهاجرة بعد موته، وإجابة دعاء العلاء بن الحضرميّ [ (1) ]]

- ‌[حادي وتسعون: شهادة الميّت للمصطفى صلى الله عليه وسلم بالرسالة]

- ‌[ثانى وتسعون: شهادة الرضيع والأبكم برسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وتسعون: وجود رائحة الطيب حيث سلك]

- ‌[رابع وتسعون: ابتلاع الأرض ما يخرج منه إذا ذهب لحاجته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس وتسعون: رؤيته صلى الله عليه وسلم من خلفه كما يرى من أمامه]

- ‌[سادس وتسعون: إضاءة طرف سوط الطفيل بن عمرو الدوسيّ]

- ‌[سابع وتسعون: إضاءة عصا أسيد بن حضير [ (1) ] وعباد بن بشر [ (2) ]]

- ‌[ثامن وتسعون: إضاءة العصا للنّبيّ صلى الله عليه وسلم ومن معه]

- ‌[تاسع وتسعون: إضاءة عصا أبي عبس الأنصاري]

- ‌[تمام المائة: إضاءة العرجون الّذي أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم لقتادة]

- ‌[الأول بعد المائة: البرقة التي أضاءت للحسنين رضي الله عنهما]

- ‌[الثاني بعد المائة: إضاءة أصابع حمزة بن عمرو الأسلمي]

- ‌[الثالث بعد المائة: رؤية أنس بن مالك النور بأيدي قوم في الدعاء]

- ‌[الرابع بعد المائة: تسليم الملائكة على عمران بن حصين تكرمة للرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الخامس بعد المائة: نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن]

- ‌[السادس بعد المائة: انقلاب بضعة لحم فهرا [ (1) ]]

- ‌فصل في ذكر أبناء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌[فصل في ذكر بنات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[زينب بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رقية بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أم كلثوم بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فاطمة الزهراء بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في ذكر أبناء بنات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الحسين بن علي رضي الله عنهما]

- ‌[فصل في ذكر بنات بنات النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أم كلثوم بنت علي]

- ‌[زينب بنت عليّ]

- ‌فصل في ذكر آل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌[حادي وتسعون: شهادة الميت للمصطفى صلى الله عليه وسلم بالرسالة]

[حادي وتسعون: شهادة الميّت للمصطفى صلى الله عليه وسلم بالرسالة]

وأما شهادة الميت للمصطفى صلى الله عليه وسلم بالرسالة، فخرج البيهقيّ وغيره من حديث القعنبيّ، قال: حدثنا سليمان بن بلال عن يحى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، أن زيد بن خارجة الأنصاري، من بنى الحارث بن الخزرج، توفى زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه فسجى في ثوبه [ (1) ] ، ثم إنهم سمعوا جلجلة في صدره، ثم تكلم فقال: أحمد أحمد في الكتاب الأول، صدق صدق أبو بكر الصديق الضعيف في نفسه القوى في أمر اللَّه في الكتاب الأول، صدق صدق عمر بن الخطاب القول الأمين في الكتاب الأول، صدق صدق عثمان بن عفان على منهاجهم، مضت أربع وبقيت اثنتان، أتت الفتن، وأكل الشديد الضعيف، وقامت الساعة وسيأتيكم من جيشكم خبر بئر أريس [ (2) ] ، وما بئر أريس [ (3) ] .

[ (1) ] في (خ) : «بقوبه» ، وما أثبتناه من (دلائل البيهقي) .

[ (2) ] بئر أريس: يفتح الهمزة، وكسر الراء، وسكون الياء آخر الحروف، وسين مهملة: بئر بالمدينة، ثم بقباء مقابل مسجدها، قال أحمد بن يحى بن جابر: نسبت إلى أريس رجل من المدينة من اليهود، عليها مال لعثمان بن عفان رضى اللَّه عنه، وفيها سقط خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من يد عثمان، في السنة السادسة من خلافته، واجتهد في استخراجه بكل ما وجد إليه سبيلا، فلم يوجد إلى هذه الغاية، فاستدلوا بعد به على حادث في الإسلام عظيم، وقالوا: إن عثمان لما مال عن سيرة من كان قبله، كان أول ما عوقب به ذهاب خاتم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من يده، وقد كان قبله في يد أبى بكر، ثم يد عمر، ثم في يد عثمان.

وقصة خاتم عثمان مذكورة في (صحيح مسلّم) كتاب اللباس والزينة، باب لبس النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق، من حديث ابن عمر، وسيأتي ذلك في موضعه مفصلا إن شاء اللَّه تعالى.

ولبئر أريس أيضا من الفضل أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يضع رجليه فيها، ويتوضأ منها، وعندها بشّر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان بالجنة، رضي الله عنهم أجمعين، كما ورد ذلك في (صحيح البخاري) ، وسيأتي ذلك في موضعه مفصلا إن شاء اللَّه تعالى.

والأريس في لغة أهل الشام: الفلّاح، وهو الأكار، وجمعه أريسيون، وأرارسة وأرارس، في الأصل جمع أرّيس بتشديد الراء، وأظنها لغة عبرانية، وأحسب أن الرئيس مقدم القرية تعريبه، وفي كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم:«وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين» . (معجم البلدان) : 1/ 354، موضع رقم (1209)، (المصباح المضيء) : 2/ 74

[ (3) ](دلائل البيهقي) : 6/ 55، باب ما جاء في شهادة الميت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالرسالة والقائمين بعده بالخلافة، والرواية في ذلك صحيحه ثابتة، وفي ذلك دلالة ظاهرة من دلالات النبوة.

ص: 295

قال يحى: قال سعيد: ثم هلك رجل من بنى خطمة فسجّى بثوبه، فسمع جلجله في صدره ثم تكلم فقال: إن أخا بنى الحارث بن الخزرج صدق صدق [ (1) ] .

قال البيهقي: وهذا صحيح وله شواهد، فذكر من طريق أبى بكر بن أبى الدنيا قال: حدثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس، حدثنا عبد اللَّه بن إدريس، عن إسماعيل بن أبى خالد قال: جاءنا يزيد بن النعمان بن بشير إلى حلقة القاسم بن عبد الرحمن [بكتاب أبيه][ (2) ] النعمان بن بشير:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من النعمان بن بشير إلى أم عبد اللَّه بنت أبى هاشم، سلام عليك فإنّي أحمد إليك اللَّه الّذي لا إله إلا هو، فإنك كتبت إلى لأكتب إليك بشأن زيد بن خارجة، وأنه كان من شأنه أنه أخذه وجع في حلقه، وهو يومئذ من أصحّ أهل المدينة، فتوفى بين صلاة الأولى وصلاة العصر، فأضجعناه لظهره وغشّيناه بردين وكساء، فأتانى آت في مقامي وأنا أسبّح بعد العصر فقال:

إن زيدا تكلم بعد وفاته، فانصرفت إليه مسروعا وقد حضره قوم من الأنصار وهو يقول- أو يقال على لسانه-:

الأوسط أجلد القوم الّذي كان لا يبالي في اللَّه عز وجل لومة لائم، كان لا يأمر الناس أن يأكل قويهم ضعيفهم، عبد اللَّه أمير المؤمنين صدق صدق، كان ذلك في الكتاب الأول، قال: ثم قال: عثمان أمير المؤمنين وهو يعافى الناس من ذنوب كثيرة، خلت ليلتان وبقي [ (3) ] أربع، ثم اختلف الناس وأكل بعضهم بعضا فلا نظام، وأبيحت الأحماء ثم ارعوى المؤمنون وقالوا: كتاب اللَّه وقدرة الناس، أقبلوا على أميركم واسمعوا وأطيعوا، فمن تولى فلا يعهدنّ [ذما][ (4) ] ، وكان أمر اللَّه

[ (1) ](المرجع السابق) . والخبر نقله ابن كثير عن البيهقي في (البداية والنهاية) : 6/ 173، قصة زيد ابن خارجة وكلامه بعد الموت وشهادته بالرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وبالخلافة لأبى بكر الصديق، ثم لعمر، ثم لعثمان رضي اللَّه تعالى عنهم.

[ (2) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .

[ (3) ] كذا في (خ)، وفي (دلائل البيهقي) :«وهي أربع» .

[ (4) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .

ص: 296

قدرا مقدورا، اللَّه أكبر، هذه الجنة وهذه النار، وهؤلاء النبيون والصديقون، سلام عليكم يا عبد اللَّه ابن رواحة، هل احتسبت [ (1) ] لي خارجة لأبيه؟ وسعدا للذين قتلا يوم أحد، كَلَّا إِنَّها لَظى * نَزَّاعَةً لِلشَّوى * تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى* وَجَمَعَ فَأَوْعى.

ثم خفض صوته فسألت الرهط عما سبقني من كلامه فقالوا: سمعناه يقول:

أنصتوا أنصتوا، فنظر بعضنا إلى بعض فإذا الصوت من تحت الثياب، فكشفنا عن وجهه فقال: هذا أحمد رسول اللَّه، سلام عليك يا رسول اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته، ثم قال: أبو بكر الصدّيق الأمين خليفة رسول اللَّه، كان ضعيفا في جسمه، قويا في أمر اللَّه، صدق صدق، وكان في الكتاب الأول [ (2) ] .

وذكر من حديث المعافى بن سليمان قال: حدثنا زهير بن معاوية قال:

أخبرنا [ (3) ] إسماعيل بن أبى خالد

، فذكره بإسناده ومعناه، وزاد في وسط الحديث: وكان ذلك على تمام سنتين خلتا من إمارة عثمان، وقال في آخره: فأما قوله: خلت ليلتان وبقي أربع، فالسنتان: اللتان خلتا من إمارة عثمان، قال: فلم أزل أحفظ العدة للأربع البواقي وأتوقع ما هو كائن فيهن، فكان فيهن انتزاء أهل العراق وخلافهم، وإرجاف المرجفين وطعنهم على أميرهم الوليد بن عقبة، والسلام ورحمة اللَّه [ (4) ] .

قال البيهقي: هذا إسناد صحيح، وروى أيضا عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير، وذكر فيه بئر أريس، كما ذكر في رواية ابن المسيب، قال: والأمر فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما وكان في يده، ثم كان في يد أبى بكر رضي الله عنه من بعده، ثم كان في يد عمر رضي الله عنه، ثم كان في يد عثمان رضي الله عنه حتى وقع في بئر أريس بعد ما مضى من خلافته ست سنين، فعند ذلك تغيرت

[ (1) ] كذا في (خ)، وفي (المرجع السابق) :«أحسست» .

[ (2) ](المرجع السابق) : 6/ 56- 57.

[ (3) ] كذا في (خ)، وفي (المرجع السابق) :«أنبأنا» .

[ (4) ](دلائل البيهقي) : 6/ 57.

ص: 297

عماله، وظهرت الفتن كما قيل على لسان زيد بن خارجة [ (1) ] .

قال البخاري في كتاب التاريخ: زيد بن خارجة الخزرجي الأنصاري، شهد بدرا، توفى في زمن عثمان، هو الّذي تكلم بعد الموت [ (2) ] .

قال البيهقي: وقد روى في التكلم بعد الموت عن جماعة بأسانيد صحيحة، فذكر من طريق ابن أبى الدنيا قال: حدثنا خلف بن هشام البزار، حدثنا خالد الطحان، عن حصين عن عبد اللَّه بن عبيد الأنصاري، أن رجلا من قتلى مسيلمة تكلم فقال: محمد رسول اللَّه، أبو بكر الصديق، عثمان الأمين الرحيم، لا أدرى أيش قال لعمر [ (3) ] .

ومن حديث على بن عاصم قال: أخبرنا حصين [بن عبد الرحمن][ (4) ] بن عبد اللَّه بن عبيد الأنصاري قال: بينما هم يصورون القتلى يوم صفين أو يوم الجمل، تكلم رجل من الأنصار من القتلى فقال: محمد رسول اللَّه، أبو بكر الصديق، عمر الشهيد، عثمان الرحيم، ثم سكت [ (5) ] .

قال البيهقي: خالد الطحان أحفظ من على بن عاصم وأوثق. واللَّه أعلم [ (5) ] .

قال كاتبه: وقد صنّف أبو بكر بن أبى الدنيا كتابا فيمن عاش بعد الموت.

[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 57.

[ (2) ](المرجع السابق)، (التاريخ الكبير) : 3/ 383، ترجمة رقم (1281)، ونقله ابن كثير عن البيهقي في (البداية والنهاية) : 6/ 173.

[ (3) ](دلائل البيهقي) : 6/ 58.

[ (4) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .

[ (5) ](دلائل البيهقي) : 6/ 58، ونقله ابن كثير عن البيهقي في (البداية والنهاية) : 6/ 175.

وأما زيد بن خارجة: فهو زيد بن خاجة بن أبى زهير بن مالك بن امرئ القيس بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج الأنصاري، شهد بدرا، وتوفى في زمن عثمان، وهو الّذي يقال أنه تكلم بعد الموت، وأبوه من شهداء أحد، وكان أبو بكر تزوج أخته، فولدت له أم كلثوم، وكذا ذكره في البدريين وأنه المتكلم بعد الموت: ابن سعد، وابن أبى حاتم، والترمذي، ويعقوب بن سفيان، والبغوي، والطبري، وأبو نعيم، وغيرهم. له ترجمة في:(تهذيب التهذيب) : 3/ 353- 354، ترجمة رقم (747) ، (الإصابة) 2/ 223، ترجمة والده خارجة بن زيد رقم (2138) ، 603 ترجمة رقم (2896) ، 3/ 53، ترجمة أخيه سعد بن خارجة رقم (3145) (أسماء الصحابة الرواة) :

ص: 298