المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حادي وعشرون: نزول المطر بطريق تبوك عند دعائه صلى الله عليه وسلم، وإخباره بموضع ناقته لما ضلت، وبما قال أحد المنافقين] - إمتاع الأسماع - جـ ٥

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الخامس]

- ‌فصل جامع في معجزات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على سبيل التفصيل

- ‌أولا: إبطال الكهانة

- ‌ثانيا: انشقاق القمر]

- ‌[ثالثا: رد الشمس بعد غروبها]

- ‌[رابعا: انقياد الشجر]

- ‌[خامسا: انقلاب العود والقضيب سيفا جيدا]

- ‌[سادسا: حنين الجذع]

- ‌[سابعا: تسليم الأحجار والأشجار عليه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامنا: تحرك الجبل لأجله وسكونه بأمره]

- ‌[تاسعا: رقم اسمه صلى الله عليه وسلم على صفحات المخلوقات]

- ‌[عاشرا: تظليل الغمام له]

- ‌[حادي عشر: رميه صلى الله عليه وسلم وجوه المشركين كفا من تراب فملأ أعينهم]

- ‌[ثاني عشر: إشارته صلى الله عليه وسلم إلى الأصنام وسقوطها]

- ‌[ثالث عشر: إلانة الصّخر له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابع عشر: تسبيح الحصا في كفه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس عشر: تأمين أسكفّة [ (1) ] الباب وحوائط البيت على دعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس عشر: نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سابع عشر: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في تكثير الماء القليل]

- ‌[ثامن عشر: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في مزادتي [ (1) ] المرأة]

- ‌[تاسع عشر: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في الماء بالحديبية]

- ‌[عشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في العين التي بتبوك]

- ‌[حادي وعشرون: نزول المطر بطريق تبوك عند دعائه صلى الله عليه وسلم، وإخباره بموضع ناقته لما ضلت، وبما قال أحد المنافقين]

- ‌[ثاني وعشرون: استقاؤه صلى الله عليه وسلم وقد قحط المطر، فسقاهم اللَّه تعالى ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وعشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في ركي قليل الماء حتى صارت نهرا يجري]

- ‌[رابع وعشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في البئر بقباء]

- ‌[خامس وعشرون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في بئر قليلة الماء، بعث إليها بحصيات ألقيت فيها فغزر ماؤها]

- ‌[سادس وعشرون: إفاقة جابر بن عبد اللَّه]

- ‌[سابع وعشرون: نشاط البعير الّذي قد أعيا ببركة وضوئه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وعشرون: عذوبة الماء بريقه المبارك]

- ‌[تاسع وعشرون: حبس الدمع بما نضحه صلى الله عليه وسلم في وجه امرأة]

- ‌[ثلاثون: ذهاب الحزن وسرور النفس ببركة ما غمس فيه يده الكريمة صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حادي وثلاثون: عذوبة الماء ببركته عليه السلام]

- ‌[ثاني وثلاثون: زيادة بقية أزواد القوم ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وثلاثون: تكثير طعام صنعه جابر بن عبد اللَّه بالخندق]

- ‌[رابع وثلاثون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في الأكل من القصعة]

- ‌[خامس وثلاثون: أكل مائة وثمانون رجلا من صاع طعام]

- ‌[سادس وثلاثون: ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في طعام أبي بكر]

- ‌[سابع وثلاثون: رزق اللَّه تعالى أهل بيت من الأنصار ذوي حاجة ببركته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وثلاثون: أكل سبعين رجلا من قليل أقراص خبز شعير]

- ‌[تاسع وثلاثون: أكل أصحاب الصفة من كسر يسيرة حتى شبعوا]

- ‌[أربعون: أكل بضع وسبعين رجلا من حيس فيه قدر مدّ تمر]

- ‌[حادي وأربعون: أكل أربعين رجلا من صاع طعام ورجل شاة حتى شبعوا ولم ينتقص منه شيء]

- ‌[ثاني وأربعون: أخذ أربعمائة رجل ما أحبوا من تمر قليل ولم ينقض]

- ‌[ثالث وأربعون: أكل مائة وثمانين رجلا من الأنصار حتى صدروا من طعام صنعه أبو أيوب الأنصاري]

- ‌[رابع وأربعون: أكل نفر حتى شبعوا من طعام يسير صنعه صهيب]

- ‌[خامس وأربعون: أكل طائفة في بيت عائشة من حيس يسير وشربهم لبنا حتى شبعوا ورووا]

- ‌[سادس وأربعون: غرسه لسلمان الفارسيّ نخلا أطعم من سنته]

- ‌[سابع وأربعون: ظهور البركة في تمرات يسيرة بمزود [ (1) ] أبي هريرة]

- ‌[ثامن وأربعون: امتلاء النّحي [ (1) ] الّذي أهريق ما فيه]

- ‌[تاسع وأربعون: البركة التي ظهرت في الشعير الّذي خلّفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في بيت عائشة رضي الله عنها]

- ‌[خمسون: البركة التي حلت في شطر وسق شعير دفعه النبي صلى الله عليه وسلم لرجل استطعمه]

- ‌[حادي وخمسون: أكل نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعياله من شعير دفعه له النبي صلى الله عليه وسلم نصف سنة لم ينقص لما كاله]

- ‌[ثاني وخمسون: شبع أعرابي بشيء من كسرة قد يبست]

- ‌[ثالث وخمسون: أمره قوما كانوا لا يشبعون بأن اجتمعوا]

- ‌[رابع وخمسون: ظهور البركة في شعير أم شريك]

- ‌[خامس وخمسون: إشباع أبي أمامة تكرمة له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس وخمسون: إغاثة اللَّه له صلى الله عليه وسلم عند ما نزل به ضيف]

- ‌[سابع وخمسون: ظهور البركة في التمر الّذي خلفه عبد اللَّه بن عمرو بن حرام]

- ‌[ثامن وخمسون: سماع الصحابة تسبيح الطعام وهم يأكلونه]

- ‌[تاسع وخمسون: مسحه ضرع شاة أم معبد فدرّت باللبن]

- ‌[ستون: حلبة صلى الله عليه وسلم عناقا [ (1) ] لا لبن فيها مع عبد يرعى غنما]

- ‌[حادي وستون: حلبة صلى الله عليه وسلم اللبن من شاة لم ينز عليها الفحل]

- ‌[ثاني وستون: ظهور الآية في اللبن للمقداد رضي الله عنه]

- ‌[ثالث وستون: سرعة سير الإبل بعد جهدها بدعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابع وستون: شرب أهل الصفة من قدح لبن حتى رووا]

- ‌[خامس وستون: وجود عنز في مكان لم تعهد فيه]

- ‌[سادس وستون: ظهور البركة في السمن الّذي كان لأم سليم [ (1) ]]

- ‌[سابع وستون: امتلاء عكّة أم مالك الأنصارية سمنا]

- ‌[ثامن وستون: امتلاء عكّة أم أوس البهزية]

- ‌[تاسع وستون: أكل أهل الخندق من حفنة تمر]

- ‌[سبعون: شهادة الذئب له صلى الله عليه وسلم بالرسالة]

- ‌[حادي وسبعون: مجيء الذئب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثاني وسبعون: كلام الظبية لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وسبعون: شهادة الضّبّ برسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رابع وسبعون: سجود الغنم له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس وسبعون: سكون الوحش إجلالا له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس وسبعون: سجود البعير وشكواه للمصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سابع وسبعون: مخاطبة الناقة له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وسبعون: ازدلاف البدن إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم ليبدأ بنحرهنّ]

- ‌[تاسع وسبعون: مخاطبة الحمار له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثمانون: نسج العنكبوت على الغار]

- ‌[حادي وثمانون: وقوف الحمام بفم الغار، وقيام شجرة على باب الغار]

- ‌[ثانى وثمانون: وقوف الحية له وسلامها عليه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وثمانون: شكوى الحمّرة حالها للمصطفى صلى الله عليه وسلم لما فجعت بفرخيها]

- ‌[رابع وثمانون: تسخير الأسد لسفينة (أحد الموالي) كرامة للمصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس وثمانون: احتمال سفينة ما ثقل من متاع القوم ببركته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سادس وثمانون: إحياء شاة جابر بعد ما طبخت وأكلت]

- ‌[سابع وثمانون: تسخير الطائر له صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثامن وثمانون: كثرة غنم هند [بنت عتبة] [ (1) ] بدعائه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[تاسع وثمانون: إحياء الحمار الّذي نفق]

- ‌[تسعون: إحياء اللَّه ولد المهاجرة بعد موته، وإجابة دعاء العلاء بن الحضرميّ [ (1) ]]

- ‌[حادي وتسعون: شهادة الميّت للمصطفى صلى الله عليه وسلم بالرسالة]

- ‌[ثانى وتسعون: شهادة الرضيع والأبكم برسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثالث وتسعون: وجود رائحة الطيب حيث سلك]

- ‌[رابع وتسعون: ابتلاع الأرض ما يخرج منه إذا ذهب لحاجته صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خامس وتسعون: رؤيته صلى الله عليه وسلم من خلفه كما يرى من أمامه]

- ‌[سادس وتسعون: إضاءة طرف سوط الطفيل بن عمرو الدوسيّ]

- ‌[سابع وتسعون: إضاءة عصا أسيد بن حضير [ (1) ] وعباد بن بشر [ (2) ]]

- ‌[ثامن وتسعون: إضاءة العصا للنّبيّ صلى الله عليه وسلم ومن معه]

- ‌[تاسع وتسعون: إضاءة عصا أبي عبس الأنصاري]

- ‌[تمام المائة: إضاءة العرجون الّذي أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم لقتادة]

- ‌[الأول بعد المائة: البرقة التي أضاءت للحسنين رضي الله عنهما]

- ‌[الثاني بعد المائة: إضاءة أصابع حمزة بن عمرو الأسلمي]

- ‌[الثالث بعد المائة: رؤية أنس بن مالك النور بأيدي قوم في الدعاء]

- ‌[الرابع بعد المائة: تسليم الملائكة على عمران بن حصين تكرمة للرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الخامس بعد المائة: نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن]

- ‌[السادس بعد المائة: انقلاب بضعة لحم فهرا [ (1) ]]

- ‌فصل في ذكر أبناء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌[فصل في ذكر بنات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[زينب بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رقية بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أم كلثوم بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فاطمة الزهراء بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في ذكر أبناء بنات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الحسين بن علي رضي الله عنهما]

- ‌[فصل في ذكر بنات بنات النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أم كلثوم بنت علي]

- ‌[زينب بنت عليّ]

- ‌فصل في ذكر آل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌[حادي وعشرون: نزول المطر بطريق تبوك عند دعائه صلى الله عليه وسلم، وإخباره بموضع ناقته لما ضلت، وبما قال أحد المنافقين]

[حادي وعشرون: نزول المطر بطريق تبوك عند دعائه صلى الله عليه وسلم، وإخباره بموضع ناقته لما ضلت، وبما قال أحد المنافقين]

وأما [نزول] المطر بطريق تبوك عند دعائه وقد اشتد عطش الناس، وإخباره بموضع ناقته لما ضلت، وبما قال المنافق، فخرج البيهقي من حديث ابن وهب قال:

أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال، عن عتبة بن أبي عتبة، عن نافع بن جبير، عن عبد اللَّه بن عباس رضي الله عنه، قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: حدثنا من شأن ساعة العسرة.

فقال عمر رضي الله عنه: خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد، فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش، حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، وحتى إن كان الرجل يذهب يلتمس الرجل فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع، حتى إن كان الرجل ينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه، ويجعل ما يبقى على كبده، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه:

يا رسول اللَّه، إن اللَّه عز وجل قد عودك في الدعاء خيرا، فادع اللَّه لنا، قال:

أتحب ذلك؟ قال: نعم، فرفع يديه فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأظلت، ثم سكبت، فملئوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر، فلم نجدها قد جاوزت العسكر [ (1) ] .

وخرجه ابن حبان [ (2) ]رحمه الله من حديث سعيد بن أبي هلال، عن نافع ابن جبير، فسقط بين سعيد وبين نافع رجل، وهو عتبة بن أبي عتبة، كما رواه البزار في مسندة، والطبراني في الأوسط، والحاكم في المستدرك [ (3) ]، قال الطبراني:

[ (1) ](دلائل البيهقي) : 5/ 231، باب تسمية غزوة تبوك بالعسرة، وما ظهر بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم في بقية الأزواد وفي الماء، وإخباره عن قول المنافقين في غيبته، ثم بموضع ناقته من آثار النبوة، ورواه أيضا الهيثمي في (مجمع الزوائد) : 6/ 194- 195، وقال: رواه البزار، والطبراني في الأوسط، ورجال البزار ثقات.

[ (2) ](الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان) : 4/ 223، كتاب الطهارة، باب (19) النجاسة وتطهيرها، ذكر الخبر الدال على أن فرث ما يؤكل لحمه غير نجس، حديث رقم (1383)، وقال في هامشه: إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين خلا حرملة بن يحيى، فإنه من رجال مسلم فقط.

[ (3) ](المستدرك) : 1/ 263، كتاب الطهارة، حديث رقم (566/ 121)، وقال في آخره: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد ضمّنه سنّة غريبة، وهو أن الماء إذا خالط-

ص: 115

لم يروه عن نافع بن جبير إلا عتبة لعروبة بن سعيد، وسئل عند الدار الدّارقطنيّ في (العلل) فذكر الاختلاف في زيادة عتبة فيه وسقوطه وقال: القول قول من ذكر عتبة بن أبي عتبة، وهو عتبة بن مسلم. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

وخرج البيهقي من حديث يونس عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: أصبح الناس [ولا ماء معهم] ، فشكوا ذلك إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فدعا اللَّه تعالى فأرسل سحابة فأمطرت، حتى [ارتوى] الناس واحتملوا حاجتهم من الماء.

قال عاصم: وأخبرني رجال من قومي أن رجلا من المنافقين كان معروفا نفاقه، كان يسير مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حيث سار، فلما كان من أمر الناس بالحجر ما كان، ودعاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين دعا، فأرسل اللَّه تعالى سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس، فأقبلنا عليه فقلنا: ويحك! هل بعد هذا من شيء؟ قال: سحابة مارة [ (1) ] .

وقال الواقدي- عفا اللَّه عنه ورحمه-: وارتحل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما أصبح ولا ماء معهم، فشكوا ذلك إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على غير ماء، قال عبد اللَّه بن أبي حدره: فرأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة فدعا، ولا واللَّه ما أرى في السماء سحابا، فما برح يدعو حتى لأني انظر إلى السماء تأتلف من كل ناحية، فما رام مقامه حتى سحت علينا السماء بالرواء، فكأني أسمع تكبير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في المطر، ثم كشفت السماء عنّا من ساعتها، وإن الأرض لغدر تناخس [ (2) ] ، فسقى الناس وارتووا من آخرهم، وأسمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:

أشهد أني رسول اللَّه.

فقلت لرجل من المنافقين: ويحك! بعد هذا شيء؟ فقال سحابة مارة، وهو أوس بن قيظي، ويقال زيد بن اللّصيت.

قال: ثم ارتحل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم موجّها لماء تبوك فأصبح في منزل، فضلت

[ () ] فرث ما يؤكل لحمه لم ينجسه، فإنه لو كان ينجس الماء لما أجاز رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لمسلم أن يجعله على كبده حتى ينجس يديه.

[ (1) ](دلائل البيهقي) : 5/ 231- 232، (سيرة ابن هشام) : 5/ 202.

[ (2) ] غدر: جمع غدير، تناخس: أي يصب بعضها في بعض، (النهاية) : 4/ 133.

ص: 116

ناقة النبي صلى الله عليه وسلم [القصواء] ، فخرج أصحابه في طلبها، وعند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عمارة ابن حزم [عقبى بدريّ قتل يوم اليمامة شهيدا][ (1) ] ، وكان في رحله زيد بن أبي اللصيت أحد بني قينقاع، كان يهوديا فأسلم ونافق، وكان فيه خبث اليهود وغشّهم- وكان مظاهرا لأهل النفاق- فقال زيد وهو في رحل عمارة، وعمارة عند النبي صلى الله عليه وسلم:

أليس محمد يزعم أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء؟ وهو لا يدري أين ناقته!!.

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن منافقا يقول: إن محمدا يزعم أنه نبي وهو يخبركم بأمر السماء؟ ولا يدري أين ناقته!! وإني واللَّه لا أعلم إلا ما علمني اللَّه، وقد دلني عليها، وهي في الوادي في شعب كذا وكذا- أشار لهم إليه- حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتوا بها، فذهبوا فجاءوا بها،

فرجع عمارة بن حزم إلى رحله فقال: العجب من شيء حدثناه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم آنفا عن مقاله قائل أخبره اللَّه عنه، قال: كذا وكذا للذي قال زيد، فقال رجل ممن كان في رحل عمارة ولم يحضر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قائل هذه المقالة زيد قبل أن يطلع علينا، قال: فأقبل عمارة على زيد بن اللصيت يجأه [ (2) ] في عنقه ويقول: واللَّه إن في رحلي لداهية، وما أدري، أخرج يا عدو اللَّه من رحلي.

وكان الّذي أخبر عمارة بمقالة زيد أخوه عمرو بن حزم، وكان في الرحل مع رهط من أصحابه، والّذي ذهب فجاء بالناقة من الشعب الحارث بن خزمة الأشهلي، وجدها وزمامها قد تعلق في شجرة، فقال زيد بن اللصيت: لكأنّي لم أسلم إلا اليوم، قد كنت شاكا في محمد، وقد أصبحت وأنا فيه ذو بصيرة، فأشهد أنه رسول اللَّه، فزعم الناس أنه تاب، وكان خارجة بن زيد بن ثابت ينكر توبته ويقول: لم يزل فسلا [ (3) ] حتى مات [ (4) ] .

[ (1) ] زيادة للسياق من (مغازي الواقدي) .

[ (2) ] يجأه: أي يضربه.

[ (3) ] الفسل من الرجال: الرذل.

[ (4) ](مغازي الواقدي) : 3/ 1008- 1010، (سيرة ابن هشام) : 5/ 202- 203، تقوّل ابن اللصيت، عن ابن إسحاق.

ص: 117