الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سادس عشر: نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم]
وأما نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، فخرج البخاري [ (1) ] ومسلم [ (2) ] من حديث حماد بن زيد عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بماء- وقال البخاري: بإناء من ماء- فأتى بقدح رحراح فيه شيء من ماء فوضع أصابعه فيه، قال أنس رضي الله عنه فجعلت انظر إلى الماء ينبع من بين أصابعه. قال أنس:
فحزرت من توضأ ما بين السبعين إلى الثمانين، وقال مسلم: فأتى بقدح رحراح فجعل القوم يتوضءون فحزرتهم ما بين السبعين إلى الثمانين. ذكره البخاري في كتاب الطهارة في باب الوضوء من التور، وذكره مسلم في أول المناقب.
وللبخاريّ من حديث يزيد قال: أخبرنا حميد عن أنس قال: حضرت الصلاة فقام من كان قريب الدار إلى أهله [ (3) ] ، وبقي قوم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بمخضب من حجارة فيه ماء، [فوضع كفه][ (4) ] فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه، [فضم أصابعه فوضعها في المخضب][ (5) ] فتوضأ القوم كلهم [جميعا][ (5) ]، قلت: كم
[ (1) ](فتح الباري) : 1/ 402، كتاب الوضوء، باب (46) الوضوء من التّور، حديث رقم (200)، رحراح: متسع الفم.
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 15/ 43، كتاب الفضائل، باب (3) في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (2279) قوله في هذه الأحاديث في نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم وتكثيره، وتكثير الطعام، هذه كلها معجزات ظاهرات، وجدت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مواطن مختلفة، وعلى أحوال متغايرة، وبلغ مجموعها التواتر. وأما تكثير الماء فقد صحّ من رواية أنس، وابن مسعود، وجابر، وعمران ابن الحصين. (المرجع السابق) : 43، (دلائل أبي نعيم) : 2/ 413، حديث رقم (321) بسياقة أخرى وسند آخر.
[ (3) ] في (خ) : «قريب الدار من المسجد يتوضأ» وما أثبتناه من رواية (البخاري) .
[ (4) ] زيادة من (خ) .
[ (5) ] زيادة من (خ) .
كانوا [ (1) ] ؟ قال: ثمانون رجلا [ (1) ] . ذكره في باب علامات النبوة في الإسلام، وذكره [في كتاب] الطهارة في باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة، من حديث عبد اللَّه بن بكر قال: حدثنا حميد عن أنس
…
الحديث، وقال: فقام من كان قريب الدار من أهله، وقال في آخره: قلنا: كم كنتم؟ قال:
ثمانين وزيادة [ (2) ] .
وله من حديث عبد الرحمن بن المبارك قال: حدثنا حزم قال: سمعت الحسن [يقول:] حدثنا أنس قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مخارجه ومعه ناس من أصحابه، فانطلقوا يسيرون فحضرت الصلاة ولم يجدوا ماء يتوضءون، فانطلق رجل من القوم فجاء بقدح من ماء يسير فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثم مد أصابعه الأربع على القدح ثم قال: قوموا فتوضئوا، فتوضأ القوم حتى بلغوا فيما يريدون من الوضوء، وكانوا سبعين أو نحوه. ذكره في باب علامات النبوة في الإسلام [ (3) ] .
وخرج البخاري ومسلم من حديث مالك عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك أنه قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وحانت [ (4) ] صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الإناء [ (5) ] ، وأمر الناس أن يتوضئوا منه، قال: فرأيت الماء
[ (1) ] في (البخاري) : «قال: كم كنتم» ، «ثمانين وزيادة» ، والمخضب، بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الضاد المعجمة: هو الإناء الّذي يغسل فيه الثياب وقد يطلق على الإناء صغيرا أو كبيرا. (فتح الباري) : 1/ 398 كتاب الوضوء باب (45) الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة، حديث رقم (195) .
[ (2) ](فتح الباري) : 6/ 721، كتاب المناقب، باب (25) علامات النبوة في الإسلام، حديث رقم (3575) ، والتصويبات، السابقة منه.
[ (3) ](فتح الباري) : 6/ 720- 721، كتاب المناقب، باب (25) علامات النبوة في الإسلام، حديث رقم (3574) .
[ (4) ] في (خ) : «وجاءت» .
[ (5) ] في (خ) : «في ذلك الإناء يده» ، وما أثبتناه من (البخاري) .
ينبع من تحت أصابعه صلى الله عليه وسلم، [فتوضأ الناس][ (1) ] حتى توضئوا من عند آخرهم.
ذكره البخاري في المناقب [ (2) ]، وفي الطهارة في باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة [ (3) ] . وخرجه الترمذي في المناقب وقال: حديث حسن صحيح [ (4) ] .
وخرج البخاري [ (5) ] ومسلم [ (6) ] من حديث ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة، عن أنس قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بإناء وهو بالزوراء، فوضع يده في الإناء فجعل الماء ينبع من بين أصابعه فتوضأ القوم. قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة أو زهاء ثلاثمائة.
وخرج مسلم من حديث معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة قال:
حدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالزوراء قال: والزوراء بالمدينة عند السوق والمسجد فيها، ثم دعا بقدح فيه ماء فوضع كفه فيه فجعل ينبع بين أصابعه، فتوضأ جميع أصحابه، قال: قلت: كم كانوا يا أبا حمزة؟ قال: كانوا زهاء الثلاثمائة [ (6) ] .
وخرج من حديث [سعيد] عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالزوراء، فأتى بإناء ماء لا يغمر أصابعه أو قدر ما يواري أصابعه، ثم ذكر نحو حديث هشام [ (7) ] .
[ (1) ] زيادة من (خ) في رواية أخرى.
[ (2) ](فتح الباري) : 6/ 720، كتاب المناقب، باب (25) علامات النبوة في الإسلام. حديث رقم (3573) .
[ (3) ](فتح الباري) : 1/ 359- 360، كتاب الوضوء، باب (32) التماس الوضوء إذا حانت الصلاة، حديث رقم (169) .
[ (4) ](تحفة الأحوذي) : 10/ 75- 76، أبواب المناقب، باب (31) ، حديث رقم (3874)، وقال:
وفي الباب عن عمران بن حصين، وابن مسعود، وجابر. (قال أبو عيسى) : حديث حسن صحيح.
[ (5) ](فتح الباري) : 6/ 720، كتاب المناقب، باب (25) علامات النبوة في الإسلام، حديث رقم (3572) .
[ (6) ](مسلم بشرح النووي) : 15/ 44، كتاب الفضائل، باب (3) في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (6) .
[ (7) ](المرجع السابق) : حديث رقم (8) .
وخرج البيهقي من حديث إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثنا أخي عن سليمان- وهو ابن بلال- عن عبيد اللَّه بن عمر عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى قباء فأتى من بعض بيوتهم بقدح صغير، قال: فأدخل النبي صلى الله عليه وسلم يده فلم يسعه القدح، فأدخل أصابعه الأربع ولم يستطع أن يدخل إبهامه ثم قال للقوم:[هلموا] إلى الشراب، قال أنس: بصر عينيّ نبع الماء من بين أصابعه، فلم يزل القوم يردون القدح حتى رووا منه جميعا [ (1) ] .
قال البيهقي: هذه الروايات عن أنس تشبه أن يكون كلها خبرا عن واقعة [واحده، وذلك حين خرج إلى قباء، ورواية قتادة عن أنس تشبه أن تكون خبرا عن واقعة أخرى، واللَّه أعلم][ (2) ] .
وخرج عن الرزاق من حديث معمر عن ثابت وقتادة، عن أنس قال: نظر بعض أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وضوءا فلم يجدوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هاهنا ماء، فرأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وضع يده في الإناء الّذي فيه الماء، ثم قال: توضئوا باسم اللَّه، قال: فرأيت الماء يفور من بين أصابعه والقوم يتوضئون حتى توضئوا من آخرهم، قال ثابت: قلت لأنس: كم تراهم كانوا؟ قال: نحوا من سبعين [ (3) ] .
وخرج البخاري من حديث حصين عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: عطش الناس يوم الحديبيّة والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة، فجهش الناس نحوه، قال: ما لكم؟ قالوا ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك، فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا،
قلت: كم كنتم قال: لو كنا مائة ألف لكفانا،
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 4/ 123، باب ذكر البيان أن خروج الماء من بين أصابع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان غير مرة، وزيادة ماء البئر ببركة دعائه، كانت له عادة، وكل واحد فيهما دليل واضح من دلائل النبوة.
[ (2) ] ما بين الحاصرتين تصويب للسياق من المرجع السابق.
[ (3) ](دلائل البيهقي) : 4/ 124، وأخرجه البخاري بنحو منه في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام وقد سبق ذكره.
كنا خمس عشرة مائة. ذكره في باب علامات النبوة [ (1) ] ، وذكره في عمرة الحديبيّة [ (2) ] أيضا، وقال: عن جابر عطش الناس
…
الحديث إلى آخره بنحوه، وقال فيه: فجعل الماء يفور، وفيه: كم كنتم يومئذ
…
الحديث مثله.
وخرج في كتاب الأشربة من حديث الأعمش قال: حدثني سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد اللَّه هذا الحديث قال: قد رأيتني مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد حضرت العصر وليس معنا ماء غير فضلة، فجعل في إناء فأتى النبي صلى الله عليه وسلم به، فأدخل يده فيه وفرج أصابعه ثم قال: حي على أهل الوضوء والبركة من اللَّه، فلقد رأيت الماء ينفجر من بين أصابعه، فتوضأ الناس وشربوا، فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه، فعلمت أنه بركة.
قلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال: ألف وأربعمائة. تابعه عمرو بن دينار عن جابر، وقال حصين عن جابر. ترجم عليه: باب شرب البركة والماء المبارك [ (3) ] .
وخرج البيهقي من حديث أبي عوانة، عن الأسود عن قيس عن نبيح [ (4) ] العنزي قال: قال جابر بن عبد اللَّه: غزونا أو سافرنا [ونحن][ (5) ] مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونحن يومئذ بضع عشرة مائة، فحضرت الصلاة فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هل في القوم من طهور؟ فجاء رجل يسعى باداوة فيها شيء من ماء ليس في القوم ماء غيره، وصب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في قدح ثم توضأ فأحسن الوضوء، ثم انصرف وترك القدح، قال: فركب الناس ذلك القدح وقال: تسمحوا تمسحوا، فقال
[ (1) ](فتح الباري) : 6/ 721، كتاب المناقب، باب (25) علامات النبوة في الإسلام، حديث رقم (3576)، جهش: أسرعوا لأخذ الماء.
[ (2) ](فتح الباري) : 7/ 560، كتاب المغازي، باب (36) غزوة الحديبيّة، وقول اللَّه تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح: 18] ، حديث رقم (4152) .
[ (3) ](فتح الباري) : 10/ 125، كتاب الأشربة، باب (31) ، شرب البركة والماء المبارك، حديث رقم (5639) .
[ (4) ] في (خ) : «نباح» وصوبناه من (دلائل البيهقي)، (تهذيب التهذيب) : 10/ 372، وهو نبيح ابن عبد العنزي أبو عمرو الكوفي.
[ (5) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: على رسلكم حين سمعهم يقولون ذلك، قال: فوضع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كفه في الماء والقدح وقال: سبحان اللَّه! ثم قال: أسبغوا الوضوء.
فو الّذي ابتلاني ببصري لقد رأيت العيون: عيون الماء تخرج من بين أصابع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولم يرفعها حتى توضئوا أجمعون [ (1) ] .
وخرج مسلم من حديث حاتم بن إسماعيل، عن يعقوب بن مجاهد، عن عباد ابن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم [ (2) ]، فذكر الحديث إلى أن قال: فأتينا العسكر، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يا جابر ناد بوضوء، فقلت: ألا وضوء؟ ألا وضوء؟ قال: قلت: يا رسول اللَّه ما وجدت في الركب من قطرة، وكان رجل من الأنصار يبرد لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الماء في أشجاب له على حمارة من جريد، قال: فقال لي: انطلق إلى فلان بن فلان الأنصاري، فانظر هل في أشجابه من شيء؟ قال: فانطلقت إليه فنظرت فيها فلم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أني أفرغه لشربه يابسه.
فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول اللَّه لم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أني أفرغه لشربه يابسة، فقال: اذهب فأتني به، فأتيته به فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيء لا أدري ما هو ويغمزه بيده، ثم أعطانيه فقال: يا جابر، ناد بجفنة، فقلت: يا جفنة الركب، فأتيت بها تحمل فوضعتها بين يديه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيده الجفنة هكذا فبسطها وفرق بين أصابعه ثم وضعها في قعر الجفنة وقال: خذ يا جابر فصب عليّ وقل: باسم اللَّه، فصببت عليه وقلت: باسم اللَّه، فرأيت الماء يتفوّر من بين أصابع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم فأرت الجفنة ودارت حتى أمتلأت، ثم قال: يا جابر، ناد من كان له حاجة بماء، قال: فأتى الناس فاستقوا
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 4/ 117- 118، باب ما ظهر في الحديبيّة بخروج الماء من بين أصابع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين لم يكن لأصحابه ماء يشربونه ويتوضئون به من دلالات النبوة، والأشبه أن ذلك كان مرجعهم عام الحديبيّة حين دعا في أزوادهم بالبركة، (سنن الدارميّ) : 13- 14، باب ما أكرم اللَّه به النبي صلى الله عليه وسلم من تفجير الماء من بين أصابعه باختلاف يسير.
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 18/ 343، كتاب الزهد والرقاق، باب (18) حديث جابر الطويل، حديث رقم (3006) .
حتى رووا، قال: فقلت: هل بقي أحد له حاجة؟ فرفع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملأى [ (1) ] .
وذكر الحديث.
وخرج البيهقي- رحمه الله من حديث عبد اللَّه بن يزيد المقري قال: حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن نعيم الحضرميّ قال: [ (2) ] سمعت زياد بن الحرث الصّدائي [صاحب رسول اللَّه][ (3) ]، يحدث قال: أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام فذكر الحديث [إلى أن قال][ (3) ] ثم إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اعتشى من أول الليل- أي سار من أول الليل- فلزمته وكنت قويا، وكان أصحابه ينقطعون عنه ويستأخرون، حتى لم يبق معه أحد غيري، فلما كان أذان صلاة الصبح أمرني فأذّنت، فجعلت أقول: أقيم يا رسول اللَّه؟ فجعل ينظر إلى ناحية المشرق إلى الفجر فيقول: لا، حتى إذا طلع الفجر نزل فتبرّز ثم انصرف إليّ وقد تلاحق أصحابه فقال: هل من ماء يا أخا صداء؟ فقلت: لا، إلا شيء قليل لا يكفيك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجعله في إناء ائتني به، ففعلت، فوضع كفه في الماء، قال الصدائي: فرأيت بين إصبعين من أصابعه عينا تفور!! فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
لولا أني استحيي من ربي لسقينا واستقينا، ناد في أصحابي من كان له حاجة في الماء، فناديت فيهم، فأخذ من أراد منهم. فذكر الحديث [ (4) ] .
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 18/ 352- 353، كتاب الزهد والرقاق، باب (18) حديث جابر الطويل، حديث رقم (3013) .
[ (2) ] كذا في (خ)، وفي (دلائل البيهقي) :«حدثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: حدثنا زياد بن نعيم الحضرميّ، قال:» .
[ (3) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.
[ (4) ](دلائل البيهقي) : 4/ 125- 127، باب ذكر البيان أن خروج الماء من بين أصابع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان غير مرة، وزيادة ماء البئر ببركة دعائه كانت له عادة، وكل واحد منها دليل واضح من دلائل النبوة.
والحديث أخرجه أيضا الترمذي في الصلاة، باب ما جاء أن من أذّن فهو يقيم، حديث رقم (199) مختصرا، وأبو داود في الصلاة، باب الرجل يؤذن ويقيم آخر، حديث رقم (514) مختصرا من طريق عبد اللَّه بن عمر بن غانم، ابن ماجة في كتاب الأذان، باب (3) السنة في الأذان، حديث رقم (717)، ورواه البيهقي في (السنن) : 1/ 381، 1/ 399.
وخرج الإمام أحمد من حديث أبي كدينة عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: أصبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم وليس في العسكر ماء، فقال رجل: يا رسول اللَّه ليس في العسكر ماء، قال:
هل عندك شيء؟ قال: نعم، فأتى بإناء فيه شيء من ماء، قال: فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أصابعه في فم الإناء، وفتح أصابعه، قال: فلقد رأيت العيون تنبع من بين أصابعه، قال: فأمر بلالا ينادي في الناس: الوضوء المبارك [ (1) ] .
وخرج البخاري من حديث إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه بن مسعود قال: كنا نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفا، كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر، فقلّ الماء فقال: اطلبوا فضله من ماء، فجاءوا بإناء فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء ثم قال: حي على الطهور المبارك والبركة من اللَّه، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل. ذكره في باب علامات النبوة [ (2) ] .
قال الحفاظ أبو عمر بن عبد اللَّه بن عبد البر: الّذي أوتي النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الآية المعجزة، أوضح في آيات الأنبياء وأعلامهم مما أعطي موسى عليه السلام إذ ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتي عشرة عينا، وذلك أن الحجارة مما يشاهد انفجار الماء منها، ولم يشاهد قط أحد من الآدميين يخرج من بين أصابعه الماء إلا نبينا عليه الصلاة والسلام، وقد برع بنحو ما قلت المزني وغيره.
قال الإمام الحافظ أبو نعيم: وهذه الآية من أعجب الآيات أعجوبة، وأجلها معجزة، وأبلغها دلالة، شاكلت دلالة موسى عليه السلام في تفجر الماء من الحجر حين ضرب بعصاه، لا بل هذا أبلغ من الأعجوبة، لأن نبع الماء من بين اللحم والعظم أعظم من خروجه من الحجر، لأن الحجر سنخ [ (3) ] من أسناخ الماء، مشهور في المعلوم، مذكور في المتعارف، وما رئي وما سمع بماء قط في ماضي
[ (1) ](مسند أحمد) : 1/ 416، حديث رقم (2268)، (دلائل البيهقي) : 4/ 127- 128.
[ (2) ](فتح الباري) : 6/ 728، كتاب المناقب، باب (25) دلائل النبوة، حديث رقم (3579) .
[ (3) ] السنخ: الأصل.
الدهور نبع وانفجر من أجساد بني آدم، حتى صدر عنه الجم الغفير من الناس والحيوان رواء، وانفجار الماء من الأحجار ليس بمنكر ولا بديع، وخروجه وتفجره من بين الأصابع معجز بديع [ (1) ] .
قال المؤلف رحمه الله: وحديث تفجر الماء من بين أصابع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يرتاب في صحته إلا فاسد العقيدة مدخول في دينه، فقد روي من طرق كثيرة عن عشرة من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنهم شاهدوا ذلك، هم: عبد اللَّه بن مسعود، وجابر بن عبد اللَّه، وأبو قتادة، وأنس بن مالك، وعبد اللَّه بن عباس، وأبو ليلى، والبراء بن عازب، وأبو رافع، وعبد اللَّه بن أبي أوفى، وسلمة بن الأكوع، رضي الله عنهم.
قال القاضي عياض- رحمه الله ومثل هذا في هذه المواطن الحفلة، والجموع الكثيرة، لا تتطرق التهمة إلى المتحدث بها، لأنهم كانوا أسرع شيء إلى تكذيبه لما جبلت عليه النفوس من ذلك، لأنهم كانوا ممن لا يسكت على باطل، فهؤلاء قد رأوا هذا وأشاعوه، ونسبوا حضور الجماعة الغفير له، ولم ينكر أحد من الناس عليهم ما حدثوا به عنهم أنهم فعلوه، فصار كتصديق جميعهم له [ (2) ] .
[ (1) ](دلائل أبي نعيم) : 2/ 405، الفصل الحادي والعشرون: في فوران الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم سفرا وحضرا.
[ (2) ](الشفا بتعريف حقوق المصطفى) : 1/ 188، فصل في نبع الماء بين أصابعه، وتكثيره ببركته صلى الله عليه وسلم.