الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أم كلثوم بنت علي]
فأم كلثوم: ابنة علي بن أبي طالب، ولدت قبل وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وخطبها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عليّ، فقال: إنها صغيرة، فقال له: زوجنيها يا أبا الحسن، فإنّي أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد، فقال له علي رضي الله عنه: أنا أبعثها إليك، فإن رضيتها فقد زوجتكها، فبعثها إليه بردّ وقال لها: قولي له: هذا الرّدّ الّذي قلت لك، فقالت: ذلك لعمر، فقال: قولي له: رضيت، رضي اللَّه عنك، ووضع يده على ساقها وكشفها، فقالت: أتفعل هذا؟ لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك- وفي رواية: [للطمت][ (1) ] عينيك.
ثم خرجت حتى جاءت أباها فأخبرته الخبر وقالت: تبعثني إلى شيخ سوء؟
فقال: يا بنية فإنه زوجك،
فجاء عمر رضي الله عنه إلى مجلس المهاجرين في الروضة، وكان يجلس فيها المهاجرون الأولون، فجلس إليهم فقال: رفئوني [ (2) ] ! فقالوا: بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوجت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب.
سمعت الرفّاء بالمد: الالتئام والاتفاق، ويقال للمتزوج: بالرفاء والبنين، وقد رفأت المملك ترفية وترفياء إذا قلت له ذلك [ (3) ] .
[ (1) ] ما بين الحاصرتين مطموس في (خ)، واستدركناه من (الإصابة) : 8/ 293، ترجمة رقم (12233) .
[ (2) ] في (خ) : «زفوني» ، وما أثبتناه من (المرجع السابق) :294.
[ (3) ] قال الإمام مجد الدين أبو السادات المبارك بن محمد الجزري بن الأثير: نهى أن يقال للمتزوج: بالرّفاء والبنين، والرّفاء: الالتئام، والاتفاق، والبركة، والنماء، وهو من قوله: رفأت الثوب رفا، ورفوته رفوا، وإنما نهي عنه كراهية لأنه كان من عادتهم، ولهذا سنّ فيه غيره، ومنه الحديث: كان إذا رفّأ الإنسان قال: بارك اللَّه لك وعليك، وجمع بينكما على خير. ويهمز الفعل ولا يهمز، ومنه حديث أم زرع: كنت لك كأبي زرع لأم زرع في الألفة والرّفاء، ومنه الحديث:
قال صلى الله عليه وسلم لقريش: جئتكم بالذبح،
فأخذتهم كلمته، حتى إنّ أشدّهم فيه وضاءة ليرفّئوه بأحسن ما يجد من القول أي يسكنه ويرفق به ويدعو له. (النهاية) : 2/ 240- 241.
سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: كل نسب وسبب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وصهري، فكان لي به النسب والسبب فأردت أن أجمع إليه الصهر فرفّئوه.
وأمهرها عمر رضي الله عنها أربعين ألف درهم، فولدت له زيدا ورقية، تزوج رقية بنت عمر إبراهيم بن نعيم النجار فماتت عنده ولم تترك ولدا، وقتل زيد بن عمر خطأ، قتله خالد بن أسلم مولى عمرو، ولم يترك ولدا، فلا بقية لعمر رضي الله عنه في أم كلثوم بنت علي رضي الله عنها.
وقد روى أن زيد بن عمر، وأمه أم كلثوم مرضا جميعا ونقلا ونزل بهما، وأن رجالا مشوا بينهما لينظروا أيهما يقبض أولا فيورّث منه الآخر، وأنهما قبضا في ساعة واحدة، فلم يدر أيهما قبض قبل صاحبه، فكانت في زيد وأمه سنّتان، ماتا في ساعة واحدة، لم يعرف أيهما مات قبل الآخر، فلم يورث واحد منهما من صاحبه، ووضعا معا في موضع الجنائز، وأخرت أمه وقدم زيد مما يلي الإمام [ (1) ] ، فجرت السّنّة في الرجل والمرأة بذلك بعد.
وصلى عليهما عبد اللَّه بن عمر [ (2) ] ، ولما قتل عمر رضي الله عنه عن أم كلثوم، تزوجها محمد بن جعفر بن أبي طالب فمات عنها، فتزوجها عون بن جعفر ابن أبي طالب فماتت عنده [ (3) ] ، رحمها اللَّه.
[ (1) ](الإصابة) : 8/ 295، ترجمة رقم (12233) .
وأما قتل زيد خطأ، فإنه كان قد أصيب في حرب كانت بين بني عدي ليلا، كان قد خرج ليصلح بينهم فضربه رجل منهم في الظلمة فشجّه وصرعة، فعاش أياما ثم مات هو وأمه في وقت واحد.
وأما السّنّتان اللتان كانتا فيهما فيما ذكروا: لم يورّث واحد منهما من صاحبه، لأنه لم يعرف أولهما موتا، وقدّم زيد قبل أمه مما يلي الإمام (الاستيعاب) : 4/ 1956، ترجمة رقم (4204) .
[ (2) ] وأخرج عطاء الخراساني بسند صحيح أن ابن عمر صلى على أم كلثوم وابنها زيد، فجعله مما يليه، وكبّر أربعا، وساق بسند آخر أن سعيد بن العاص هو الّذي صلى عليهما. (الإصابة) : 8/ 295، ترجمة رقم (12233) .
[ (3) ] لكن ذكر أبو بشر الدولابي في (الذرية الطاهرة) : أنها تزوجت عوف بن جعفر بن أبي طالب، وذكرها الدار الدّارقطنيّ في كتاب (الأخوة) : أن عوفا مات عنها فتزوجها أخوه محمد، ثم مات عنها فتزوجها أخوه عبد اللَّه بن جعفر، فماتت عنده. (المرجع السابق) : 294، وذكر ابن سعد نحوه، وزاد في آخره: فكانت تقول:
إني لأستحي من أسماء بنت عميس، مات ولداها عندي، فأتخوف على الثالث، قال: فهلكت عنده، ولم تلد لأحد منهم. (طبقات ابن سعد) : 8/ 339، (جمهرة أنساب العرب) :38.