الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سادس وعشرون: إفاقة جابر بن عبد اللَّه]
وأما إفاقة جابر بن عبد اللَّه- وقد أغمي عليه- لما صب عليه من وضوئه صلى الله عليه وسلم فخرج البخاري ومسلم من حديث سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، سمع جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: مرضت فأتاني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يعوداني ماشيين، فأغمي عليّ فتوضأ ثم صب عليّ من وضوئه فأفقت فقلت:
يا رسول اللَّه! كيف أقضي في مالي؟ فلم يردّ عليّ شيئا حتى نزلت آية الميراث:
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ [ (1) ] .
وفي لفظ البخاري: عن محمد بن المنكدر، سمع جابر بن عبد اللَّه يقول:
مرضت فعادني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهما ماشيان، فأتاني وقد أغمي عليّ، فتوضأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصبّ عليّ وضوءه فأفقت فقلت: يا رسول اللَّه! كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني [النبي] صلى الله عليه وسلم حتى نزلت آية الميراث. وذكره في أول كتاب الفرائض [ (2) ] ، وذكره في كتاب المرضى [ (3) ] في باب عيادة المغمى عليه بنحو منه.
[ (1) ] هذا لفظ مسلم، ذكره في كتاب الفرائض، باب (2) ميراث الكلالة، حديث رقم (1616) وذكره أيضا من طرق كلها عن محمد بن المنكدر (مسلم بشرح النووي) : 11/ 60- 62، وفي هذا الحديث فضيلة عيادة المريض واستحباب المشي فيها* وفيه التبرك بآثار الصالحين وفضل طعامهم وشرابهم ونحوهما، وفضل مؤاكلتهم ومشاربتهم ونحو ذلك* وفيه ظهور آثار بركة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم* وفيه الاستدلال على طهارة الماء المستعمل في الوضوء والغسل، ردا على أبي يوسف القائل بنجاسته، وهي رواية عن أبي حنيفة، وفي الاستدلال به نظر، لأنه يحتم أنه صب من الماء الباقي في الإناء، ولكن قد يقال البركة العظمى فيما لاقى أعضاءه صلى الله عليه وسلم في الوضوء* وفيه جواز وصية المريض وإن كان يذهب عقله في بعض أوقاته، بشرط أن تكون الوصية في حال إفاقته وحضور عقله* وفيه دليل على عدم جواز اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في الأحكام، حيث لم يردّ عليه شيئا رجاء أن ينزل الوحي. (المرجع السابق مختصرا)، والآية:176. النساء.
[ (2) ](فتح الباري) : 12/ 1، كتاب الفرائض، باب (1) قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، حديث رقم (6723) والآية: 11 من سورة النساء.
[ (3) ](فتح الباري) : 10/ 140- 141، باب (5) عيادة المغمى عليه، حديث رقم (5651)، و «المغمى عليه» أي الّذي يصيبه غشي تتعطل معه قوته الحساسة. قال ابن المنير: فائدة
وخرج البخاري ومسلم والنسائي، من حديث هشام بن أبي جريج، أخبرهم قال: أخبرني ابن المنكدر عن جابر قال: عادني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بني سلمة ماشيين، فوجدني النبي صلى الله عليه وسلم لا أعقل، فدعا بماء فتوضأ منه ثم رش عليّ فأفقت فقلت: يا رسول اللَّه! ما تأمرني أن أصنع في [مالي؟ فنزلت] :
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ الآية [ (1) ] .
وخرجه مسلم والنسائي من حديث حجاج بن محمد قال: حدثنا محمد بن جريج، فذكراه بنحو أو قريب منه [ (2) ] .
وخرج البخاري من حديث شعبة قال: أخبرني محمد بن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه يقول: دخل عليّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ فصبوا عليّ من وضوئه [فعقلت، فقلت] : يا رسول اللَّه! إنما ترثني كلالة، فنزلت آية الميراث فقلت لمحمد بن المنكدر: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ قال: هكذا أنزلت.
ذكره البخاري في مواضع، من كتاب الفرائض وغيره [ (3) ] .
[ () ] الترجمة أن لا يعتقد أن عيادة المغمى عليه ساقطة الفائدة لكونه لا يعلم بعائده، ولكن ليس في حديث جابر التصريح بأنهما علما أنه مغمى عليه قبل عيادته، فلعله وافق حضورهما.
قال الحافظ ابن حجر: بل الظاهر من السياق وقوع ذلك حال مجيئهما وقبل دخولهما عليه، ومجرد علم المريض بعائده لا تتوقف مشروعية العيادة عليه، لأن وراء ذلك جبر خاطر أهله، وما يرجى من بركة دعاء العائد، ووضع يده على المريض، والمسح على جسده، والنفث عليه عند التعويذ، إلى غير ذلك. (المرجع السابق) :141.
[ (1) ](فتح الباري) : 8/ 308، كتاب التفسير، باب (4) يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ، حديث رقم (4577)، (مسلم بشرح النووي) : 11/ 61، كتاب الفرائض، باب (2) ميراث الكلالة، حديث رقم (6) من أحاديث الباب، (سنن النسائي) : 1/ 93، كتاب الطهارة، باب (103) الانتفاع بفضل الوضوء، حديث رقم (136) .
[ (2) ] في (مسلم) : الحديث رقم (7) ، (8) من أحاديث الباب، وفي (النسائي) : الحديث رقم (138) من أحاديث الباب. ر: التعليق السابق.
[ (3) ] سبقت الإشارة إليه.