الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الحسين بن علي رضي الله عنهما]
والحسين بن علي أبو عبد اللَّه سيد شباب أهل الجنة، ولد لخمس خلون من شعبان سنة أربع، وقيل: علقت به فاطمة عليها السلام بعد مولد الحسن رضي الله عنه بخمسين ليلة [ (1) ]، وقيل: لم يكن بينهما إلا طهر واحد [ (2) ]، وقيل: ولد بعد الحسن بسنة وعشرة أشهر لخمس سنين وستة أشهر من التاريخ، وعقّ عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كما عق عن أخيه [ (3) ] ، وسماه حسينا، وكان علي سماه حربا كما سمى أخاه،
ويروى أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال وهو يرقص الحسين: خبقه خبقة ترون عين بقّه،
خبقة بخاء معجمة، ويروى بحاء مهملة، وقال ابن دريد: هو بالخاء والحاء، إذا صغر إلى نفسه، وقال ابن قتيبة: شبهه في صغره بعين بقة [ (4) ] .
فلما مات معاوية بن أبي سفيان وقام بالخلافة بعده ابنه يزيد بن معاوية وكان معاوية قد أراد الحسين على بيعة يزيد فأبى ذلك، وأخذ الوليد بن عتبة بن أبي سفيان عامل معاوية على المدينة الحسين بالبيعة ليزيد بعد موت معاوية، فسار عنها إلى مكة هو وعبد اللَّه بن الزبير في جماعة.
فبلغ ذلك أهل الكوفة، فكتبوا إلى الحسين يستدعونه نحوا من مائة وخمسين كتابا، فبعث إليهم بكتابه مع مسلمة بن عقيل بن أبي طالب فدخلوا الكوفة واجتمع إليه الشيعة، فبلغ ذلك يزيد بن معاوية، فولى عبد اللَّه بن زياد بن أبيه الكوفة، وجمع له معها البصرة، وأمره بطلب مسلمة بن عقيل وقتله أو نفيه.
وكان الحسين قد كتب إلى أهل البصرة يدعوهم، فضرب عبيد اللَّه بن زياد عنق رسوله، ثم ركب من البصرة ودخل الكوفة وقد بايع مسلم بن عقيل ثمانية
[ (1) ] وهذا قول الواقدي.
[ (2) ] وهذه رواية جعفر بن محمد عن أبيه.
[ (3) ] وهذا قول قتادة. (الاستيعاب) : 1/ 392- 394، ترجمة رقم (556)، (الإصابة) : 2/ 76، ترجمة رقم (1726) .
[ (4) ](لسان العرب) : 10/ 24- 25، وفيه: ورقّصت امرأة طفلها فقالت: حزقّة حزقّه، ترقّ عين بقّه، قيل: بقّه اسم حصن، أرادت اصعد عين بقه أي اعلها، وقيل: إنها شبّهت طفلها بالبقة لصغر جثّته.
عشر ألفا، فركب بهم وحاصر عبيد اللَّه فلم يثبتوا وتفرقوا عنه حتى فرّ، فأخذ بعد خطوب وحروب وقتل.
وكان قد كتب إلى الحسين بمن بايعه، فخرج من مكة يريد الكوفة يوم الرّوية، فأتاه الخبر بقتل مسلم، فعلم أن أهل الكوفة قد خذلوه، فقام فيمن معه وأعلمهم ذلك فتفرقوا عنه، وبقي معه أهله، وسار فلقيه الحرّ بن يزيد التميمي في ألف فارس، قد بعث به عبيد اللَّه بن زياد، فواقفوه حتى يأخذوه ويأتوا به الكوفة على حكم عبيد اللَّه بن زياد، فامتنع من ذلك، وأراد أن يرجع من حيث أتى فمنعوه ثم ساروا به حتى أنزلوه على غير ماء بموضع من أرض الكوفة يقال له كربلاء- قرب الطف- في يوم الخميس ثاني محرم سنة إحدى وستين.
فقدم من الغد عمر بن سعد بن أبي وقاص في أربعة آلاف، وحال بين الحسين وبين الماء ثلاثة أيام، وأصحابه يقاتلون مع الحسين ليصدونهم عن الماء، ثم قدم شموس ذو الجوش على عمر بن سعد بمناجزة الحسين، فنهض شموس في عشية الخميس لتسع مضين من المحرم، وركب عمر بن سعد ليأخذوا الحسين ويأتوا به عبيد اللَّه ابن زياد، فامتنع، وأصبحوا يوم السبت- وقيل: يوم عاشوراء [ (1) ] ومع الحسين اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا.
فقاتلوا حتى قتل عليه السلام، وقد اشتد به العطش، وحزت رأسه، وانتهب متاعه، فوجد به ثلاثة وثلاثون طعنة، وأربع وثلاثون ضربة [ (2) ] ، ثم طرحت جثته ووطئها الفرسان بخيولها حتى رضوا ظهره وصدره، وقيل معه اثنان وسبعون رجلا، منهم سبعة عشر من ولد فاطمة عليها السلام، وقتل ثلاثة وعشرون.
وحملت رأسه إلى عبيد اللَّه بن زياد، وكان قتله إحدى مصائب الإسلام، وكان فاضلا دينا كثير الصوم والصلاة والحج، حج خمسا وعشرين حجة ماشيا [ (3) ] ،
[ (1) ] قال ابن حجر: قال الزبير بن بكار: قتل الحسين يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وكذا قال الجمهور، وشذّ من قال غير ذلك. (الإصابة) : 2/ 81 ترجمة الحسين بن علي رقم (1726) .
[ (2) ](الكامل في التاريخ) : 4/ 78- 79.
[ (3) ] قاله مصعب الزبيري، (الاستيعاب) : 1/ 397، ترجمة رقم (556) .
وقتل وسنه سبع وخمسون سنة، وقيل ثمان وخمسون سنة، وقيل: أربع وخمسون سنة وستة أشهر [ (1) ] ، وله من الولد على الأكبر، وقتل بالطف [ (2) ] ولا عقب له.
وعلي الأصغر وجعفر لا عقب له، وعبد اللَّه قتل صغيرا بالطف [ (2) ] ولا عقب له، فجميع من ينسب إلى الحسين عليه السلام إنما هم من ولد علي بن الحسين، ولا عقب له من أحد سواه [ (3) ]، وكان [للحسنين] من أمهما فاطمة أخ يقال له:
محسّن، مات وهو صغير [ (4) ] .
[ (1) ] قال قتادة: قتل الحسين وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة أشهر، وذكر المازني، عن الشافعيّ، عن سفيان بن عيينة، قال: قال لي جعفر بن محمد: توفي عليّ بن أبي طالب، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وقتل الحسين بن علي وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وتوفي عليّ بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وتوفي محمد بن علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة. (الاستيعاب) : 1/ 3974، ترجمة رقم (556) .
[ (2) ] الطّفّ: بالفتح والفاء مشدّدة، وهو في اللغة ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق. والطّفّ:
أرض من ضاحية الكوفة في طريق البرية، فيها كان مقتل الحسين بن عليّ رضي الله عنه، وهي أرض بادية قريبة من الريف، فيها عدة عيون ماء جارية، وهناك الموضع المعروف بكربلاء، الّذي قتل فيه الحسين بن علي رضي الله عنه، وبالطفّ كان قصر أنس بن مالك رضي الله عنه، وفيه مات رحمه الله سنة (93 هـ)، وهو ابن مائة عام وثلاثة أعوام. (معجم البلدان) : 4/ 40- 41، موضع رقم (7939)، (معجم ما استعجم) : 3/ 891.
[ (3) ] قال أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي: ولد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما بنين، قتل بعضهم معه، ومات سائرهم في حياته، ولم يعقب له ولد غير عليّ بن الحسين وحده. (جمهرة أنساب العرب) :52.
[ (4) ] قال صاحب (المرجع السابق) : 38، ذكر ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه من فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أعقب هؤلاء كلهم حاشا المحسّن، فلا عقب له، مات صغيرا جدا إثر ولادته.