الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رآهم يحرصون جد الحرص على التفاعل فوائده جاد عليهم بما يعلم إلا إذا كان ثمة شيئاً (1) لا يعرفه فإنه يقول "لا أدري" غير مبال بنقد من يذهبون إلى استقلال علمه وعدم إحاطته. فكان الآخذون عنه بالنظر لتحريه الصدق على ثقة من العلم الذي يسمعونه ويستملونه منه لان الشيخ إلى التصريح بعدم معرفته أقرب منه إلى إيهام الناس أنه يعلم كل شيء شأن المموهين والجامدين ولذلك لم يحسب عليه أن بدت مقاتله لأنه مرة يقول بعد التحقيق ويكره التلفيق (3).
-5 -
تآليفه ورسائله:
ليست تآليف الشيخ مما يتناسب كل التناسب مع علمه الواسع لأن بعضها مما ألفه في صباه لنفع المدارس وهو مفيد جدا في بابه وفي حينه ومن تآليفه المطبوعة (الجواهر الكلامية في العقائد الإسلامية) و (منية الأذكياء في قصص الأنبياء) و (مد الراحة إلى أخذ المساحة) و (مدخل الطلاب إلى فن الحساب) و (الفوائد الجسام في معرفة خواص الأجسام) ورسالة في النحو وأخرى في البديع وثالثة في البيان ورابعة في العروض، وكتاب (تسهيل المجاز إلى فن المعمَّى والألغاز) وشرح ديوان خطب ابن نباتة. ومن كتبه (إرشاد الألباء إلى طريق ألف باء) ورسالة وجداول جدارية في الخطوط القديمة والحديثة. و (التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن) وهي المقدمة الصغرى من مقدمتي تفسيره. ومقدمة سماها الكافي في اللغة وهي
(1) كذا في الأصل والصواب: شيىء.
(2)
ش: ج 8، م 5، ص 20 - 24 غرة ربيع الثاني 1348ه سبتمبر 1929م.
مقدمة معجم ضاع أكثره. و (التقريب إلى أصول التعريب) و (توجيه النظر إلى علم الأثر) ومختصر أدب الكاتب لابن قتيبة ومختصر أمثال الميداني ومختصر البيان والتبيين للجاحظ.
هذا هو المطبوع. أما المخطوط فتفسيره الكبير ويدخل في أربعة مجلدات مخطوطة محفوظة في دار الكتب الظاهرية بدمشق مع جميع ما ظفرنا به (1) من أوراقه .. ومن المحفوظ أيضاً كنانيشه وفيها خلاصة مما طالعه من الأسفار وعرض له من الأفكار. وله من المخطوطات كتاب (الإلمام بأصول سيرة النبي عليه الصلاة والسلام و (مقاصد الشرع) وغير ذلك. وقد أحيا بالطبع عشرات من الكتب منها إرشاد المقاصد لا بد ساعد الأنصاري وروضة العلماء لابن حيان البستي والأدب والمروءة لصالح بن جناح والأدب الصغير لابن المقفع وأمنية الألعي وتفصيل النشأتين الراغب الأصفهاني والفوز الأصغر لابن مسكوية إلى غير ذلك من مقالاته في المجلات العلمية وإملااءت جمة كتبت بتواقيع مستعارة لو جمعت لجاءت في مجلدين أو ثلاثة. وألف الشيخ معظم هذه الكتب والرسائل بحسب الدواعي خصوصا مبادىء العلوم ووضعها في زمن كانت فيه الكتب المدرسية في حكم المعدوم وذلك لينهض بالتعليم الابتدائي ويخلص الناشئة من غلطات المتأخرين المعروفة وحواشيهم وشروحهم المملة المضيعة لأوقات الطالب ومعنى هذا أن الشيخ انتبه قبل غيره إلى فساد طريقة التعليم القديمة وأدرك أن الزمان يتقاضى أهل العلم أن يخرجوا الناس من ربقة القيود الثقيلة العائقة عن التحصيل كما انتبه إلى كثرة سريان الحشو واللغو إلى كتب الدين التي خلط فيها كثير من المتأخرين.
من أهم كتب الشيخ المطبوعة شرح خطب ابن نباتة وإرشاد الألباء
(1) راجع وصف هذا التفسير والأوراق والكنانيش في المجلد الثالث صفحة 171 من مجلة المجمع.
والتبيان والتقريب وتوجيه النظر ففيها لباب علمه وأثر من آثار قريحته تجلت فيها روح بحثه وغوصه على مسائل دقيقة قل أن تسنى نغيره من المعاصرين الوصول إليها. وليس معنى هذا أن سائر ما طبعه الشيخ غير مفيد، المقصود أنه كتب لغرض خاص أريد به تثقيف الناشئة وهذه الكتب هي التي ظهرت فيها شخصية الشيخ وثقوب ذهنه وسعة مداركه وتلطفه في إبلاغ المعاني إلى العقول وحرصه على أن يحيل في الأكثر على عالم تقدمه. لأن الناس في المادة يقدسون الأموات أكثرمن الأحياء. والشيخ وإن كان في مذهبه الديني إلى الاجتهاد لكنه في مذهبه التأليفي أقرب إلى التقليد ينشيء على مذاهب القدماء ولكن بتنسيق وتقسيم بدون أن يشوش القارىء. ولو تيسر للأستاذ أن يسير على نظام أكمل من الذي سار عليه في معيشته وساعده الزمان والمكان على تجويد مصنفاته والصبر عليها قبل نشرها لخلف كتبا وخصوصا في العشرين سنة الأخيرة من عمره تقرأ فيها صورة عظيمة من جهاده ونبوغه. وبلغني أنه دون بعض الوقائع التي شهدها ولم نعثر عليها بين أوراقه الخاصة التي سرق بعضها وقت انتقاله من مصر إلى الشام. ويقيني أن الرجل لو وفق إلى طابعين أغنياء فضلاء يحملونه على العمل على ما خص به من النشاط وشدة الحركة لأنتجت قريحته أكثر مما أنتجت في الفروع المختلفة التي طرقها ووزع قواه فيها ولكن تفانيه في الإسراع بحمل النور إلى العقول وفدح التبعة التي أخذها على نفسه في الإسراع بإنهاض أمته دعواه إلى أن يكتفي بما تهيأ له وضعه وتأليفه ناظرا فيه إلى مصلحة الناس لا إلى مصلحته الخاصة وشهرته في حياته وبعد مماته.
كان محيط الشيخ الذي عمل فيه على عهد الشباب والكهولة ضيق المضطرب لا يتسع لانبعاث همته وكانت المطالب التي يتقاضاها منه حرصه على بث الإصلاح والتعليم كثيرة لا يقوى الفرد على حملها