الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضرر فتخلص منها جميعها للزهد الإسلامي الصحيح والتنسك المشروع وبه استطاع أن يناظر شيخه حسين الجسر في البدع الطرقية ويسلم من تأثيره عليه بما له عليه من حق وفضل، فالتفكير التفكير يا طلبة العلم فإن القراءة بلا تفكير لا توصل إلى شيء من العلم وإنما تربط صاحبها في صخرة الجمود والتقليد وخير منهما الجاهل البسيط.
بعده من الوظيف:
كل مسلم عليه أن ينفع بما استطاع في أي حالة كان وما كان الوظيف من حيث هو وظيف بمانع لأحد يحترم نفسه من النفع والخير غير أنه في أنواع من الحكومات والأصناف كثيرة من الناس صار الوظيف قيداً في اليد وغلا في العنق، ونحن نعلم أن الإصلاح الديني ما تأخر في القطر المصري والقطر التونسي إلا لأن جميع المتسمين بالعلم متوظفون أو مرشحون للوظيف أو طامعون فيه وكان مما مكن للسيد رشيد رضا في قيامه بما قام به بعده عن الوظيف.
ونحن نرى حتما لزاماً على كل من كان يعد نفسه لخدمة الإسلام بنشره والدعوة إليه وبيان حقائقه لأبنائه وغير أبنائه أن يبتعد عن كل وظيف.
نعم كان الشيخ عبده موظفا في الحكومة المصرية ولكنه قال هو عن نفسه (لولا ما أرجوه من إصلاح الأزهر والمحاكم الشرعية ما قبلت الوظيف) ومن أين لنا أن نجد مثل هذا القصد أو أن نستطيع أن ننفع بالوظيف أو أن نتغلب عليه؟
إن السلامة من سلمى وجارتها
…
أن لا تحل على حال بواديها
هذا ما عن لنا من الاعتبار في هذا القسم من حياة هذا الرجل العظيم وسننشر القسم الثاني في الجزء الآتي إن شاء الله (1).
عبد الحميد بن باديس
(1) ش: ج 8، م 11، ص 444 - 453.