الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاجعة قسنطينة
كتبنا في الجزء الماضي كلمة مختصرة جامعة في هذه الفاجعة وأردنا الاكتفاء بها، لكن كثيرا من قراء الشهاب بقسنطينة وغيرها طلبوا منا أن نكتب الحقائق التي نعلمها بالصدق والصراحة التي تعودوها من مجلتهم فرأينا الصواب فيما طلبوا فعدنا للكتابة في هذا الجزء معتمدين في تصوير الواقع على ما شاهدناه بأنفسنا وما شهده من يكون محل ثقة عندنا.
إبتداء الاعتداء:
ليلة السبت
بينما كان الناس في ميضأة الجامع الأخضر أثر صلاة العشاء ليلة السبت وعددهم نحو الإثني عشر، إذا باليهودي الياهو خليفي يفاجئهم مطلا عليهم من نافذة الميضأة مدعيا عليها كشف العورة عند الوضوء ومبادرا لهم بقوله "نعل دينكم وصلاتكم وجامعكم والكبرا انتاعكم" فأجابه بعض الحاضرين:"نحن لا نكشف عورتنا عند الوضوء وديننا نهانا عن كشف العورة دائما ولا نلوموك (1) لأنك سكران" فاجاب: "لا راني بعقلي وراني عسكري نعـ .... النبي نتاعكم".
خرج الناس في غاية الاستياء فأشار عليهم قيم المسجد- لأجل تهدئتهم- بتقديم شكاية للكوميسارية وهي برحبة الصوف أمامهم، فامتثلوا وذهب شرطيان، الزواوي وابن عريوة، ودعا عليه الباب بأنهما من أعوان الشرطة وأن عليه أن يجيب الكوميسارية وأنه لا خوف
(1) كذا في الأصل.
عليه من شيء، فأبى أن يجيبهم (1) بكلمة، ومرت فرقة الجند المتجولة فأعلمها الشرطيان بالواقعة وطلبا منها إخراج الجاني، فأبى من الامتثال لها، كما أبى من الامتثال للشرطة، ففرق الشرطيان الناس وقالا لهم هذا شغلنا فتفرقوا ولم يبق إلا القدر المعتاد في رحبة الصوف وذهبا.
بعد ذهابهما وقف اليهودي وزوجته في نافذة محلهما وأخذا في السب مثل السب الأول فأرسل الناس القيم إلى المفتي ليقوم بكف عادية هذا المعتدي بواسطة الحكومة وانتظر الناس المفتي على أحر من الجمر وهم يسمعون في السب من المعتدي.
رجع الشرطيان فوجدا الناس متجمهرين، فلما سألاهم لماذا رجعتم قالوا لهما: إنه عاد إلى السب كما تسمعان، وكان هو وزوجته إذ ذاك ما زالا في النافذة على حالهما وكان غيرهما قد شاركهما في السب، وسمع الشرطيان بعض الناس يقول نهجم على داره فذهبا ووقفا عند بابها يحرسانها.
في هذه الساعة ابتدأ اليهود المجاورون برمي الكوانين والبيادين فأجابهم المسلمون برمي الحجارة فشرع اليهود في الرمي بالرصاص.
أثناء هذا جاء المفتي بعد ما أرسل الناس إليه مرة ثانية من أتوا به أو وجدوه آتيا فوقف يهدي الناس باذلا غاية جهده في ذلك فلم ينفع شيئا وقال له بعض الناس من برودتكم لحقنا هذه الإهانات كلها حتى وصلنا لهذه الحالة.
إثر هذا جاء الدكتور جلول وقد كان خارج البلد في معالجة بعض مرضاه فوقف يهدئ الناس، والرصاص مازال ينصب من نوافذ اليهود، واستطاع بعد الجهد الجهيد أن يسكن الناس ويفرقهم وانتهت المصيبة نحو الساعة الثالثة.
(1) كذا فى الأصل، والصواب: يجيبهما.