الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعد عقد من السنين
في يوم النحر من ذي الحجة خاتمة شهور عام ثلاثة وأربعين وثلاثمائة وألف برزت جريدة "المنتقد" تحمل فكرة الإصلاح الديني بتنزيه الإسلام عما أحدثه فيه المبتدعون وحرفه الجاهلون. وبيانه كما جاء في القرآن العظيم والسنة المطهرة وعمل به السلف الصالحون معلنة أن المسلمين بذلك وحدة تصفو عقائدهم وتزكو نفوسهم وتستقيم أعمالهم وينبعثون عن قوة وبصيرة في الأخذ بأسباب الحياة الراقية والمدنية الطاهرة. مشاركين لأمم الدنيا في خدمة الإنسانية وترقية وتوسيع العمران، سالمين مما تشكو منه أمم الحضارة التي غلبت عليها المادية والأنانية وتفشت فيها أمراض ليست من التمدن الحقيقي في كثير ولا قليل.
برزت جريدة (المنتقد) تحمل هذا وتلفت الجزائريين المسلمين إلى حقيقة وضعيتهم بين الأمم بأنهم أمة لها قوميتها ولغتها ودينها وتاريخها فهي بذلك أمة تامة الأهمية لا ينقصها شيء من مقومات الأمم. وأنهم إلى ذلك مرتبطون بأمة عظيمة ذات تاريخ مجيد ومدنية راقية وحكومة منظمة وأن عليهم أن يراعوا هذا كله في حياتهم فيحترموا قوميتم ولغتهم ودينهم وتاريخهم والأمة التي هم مرتبطون بها والحكومة التي هم مسيرون بقوانينها.
ثم ما كاد يبرز العدد الثاني منها حتى ظهر في الجزائر كتابه لم يجدوا مجالاً لأقلامهم قبلها فانضموا إلى تحريرها وأوجدوا بهيئتهم أول حزب المصلحين.
مضت الجريدة على خطتها حتى سقطت في الميدان بقرار التعطيل
بعد ما برز منها (18) ثمانية عشر عددا كانت في بنيان النهضة ثمانية عشر سندا. صدرت جريدة (الشهاب) إثر تعطيل المنتقد على مباديه وخطته فلاقت ما لاقت في سبيلهما من العناء والبلاء فثبتت وصبرت وصابرت وثابرت على العمل تشتمد مرة وتلين أخرى وصدمتها في سنتها الرابعة أزمة مالية كادت تقضي عليها فصدرت مجلة شهرية فوق ما كانت يوم ذلك تستطيع قوتها ثم تدرجت حسب تيسير الله حتى تممت اليوم العقد الأول من حياتها.
فالحمد لله وشكرا لمن عاشت هذه الصحيفة بإيمانهم ومؤازرتهم وإذا كان لها أثر فيما دعت إليه من إصلاح وما أعلنته وخدمته من حقيقة وضعية هذه الأمة. فالفضل في ذلك لله ثم لهم وإذا كان من شيء وراء ذلك الأثر تغتبط به فهو- أولا- أنها كانت تقصد الصواب عن نظر وصدق وإخلاص فإذا ظهر لها خطأ رجعت وأعلنت عن خطئها واعترفت به. كان هذا بضع مرات مع أصحابها وخصومها وثانيا- أنها ما خطت حرفا إلا بوحي ضميرها واقتناع منها لا بوحي ناحية ولا لإرضائها وما انفقت فلسا إلا من مالها وكيسها لا من مال ذى غاية ولا من كيس أية هيئة.
وها هي اليوم تخطو إلى العقد الثاني من عمرها على خطتها ومبدئها مستعينة بالله متكلة عليه معتضدة برجالها وأنصارها العاملين الصادقين، والله ولي الجميع (1).
(1) ش: ج 1، م 11، ص 1 - 3 محرم 1345ه - أفريل 1935م.