المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الصلاة على النبيصلى الله عليه وآله وسلم-3 - آثار ابن باديس - جـ ٤

[ابن باديس، عبد الحميد]

فهرس الكتاب

- ‌قسم التاريخ

- ‌تبليغ الرسالة

- ‌مقدمة:

- ‌المقصد:

- ‌فصل علمي:

- ‌الدرجة الأولى الأمر بالتبليغ المطلق:

- ‌الدرجة الثانية الأمر بتبليغ العشيرة:

- ‌الدرجة الثالثة الأمر بتبليغ العرب حوالي مكة:

- ‌الدرجة الرابعة الأمر بالتبليغ العام لمن في عصره ولمن بعدهم:

- ‌فصل عملي:

- ‌الخاتمة:

- ‌محمدصلى الله عليه وآله وسلم

- ‌شكوى الجزائر وبلواها

- ‌محمد عثمان باشاداي الجزائر

- ‌كلمة عن الجامع الأخضر

- ‌فاجعة قسنطينة

- ‌إبتداء الاعتداء:

- ‌ليلة السبت

- ‌استنتاجات من حوادث هذه الليلة:

- ‌صبيحة السبت4 أوت:

- ‌مساء السبت:

- ‌استنتاجات من حوادث يوم السبت وليلة الأحد:

- ‌يوم الأحد 5 أوت:

- ‌كيف ابتدأت الفتنة وكيف انتهت:

- ‌استنتاج وتعليل:

- ‌المصائب على الجانبين:

- ‌ليلة الإثنين ويومها:

- ‌في ليلة الإثنين جدد اليهود اعتداءهم على بيوت الله:

- ‌استنتاجات وملاحظات:

- ‌صبيحة الثلاثاء:

- ‌وفاء الوفد بوعده:

- ‌يوم السبت 11 أوت:

- ‌تنظير بين المسلمين واليهود:

- ‌النواب:

- ‌مفتي المسلمين وحبر اليهود:

- ‌الشرطة:

- ‌الأمة:

- ‌القتلى:

- ‌الخاتمة:

- ‌قسم العرب في القرآن

- ‌العرب في القرآن-2

- ‌قسم التراجم

- ‌رجال الإسلام ونساؤه

- ‌عبادة بن الصامت

- ‌أم حرام بنت ملحان

- ‌سعد بن الربيع

- ‌صدق ما عاهد الله عليه:

- ‌الحجاج بن عِلَاط

- ‌نسبه:

- ‌إسلامه ووفاته:

- ‌مسكنه وإقامته:

- ‌حاله في الجاهلية:

- ‌حاله في الإسلام:

- ‌الأسوة:

- ‌كيف كان إسلامه:

- ‌عمله:

- ‌زهده وورعه:

- ‌صدقه وصدعه بالحق:

- ‌تربيته:

- ‌مذهبه في المال:

- ‌جواب الأئمة عن استدلاله:

- ‌إعلانه رأيه وإثارته الفقراء:

- ‌حرية النظر:

- ‌النتيجة:

- ‌استقدام عثمان رضي الله عنه له من الشام:

- ‌فقه عثمان:

- ‌خروجه إلى الربذة:

- ‌تحذير:

- ‌وفاته:

- ‌سيدنا بلال الحبشي

- ‌نسبه:

- ‌إسلامه:

- ‌تعذيبه في الله وصبره:

- ‌ترجيح واقتداء:

- ‌عتقه:

- ‌جهاده:

- ‌وظيفته:

- ‌جزاء الحكيم:

- ‌ثناء عمر رضي الله عنه

- ‌تبشيره بالجنة:

- ‌سنه ووفاته:

- ‌عكاشة بن محصن

- ‌إسمه ونسبه:

- ‌سبقته ومشاهده:

- ‌أخبار تتعلق به:

- ‌‌‌بيان:

- ‌بيان:

- ‌إقادة رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم له من نفسه:

- ‌تنبيه وتحذير:

- ‌القدوة:

- ‌الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ

- ‌إسمها ونسبها:

- ‌سابقتها ومشاهدها:

- ‌قدرها ومنزلتها:

- ‌حكاية طريفة عنها:

- ‌الفوائد والأحكام

- ‌النساء في الحرب:

- ‌إقرار الحق وإنكار الباطل:

- ‌حزازات النفوس:

- ‌القدرة:

- ‌سمية بنت خياط

- ‌بيتها:

- ‌إسلامها وسابقتها:

- ‌تعذيبها واستشهادها:

- ‌أوليات النساء في الإسلام:

- ‌الأسوة:

- ‌هند بنت عتبة

- ‌كيف أسلمت:

- ‌صدق إسلامها:

- ‌أخلاقها:

- ‌عبرة وقدوة:

- ‌نُعَيْمَانُ بْنُ عَمْرٍو النِّجَارِي الأَنْصَارِي

- ‌سابقته ومشاهده:

- ‌ظرفه ونوادره:

- ‌الإسلام دين السماحة والسجاحة:

- ‌نقص رجح به الكمال:

- ‌الشفاء بنت عبد الله القرشية العدوية

- ‌سابقتها:

- ‌منزلتها الشخصية:

- ‌منزلتها في المجتمع:

- ‌الإقتداء:

- ‌تحذير:

- ‌النّعمان بنُ عديّ العدويّ

- ‌نسبه:

- ‌سابقته:

- ‌ولايته وعزله:

- ‌خاصتان له:

- ‌أدب وقدوة:

- ‌التعريف بكتاب العواصم من القواصم

- ‌ترجمة الإمام ابن العربى

- ‌نسبه وأوليته:

- ‌نشأته:

- ‌ رحلته

- ‌أشياخه:

- ‌تلامذته:

- ‌منزلته في العلم والفضل:

- ‌ولايته للقضاء:

- ‌محنته:

- ‌تصانيفه:

- ‌مولده ووفاته:

- ‌عبد العزيز الثعالبي

- ‌أبناء المغرب العربي

- ‌شيخي:

- ‌السيد محمد الخضر حسين:

- ‌جانب عامر من جوانب القيادة:

- ‌صديقنا:

- ‌الأستاذ الهلالي:

- ‌قصة الشهر:

- ‌الشيخ طاهر الجزائري:

- ‌أصله ونشأته:

- ‌علمه وعمله:

- ‌أخلاقه وعاداته:

- ‌غريب عاداته:

- ‌تآليفه ورسائله:

- ‌رسائله الخاصة:

- ‌رزء الإسلام

- ‌السيد محمد رشيد رضاــ-1

- ‌مولده:

- ‌بيته:

- ‌نشأته:

- ‌تعلمه وشيوخه:

- ‌الكتب التي خرجته:

- ‌تنسكه:

- ‌تخلص نسكه من الباطل والضلال:

- ‌تعليمه وإرشاده:

- ‌أمره بالمعروف وتغييره للمنكر:

- ‌ما وقع بينه وبين شيخه الجسر بسبب هذا الإنكار:

- ‌ السيد محمد رشيد رضاــ-2

- ‌البيئة المنزلية:

- ‌أثر المعلم:

- ‌التحصيل الدرسي والتحصيل النفسي:

- ‌تعيين الغاية والاستعداد لها:

- ‌التفكير والاستقلال فيه:

- ‌بعده من الوظيف:

- ‌سبب الهجرة إلى مصر:

- ‌سبب تعلقه بالأستاذ الإمام وأول تعرفه به:

- ‌آثار اتصاله بالأستاذ الإمام:

- ‌وفاء السيد للأستاذ الإمام في حياته وبعد وفاته:

- ‌مواقفه بعد الأستاذ الإمام:

- ‌غايته السياسية:

- ‌أثر السيد رشيد في العالم الإسلامي:

- ‌العلامة الأستاذ الشيخ محمد بخيت المطيعي

- ‌منزلته العلمية:

- ‌منزلته في القضاء والفتوى:

- ‌موقفه من الإصلاح الديني:

- ‌إنصافه للأستاذ الإمام وشهادته له:

- ‌علاقتي به:

- ‌مصطفى كمال

- ‌قسم القصص الديني والتاريخي

- ‌محاورة الرشيدمع محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة

- ‌الخنساء وبنوها

- ‌كيف كان بناء الكعبة المشرفة

- ‌ملك العرب

- ‌مناظرة بين سلفي ومعتزليفي مجلس الواثق

- ‌هذه نعلي ونعل آبائيمحافظة الرشيد على زي قومه

- ‌العامة المتعلمة

- ‌النجاة من العطب بقليل من الأدب

- ‌أباة الضيميزيد بن المهلب

- ‌أعظم قائد

- ‌ضلال شيخين واهتداء غلام

- ‌الراعي

- ‌خلوا بيني وبين ناقتي

- ‌كن خير آخد

- ‌لا أثر للعبودية مع الأحرار

- ‌من خان قوما فليس منهم

- ‌العبرة:

- ‌من ذكريات بدر

- ‌بيان وإيضاح:

- ‌بئس حامل القرآن أنا إذاً

- ‌العبرة:

- ‌هكذا تكون النزاهة

- ‌الأسوة الحسنة:

- ‌رقية الله

- ‌العبرة:

- ‌الأسوة:

- ‌نعوذ بالله من السلب بعد العطاء

- ‌وأنا أغتنمها

- ‌العبرة:

- ‌القدوة:

- ‌مصرع ظالم

- ‌إباء وعدالة:

- ‌عبرة في مقتله:

- ‌السر كل السر في الأرواح

- ‌قسم الرحلات

- ‌للتعارف والتذكير

- ‌الحروش:

- ‌عزابة:

- ‌سكيكدة:

- ‌سانطارنو

- ‌مجاز الدشيش- وسيدي مزريش:

- ‌عين مليلة:

- ‌أم لباقي:

- ‌عين البيضاء:

- ‌مسكيانة:

- ‌جولة صحافية

- ‌ مليانة

- ‌بعض التفصيل:

- ‌خميس مليانة:

- ‌الأصنام:

- ‌غليزان:

- ‌مستغانم:

- ‌زاوية الشيخ ابن طكوك:

- ‌في بعض جهات الوطن-2

- ‌قرية آرزيو:

- ‌وهران:

- ‌رحلتنا إلى العمالة الوهرانية

- ‌تمهيد:

- ‌تاريخ بداية الرحلة ونهايتها:

- ‌البلدان التي زرتها:

- ‌ماذا كنت أقوم به في كل بلدة:

- ‌موضوع الدرس ومادته:

- ‌الإشاعات الباطلة:

- ‌الأسئلة والأجوبة:

- ‌طريفتان في الموضوع:

- ‌مظاهر الاتحاد:

- ‌تعلق الأمة بحكومتها:

- ‌كرم الأمة وإقبالها:

- ‌فضل الحكومة ورجالها:

- ‌فضل الصحافة العربية والفرنسية:

- ‌فضل الرفاق علينا:

- ‌خدماتنا بهذه الرحلة:

- ‌دفع توهم:

- ‌في تونس العزيزة

- ‌محاضرة الأستاذ عبد الحميد بن باديس:

- ‌الحالة العلمية:

- ‌الحالة السياسية:

- ‌الشيخ عبد الحميد بن باديس في قالمة

- ‌قسم تطور الشهاب

- ‌خاتمة المجلد الخامس

- ‌فاتحة المجلد السادس

- ‌خاتمة المجلد السادس

- ‌تنبيه

- ‌فاتحة المجلد التاسع

- ‌مجلة الشهاب والحركة الإصلاحية

- ‌بعد عقد من السنين

- ‌في العشيرة الصحافية:

- ‌ما جاء في "البلاغ" الذائع

- ‌نفحة من الجزائر:

- ‌ما جاء في "القلم" البليغ

- ‌ما جاء في "الزهرة" الزاهرة

- ‌الشهاب النيرفي عقده الثاني الحفيل

- ‌ما جاء في " الزهو" العذبة

- ‌مجلة "الشهاب" الغراء

- ‌فاتحة العام الثاني من العقد الثاني

- ‌عمل الماضي:

- ‌التعليم:

- ‌الإصلاح:

- ‌أمل المستقبل:

- ‌فاتحة السنة (13)

- ‌بيان واعتذار

- ‌فاتحة السنة الرابعة عشرة

- ‌الشباب:

- ‌ الوطن

- ‌فرنسا:

- ‌الإدارة:

- ‌الأمة:

- ‌العلماء:

- ‌النواب:

- ‌المصلحون:

- ‌الطرقية:

- ‌فاتحة السنة الخامسة عشرة

- ‌قسم الصلاة على النبي

- ‌الصلاة على النبيصلى الله عليه وآله وسلم-1

- ‌تمهيد

- ‌ القسم العلمي

- ‌الصلاة على النبيصلى الله عليه وآله وسلم-2

- ‌الصلاة على النبيصلى الله عليه وآله وسلم-3

- ‌الصلاة على النبيصلى الله عليه وآله وسلم-4

- ‌وفسر بقرابته:

- ‌الصلاة على النبيصلى الله عليه وآله وسلم-5

- ‌الصلاة على النبيصلى الله عليه وآله وسلم-6

- ‌الصلاة على النبيصلى الله عليه وآله وسلم-7

- ‌القسم العملي:

- ‌التحذير:

- ‌قسم الفقه والفتاوى

- ‌الأسئلة والأجوبة

- ‌المباحثة والمناظرة:

- ‌من الإجارة لا من المكس

- ‌الدواء لمنع الحمل والعزل:

- ‌كراء الأسواق-2

- ‌قسم الفتوى-1

- ‌سؤال:

- ‌ الجواب

- ‌قسم الفتوى-2

الفصل: ‌الصلاة على النبيصلى الله عليه وآله وسلم-3

‌الصلاة على النبي

صلى الله عليه وآله وسلم

-3

-

توقف الصحابة- رضي الله عنهم، وجوه توقفهم، سؤالهم، أول من سأل منهم، ما يستفاد من هديهم في هذا المقام، لزوم الاقتداء بهم، حديث بيان الكيفية، رواته، ألفاظه، الجمع بينها، الإقتصار على الصحيح من الروايات، كلام الحافظ ابن العربي.

ــ

لما سمع الصحابة- رضي الله عنهم الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الآية المتقدمة فهموا أنهم أمروا بالدعاء له لأن الدعاء هو معنى الصلاة لغة كما قدمنا.

وإنما الذي أشكل عليهم هو كيفية هذا الدعاء، ووجه هذا الإشكال أمور:

الأول: - علمهم بكمال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم ورفعة مقامه عند ربه، وجزيل إنعامه لديه فلم يدروا ما هو النوع الأكمل من الإنعام اللائق بمنصبه الرفيع ليدعوا له به.

الثاني: - إن ألفاظ الدعاء كثيرة وصفاتها مختلفة فما هو أنسبها بمقامه الشريف؟

الثالث: - إن الصلاة عليه- صلى الله عليه وآله وسلم أمر تعبدي والعبادات لا سبيل إليها إلا التوقف. وأكد لهم هذا أن الصلاة قد قرنت بالسلام وقد تقدم لهم التوقيف في السلام فترقعوا مثله في الصلاة.

ص: 385

فلما أشكل عليهم الأمر طلبوا منه- صلى الله عليه وآله وسلم البيان. ففي الترمذي عن كعب بن عجرة لما نزلت: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ} الآية، قلنا يارسول الله قد علمنا السلام فكيف الصلاة، وقوله:"لما" يفيد أن سؤالهم كان عند النزول وقوله "قلنا" يفيد أن السؤال كان من جميعهم ولو كان السائل المتكلم واحد فإنه يتكلم بلسان الجميع لأنهم له موافقون. ومثل هذا قول أبي حميد "إنهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك" وقول أبي سعيد "قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك فكيف نصلي" وأول من سأله- فيما أرى- بشير بن سعد الأنصاري- لأنه لما سأله- صلى الله عليه وآله وسلم كيف نصلي عليك"- سكت ثم أجابه بالبيان. والظاهر أن سكوته كان لانتظار الوحي إليه فلما أوحى إليه بالبيان، بين. وجاء البيان متأخرا عن نزول الآية واقعا بعد سؤالهم لأنه من البيان التفسيري وجائز تأخره على الصحيح وهذا من أمثلته.

وهنا نكت من هدى الصحابة- رضوان الله عليهم- في هذا المقام ينبغي التنبه لها والتدبر فيها، فمنها شدة تعظيمهم للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم وتمام تحريهم في إجلال ذكره واحترام كل ما يتصل بجنابه. ومنها حرصهم على الإتيان بعين ما يختاره الله لهم ويرضاه منهم عن اللفط الأكمل الأفضل الذي يتقربون به إليه في تعظيم حبيبه ومصطفاه- صلى الله عليه وآله وسلم. ومنها شدة تحريهم لدينهم بتوقفهم فيما كان عندهم محتملا ولم يقطعوا فيه بشيء. ومنها شدة عنايتهم بالعلم، فبادروا إلى طلب البيان ومنها وقوفهم في باب العبادة عند حد التوقيف لأنه لا مجال فيها للرأي ولا مدخل فيها للقياس.

كل هذا من هديهم- رضوان الله عليهم- حق على المسلمين أن يتدبروه ويتبعوهم فيه وينظروا في أمورهم ما هو منها موافق لهديهم

ص: 386

أو قريب منه وما هو مباين له بعيد عنه فلا وربك لا يكون الخير إلا في موافقتهم ولا غيره إلا في مخالفتهم. وكل امرئ- بعد هذا- بنفسه بصير.

عدنا إلى حديث بيان كيفية الصلاة. ونقتصر من متونه على الصحيح الثابت المتفق عليه مما في الوطأ والصحيحين. وقد جاء فيها عن أربعة من الصحابة- رضوان الله عليهم-.

الأول: أبو حميد الساعدي عند الثلاثة والشيخان خرجاه عنه من طريق مالك، قال- رضي الله عنه "إنهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك فقال: قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد" وفي رواية مسلم "وعلى أزواجه" بزيادة"على" في الموضعين.

الثاني: أبو مسعود الأنصاري في الموطأ وصحيح مسلم ومن طريق مالك رواه مسلم قال: "أتانا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد "ابن ثعلبة" أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك قال فسكت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله "لأنهم كانوا يكرهون كل ما يرونه أنه يكرهه أو يشق عليه" ثم قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم". وفي بعض روايات الموطأ "كما صليت على إبراهيم" و"كما باركت على إبراهيم" بدون لفظة"آل" في الموضعين وفي بعضها بدونها في الأول.

الثالث: كعب بن عجرة في الصحيحين قال- رضي الله عنه-

ص: 387

"سألنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله قد علمنا كيف نسلم قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد" هكذا أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء من كتاب بدع الخلق. وخرجه في سورة الأحزاب من كتاب التفسير وفي كتاب الدعوات هكذا: "كما صليت على آل إبراهيم" و "كما باركت على آل إبراهيم" بدون "على إبراهيم" في الموضعين وعلى هذا الوجه خرجه مسلم.

الرابع: - أبو سعيد الخدري عند البخاري في أحاديث الأنبياء والتفسير قال- رضي الله عنه: "قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك فكيف نصلي قال قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم" وفي رواية أخرى للبخاري "كما صليت على آل إبراهيم" بزيادة لفظة "آل" وليس في آخرها وعلى آل إبراهيم.

وهذه المتون الصحيحة كلها قد اتفقت واختلفت اتفقت في عمود الكلام وصلب المعنى ومعظم الكلمات واختلفت في كلمات قليلة. فمنها لفظة "على" كما في حديث أبو حميد وهي كلمة ذكرها كحذفها من جهة المعنى لأن حرف العطف مغن عنها فقد تكون في الأصل وأسقطها الراوي نسيانا أو اختصارا وقد لا تكون وزادها من زادها نسيانا أو بيانا ومنها لفظة "الآل" في حديث أبي مسعود فهي ثابتة في رواية من أثبتها وتحتمل السقوط على وجه النسيان في رواية من أسقطها ويحتمل أنه كذلك سمع بدونها وأن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم مرة ذكرها ومرة حذفها. ومنها زيادة عبدك ورسولك

ص: 388

في حديث أبي سعيد وزايدة في العالمين في حديث ابن مسعود وذكر الأزواج والذرية، بدون الآل في حديث أبي حميد. والظاهر في هذه أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم تنوع بيانه في المقامات فاختلفت الروايات وهي مختلفة غير متناقضة فتفيد المعاني المتغايرة غير المتضاربة. وهي بهذا نظير اختلاف القراءات في صحيح الروايات.

هذا الذي ذكرناه من الروايات هو الصحيح المتفق على صحته وثبوته ووراءها روايات ليست في درجتها رأينا الاكتفاء بالصحيح عنها. وقد قال الإمام الحافظ ابن العربي في تفسير سورة الأحزاب من أحكامه، بعدما ذكر ثماني روايات- من هذه الروايات صحيح ومنها سقيم، وأصحها ما روى مالك "حديث أبي حميد وحديث أبي مسعود فاعتمدوه". ورواية من روى غير مالك من زيادة الرحمة مع الصلاة وغيرها "غير الرحمة" لا يقوى. وإنما على الناس أن ينظروا في أديانهم نظرهم في أموالهم وهم لا يأخذون في البيع دينارا معينا وإنما يختارون السالم الطيب. كذلك في الدين لا يؤخذ من الروايات عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم إلا ما صح سنده لئلا يدخل في خبر الكذب على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم فبينما هو يطلب الفضل إذا به قد أصاب النقص، بل ربما أصاب الخسران المبين".

وسنتكلم على كيفية استعمال هذه الروايات المتقدمة عند الذكر والصلاة على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم في القسم العملي، إن شاء الله تعالى وبه المستعان (1).

(1) ج 7، م 5، ص 1 - 6 غرة ربيع الأول 1348ه - أوت 1929م.

ص: 389