الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزاوي اليهود الرصاص ثم كان اهتياج الناس بقدر ما يتزايد إطلاق الرصاص من اليهود الحاملين السلاح.
حضر الدكتور جلول لرحبة الصوف والفتنة على أشدها فدخل المعمعة يهدىء الناس من ناحية ويضمد الجراح من ناحية أخرى وكانت حالة الناس- وهم يسمعون دوي الرصاص ويشاهدون الجرحى يتساقطون منهم- أعظم من أن تهدأ. ومع ذلك فقد استطاع الدكتور جلول أن يرد الناس عن الهجوم على الشارع حومة اليهود ولولاه لكان ذلك الجمع مصبحا اليهود في شارعهم شر صباح.
انتشر الخبر في البلد وماجت الأنهج بالناس وكثر ضرب اليهود بالرصاص من النوافذ فانكب الناس على دكاكين اليهود التي كانت مقفلة يوم الأحد يكسرون أبوابها ويمزقون ما فيها من قماش ويهشمون ما فيها من أثاث ويمزقون الأوراق المالية وأطلقوا النار في بعضها وقتلوا نيفا وعشرين نفسا وفرغوا من عملهم نحو الساعة الثانية.
استنتاج وتعليل:
فتح أسواق الخضر الإسلامية كعادتها، وتعاطى المسلمون البيع والشراء مع اليهود واليهوديات دليل قاطع على أن المسلمين كانوا قد اطمانوا وأمنوا وعلى أنهم ما كانوا عازمين على شيء من الشر لليهود.
ابتدأ أبناء الصائغي بضرب الرصاص، ورؤية الناس المسلمين السلاح بيد اليهود والرصاص يتهاطل من نوافذهم وهم لا سلاح لهم بعث فيهم الرعب والحنق فاندفعوا ذلك الإندفاع القوي السريع المحطم.
غريزة الدفاع عن النفس فطرية في الإنسان بل في جميع الحيوان فإذا أحس بالخطر فإنه يعمل أعمالا عن غير وعي لا يستطيع أن يعملها لولا ما أحس به من الخطر وما تحرك فيه من غزيرة الدفاع عن النفس
فقد يجري الإنسان فاراً أمام حيوان يريد افتراسه بمقدار من السرعة لا يستطيعه أبدا في غير تلك الحال فالإنسان الأعزل الذي لا سلاح معه عندما يرى خصمه مسلحا ويشاهد الرصاص منطلقا من سلاحه يحس بخطر محقق داهم فتتحرك فيه غريزة الدفاع عن النفس فينبعث عن غير وعي فينقض على خصمه انقضاض المستميت فربما قضى عليه رغم سلاحه. هذا في الفرد من الناس أما في الجموع منهم فإن المسألة تكون أروع لأن الجماعة لا تعمل عن عاطفة فإذا خافت على أنفسها واندفعت بغريزة الدفاع عنها فإنها تأتي في تلك الحالة بما لا تتصوره العقول.
بهذا التقرير العلمي النفسي نعلل ما كان من الجماعة المسلمة العزلاء من السلاح أمام اليهود المسلحين في اندفاعها وما أتت به من أعمال مروعة.
ولعلمنا بهذه الحقيقة العلمية النفسية كنا حريصين أمام القائم مقام" البريفي" على نزع السلاح من اليهود، وقد أمرت السلطة أعوانها بنزع السلاح من المارة في الأزقة ولكن بعد فوات الوقت.
فالذين قاموا بتلك الأعمال من المسلمين لم يكونوا مندفعين إليها بحقد على اليهود ولا بعامل ديني ولا ببغض جنسي وإنما كانوا مندفعين بغريزة الدفاع عن النفس أمام الخطر المسلح.
نعم كان المسلمون يسمعون دائما سب دينهم ونبيهم من اليهود وخصوصا من النساء وكانوا يلقون منهم سوء معاملة خصوصا من النساء في سوق الخضر وكانوا يشعرون بتسلطهم في دوائر الحكومة وعلى رجال بارزين من الساسة الفرنسيين ويعلمون تغلبهم في الوظائف حتى على الفرنسيس أنفسهم وحسبك أن موزعي البريد ببلدة قسنطينة منهم ثلاثون ونيف ومن الفرنسيس خمسة ومن المسلمين واحد ولكن