الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ السُّمِّ
[2190]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ، قَالَ:((مَا كَانَ اللهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ))، قَالَ: أَوَ قَالَ: عَلَيَّ: قَالَ: قَالُوا: أَلَا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: ((لَا))، قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
[خ: 2617]
وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ زَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ أَنَّ يَهُودِيَّةً جَعَلَتْ سَمًّا فِي لَحْمٍ، ثُمَّ أَتَتْ بِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِ حَدِيثِ خَالِدٍ.
قوله: ((فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم): واللهوات- بفتح اللام والهاء- جمع لهاة- بفتح اللام- وهي اللحمة الحمراء المعلقة في أصل الحنك، وقيل: اللحمات اللواتي في سقف أقصى الفم، ومعنى قوله:((فمازلت أعرفها))، أي: العلامة، وكأنه بقي للسم علامة وأثر من سواد أو غيره في طرف أقصى الحلق، كأنه إذا فتح النبي صلى الله عليه وسلم فمه رأى أنس رضي الله عنه السواد في أقصى الفم.
هذا الحديث فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أصابه السم، وهو من جنس السحر الذي أصابه.
وفيه: دليل على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بشر تصيبهم الأمراض، وكذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو نبي كريم يطاع ويتبع ويحب، ولكنه لا يعبد، ولو كان يصلح للعبادة لما أصابته الأمراض والأسقام؛ لأن الإله منزه عن أن يصيبه شيء من ذلك، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ
مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ}.
وفيه: الرد على من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نور، وأنه جزء من الله- والعياذ بالله- فهؤلاء كفرة، ليس هو نورًا صلى الله عليه وسلم، بل هو بشر مخلوق من ذكر وأنثى من أبيه عبد الله وأمه آمنة بنت وهب.
وفيه: خبث اليهود؛ فقد سموا النبي صلى الله عليه وسلم وسحروه، وهذه اليهودية- واسمها زينب بنت الحارث أخت مرحب اليهودي الذي قتل يوم خيبر- سمت النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت له لما سألها: إن كنت كذابًا نستريح منك، وإن كنت نبيًّا فلا يضرك
(1)
.
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتلها، وجاء في حديث آخر:((أن النبي صلى الله عليه وسلم دفعها إلى أولياء بشر فقتلوها))
(2)
، ويجمع بينهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنها في أول الأمر، ثم بعد ذلك لما مات الصحابي الذي أكل مع النبي صلى الله عليه وسلم جاء أولياؤه يطلبون القصاص، فدفعها إليهم فقتلوها.
- من الأسرار والحكم في سَمِّ النبي صلى الله عليه وسلم:
1.
الدلالة على أنه بشر صلى الله عليه وسلم.
2.
تعظيم الله تبارك وتعالى له الأجر في رفع درجاته.
3.
لتقتدي به الأمة في الصبر والتحمل.
4.
ليعلم الناس أن الدنيا دار أكدار وأحزان وهموم ما هي بدار نعيم، ولو كانت دار نعيم ما أصاب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من كدرها شيء، والرسل عليهم الصلاة والسلام أفضل الناس وأحب الناس إلى الله، ومع ذلك أصابتهم الأكدار والهموم والأحزان؛ لا لهوانهم على الله عز وجل، بل لعظم منزلتهم؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر:((إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ بَلاءً: الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ، فَالأَمْثَلُ))
(3)
.
(1)
أخرجه البخاري (3169).
(2)
أخرجه ابن سعد في الطبقات (1921).
(3)
أخرجه النسائي في الكبرى (7440).