الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ آدَابِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَأَحْكَامِهِمَا
[2017]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَضَعَ يَدَهُ، وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ مَرَّةً طَعَامًا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا تُدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهَا، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ يَدَهُ فِي يَدِي مَعَ يَدِهَا)).
وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ الْأَرْحَبِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: كُنَّا إِذَا دُعِينَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى طَعَامٍ، فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ: كَأَنَّمَا يُطْرَدُ، وَفِي الْجَارِيَةِ كَأَنَّمَا تُطْرَدُ، وَقَدَّمَ مَجِيءَ الْأَعْرَابِيِّ فِي حَدِيثِهِ قَبْلَ مَجِيءِ الْجَارِيَةِ، وَزَادَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: ثُمَّ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ، وَأَكَلَ.
وَحدَّثَنِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَدَّمَ مَجِيءَ الْجَارِيَةِ قَبْلَ مَجِيءِ الْأَعْرَابِيِّ.
في هذا الحديث: وجوب قول: ((بِاسْمِ اللهِ)): عند الأكل؛ لأن الشيطان يستحل الطعام إذا لم يُذكَر اسم الله عليه، ويستحل السُكنَى في البيت الذي لا يُذكَر اسم الله عند الدخول إليه، فإذا ذكر اسم الله عند الدخول وعند
الطعام فإنه لا مأوَى للشيطان ولا طعام.
وأما حكاية النووي الإجماع على استحباب التسمية، فقد تعقبه الحافظ ابن حجر رحمه الله، فقال:((وفي نقل الإجماع على الاستحباب نظر إلا إن أريد بالاستحباب أنه راجح الفعل وإلا فقد ذهب جماعة إلى وجوب ذلك وهو قضية القول بإيجاب الأكل باليمين؛ لأن صيغة الأمر بالجميع واحدة))
(1)
.
[2018]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ- يَعْنِي: أَبَا عَاصِمٍ- عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ)).
وَحدَّثَنِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي عَاصِمٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:((وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ طَعَامِهِ))، ((وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ دُخُولِهِ)).
في هذا الحديث: التسمية عند دخول البيت وعند الطعام، وهذا مثل ما جاء في الحديث:((إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ: يُقَالُ- حِينَئِذٍ-: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ، وَكُفِيَ، وَوُقِيَ؟ ))
(2)
.
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَوْلَجِ وَخَيْرَ
(1)
فتح الباري، لابن حجر (9/ 522).
(2)
أخرجه أبو داود (5090)، والترمذي (3426)، والنسائي في الكبرى (9837).
الْمَخْرَجِ، بِاسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا، وَبِاسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا، وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ))
(1)
.
وقد ذكر النووي رحمه الله وجماعة
(2)
أنه إذا سمى واحد من الآكلين كفاهم، لكن ظاهر النصوص أن كل واحد مطلوب منه التسمية.
(1)
أخرجه أبو داود (5096)، والبيهقي في الدعوات الكبير (480).
(2)
شرح مسلم، للنوي (13/ 189)، الأذكار، للنووي (ص 231)، شرح المشكاة، للطيبي (9/ 2838).
[2019]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ)).
[2020]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ نُمَيْرٍ- قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ جَدِّهِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ)).
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى- وَهُوَ الْقَطَّانُ- كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِ سُفْيَانَ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ، قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ حَرْمَلَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَهُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِشِمَالِهِ، وَلَا يَشْرَبَنَّ بِهَا؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِهَا)) قَالَ: وَكَانَ نَافِعٌ يَزِيدُ فِيهَا: وَلَا يَأْخُذُ بِهَا، وَلَا يُعْطِي بِهَا، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الطَّاهِرِ:((لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدُكُمْ)).
[2021]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشِمَالِهِ، فَقَالَ:((كُلْ بِيَمِينِكَ)) قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ:((لَا اسْتَطَعْتَ)) - مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ- قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ.
في هذه الأحاديث: وجوب الأكل باليمين، والشرب باليمين، والنهي عَنِ الأكل بالشمال، والشرب بالشمال.
وفيها: دليل على أنَّ مَن عارَض السنة يُخشَى عليه من العقوبة العاجلة، فهذا الرجل عوقِب في الحال، قال النبي صلى الله عليه وسلم له:((كُلْ بِيَمِينِكَ))، قَالَ:((لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: ((لَا اسْتَطَعْتَ)) - مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ- قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ))، يعني: دعا عليه أن يجعله الله لا يستطيع، فشُلَّت يده في الحال، فما رفعها إلى فِيهِ؛ عقوبة عاجلة له.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ((سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ، إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا)): قَالَ: فَقَالَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ، فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا، مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَقَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ))
(1)
.
فلا يجوز للإنسان معارضة السنة، ويُخشَى عليه من العقوبة إذا فعل ذلك، لكن إذا كان متأولًا فهو غير معارِض للسنة.
قال بعض العلماء: هذه الأوامر للاستحباب؛ لأنها من باب الآداب، لكن ظاهر الحديث أنها للوجوب، ولو كانت للاستحباب مَا دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من لم يستجب للأكل بيمينه، والأصل في الأوامر الوجوب إلا بصارف، والأصل في النواهي التحريم إلا بصارف.
(1)
أخرجه مسلم (442).
[2022]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، سَمِعَهُ مِنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: كُنْتُ فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي:((يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)).
[خ: 5379]
وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَكَلْتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلْتُ آخُذُ مِنْ لَحْمٍ حَوْلَ الصَّحْفَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((كُلْ مِمَّا يَلِيكَ)).
في هذا الحديث: دليل على وجوب هذه الثلاثة: التسمية، والأكل باليمين، وأكل الإنسان مما يليه.
وفيه: تعليم الصغار، وعمر بن أبي سلمة كان صغيرًا فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم، فينبغي إرشاد الصغار وتعليمهم الآداب الإسلامية، وتأديبهم- أيضًا- إذا أخلُّوا بهذه الواجبات؛ ولهذا قال إبراهيم النخعي:((وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ))
(1)
، حتى يتأدَّب ويتعلَّم، فيُؤدَّب الصغير ويُعلَّم حتى ينشأ وقد حسنت أخلاقه وتعلَّم الآداب الشرعية، وكذلك اليتيم لا يترك لتفسد أخلاقه وتسوء، بل يؤدب كذلك.
(1)
أخرجه البخاري معلقًا مجزومًا به (2652).
[2023]
وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ.
[خ: 5625]
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ أَنْ يُشْرَبَ مِنْ أَفْوَاهِهَا.
وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَاخْتِنَاثُهَا أَنْ يُقْلَبَ رَأْسُهَا، ثُمَّ يُشْرَبَ مِنْهُ.
في هذا الحديث: أن اختناث الأسقية منهي عنه، وهذا النهي للتنزيه، والذي صرفه عَنِ التحريم حديث كبشة بنت ثابت رضي الله عنها، كما سيأتي.
وقد فُسِّر الاختناث- أيضًا- بالشرب من أفواه الأسقية.
وأصل الاختناث: من التخنُث، والتكسُّر، والانطواء، ومنه يسمى مَن يتشبَّه بالنساء، أو مَن يشبه في طبعه وحركاته وكلامه النساء، يُقال: هذا تخنَّث، فالمُخنَّث هو الذي يتشبَّه بالنساء، وهذا محرم، فعن كبشة بنت ثابت رضي الله عنها قال:((دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَرِبَ مِنْ فِي قِرْبَةٍ مُعَلَّقَةٍ قَائِمًا، فَقُمْتُ إِلَى فِيهَا فَقَطَعْتُهُ))
(1)
، وهي إنما قطعته لتتبرَّك به؛ لِمَا جعل الله في جسده صلى الله عليه وسلم وما مسَّه من البركة، فهذا فيه: دليل على أنَّ النهي هنا ليس للتحريم؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن اختناث الأسقية، وهو: الشرب من فمها، ثم شرب هو من فم القِربة وهو قائم.
(1)
أخرجه أحمد (27115)، والترمذي (1892)، وابن ماجه (3423).