الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي قِتَالِ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ
[2306]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ شِمَالِهِ يَوْمَ أُحُدٍ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابُ بَيَاضٍ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ- يعني: جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ عليهما السلام.
[خ: 4054]
وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا سَعْدٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ يَوْمَ أُحُدٍ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ يَسَارِهِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، يُقَاتِلَانِ عَنْهُ كَأَشَدِّ الْقِتَالِ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ.
هذا الحديث فيه من الفوائد:
1.
أن الملائكة قاتلت يوم أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم.
2.
أن نزول الملائكة كان في عدد من الغزوات، وليس خاصًّا ببدر.
3.
دليل على أن الملائكة قد يراهم بعض الناس، كما في هذا الحديث فقد رآهما سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وكما في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام حين جاء في صورة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر ورآه الصحابة رضي الله عنهم في صورة رجل
(1)
، وكان يأتي كثيرًا في صورة دحية الكلبي رضي الله عنه وكان رجلًا جميلًا
(2)
، وكما جاءت الملائكة في صورة شبابٍ حِسان، إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ثم إلى لوط، ورآهم قوم لوط وهم قومٌ كفار.
(1)
أخرجه مسلم (8).
(2)
أخرجه البخاري (3634)، ومسلم (2451).
4.
أن الملائكة منحها الله القدرة على أن تتصور بالصور المختلفة، فهذا جبريل وميكائيل رآهما سعد بن أبي وقاص، في صورة رجلين عليهما ثيابٌ بيض، وكان جبريل يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صور متعددة، كما في هذا الحديث أنه جاء في صورة رجل عليه ثيابٌ بيض يقاتل عن النبي صلى الله عليه وسلم أشد القتال.
ورآه النبي صلى الله عليه وسلم على الصورة التي خلقه الله عليها، له ستمائة جناح كل جناح يملأ ما بين السماء والأرض، رآه على هذه الصورة مرتين، مرة في السماء ليلة المعراج
(1)
، ومرة في الأرض في أول البعثة حين كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعبد في غار حراء فرآه على هذه الصورة؛ ولهذا حصل للنبي صلى الله عليه وسلم رعب شديد، وجاء إلى خديجة يرجف قلبه من رؤية الملك، وقال: زملوني زملوني، دثروني دثروني، وقال لخديجة رضي الله عنها: كدت أن يختلج عقلي، فهدَّأتْ من روعه، وقالت:((كَلَّا أَبْشِرْ، فَوَاللهِ، لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، وَاللهِ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ))
(2)
.
5 -
نصر الله تعالى لنبيه وللمؤمنين، وأن الله تعالى نصرهم بجندٍ من عنده، والملائكة جندٌ من جنود الله، ينصر الله بهم المؤمنين، ويخذل بهم الكافرين، كما خذلهم يوم الأحزاب، فإن الله تعالى أرسل على الأحزاب الذين تحزَّبوا وتجمَّعوا على قتال المسلمين ريحًا وجندًا من الملائكة تزلزلهم وتقذف الرعب في قلوبهم، كما قال سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} ، وهذه بشارة للمؤمنين أن الملائكة تقاتل معهم، وإلا فالنصر من عند الله، لكنَّ في هذا تطمينًا لقلوب المؤمنين، كما قال
(1)
أخرجه البخاري (3232)، ومسلم (174).
(2)
أخرجه البخاري (3)، ومسلم (160).
والملائكة خلقها الله في خلقة عظيمة، كما قال تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم:((أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ))
(1)
.
فالملائكة جنود الله وما يعلم جنود ربك إلا هو، وفي الحديث:((يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا))
(2)
، فالله تعالى جعل لهم وظائفَ، فمنهم: من هو موكل بالنار وإيقاد العذاب لأهلها، ومنهم: من هو موكل بالجنة وإعداد الكرامة لأهلها، ومنهم: من هو موكل بالنطفة يدبر أمرها حتى تتم، ومنهم: من هو موكل بكتابة الحسنات والسيئات لبني آدم، ومنهم: من هو موكل بحفظ بني آدم، ومنهم: من هو موكل بالقطر والنبات، ومنهم: من هو موكل بالجبال، فكل حركة في السماوات والأرض ناشئة عن الملائكة، بإذن الله وأمره، بإذن الله الكوني القدري.
وقد ذكرهم الله تعالى في كتابه العزيز بوظائفهم، كما في قوله تعالى:{والمرسلات عرفًا فالعاصفات عصفًا والناشرات نشرًا والفارقات فرقًا فالملقيات ذكرًا} .
وقال: {والنازعات غرقًا والناشطات نشطًا والسابحات سبحًا والسابقات سبقًا فالمدبرات أمرًا} .
(1)
أخرجه أبو داود (4727)، والبيهقي في الأسماء والصفات (846)، وأبو الشيخ في العظمة (476).
(2)
أخرجه مسلم (2842).