الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ عَرَقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَرْدِ، وَحِينَ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ
[2333]
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنْ كَانَ لَيُنْزَلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَدَاةِ الْبَارِدَةِ، ثُمَّ تَفِيضُ جَبْهَتُهُ عَرَقًا.
[خ: 2]
كان ينزل على رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الوحي في اليوم الشديد البرد فتفيض جبهته عرقًا من شدة الوحي عليه وثقله، وقد نزل عليه الوحي وكانت فخذه على فخذ زيد بن أرقم رضي الله عنه فكادت أن تُرَضَّ من ثقل الوحي
(1)
، وينزل عليه الوحي مرة أخرى وهو على ناقته، فتصف ذلك عائشةُ رضي الله عنها بقولها:((إِنْ كَانَ لَيُوحَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ، فَتَضْرِبُ عَلَى جِرَانِهَا مِنْ ثِقَلِ مَا يُوحَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)
(2)
، وقولها: جرانها، أي: باطن عنُقها، وأحيانًا أخرى كان ينزل عليه الوحي وهو يتعرق العَرْق
(3)
، وهو العظم الذي فيه شيء من اللحم.
(1)
أخرجه البخاري (2832).
(2)
أخرجه أحمد (24868)، والبيهقي في الدلائل (7/ 53). بالرقم لو كان
(3)
أخرجه البخاري (47959)، ومسلم (2170).
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، وَابْنُ بِشْرٍ جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ: ((أَحْيَانًا يَأْتِينِي فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، ثُمَّ يَفْصِمُ عَنِّي، وَقَدْ وَعَيْتُهُ، وَأَحْيَانًا مَلَكٌ فِي مِثْلِ صُورَةِ الرَّجُلِ، فَأَعِي مَا يَقُولُ)).
وهذا الحديث فيه: فائدة مجيء الوحي مثل صلصلة الجرس؛ لكي يتفرغ ويستعد لما ينزل عليه، فإذا جاء مثل صلصلة الجرس صار مستعدًّا ومتهيئًا للوحي، وأحيانًا يأتيه فيتمثل له رجلًا فيكلمه، كما جاء في حديث عمر رضي الله عنه:((إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ))
(1)
، فسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان.
والوحي أنواع: النوع الأول: أنه يأتيه مثل صلصلة الجرس.
النوع الثاني: يأتيه فيتمثل له رجلًا ويكلمه.
النوع الثالث: أن الملك ينفث في روعه صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث:((إن روح القدس نفث في روعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها؛ فأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية؛ فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته))
(2)
.
النوع الرابع: الرؤيا الصادقة، ورؤيا الأنبياء وحي، فقد رأى إبراهيم عليه الصلاة والسلام
(1)
أخرجه مسلم (8).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (7694)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 26).
أنه يذبح ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام فقام يريد تنفيذ هذه الرؤيا؛ لأنها وحي، فأنزل الله تعالى عليه:{قد صدقت الرؤيا} ، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان في أول البعثة لا يرى الرؤيا ((إلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ))
(1)
.
النوع الخامس: أن يكلمه الله من وراء حجاب من دون واسطة، كما كلم الله موسى عليه الصلاة والسلام، وكلم نبينا صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج من دون واسطة
(2)
، كما قال الله تعالى:{وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيًا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولًا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم} .
[2334]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ كُرِبَ لِذَلِكَ، وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ.
قوله: ((كُرِبَ))، يعني: اشتد به الكرب وأصابه.
وقوله: ((وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ))، يعني: تغير وجهه وصار فيه نوع من التكدر من شدة الوحي عليه وثقله.
(1)
أخرجه البخاري (3).
(2)
أخرجه البخاري (349)، ومسلم (162).
[2335]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ نَكَسَ رَأْسَهُ، وَنَكَسَ أَصْحَابُهُ رُءُوسَهُمْ، فَلَمَّا أُتْلِيَ عَنْهُ رَفَعَ رَأْسَهُ.
قوله: ((إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ نَكَسَ رَأْسَهُ))، يعني: خفض رأسه وجعل ينظر إلى الأرض.
قوله: ((فَلَمَّا أُتْلِيَ))، أي: انجلى عنه الوحي وارتفع رفع رأسه.