الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي الشُّرْبِ مِنْ زَمْزَمَ قَائِمًا
[2027]
وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ زَمْزَمَ، فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ.
[خ: 1637]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ مِنْ زَمْزَمَ مِنْ دَلْوٍ مِنْهَا وَهُوَ قَائِمٌ.
وَحَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ. ح، وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ يَعْقُوبُ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، وَمُغِيرَةُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ مِنْ زَمْزَمَ وَهُوَ قَائِمٌ.
وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ، سَمِعَ الشَّعْبِيَّ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ زَمْزَمَ، فَشَرِبَ قَائِمًا، وَاسْتَسْقَى وَهُوَ عِنْدَ الْبَيْتِ.
وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَفِي حَدِيثِهِمَا: فَأَتَيْتُهُ بِدَلْوٍ.
قوله: ((واسْتَسْقَى))، يعني طلب من يسقيه، وأُتِيَ له بماء وهو عند البيت.
وفي هذه الأحاديث: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم، والقاعدة عند أهل العلم: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهى عن شيء ثم فعله، يُصرَف النهي عَنِ التحريم إلى كراهة التنزيه، ويكون فعله لبيان الجواز، والنهي لبيان الكراهة التنزيهية.
وذهب الإمام ابن القيم رحمه الله إلى تحريم الشرب قائمًا، وهو مع جلالة قدره وإمامته وأنَّ هذه القاعدة الأصولية معروفة قد شدَّد في هذا، وقال: إنه يحرُم الشرب قائمًا أخذًا بهذا الحديث
(1)
، والقائل وإن كان عظيمًا وإن كان إمامًا كبيرًا إلا أنه ليس بمعصوم، وقد يكون له بعض الأقوال المرجوحة.
والصواب في هذه المسألة: أنَّ الشرب قائمًا جائز، ولكن الشرب قاعدًا أفضل، فإنه أَرْوَى، وَأَبْرَأُ، وَأَمْرَأُ، والشرب قائمًا جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله.
ولا خلاف بين أهل العلم أنه لا يجب عليه فعل القيء، ويؤيده الأدلة التي تدل على أنَّ الناسي معفو عنه، قال الله تعالى:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أو أَخْطَأْنَا} ، وقال عليه الصلاة والسلام:((إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ))
(2)
.
وقال النووي رحمه الله: ((وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ)): فمحمول على الاستحباب والندب، فيستحب لمن شرب قائمًا أن يتقيأه؛ لهذا الحديث الصحيح الصريح، فإن الأمر إذا تعذر حمله على الوجوب حُمل على الاستحباب))
(3)
.
قلت: وهذا ضعيف؛ لأن الناسي معفو عنه، ولأن التقيؤ يترتب عليه مضار ومشقة، وما دام أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائمًا فالصواب أنَّ الأمر بالاستقاءة كان أولًا، ثم نُسِخ، بدليل أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائمًا ولم يتقيأ.
وإذا تعارَض حديثان، فالقاعدة عند أهل العلم: أنه يُسلَك مسلَك الجمع، ثم النسخ، ثم الترجيح، ثم التوقُّف، أي: يتوقف المجتهد حتى
(1)
زاد المعاد، لابن القيم (1/ 144).
(2)
أخرجه ابن ماجه (2045)، وابن حبان (7219).
(3)
شرح مسلم، للنووي (13/ 195).
يتبيَّن له واحد من الأمور الثلاثة
(1)
.
ومثل هذا ما ثبت عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: ((أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَجِئْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ))
(2)
، وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:((مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ، مَا كَانَ يَبُولُ إِلَّا قَاعِدًا))
(3)
، فخالف فعله مرة لبيان الجواز بشروطه.
ومما يدل على جواز الشرب قائما ما ثبت عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ: ((أَنَّهُ شَهِدَ عَلِيًّا رضي الله عنه صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ جَلَسَ فِي الرَّحَبَةِ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ، فَلَمَّا حَضَرَت الْعَصْرُ أُتِيَ بِتَوْرٍ، فَأَخَذَ حَفْنَةَ مَاءٍ، فَمَسَحَ يَدَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ وَوَجْهَهُ وَرَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ شَرِبَ فَضْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ أَنْ يَشْرَبُوا وَهُمْ قِيَامٌ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَنَعَ كَمَا صَنَعْتُ، وَهَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ))
(4)
.
(1)
قواطع الأدلة، للسمعاني (1/ 404).
(2)
أخرجه البخاري (224)، ومسلم (273).
(3)
أخرجه الترمذي (12)، والنسائي (29).
(4)
أخرجه أحمد (1173)، وابن خزيمة (19)، وابن حبان (1079).