الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ سَاقِيِ الْبَهَائِمِ الْمُحْتَرَمَةِ وَإِطْعَامِهَا
[2244]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ- فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ- عَنْ سُمَيٍّ- مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ- عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ))، قَالَوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا، فَقَالَ:((فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ)).
[خ: 2363]
قوله: ((يَأْكُلُ الثَّرَى))، أي: يخرج لسانه، يكاد يأكل الثرى من شدة العطش.
وقوله: ((رَقِيَ)) - بكسر القاف-، أي: صعد، وزنًا ومعنًى، بخلاف: رقَى- بفتح القاف- فهو من الرقية، وهي التي يُرقَى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع.
وهذا الحديث فيه: فضل الإحسان إلى البهائم، وأنه من أسباب المغفرة.
قوله: ((فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ)): الكبد الرطبة هي كبد الحي، أما الميت فكبده يابسة.
وفيه: دليل على أن جميع الحيوانات فيها أجر؛ الحيوانات والدواب والحشرات، إلا المأمور بقتله كالحيات والعقارب والسباع المأمور بقتلها، فهذه لا تُسقى، وما عداها فإن في سقيه أجرًا، حتى الكافر الذمي
والمستأمَن والمعاهد ففي إطعامه وسقيه أجر، إلا الكافر الحربي فهذا يُقتل، والمرتد يُقتل كذلك، ولا يسقى ولا يطعم.
وفيه: جواز قول شكر الله لك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((شَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ)).
وفيه: أن سَقْيَ الحيوانات حتى الكلاب من أسباب المغفرة.
وفيه: تواضع هذا الرجل حيث أمسك الخفَّ بفيه؛ ليسقي كلبًا.
[2245]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:((أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ، قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ، فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا)).
[خ: 3467]
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ- قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ- إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ، فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ)).
قوله: ((يُطِيفُ)) - بضم الياء-، أي: يدور حولها، يقال: طاف به وأطاف، إذا دار حوله.
وقوله: ((أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا)): البغي هي: الزانية.
وقوله: ((فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا)): الموق- بضم الميم- هو: الخفُّ، وهو فارسي معرَّب، ومعنى: فنزعت له بموقها، أي: استقت له، يقال: نزعتَ بالدلو إذا استقيتَ به من البئر.
وقوله: ((رَكِيَّة)): الركية هي: البئر.
وهذه المرأة بغي من بغايا بني إسرائيل، أي: زانية، ومعروف أن الزنا
من كبائر الذنوب العظيمة، رأت كلبًا يدور حول الركية يلهث، يكاد يأكل الثرى، فَرَحِمَتْه ثم نزلت، وأخذت الماء بخفها فسقته، فغفر الله لها هذه الكبيرة العظيمة.
وهذا الحديث فيه: دليل على أن بعض الحسنات العظيمة قد يمحو الله بها الكبائر، فهذه زانية، ولكن هذه الحسنة العظيمة غفر الله لها بها هذه الكبيرة، وهذا قد يكون مخصِّصًا لقول الله تعالى:{إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه يكفر عنكم سيئاتكم} فإن الآية فيها أن الله تعالى اشترط في تكفير السيئات اجتناب الكبائر، ولقوله صلى الله عليه وسلم:((الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ))
(1)
.
* * *
(1)
أخرجه مسلم (233).