الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَحْرِيمِ الْكَهَانَةِ، وَإِتْيَانِ الْكُهَّانِ
[537]
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُمُورًا كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ، قَالَ:((فَلَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ))، قَال: قُلْتُ: كُنَّا نَتَطَيَّرُ، قَالَ:((ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ، فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ)).
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنِي حُجَيْنٌ- يَعْنِي: ابْنَ الْمُثَنَّى- حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَ مَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ، غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا فِي حَدِيثِهِ ذَكَرَ الطِّيَرَةَ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْكُهَّانِ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ- عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ، قَالَ: كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ.
قوله: ((فَلَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ)) الكهان: جمع كاهن، والكاهن هو الذي له ولي
من الجن يأتي إليه ويخبره بالمغيبات، بما تسترقه الشياطين من الوحي، ومما يكون غائبًا عنه في البلدان الأخرى.
والساحر: هو الذي يعقد العقد وينفث فيها.
والعرَّاف: هو الذي يدَّعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق، ومكان الضالة.
والمنجم: هو الذي يستدل بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية، والذي يضرب بالحصى، أو يقرأ الفنجان، أو يخط في التراب والرمل ويدعي علم الغيب، كل هؤلاء كفرة.
قوله: ((ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ، فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ))، يعني: أن الإنسان يجد التطير في نفسه، فلا ينبغي أن يرده عن حاجته، بل يمضي فيها، فليس لما يجده في نفسه تأثير.
قوله: ((كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ)): هذا الحديث فيه: الخط في التراب، والخط إذا كان فيه ادعاء بعلم الغيب فهذا من الكهانة.
وفيه: أن من وافق خطه خط ذلك النبي عليه السلام فلا بأس، لكنه لا يستطيع أن يعلم أنه وافق خط ذلك النبي عليه السلام أم لا؟ والمعنى: أنه لا ينبغي له أن يخط؛ لأنه لا يستطيع أن يعلم أنه وافق خط ذلك النبي عليه السلام.
[2228]
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الْكُهَّانَ كَانُوا يُحَدِّثُونَنَا بِالشَّيْءِ، فَنَجِدُهُ حَقًّا، قَالَ:((تِلْكَ الْكَلِمَةُ الْحَقُّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ، فَيَقْذِفُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ، وَيَزِيدُ فِيهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ)).
قوله: ((يَخْطَفُهَا)) بفتح الطاء على المشهور، وفي لغة قليلة كسرها.
قوله: ((كَذْبَةٍ)) بفتح الكاف وكسرها، وأنكر بعضهم الكسر.
وهذا الحديث فيه: شدة كذب الكهان وحبهم للكذب، حيث أنه يلقي إليهم وليهم من الجن كلمة واحدة سُمعت من السماء من الحق فيزيد الكاهن معها مائة كذبة، ويخبر الناسَ بهذا الكذب الكثير، فَيُصَدّقه الناس بجميع كذبه من أجل واحدة.
وفيه: قبول الناسِ الشرَّ والباطلَ، حيث يصدقونه بالكذب الكثير من أجل الواحدة، ولا يكذبونه للكذب الكثير.
حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ- وَهُوَ ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ- عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكُهَّانِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((لَيْسُوا بِشَيْءٍ))، قَالَوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا الشَّيْءَ يَكُونُ حَقًّا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْجِنِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ)).
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ رِوَايَةِ مَعْقِلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
قوله صلى الله عليه وسلم: ((لَيْسُوا بِشَيْءٍ))، يعني: لا حقيقة لقولهم؛ لأن قولهم باطل، ولا يوثق بأخبارهم، ولا ينبغي الإتيان إليهم ولا سؤالهم؛ لأن في هذا رفعًا من شأنهم، بل الواجب تكذيبهم والإنكار عليهم، والتبليغ عنهم، ومعاقبتهم من قبل ولاة الأمور بالسجن، أو بالضرب، أو بالقتل، على حسب ما يستحقون.
وقوله: ((فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ)): من قَرَّ يَقُرُّ، قال أهل اللغة والغريب:((القَرُّ: بفتح القاف ترديدك الكلام في أذن المخاطب حتى يفهمه))
(1)
.
(1)
النهاية، لابن الأثير (4/ 39)، لسان العرب، لابن منظور (5/ 84).
وقوله: ((قَرَّ الدَّجَاجَةِ)) صوتها إذا قطعته، يقال: قرت تقرُّ قرًّا وقريرًا، فإن رَدَّدته قلتَ: قرقرت قرقرة.
[2229]
حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قَالَ حَسَنٌ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، وَقَالَ عَبد: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حدثنا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّهُمْ بَيْنَمَا هُمْ جُلُوسٌ لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا؟ ))، قَالَوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، كُنَّا نَقُولُ: وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((فَإِنَّهَا لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَالِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ رَبُّنَا تبارك وتعالى اسْمُهُ، إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ، قَالَ: فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَتَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ، فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَيُرْمَوْنَ بِهِ، فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ، وَيَزِيدُونَ)).
وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ- يَعْنِي: ابْنَ عُبَيْدِ اللهِ- كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّ يُونُسَ قَالَ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْأَنْصَارِ، وَفِي حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ: وَلَكِنْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ، وَفِي حَدِيثِ يُونُسَ: وَلَكِنَّهُمْ يَرْقَوْنَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ، وَزَادَ فِي
حَدِيثِ يُونُسَ: ((وَقَالَ اللهُ: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ}))، وَفِي حَدِيثِ مَعْقِلٍ كَمَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ، وَيَزِيدُونَ.
قوله: ((يَقْرِفُونَ)) بالراء، وروي بالذال:((يَقْذِفُونَ))
(1)
، ومعناه: يخلطون فيه بالكذب.
وهذا الحديث فيه: بيان إبطال اعتقاد أهل الجاهلية، فكانوا يعتقدون أنه إذا رمي بشهاب فاستنار أنه وُلِدَ عظيم أو مات عظيم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أبطل ذلك، فَقَالَ: لا يرمى بها لموت أحد، ولا لحياته؛ وذلك لأن الله سبحانه تعالى إذا قضى بالأمر سبح حملة العرش ثم يسبح الذين يلونهم، ثم يسبح كل أهل السماء، حتى يبلغ التسبيح السماء الدنيا، ثم يستخبرون حملة العرش: ماذا قال الله؟ فيقولون: قال الحق، فيتحدث بها أهل السماء السابعة، ثم يصل الحديث إلى أهل السماء الدنيا، ثم يتحدث به الملائكة في العنان، والشياطين يركب بعضهم بعضًا بدون ملاصقة فيسمع الشيطان الذي مِن فوق الملائكة تتحدث بالأمر الذي قضاه الله، إما في العنان أو في السماء الدنيا، ثم يلقي الكلمة على الشيطان الذي تحته، ثم يلقيها الآخر على من تحته، حتى تصل إلى الشيطان الذي في الأرض، والشيطان الذي في الأرض يلقيها في أذن الكاهن يقرها كقر الدجاجة، ولكن الشهب تلاحقهم، وتحرقهم أحيانًا قبل أن يلقي الشيطان في أذن الكاهن، وأحيانًا يلقيها قبل أن يُحرَق.
وفيه: أن الشهب تحرق الشياطين، ولكن الشياطين لا يفنون، وهذا يدل على كثرة الشياطين، وكثرة ولادة الشياطين.
وقوله: ((يَرْقَوْنَ)) قال النووي رحمه الله: ((قال القاضي عياض: ضبطناه عن
(1)
شرح مسلم، للنووي (14/ 226).
شيوخنا بضم الياء وفتح الراء وتشديد القاف، قال: ورواه بعضهم بفتح الياء وإسكان الراء، قال في المشارق: قال بعضهم: صوابه: بفتح الياء وإسكان الراء وفتح القاف، قال: وكذا ذكره الخطابي، قال: ومعناه معنى يزيدون، يقال: رَقِي فلانٌ إلى الباطل- بكسر القاف- أي: رفعه، وأصله من الصعود، أي: يدَّعون فيها فوق ماسمعوا، قال القاضي: وقد يصح الرواية الأولى على تضعيف هذا الفعل وتكثيره، والله أعلم))
(1)
.
[2230]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى- يَعْنِي: ابْنَ سَعِيدٍ- عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)).
وهذا الحديث فيه: وعيد شديد على من أتى العراف، والعراف: من جملة أنواع الكهان، وهو الذي يدعي علم الغيب عن طريق معرفة الأمور التي يستدل بها على المسروق ومكان الضالة.
والمعنى: أنه لا يثاب على صلاته، ولكنه لا يعيد الصلاة، فصلاته صحيحة، ومثله من صلى في أرض مغصوبة أو صلى في ثوب مغصوب، أو صلى في ثوب حرير، أو توضأ بماء مغصوب كل هؤلاء لا ثواب لهم، ولكن صلاتهم صحيحة؛ لأن الصلاة إذا أداها الإنسان كما أمر الله يترتب عليها شيئان: الأول: صحة الصلاة، والثاني: الثواب.
فإذا تلبس بالمعصية فإنه تصح صلاته، ولكنه يأثم، على الصحيح من
(1)
شرح مسلم، للنووي (14/ 227)، إكمال المعلم، للقاضي عياض (7/ 159)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار، للقاضي عياض (1/ 299).
أقوال العلماء؛ ولهذا لا يؤمر بإعادة الصلاة أربعين يومًا.
وهذا الحديث: ((مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً))، وأما حديث أبي هريرة في مسند الإمام أحمد:((مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم)
(1)
.
وقد جمع بعضهم بينهما بأنه إذا صدقه فإنه يكفر، وإذا سأله ولم يصدقه فإنه يعاقب بأنه لا يثاب على صلاته أربعين يومًا، لكن ورد نفس الحديث بلفظ:((مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا))
(2)
.
واختلف العلماء في هذا الكفر، فمن العلماء من قال: إنه كفر دون كفر لا يُخرج من الملة، ومن العلماء من توقف في الكفر فلم يقل: يُخرج عن الملة، أو لا يخرج عن الملة.
وهذا الخلاف فيما إذا صدقه في الأمور الماضية كشيء يتعلق بمكان الضالة، ومعرفة المسروق.
أما إذا صدقه في دعوى علم الغيب فإنه يكفر؛ لأنه مكذب لله تعالى، والله تعالى يقول:{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} ، وقال سبحانه:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} ، فمن صدق أحدًا في دعوى علم الغيب فإنه يكفر كفرًا أكبر يخرج من الملة.
(1)
أخرجه أحمد (9536).
(2)
أخرجه أحمد (16638).