الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فِي مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ فِي الصَّبْغِ
[2103]
حَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ يَحيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ- وَاللَّفْظُ لِيَحيَى- قَالَ يَحيَى: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ)).
[خ: 3462]
وفي هذه الأحاديث: أنَّ أبا قُحافة جيء به للنبي صلى الله عليه وسلم ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا، فقال صلى الله عليه وسلم:((غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ))، وفي اللفظ الآخر:((وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ))، وفي الحديث الثاني: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ))، والأصل في الأوامر الوجوب- كما سبق- والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بتغيير الشيب، وقال:((غيِّروا هذا))، وكذلك قال في اليهود:((فَخَالِفُوهُمْ))، فاختلف العلماء- أيضًا- في هذا: فمِنهم مَن قال: إن الأمر بالتغيير للاستحباب، وكذلك الأمر بمخالفة أهل الكتاب، وكأن الصارِف- والله أعلم- للأمر عن الوجوب ما يُرَى من بعض الصحابة من التأخُّر عن الصبغ، ولم يُنكِر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، أو أنَّ هذا من الآداب.
والصبغ يكون بالأحمر الخالص كالحناء، أو بالصُفرة، أو بالحناء والكتم، وجاء في الحديث ما يدل على أنَّ الصبغ بالحناء والكتم أفضل
(1)
، وجاء- أيضًا- عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنهما خضبا بالحناء والكَتَم
(2)
.
(1)
أخرجه أحمد (21307)، وأبو داود (4205)، والترمذي (1753)، والنسائي (5078).
(2)
أخرجه البخاري (3920)، ومسلم (2341).
والكتَم: بفتح التاء المثناة من فوق المخففة -وقيل بتشديد التاء-، نبات يصبغ به الشعر يكثر بياضه أو حمرته إلى الدهمة، وقيل: هو حناء قريش
(1)
.
وفيها: النهي عن الصبغ بالسواد، والأصل في النهي التحريم، وهذا هو الظاهر، وهو الذي رجَّحه النووي
(2)
، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنَّ النهي للتنزيه، وليس للتحريم، وجاء عن بعض السلف أنه خضب بالسواد، وقد روي عن الحسن والحسين وعن عثمان هذا
(3)
، وهذا إن صح فقد يُحمَل على أنه لم يبلغهما النهي، أو أنهم تأولوا، والأقرب- والله أعلم- أن تغيير الشيب سنة، وهذه المسألة تحتاج إلى جمع الأدلة والنظر فيها بتأنٍ وتمعنٍ.
(1)
شرح مسلم، للنووي (15/ 95 - 96).
(2)
شرح مسلم، للنووي (14/ 80).
(3)
زاد المعاد، لابن القيم (4/ 337).