الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اسْتِحْبَابِ لَعْقِ الْأَصَابِعِ، وَالْقَصْعَةِ، وَأَكْلِ اللُّقْمَةِ السَّاقِطَةِ بَعْدَ مَسْحِ مَا يُصِيبُهَا مِنْ أَذًى، وَكَرَاهَةِ مَسْحِ الْيَدِ قَبْلَ لَعْقِهَا
[2031]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا، أَوْ يُلْعِقَهَا)).
[خ: 5456]
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. ح، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَاصِمٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. ح، وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ مِنَ الطَّعَامِ فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا، أَوْ يُلْعِقَهَا)).
[2032]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَلْعَقُ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ مِنَ الطَّعَامِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ حَاتِمٍ: الثَّلَاثَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، وَيَلْعَقُ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ- أَوْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ- أَخْبَرَه عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، فَإِذَا فَرَغَ لَعِقَهَا.
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ حَدَّثَاهُ- أَوْ أَحَدُهُمَا- عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.
[2033]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِلَعْقِ الْأَصَابِعِ وَالصَّحْفَةِ، وَقَالَ:((إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّهِ الْبَرَكَةُ)).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا، فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، وَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةُ)).
وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ. ح، وَحدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَفِي حَدِيثِهِمَا:((وَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَهَا، أَوْ يُلْعِقَهَا))، وَمَا بَعْدَهُ.
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ، فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، ثُمَّ لِيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ)).
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ:((إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ))، إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلَ الْحَدِيثِ:((إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ)).
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذِكْرِ اللَّعْقِ، وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ اللُّقْمَةَ، نَحْوَ حَدِيثِهِمَا.
[2034]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا
بَهْزٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ قَالَ: وَقَالَ: ((إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى، وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ)) قَالَ: ((فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمُ الْبَرَكَةُ)).
[2035]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيَّتِهِنَّ الْبَرَكَةُ)).
وَحدَّثَنِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ- يَعْنِي: ابْنَ مَهْدِيٍّ- قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:((وَلْيَسْلُتْ أَحَدُكُمُ الصَّحْفَةَ))، وَقَالَ:((فِي أَيِّ طَعَامِكُمُ الْبَرَكَةُ- أَوْ: يُبَارَكُ لَكُمْ)).
في هذه الأحاديث: آداب الأكل، وأنه ينبغي للمسلم أن يعمل بهذه الآداب، وهي أنه إذا أكل الطعام يلعق أصابعه بنفسه، أو يُلعِقَها غيره ممن لا يتقذَّر بذلك، من زوجةٍ، أو خادمٍ، أو ولد.
وفيها: النهي عن مسح الأصابع قبل لعقها، وأنه ينبغي ألا يمسحها بالمنديل حتى يلعقها، وجاء في الحديث بيان السبب، قال:((إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّهِ الْبَرَكَةُ)).
وفيها- أيضًا-: الأكل بثلاثة أصابع، وهي: السبابة، والوسطى، والإبهام.
وفيها: لعق الصحفة، يعني: الإناء الذي يكون فيه الطعام.
قال النووي رحمه الله: ((استحباب لعق اليد محافظة على بركة الطعام وتنظيفًا لها، واستحباب الأكل بثلاث أصابع ولايضم إليها الرابعة والخامسة إلا لعذر، بأن يكون مرقًا وغيره، مما لا يمكن بثلاث، وغير ذلك من الأعذار، واستحباب لعق القصعة وغيرها، واستحباب أكل اللقمة الساقطة بعد مسح
أذى يصيبها، هذا إذا لم تقع على موضع نجس، فإن وقعت على موضع نجس تنجست ولا بد من غسلها إن أمكن، فإن تعذر أطعمها حيوانًا، ولايتركها للشيطان))
(1)
.
وعلى كل حال ينبغي للإنسان أن يتأدَّب بالآداب الإسلامية، فيحرص على امتثال هذه الأوامر، فيلعق أصابعه إذا أكل بيده، وإذا أكل بملعقة يلعق الملعقة، ولا يبقي فيها شيئًا من الطعام؛ لأنَّ لعق الأصابع يُخرجه من صفات المتكبرين، فإن أهل الكبر في الغالب لا يلعقون أيديهم.
وفيها: أنه إذا سقطت اللقمة فإنه يُميط ما بها من الأذى، ثم يأكلها، ولا يدعها للشيطان؛ لأنه إذا تركها صارت للشيطان، فينبغي له أن يحرص على أخذها وإزالة الأذى وأكلها، حتى لا يُعين الشيطان بشيء؛ لأن الشيطان عدو، والعدو لا يُعان بشيء، قال الله تعالى:{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} ، فكما أنَّ العدو من الإنس لا يُعان بشيء ولا يُساعَد بشيء، فكذلك العدو من الجن لا يُعان بشيء، فلا يقول الإنسان: هذه لُقمة يسيرة؛ لأننا نقول: لا يُعان بشيء مطلقًا لا بقليل ولا بكثير.
وفيها: أن الشيطان يحضر للإنسان في كل شيء، حتى عند الطعام، وعند الشراب، وعند كل شيء؛ فينبغي للإنسان أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم؛ ولهذا شُرِع للإنسان التسمية عند الأكل وعند الشرب، وعند الدخول للمنزل، وعند دخول الخلاء، وهذا فيه: حماية للمسلم وصيانته من الشيطان؛ لأن الشيطان حريص على إغواء بني آدم، وإيصال الأذى والضرر إليهم بكل طريقة، فهو عدو يعمل جاهدًا على إيصال الضرر إلى عدوه.
(1)
شرح مسلم، للنووي (13/ 204).
مسألة: هل يأكل الشيطان حقيقة؟
والجواب: نعم، الشيطان يأكل حقيقة، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:((وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ، وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ)): قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ:((أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ)): فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لَا أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟ ))، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ:((أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ))، فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ، قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا، قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ
الْكُرْسِيِّ: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ، حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ؛ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟ )): قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ، وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ- وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ- فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ )): قَالَ:
لَا، قَالَ:((ذَاكَ شَيْطَانٌ))
(1)
.
فهو- إذن- يأكل ويشرب، وقد مر في الحديث:((إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ))
(2)
، وهذا صريح في أن الشيطان يأكل ويشرب، لكن بالشمال، وقد سأل الجنُّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم الطعامَ؟ فقال:((لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ))
(3)
، فالصحيح أن الجن يأكلون، ويعود اللحم على العظم أوفر ما كان، ويأكلونه.
(1)
أخرجه البخاري (2311).
(2)
أخرجه مسلم (2020).
(3)
أخرجه مسلم (450).