الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ رُؤْيَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
[2270]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ- فِيمَا يَرَى النَّائِمُ- كَأَنَّا فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ، فَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ، فَأَوَّلْتُ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا، وَالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ)).
قوله: ((بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ)): نوع من الرطب، يقال له: رطب ابن طاب، مثل: الصقعي، ونبتة سيف، وغيرهما من أنواع التمور.
وهذه الرؤيا قد رآها النبي صلى الله عليه وسلم، ورؤيا الأنبياء وحي.
وفي هذا الحديث: إشارة وبشرى إلى أن ديننا قد طاب، وتم وكمل، وحُددت قواعده، وهذا من الفأل الحسن.
وفيه: التفاؤل بالكلام الحسن؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوَّلَ ((كَأَنَّا فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ)) أوَّلَ (رافعًا) بالرِّفعة في الدنيا، وأوَّلَ (عُقْبَةَ) بالعاقبة في الآخرة، وأوَّلَ ((رُطَبِ ابْنِ طَابٍ)) بأن ديننا قد طاب.
[2271]
وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((أَرَانِي فِي الْمَنَامِ أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَذَبَنِي رَجُلَانِ؛ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الْأَصْغَرَ مِنْهُمَا، فَقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتُهُ إِلَى الْأَكْبَرِ)).
[خ: 246]
في هذا الحديث: أن من الأدب إعطاء الأكبر أولًا، ولما أراد أن يتكلم
عبد الرحمن بن سهل قبل محيصة بن مسعود، وكان عبد الرحمن أصغر قال له النبي صلى الله عليه وسلم:((كَبِّرْ كَبِّرْ))
(1)
، يعني: ليتكلم الأكبر.
وفيه: أن رؤيا الأنبياء وحي، وهي توافق ما في اليقظة، كما جاء في حديث عبد الرحمن بن سهل ومحيصة.
[2272]
حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ- وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ- قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ جَدِّهِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ، أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ: أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى، فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ، وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِيهَا- أَيْضًا- بَقَرًا، وَاللَّهُ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ النَّفَرُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ بَعْدُ، وَثَوَابُ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا اللَّهُ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ)).
[خ: 3622]
قوله: ((فَذَهَبَ وَهَلِي))، بفتح الهاء، كما قال النووي، والمعنى: فهمي واعتقادي وظني.
وقوله: ((هَجَرُ)): مدينة في البحرين.
وقوله: ((يَثْرِبُ)): اسم المدينة المنورة في الجاهلية.
وقوله: ((وَاللَّهُ خَيْرٌ)): هكذا في الرواية بالرفع، كما قال القاضي عياض في ضبطها، بضم الهاء والراء على أنه مبتدأ وخبر
(2)
، والوجه الآخر بالجر لفظ
(1)
أخرجه البخاري (3173)، ومسلم (1669).
(2)
إكمال المعلم، للقاضي عياض (7/ 232).
الجلالة على القسَم، قال الحافظ ابن حجر:((في رواية ابن إسحاق: وإني رأيت والله خيرًا، رأيت بقرًا، وهي أوضح، والواو للقسم والله بالجر وخيرًا مفعول رأيت))
(1)
.
وقوله: ((بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ))، أي: بعد بدر الثانية.
[2273]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ، فَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَفِي يَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قِطْعَةُ جَرِيدَةٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ، قَالَ:((لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ أَتَعَدَّى أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّي لَأُرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيكَ مَا أُرِيتُ، وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّي))، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ.
[خ: 4373]
[2274]
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّكَ أَرَى الَّذِي أُرِيتُ فِيكَ مَا أُرِيتُ))، فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي الْمَنَامِ: أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ مِنْ بَعْدِي، فَكَانَ أَحَدُهُمَا: الْعَنْسِيَّ صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وَالْآخَرُ: مُسَيْلِمَةَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ)).
قوله: ((قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ))، يعني: مع وفد أهل اليمامة، وذلك في عام الوفود، وكان في السنة التاسعة، وكان قد ادَّعى النبوة في ذلك الوقت، لكنه لم يظهر أمره إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
فتح الباري، لابن حجر (7/ 377).
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ مِنْ بَعْدِي))، ولكنهما خرجا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فالمراد: أنه سيظهر شأنهما بعده، وإلا فالأسود العنسي قُتِل قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام، ومسيلمة الكذاب ادَّعى النبوة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما عظم شأنهما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، لا سيما مسيلمة الكذاب، ولما ظهر أمره واشتد قُتل يوم اليمامة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فَكَانَ أَحَدُهُمَا: الْعَنْسِيَّ صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وَالْآخَرُ: مُسَيْلِمَةَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ)) في هذه الرواية محتمل أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، أو من كلام الراوي، وهي في البخاري بالجزم بأنها من الراوي:((فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَحَدُهُمَا العَنْسِيُّ، الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِاليَمَنِ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ))
(1)
.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ خَزَائِنَ الْأَرْضِ، فَوَضَعَ فِي يَدَيَّ أُسْوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَيَّ، وَأَهَمَّانِي، فَأُوحِيَ إِلَيَّ: أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَذَهَبَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا: صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ)).
[2275]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ:((هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمُ الْبَارِحَةَ رُؤْيَا؟ )).
[خ: 7047]
قوله: ((الْبَارِحَةَ)): من برح الشيء: إذا مضى، والعرب تقول: فعلنا البارحة كذا وكذا لليلة التي قد مضت، ويقال ذلك بعد زوال الشمس،
(1)
أخرجه البخاري (4379).
ويقولون قبل الزوال: فعلنا الليلة كذا وكذا
(1)
، وظاهر الحديث: أن التعبير بالبارحة يكون لما قبل الزوال وبعده.
وقوله: ((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمُ الْبَارِحَةَ رُؤْيَا؟ )): ذلك؛ لأن الصبح قريب من الليل، ولا يكون صاحب الرؤيا قد انشغل بأمور الدنيا، مما قد يتطرق إليه شيء من النسيان، أو يختلط عليه الأمر.
(1)
لسان العرب، لابن منظور (2/ 412).