الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي سَدْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَعْرَهُ وَفَرْقِهِ
[2336]
حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ مَنْصُورٌ: حَدَّثَنَا، وقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ- يَعْنِيَانِ ابْنَ سَعْدٍ- عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، فَسَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاصِيَتَهُ، ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
قوله: ((فَسَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاصِيَتَهُ، ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ)): سدل الشعر: هو ترك الشعر ينزل على الجبين، والفرق هو أن يفرق الشعر من وسط الرأس على الجانبين، وكانت العرب يتركون شعورهم، ولا يحلقون رؤوسهم، وكان النبي كذلك يترك شعره، بخلاف ما يحدث الآن من حلق الشعر، وكان المشركون لهم طريقة في ترك الشعر، وكذا أهل الكتاب لهم طريقة أخرى، فالمشركون لا يفرقون الشعر، بل يتركونه ينزل على الجبين، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسدل مثلهم، وكان أهل الكتاب يفرقون شعورهم من الجانبين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يُنه عنه، أو فيما لم يُؤمر به، فسدل النبي صلى الله عليه وسلم ثم فرق شعره بعد ذلك، واستمر على الفرق، فالفرق من السنة، ولعل هذا كان في أول الهجرة فقد كان يحب موافقتهم تأليفًا لهم، ثم بعد ذلك لما أعز الله الإسلام وقوي المسلمون صار يحب مخالفتهم ويأمر بها؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:((إِنَّ اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى لا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ))
(1)
وقال- أيضًا-:
(1)
أخرجه البخاري (3462)، ومسلم (2103).
((خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ، وَلَا خِفَافِهِمْ))
(1)
، ولما قدم المدينة وجدهم يصومون اليوم العاشر من شهر محرم، فقال:((فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ))
(2)
وقال: ((صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا، أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا))
(3)
.
إذن الأصل اتباع النبي عليه الصلاة والسلام في ترك الشعر، وكان النبي عليه الصلاة والسلام لا يحلق شعر الرأس إلا في حج أو عمرة، وإلا فإنه يوفره-كما سيأتي في الأحاديث- فيكون شعره جمة أو لمة أو وفرة، لكن سئل أحمد عن ترك الشعر، فقال:((لو كنا نقوى عليه، له كلفة أو مؤنة))
(4)
، يعني: يحتاج الشعر إلى دهن وغسل وكد، والحلق مباح وبعضهم كره حلق الرأس، والأقرب: أن حلق الرأس مباح.
(1)
أخرجه أبو داود (652)، وابن حبان (2186).
(2)
أخرجه البخاري (2004)، ومسلم (1130).
(3)
أخرجه أحمد (2154)، وابن خزيمة (2095).
(4)
الوقوف والترجل من مسائل الإمام أحمد، للخلال البغدادي (ص 118).