الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ وُجُوبِ امْتِثَالِ مَا قَالَهُ شَرْعًا دُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ مَعَايِشِ الدُّنْيَا عَلَى سَبِيلِ الرَّأْيِ
[2361]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ- وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ- وَهَذَا حَدِيثُ قُتَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْمٍ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ، فَقَالَ:((مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟ ))، فَقَالُوا: يُلَقِّحُونَهُ، يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الْأُنْثَى، فَيَلْقَحُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَا أَظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا))، قَالَ: فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ، فَتَرَكُوهُ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، فَقَالَ:((إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ، فَلْيَصْنَعُوهُ، فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا، فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللَّهِ شَيْئًا، فَخُذُوا بِهِ؛ فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ عز وجل).
قوله: ((فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ))؛ وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس فلاحًا، فهو حضري عاش بمكة، ومكة ليس فيها نخيل.
وهذا الحديث فيه: أنهم كانوا يلقحون النخل، فيأخدون من طلع النخل الذكر، ويجعلونه في الأنثى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَا أَظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا)) فصار شيصًا في ذلك العام، أي: تمرًا رديئًا لم يشتد نواه، فقال: إنما قلت هذا من باب الرأي والظن فيما يتعلق بأمور الدنيا، فإن شئتم أخذتم به، وإن شئتم تركتموه، وأما فيما يتعلق بأمور الشرع وما أخبرتكم به عن الله فخذوه فإني لن أكذب على الله.
[2362]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّومِيِّ الْيَمَامِيُّ، وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ- وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ- حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِيِّ، حَدَّثَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ: قَدِمَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ- يَقُولُونَ: يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ- فَقَالَ: ((مَا تَصْنَعُونَ؟ )) قَالُوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ، قَالَ:((لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا))، فَتَرَكُوهُ، فَنَفَضَتْ- أَوْ فَنَقَصَتْ- قَالَ: فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ، فَخُذُوا بِهِ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ)).
قَالَ عِكْرِمَةُ: أَوْ نَحْوَ هَذَا، قَالَ الْمَعْقِرِيُّ: فَنَفَضَتْ، وَلَمْ يَشُكَّ.
قوله: ((وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ)) منسوب إلى معقر، وهي ناحية من اليمن.
وقوله: ((يَأْبُرُونَ))، يعني: يُلَقِّحون، فالتأبير هو التلقيح، وهو شق طلع النخلة الأنثى ووضع شيء من طلع النخل الذكر فيها.
وقوله: ((فَنَفَضَتْ))، أي: سقطت ثمارها.
وقوله: ((وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ))، أي: في أمر الدنيا ومعايشها.
[2363]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، كِلَاهُمَا عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ، فَقَالَ:((لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ))، قَالَ: فَخَرَجَ شِيصًا، فَمَرَّ بِهِمْ، فَقَالَ:((مَا لِنَخْلِكُمْ)) قَالُوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ:((أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ)).
قوله: ((أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ))، يعني: إنما هي أمور تعارف عليها الناس فيما بينهم، يعرفونها بالتجارب مما يتعلق بالزراعة والفلاحة والبذر والسقي والغرس، وغيرها من أمور الدنيا.