الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضَائِلِ عِيسَى عليه السلام
[2365]
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، الْأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ، وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ)).
[خ: 3442]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى، الْأَنْبِيَاءُ أَبْنَاءُ عَلَّاتٍ، وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ عِيسَى نَبِيٌّ)).
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ)) قَالُوا: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، فَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِيٌّ)).
قوله: ((إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ)) الإخوة من الأب يقال لهم: إخوة من علات، أو أولاد علات، أو أبناء علات، والإخوة من الأم يقال لهم: أولاد أخياف، والإخوة الأشقاء يقال لهم: أولاد أعيان.
وفي هذه الأحاديث: فضائل عيسى عليه السلام.
وفيها: بيان أن الأنبياء دينهم واحد، وشرائعهم مختلفة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:((الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ)) فالأب واحد، والأمهات متعددة، فدين الأنبياء واحد، وهو توحيد الله وإخلاص العبادة له، وكل الأنبياء بعثهم الله
بالتوحيد والنهي عن الشرك، بعثهم الله بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتعظيم الأوامر والنواهي وطاعة كل نبي في زمانه.
وأما الشرائع فتختلف فيها الأوامر والنواهي، والحلال والحرام، كما قال الله تعالى:{لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا} .
فدين الأنبياء جميعًا هو الإسلام، هو دين آدم ونوح وهود وصالح وشعيب ولوط وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد نبينا صلى الله عليهم جميعًا وسلم، فدينهم جميعًا هو الإسلام العام الذي هو توحيد الله وإخلاص العبادة له، والنهي عن الشرك، وأما الإسلام بمعناه الخاص فهو: ما بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم من الشريعة الخاتمة.
ولهذا فكل نبي قال: إنه من المسلمين، فهذا نوح قال:{وأنا من المسلمين} ، وقالت بلقيس:{وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} ، وقال إبراهيم:{إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين} فالإسلام دين الأنبياء جميعًا، قال الله:{ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} ، وقال سبحانه:{إن الدين عند الله الإسلام} ولا يقبل الله من أحد دينًا غير الإسلام.
قال الله تعالى: {لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} ، {وإلى عاد أخاهم هودًا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} ، {وإلى ثمود أخاهم صالحًا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} ، {وإلى مدين أخاهم شعيبًا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} هذا هو الإسلام، يعني: الاستسلام لله تعالى بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله.
وكذلك كل نبي يُطاع في زمانه، يجب طاعته وامتثال أوامره واجتناب ونواهيه، ثم لما بُعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم صار الإسلام بمعناه الخاص: الشريعة
الخاتمة التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وسلم وهو توحيد الله، وما جاء به من الشريعة الخاتمة.
وفيها: بيان أنه ليس بين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعيسى عليه الصلاة والسلام نبي، وهو آخر أنبياء بني إسرائيل.
[2366]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ، إِلَّا نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ، إِلَّا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ))، ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} .
[خ: 3431]
وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَا: يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسَّةِ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ، وَفِي حَدِيثِ شُعَيْبٍ: مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ.
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ أَبَا يُونُسَ سُلَيْمًا- مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ- حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((كُلُّ بَنِي آدَمَ يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، إِلَّا مَرْيَمَ، وَابْنَهَا)).
[2367]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((صِيَاحُ الْمَوْلُودِ حِينَ يَقَعُ نَزْغَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ)).
وهذا الحديث فيه: منقبة لعيسى ومريم عليهما السلام، فإن كل مولود يمسه الشيطان ويطعن فيه؛ ولذلك يستهل صارخًا، وفي اللفظ الآخر في صحيح
البخاري: ((غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الحِجَابِ))
(1)
.
وفيه: أن الله استجاب دعاءَ أم مريم عليها السلام: {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} ، فأعاذها الله وذريتها- أي: عيسى عليه الصلاة والسلام من الشيطان فلم يمسهم الشيطان.
[2367]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، رَجُلًا يَسْرِقُ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى: سَرَقْتَ؟ قَالَ: كَلَّا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقَالَ عِيسَى: آمَنْتُ بِاللَّهِ، وَكَذَّبْتُ نَفْسِي)).
وهذا الحديث فيه: تعظيم عيسى عليه الصلاة والسلام لله عز وجل فإنه صدَّق الحالف، وهذا محمول على أنه رآه يسرق في الظاهر، لكنه في الباطن ليس بسارق، إما لأن له حقًّا في هذا المال، أو لأن صاحبه أذن له، كما قال القاضي عياض
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (3286).
(2)
إكمال المعلم، للقاضي عياض (7/ 339).